ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 05:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-29-2023, 05:21 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو

    04:21 AM November, 28 2023

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر





    Quote: القوات المسلحة السودانية
    [قبل ساعة]
    عضو السيادي مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا من وادي سيدنا العسكرية :
    - الدولة السودانية لن تنهار والقيادة العامة وضعت خططا للوصول لكل الأهداف العملياتية ولدينا إمكانيات كبيرة لتحقيق الأهداف.
    - القوات المسلحة قومية ولا قبيلة لها ولا تعرف الجهويات وهي قوات مهنية مستقلة لا علاقة لها بأي كيان أو حزب أو جماعة .
    - المليشيا الإرهابية استعانت بالمرتزقة من عدة دول .
    - الجيش السوداني امتص الصدمة الأولى واستطاع تحرير أكثر من ثلثي ‎أمدرمان
    - سنبدأ الزحف في كل الاتجاهات لتحرير الخرطوم.
    - نؤكد على استمرار الاستنفار لكل الشعب للحاق بركب معركة الكرامة والمشاركة في حسم المليشيا الأجنبية.
    - التحية لكل القوات النظامية ممثلة في جهاز المخابرات الوطني والاحتياطي المركزي التي وقفت بجانب القوات المسلحة في معركة الشعب ضد إنقلاب حميدتي .
    - نشكر كل الدول التي وقفت مع السودان وشعبه خاصة جمهورية مصر العربية والمملكة السعودية والجزائر والأردن وقطر وعمان والكويت والولايات المتحدة الأمريكية والصين وجنوب السودان .
    - دولة الأمارات تمشي في خطى الشر رغما عن أن شعبها شقيق وتدعم المليشيا بإستمرار.
    #السودان #القوات_المسلحة_السودانية
    #معركة_الكرامة
    #مليشيا_حميدتي_منظمة_إرهابي*ة
    #جيش_واحد_شعب_واحد
    #sudan






                  

11-29-2023, 05:34 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    المداخلة الفاتت كانت قبل ساعة من وضعها في الفيس ولكن لسبب ما لم ترسل في سودانيز إلا هذا الصباح.
                  

11-29-2023, 05:37 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)


    Quote: الفريق أول ركن ياسر العطا من منطقة كرري العسكرية يوجه رسائل لدولة الإمارات وتشاد وأوغندا وليبيا

    قناة الزرقاء - Alzrga TV
    777.000 Abonnenten

    Mitglied werden

    Abonnieren

    263


    Teilen

    Speichern

    15.741 Aufrufe 28.11.2023 #قناة_الزرقاء #الزرقاء_ميديا
    الزرقاء ميديا .. منصة سودانية شاملة
                  

11-29-2023, 05:46 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)


    Quote: زيارة السيد الفريق أول ركن ياسر العطا مساعد القائد العام لقوات جهاز المخابرات العامة بأمدرمان

    سوداني نت SudaniNet
    135.000 Abonnenten

    Abonnieren

    1044


    Teilen

    Speichern

    35.848 Aufrufe 28.11.2023
    زيارة السيد الفريق أول ركن ياسر العطا مساعد القائد العام لقوات جهاز المخابرات العامة بأمدرمان
                  

11-29-2023, 05:54 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    لاحظت لسانه تقيل شوية يحاول يجمع الكلمات.
    واضح اثر الهزائم المتتالية عليه خصوص فى الغرب
                  

11-29-2023, 09:10 AM

Hassan Farah
<aHassan Farah
تاريخ التسجيل: 08-29-2016
مجموع المشاركات: 9431

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    وزير بالخارجية الأوغندي يصف اتهامات ياسر العطا بالهراء المطلق
    مسؤول إماراتي: دولتنا دعت باستمرار منذ بداية الحرب إلى وقف التصعيد

    محررو الراكوبة 29 نوفمبر، 2023
    قال قائد كبير بالجيش السوداني إن الإمارات العربية المتحدة ترسل إمدادات إلى قوات الدعم السريع، في أول اتهام علني للدولة الخليجية بالتورط في الحرب بين الجيش النظامي والقوات شبه العسكرية.

    وسبق أن ألمح قادة في الجيش إلى تدخل دول مجاورة، دون ذكرها بالاسم، في الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر والتي أدت إلى نزوح ما يربو على ستة ملايين شخص وموجات من عمليات القتل لأسباب عرقية في دارفور.

    وقال الفريق أول ركن ياسر العطا في كلمة أمام أعضاء جهاز المخابرات العامة في أم درمان، وفقا لمقطع مصور تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي واطلعت عليه رويترز، “المعلومات بترد لينا من المخابرات والمخابرات العسكرية ومن الخارجية الدبلوماسية بأنو دولة الإمارات بتودي طائرات دعما لهؤلاء الجنجويد”.
    انبثقت قوات الدعم السريع من ميليشيات عربية تعرف باسم الجنجويد كانت ساعدت الجيش السوداني في سحق التمرد في دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

    وردا على طلب للتعليق، قال مسؤول إماراتي إن الإمارات “دعت باستمرار منذ بداية الحرب إلى وقف التصعيد ووقف إطلاق النار وبدء حوار دبلوماسي” في السودان.

    وأضاف أن بلاده قدمت أيضا دعما إغاثيا للتخفيف من الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة، بما في ذلك من خلال مستشفى ميداني أقيم في مدينة أمدجراس التشادية في يوليو تموز.

    وقال العطا إن الإمارات أرسلت كميات من الإمدادات إلى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد. وأضاف أن الدعم وصل هذا الأسبوع عبر مطار العاصمة التشادية نجامينا، بعد أن كان يأتي من قبل عبر أمدجراس.
    وأشاد العطا بروسيا لتفكيكها مجموعة فاجنر شبه العسكرية التي قال إنها سهلت توصيل تلك الإمدادات عبر جمهورية أفريقيا الوسطى. وسبق أن نفت قوات الدعم السريع صلتها بهذه المجموعة.

    وقال العطا وسط هتافات من أعضاء جهاز المخابرات “نحذر… أي دولة تشارك في دعم وإسناد هذا التمرد. نخاف أن تدور عليها الدوائر”.

    * الطائرات المسيرة والمدفعية
    تأتي هذه التعليقات بعد أن حققت قوات الدعم السريع مكاسب في الحرب وطردت الجيش من أربع ولايات في منطقة دارفور، وكانت قد سيطرت بعد وقت قصير من اندلاع الحرب على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم.
    وقال شهود إن قوات الدعم السريع صارت تستخدم طائرات مسيرة ومدفعية أكثر تطورا مما كانت عليه في بداية الصراع. وقالت مصادر من القوات شبه العسكرية إنها استولت على تلك الأسلحة من قواعد الجيش.

    ووصف وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية مزاعم العطا بأنها “هراء مطلق”. ولم يرد الجيش السوداني وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى حتى الآن على طلبات التعليق.

    ونشر الجيش مقطعا مصورا لتعليقات العطا يبدو أنه تم حذف ذكر الإمارات منها.

    ويعمل العطا نائبا لقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي كشف في الآونة الأخيرة عن أول زيارة له إلى الإمارات منذ اندلاع الحرب تزامنا مع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28).
    وأيدت الإمارات عملية الانتقال السياسي في السودان بعد الإطاحة بعمر البشير عام 2019 وهي العملية التي لم تكتمل. لكن الإمارات تتجنب الإدلاء بتصريحات تتعلق بالحرب الدائرة هناك.

    ووقعت الإمارات العام الماضي اتفاقا لبناء ميناء على ساحل البحر الأحمر بالسودان ضمن استثمارات في الزراعة ومجالات أخرى، كما أنها وجهة رئيسية للذهب السوداني.
                  

11-29-2023, 12:52 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Hassan Farah)

    سلام يا أبو الريش وحسن فرح
    وشكرا للتداخل

    مقال د. الباقر العفيف في الحلقة الثالثة منه بتاريخ 19 نوفمبر من أفضل الكتابات في موضوع الحرب الدائرة خاصة في ظل كلام ياسر العطا يوم أمس في وادي سيدنا.

    حرب من هذه؟ وما هي أهدافها؟ بقلم د. الباقر العفيفحرب من هذه؟ وما هي أهدافها؟ بقلم د. الباقر العفيف

                  

11-29-2023, 12:57 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    منقول من صفحة دكتور الباقر في الفيسبوك:
    Quote:
    Albaqir Alafif Mukhtar
    [بتاريخ 19 نوفمبر]
    حرب من هذه؟ وما هي أهدافها؟
    خراب سوبا
    ٣
    الباقر العفيف
    مقدمة
    ناقشنا في الحلقة الثانية من هذه السلسلة سردية الكيزان المضللة عن الحرب وأسبابها وأهدافها، والتي يبنون عليها دعوتهم للوقوف مع الجيش ودعمه بشتى السبل فيما أسموه "حرب الكرامة" الوطنية. فقد بَيَّنا خطل تلك السردية وتهافتها. في هذه الحلقة نناقش أطروحة أخرى تشترك مع سردية الكيزان في موضوع "دعم الجيش" والطعن في "شعار لا للحرب" ولكن لأسباب مختلفة تتلخص هذه الأطروحة في الآتي:
    • أن الجيش على علاته يمثل مؤسسة الدولة وأن انهياره يعني انهيار الدولة.
    • إن الدعم السريع عبارة عن مليشيا عابرة للحدود وأنها بطبيعة نشأتها ليست لديها قضية وإنما هي مرتزقة تقاتل من أجل المال. وكل مقولات قادتها عن الحكم المدني الديمقراطي مجرد هراء يجب ألا يلقي أحد له بال.
    • هذه الحرب ليست بين مليشيا الدعم السريع والجيش. إن التوصيف الصحيح للحرب هو أنها حرب المليشيا ضد الدولة. والدولة هنا تعني الجيش، والبوليس، وبقية الأجهزة الأمنية، وكذلك الأرض والشعب.
    • أي حديث حول الحرب يجب أن يبدأ من الجرائم الهائلة والمريعة وغير المسبوقة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع.
    • إن انتصار الدعم السريع يعني تسييل الدولة وهي ترجمة لعبارة liquidation of the state. أي نهاية الدولة الحديثة المعروفة.
    • إن انتصار الدعم السريع سيؤدي لتأسيس مملكة آل دقلو.
    • إن شعار لا للحرب يستبطن، على الأقل عند البعض، تأييدا خفيا للدعم السريع لا يستطيع أصحابه البوح به لأسباب يجيء تفصيلها في متن المقال.
    • تحميل مسؤولية الحرب للكيزان والفلول ليس صحيحا وهو تعبير عن فوبيا الكيزان أو الكيزانوفوبيا.
    • تتحمل الحرية والتغيير جزءا من مسؤولية الحرب من خلال اعترافها بالدعم السريع في الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا والاتفاق الإطاري.
    محامون عظام وقضية خاسرة
    هذه الأطروحة تتبناها كليا أو جزئيا مجموعة من الكتاب الرصينين، الذين يتمتعون بمصداقية عالية وجمهور واسع من القراء والمتابعين. يقف على رأس هذه المجموعة صديقي العزيز محمد جلال هاشم، شفاه الله ورعاه وأعانه على التصالح والرضى بما أصابه، كما وتشمل عبد الله علي أبراهيم ومعتصم الأقرع، وأخيرا انضم إليهم قصي همرور والواثق كمير، بالإضافة إلى بعض الجذريين، وبعض الكارهين للحرية والتغيير، لعل أبرزهم الأكاديمي العتيد د. عشاري أحمد محمود، الرجل صاحب التاريخ الناصع، والذي أُصِيبَ مؤخرا بشيء ما جعله أشبه برجل "يملأ عِبَّه بالحجارة ويَطَقِّع من طرف".
    يطلق على مثل هذه المجموعة من المثقفين، إذا التقت على الدفاع عن قضية ما، لقب "الفريق الحلم" أو the dream team، بيد أنهم تولوا قضية خاسرة بكل المعايير، ألا وهي قضية الدفاع عن الجيش، والدعوة لدعمه، وبالضرورة دعم الحرب إلى أن تتحقق هزيمة الدعم السريع، مما يضعهم أمام امتحان الأخلاق والحصافة السياسية والمسؤولية المجتمعية. والقضية الخاسرة تجعل الشخص المحترف يبدو وكأنه هاويا من شدة تهافت حججه، كحال أصدقائنا المحترمين هؤلاء.
    القاسم المشترك
    ولعل القاسم المشترك بين هذه المجموعة هو الموقف الناقد، وعند بعضهم المعادي والكاره، لقوى الحرية والتغيير، وتحميلها مسؤولية الكثير من المصائب التي حاقت بالبلاد والعباد، منذ انتصار الثورة. هذا النقد وهذه العداوة لقوى الحرية والتغيير بلغت درجة حجبت معها الدور الرئيسي الذي لعبه الكيزان عبر دولتيهم العميقة والموازية في إفشال الانتقال. والقاسم المشترك الأخر بين هذه المجموعة هو الموقف الناقد والمعارض للاتفاق الإطاري. بيد أن هناك أمر آخر مهم، ألا وهو عدم إدراك الحجم الحقيقي للخراب الذي ألحقه الكيزان بالبلاد، على جميع الأصعدة، خلال ثلاثين عاما انفردوا فيها بالحكم واحتكروه دون منازع ودون معارضة. وإغفال الأثر الهائل الذي لعبته أيديولوجيتهم المناهضة للدولة الوطنية الحديثة في "تسييل" الدولة السودانية بالمعنى الحقيقي الذي نلمسه بأيدينا ويحسه كل فرد منا ويحيط بنا من جميع أقطارنا ويشكل واقعنا كله. وأكبر أدوات تسييل الدولة هي:
    • صناعة المليشيات وتفريخها، وتعهدها، وتسليحها، ومشاركتها في جميع جرائمها والتستر عليها بحيث لم يُحاسَب أحدٌ من أفرادها أو أفراد الأجهزة النظامية وغير النظامية الأخرى على أيِّ جريمة أقترفت. كما ولم تظهر الحقيقة حول أي من الجرائم والمجازر التي ارتكبتها هذه الأجهزة وميليشيتها طيلة عهد الكيزان.
    • إضعاف جميع مؤسسات الدولة وإفراغها من محتواها، وتحويلها إلى صَدَفَة خاوية، وإنشاء دولة كاملة موازية تقوم بالوظائف الحيوية للدولة كلها.
    • الإخلال بتراتبية ومهنية المؤسسات النظامية، وذلك بإنشاء أجسام عسكرية جهادية موازية ذات سلطة سياسية جعلت ضباط الجيش والشرطة الكبار يتملقون كبار وصغار المجاهدين، والكيزان المتعصبين خوفا وطمعا.
    • الإخلال بتراتبية ومهنية الخدمة المدنية بنفس القدر الذي جرى به الإخلال بتراتبية القوات النظامية. ومن علامات هذا الإخلال أن كثير من الحكام والمدراء والسفراء الذين لا ينتمون للتنظيم يعملون حسابا شديدا لمرؤوسيهم من الكيزان أصحاب السابقة في التنظيم ويسعون لاسترضائهم حتى لا يكتبوا عنهم التقارير لشيوخهم. فعلى سبيل المثال شهد بذلك مبارك الكودة عندما كان معتمدا في الحيصاحيصا حين كان والي الجزيرة العسكري سليمان محمد سليمان. حكى الكودة أنه كان من المستحيل على الوالي أن يذهب من مدني للخرطوم أو يعود منها دون التوقف في الحيصاحيصا لزيارة معتمدها، الكودة، وتملقه بتقديمه عليه في الصلاة والطلب منه أن يدعو له.
    • إضعاف المجتمعات بإثارة الفتن فيما بينها، وتسليحها وتوظيفها في شن الحرب ضد بعضها بعضا، كما شهدنا ذلك في دارفور وجنوب كردفان ونشهده الآن يجري في جميع أنحاء البلاد.
    • القضاء على استقلالية الأجهزة العدلية وأجهزة إنفاذ القانون بدرجة أضعفت ثقة الناس فيها، وأيأستهم من اللجوء إليها.
    ومن القواسم المشتركة بين كتابنا هؤلاء، بالإضافة لإغفال أيديولوجيا الكيزان، وعدم إدراك البعد الحقيقي لتخريبهم للدولة، هناك إهمال تاريخهم الطويل، وخصوصا منذ ستينات القرن الماضي عندما سيطر الترابي على التنظيم وحوله "لخليط من الجريمة المنظمة والدين" بحسب توصيف بن لادن لهم. إن الناظر في السجل التاريخي لتنظيم الكيزان، سيجد أن هذه الحرب تمثل تتويجا طبيعيا لهذه المسيرة النكوصية الشريرة، وحصادا خبيثا للفتن التي كانت تزرع فيها عبر السنين. إن هذه المسيرة الدموية، إن لم نوقفها في آخر تجلياتها المتمثلة في هذه الحرب، فسوف تؤدي لتمزيق بلادنا إلى دويلات متناحرة. وتؤدي بشعبنا إلى الانزلاق في هاوية سحيقة ما لها من قرار، تدشن دخوله في ليل مظلم وطويل the abyss.
    الدكتور محمد جلال هاشم
    في هذه الحلقة سأناقش صديقي الدكتور محمد جلال هاشم بصفته الأكثر تنظيرا وتقعيدا لأطروحته والأكثر نشاطا في نشرها بشتى وسائل النشر. يبدأ محمد جلال بالتفريق بين الجيش والدعم السريع بناء على التشكيل والهيكلة وليس بناء على العقيدة. فالجيش فيه أسلحة مختلفة مثل سلاح الطيران والمدفعية والمهندسين والبحرية والمظلات وخلافه، لكن المليشيا ليس لها هذه الأقسام. وحتى لو تحصلت عليها فإن ذلك سوف لن يصنع منها جيشا. فالجيش ينسق بين كل هذه الأسلحة عندما يخطط لمعركة في حين المليشيا ليس لها مثل هذه الخبرة، فمنهجها الحربي هو "أضرب وأهرب" .Hit and run وبعد أن يثبت هذه النقطة كحقيقة fact يبني عليها حقيقة أخرى وهي أن "هناك كيزان في الجيش"، ولكنه يقلل من شأن هذه القضية بقوله فهذا مما يمكن إصلاحه "ممكن نشيلهم زي ما شلنا عمر البشير"، "ولكن الجيش كمؤسسة باقي". ويضرب لنا مثلا للتدليل على مؤسسية الجيش بقوله "مثلا البرهان لن يستطيع تعيين ابنه قائدا للجيش مثلما فعل حميدتي الذي عين أخاه قائد ثاني للمليشيا". ويمضي محمد جلال للقول إن المليشيا ليس لديها حاضنة اجتماعية في السودان، فحواضنهم الاجتماعية توجد في النيجر ومالي. لذلك يمكن أن يقرر البرهان حلهم بسهولة. وحسب كلماته "لو حلاها البرهان هسه بتتحل". هذا ملخص الأطروحة التي يبني عليها دعوته لدعم الجيش ضد الدعم السريع.
    هل الجيش مؤسسة؟
    أما فكرة أن الجيش هو مؤسسة الدولة وأن انهياره سيعني إنهيار الدولة فهي فكرة تبسيطية تتجاهل التحولات العميقة التي حدثت في الجيش وفي طبيعة الدولة خلال حكم الإنقاذ الطويل والتي أفقدتهما صفة المؤسسية. فللمؤسسية في الجيوش معايير معروفة هي احتكاره للسلاح، والولاء للدولة والوطن، والحياد السياسي، والمهنية والعقيدة الأخلاقية المبنية على القانون الإنساني الدولي وخضوعه للسلطة المدنية الديمقراطية. لم يكن جيشنا عبر تاريخه محققا لأهم معايير المؤسسية، ولكنه على الأقل كان محتكرا للسلاح وكان مهنيا لدرجة معقولة، وكان ولاؤه للدولة والوطن. وقد حاولت حكومة مايو في أول عهدها أن تحول عقيدة الجيش من الولاء للدولة ليصبح ولاؤه للحزب الحاكم، ولكنها لم تحقق نجاحا يذكر. وعندما تحالف الكيزان مع النميري في المصالحة الوطنية عام ١٩٧٨، بدأوا العمل الجاد في أسلمة الجيش، وذلك بانتداب العشرات من ضباطه سنويا للمركز الإسلامي الأفريقي، الذي يديره الكيزان، للتحضير في الدراسات الفقهية، حيث جرى تجنيد هؤلاء الضباط في تنظيمهم العسكري. لذلك لم يكن غريبا أن جميع قادة الانقلاب كانوا ممن انتدب لهذا المركز، الذي أصبح اسمه لاحقا "جامعة أفريقيا العالمية". وبعد سيطرتهم على مقاليد الحكم في عام ١٩٨٩فقد اندفع الكيزان بكامل إمكاناتهم وطاقاتهم في إعمال آليات "التمكين" و"التأصيل" لتغيير الطبيعة الحيادية لجميع مؤسسات الدولة، وفي قمتها الجيش وبقية الأجهزة الأمنية، وتحويلها لأذرع للتنظيم. فهل هذا مما يوصف بعبارة "نعم هناك كيزان في الجيش وممكن نشيلهم زي ما شلنا عمر البشير"؟ أم يوصف بأن الجيش كله أصبح في قبضة الكيزان؟ وأنك لن تستطيع أن "تشيلهم" إلا إذا استطعت تحطيم هذا الجيش تحطيما كاملا؟ فنحن حتى وإن صح أننا الذين "شلنا" عمر البشير، وليس لجنته الأمنية، فكم كلفنا ذلك من السنين؟ فنحن لم "نشيله" في "ضحوية" بل كلفنا ذلك ثلاثين عاما من عمر شعبنا. وهناك حقيقة أخرى هي أن مما سهّل مهمة "شيلة" عمر البشير كونه فردا واحدا رأي جيش الكيزان أنه صار عبئا فقرر التضحية به، مع العمل على استمرار نظامهم ريثما ينقلب على الثورة من جديد.
    الترابي والثوابت الوطنية
    يرى الترابي أن هناك صراع بين النخب السياسية حول "الثوابت الوطنية"، وهذا عين ما يسميه فرانسيس دينق حرب الرؤى. فبالنسبة للترابي إن الدول الغربية اللبرالية التي استقرت سياسيا إنما استقرت بعد أن حسمت موضوع الثوابت الوطنية عبر فوهة البندقية. فالإطار اللبرالي يمثل الثوابت الوطنية لتلك الشعوب، وداخل هذا الإطار تصطرع الأحزاب السياسية بين يمين ويسار ووسط. وبنفس القدر يريد الترابي أن يحسم أمر الثوابت الوطنية في السودان بالقوة ويفرض الإطار الإسلامي فرضا لتصطرع في داخله أحزاب كلها إسلامية. وهو في ذلك يستلهم النموذج الإيراني الذي تتصارع فيه أحزاب إسلامية، إما إصلاحية أو محافظة. وعلى ضوء هذه الخلفية ربما نفهم محاولات الانقلاب الفاشلة التي قادها ضباط إسلاميون مثل انقلاب ود أبراهيم، وانقلاب رئيس هيئة الأركان الأسبق هاشم عبد المطلب، وانقلاب بكراوي، وأخيرا انقلاب البرهان نفسه. فهذه كلها انقلابات من داخل البيت الإسلامي كل يريد أن يقيم النموذج الإسلامي الأفضل الذي يرى أن إخوانه الإسلاميين الحاكمين فشلوا في تطبيقه. يلاحظ أنه لم يُقتَل أي من الضباط الذين قاموا بهذه المحاولات الفاشلة، بينما قُتِل ضباط رمضان البعثيون شرَّ قتلة. والسبب في تقديري أن هؤلاء الضباط الإسلاميين يعملون داخل الثوابت الوطنية الكيزانية بينما البعثيون ينازعونهم عليها، ويريدون أن يفرضوا إطارا غير إسلامي.
    الشاهد في الأمر أن الكيزان استطاعوا عبر آلية التمكين من التخلص من آلاف الضباط وإحلال ضباطهم محلهم. جرى ذلك عبر ثلاثين عاما من تخريج دفعا بحالها من ضباط الكلية الحربية من أعضاء تنظيمهم، أو من المرجوين فيهم، أو من المزكيين بواسطتهم، حتى فرضوا ذلك الإطار الإسلامي داخل الأجهزة الأمنية. فالجيش كما ذكرنا مرارا وتكرارا كَفَّ عن أن يكون جيشا للسودان وأصبح ذراعا مسلحا للحركة الإسلامية، ولاؤه لها وليس للوطن. وبذلك فقد صفة المؤسسية. وبطبيعة الحال لا تقاس المؤسسية بتنوع الأقسام الحربية أو بمجرد عدم قدرة البرهان على تعيين شقيقه أو ابنه قائدا للجيش، كما يقول محمد جلال هاشم، بل تقاس المؤسسية بمعيار العقيدة والانضباط، والمهنية. فعندما تكون عقيدة الجيش وطنية بمعنى أن يكون ولاؤه للوطن لا للحزب، وعندما يكون معيار تنسم المواقع القيادية قائم على المهنية لا على الولاء، وعندما يكون هناك انضباط في التدرج الوظيفي والترقية ومنح الرتب واحتكار السلاح يصبح الجيش مؤسسيا. إن مجرد وجود الدعم السريع ومنح قياداته رتب عسكرية رفيعة من غير أساس، (رتب خلاء)، يطعن مؤسسية الجيش في مقتل. وبالإضافة لفوضى الرتب، هناك فوضى الأزياء العسكرية التي سمحت لأي كوز بأن يخرج للناس وهو في زي الجيش أو زي الشرطة أو زي الدعم السريع، وأن يضع على كتفيه أي رتبة يراها، ليمارس قهره وإجرامه على الشعب السوداني.
    إن مجرد أن يخرج علينا البرهان وهو رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش ليحدث الشعب بأن هناك طرف ثالث هو الذي يقتل المتظاهرين، ليمثل أكبر دليل على عدم مؤسسية الجيش وجميع الأجهزة الأمنية. إذ كيف نفهم أن طرفا ثالثا يقتل المتظاهرين في وضح النهار دون أن تقوى الدولة على القبض عليه؟ هذا ببساطة يعني أن هذا الطرف الثالث إما أنه أقوى من أجهزة الدولة أو هو أجهزة الدولة ذاتها. وفي الحقيقة أن هذا الطرف الثالث هو "التنظيم السري" للحركة الإسلامية الذي يوجد داخل جميع هذه الأجهزة، ويمسك بمفاصلها، ويضم المجموعات التي تتلقى تعليماتها من شيوخ الحركة الإسلامية والذين يملكون سلطة سياسية تسمح لهم بالإفلات من العقاب، وتجبر الآخرين على التعامي وغض الطرف عن جرائمهم والتواطؤ معهم.
    فعندما نطبق هذه المعايير الحقيقية للمؤسسية نجد أن كلا الجيش ومليشيا الدعم السريع سيان في اعتماد معيار الولاء بدلا عن الكفاءة المهنية. كل الفرق بينهما هو أن الولاء هناك للتنظيم وهنا للأسرة. فمثلما يعين حميدتي أخاه بالرضاعة في لبن الأم، يعين الكيزان عن طريق البرهان أخاهم في رضاعة لبن الأيديولوجيا. فما دام الجيش، بل الدولة كلها مملوكة للحركة الإسلامية كما شهد بذلك عمر البشير نفسه، مثلما ظهر في تسريبات قناة العربية الشهيرة، فإن قائده لابد أن يكون ولاؤه للتنظيم وليس للبلد، في حين أن الولاء في مليشيا الدعم السريع للأسرة. فالكلمة المفتاحية هنا هي "الولاء" لا الكفاءة، وفي ذلك هما سواء.
    هل هناك دولة؟
    في حقيقة الأمر ليس هناك دولة. فقد تلاشت الدولة منذ أن فشلت في القيام بأهم أدوارها وهي حماية مواطنيها وحفظ أمنهم، وتأمين الغذاء والدواء لهم. تخلت الدولة عن مواطنيها، فلا هي أطعمتهم من جوع ولا أمنتهم من خوف. بل بالعكس فقد تسببت في انهيار القانون وصناعة الفوضى التي حولت أجزاء واسعة من البلاد إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف. وذلك بعد أن هربت الشرطة وهي تدس ذيلها بين أرجلها، وتوارت عن الأنظار بصورة مشينة. أما الجيش فقد فشل في مهمته في حماية المواطنين وصار وكده حماية نفسه داخل حصونه ومقراته التي صارت تتساقط الواحدة بعد الأخرى في يد مليشيا الدعم السريع. وأصبح هو في تراجع مستمر. وقد أظهرت هذه الحرب حقيقة لم يكن يراها الناس وهي أن جيش الكيزان كان مدربا وماهرا في مواجهة المدنيين العزل من مواطنيه ولم يكن مستعدا لمنازلة جيوش مسلحة تسليحا ثقيلا مثل مليشيا الدعم السريع، فأداؤه الحربي البائس الضعيف يذكرنا بعبارات منصور خالد التي هجا بها النميري "فرارا في كل معركة، لوذا عند كل لقاء، متهالكا أمام كل مجابهة" فهو جيش لم يحارب سوى مواطنيه ولم يستأسد إلا على العزل منهم. هذا الجيش الذي أفسدته سياسة التمكين وحولت جنرالاته لرجال أعمال مترفين فسدة ومفسدين لا يحذقون فن القتال ولا ينزعون للسلام. أشعلوا الحرب داخل العاصمة، وحولوها لمسرح عمليات، في استهتار بالغ بأرواح ساكنيها، مما حول المواطنين الأبرياء الذين لا يد لهم في الحرب إلى ضحايا تقع على رؤوسهم الدانات والصواريخ والشظايا، تَهِدُّ منازلهم وتُقَطِّع أوصالهم، كما تتهدَّدهم المجاعة، وانعدام الرعاية الطبية، وانهيار البيئة وانتشار الأوبئة. وكما يقول المثل الهندي "عندما تصطرع الفيلة يموت العشب". وقد أصبح سكان الخرطوم، وغيرها من المدن التي نشبت فيها هذه الحروب، العشب الذي تضرر أبلغ ما يكون الضرر من صراع الفيلة عليه. وإذا نظرنا للآثار الاقتصادية التي ترتبت على هذه الحرب نجد أنها أفقرت الطبقات الغنية والميسورة من سكان المدن المتأثرة بها، الذين نُهِبَت ثرواتهم ودُمِّرَت ممتلكاتهم من متاجر ومصانع وشركات وهي ثروات تقدر بمئات المليارات من الدولارات، انتقلت جميعها للمكونات الاجتماعية لقوات الدعم السريع. فهل لم يكن يعلم الكيزان ماذا تعني الحرب؟ ألا يدرون أنها تعني الموت والخراب والتشرد والضياع والاغتصاب والجوع والفقر وجميع تشوهاتهما من ضياع العرض والكرامة وانتشار الجريمة والتفسخ الأخلاقي والأمراض النفسية وغيرها؟ أم يعلمون ولكنهم أرادوها هكذا انتقاما من الشعب الذي أسقطهم؟
    تحليل الحرب من منطلق جرائم الدعم السريع
    يطالبنا محمد جلال بأن نبني تحليلنا للحرب على الجرائم الهائلة والمريعة وغير المسبوقة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع. وهذا طلب غريب حقا. فلماذا يا ترى نبني تحليلنا للحرب من منطلق الجرائم التي ارتكبت في ظلها؟ وهل هذه الجرائم بدعا في جرائم الحروب؟ وهل تختلف الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الخرطوم مثلا عن الجرائم التي ارتكبتها قوات المهدي عندما أسقطت الخرطوم واستباحتها قبل حوالي ١٣٨ عاما؟ أو جرائم قوات كتشنر عندما أسقطت حكم الخليفة واستباحت الخرطوم قبل ١٢٤ عاما؟ أو عن ساير حروب الدولة السودانية في الجنوب ودارفور وجبال النوبة؟ أو حروب البوسنة والهرسك والكونقو ورواندا وليبيريا وسيراليون؟ أو ساير حروب البشر التي وصفها الشاعر بقوله:
    وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
    مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
    فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
    فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أشأَمَ كُلُّهُم كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
    إن الأصل في جرائم الحروب هو انهيار حكم القانون وسيادة حكم الغاب حيث يأكل القوي الضعيف. فالحرب تسلب الناس الحق في الحياة وهو أعز وأهم حق من حقوق الإنسان، ثم تسلبهم الحق في الحرية، والكرامة وكذلك تسلب العرض والمال. وكلها حقوق تتفرع من الحق في الحياة. وهذا ما جعل الحرب من الخطورة بحيث يجب ألا يترك قرارها في أيد غير مسؤولة، جاهلة ومهووسة. فالحروب لا يدخلها العاقلون وعندهم خيار غيرها. ومن ثم يجب أن ينطلق تحليلنا للحرب من أسبابها وليس من نتائجها.
    والحديث عن أسباب الحرب يدخلنا في طرح أسئلة بتجاهلها مؤيدو الجيش، من عينة حرب من هذه؟ ومن الذي هدد بها ثم أشعلها؟ وما هو هدفها؟ وأسئلة أخرى مرتبطة بها مثل من الذي أنشأ الدعم السريع وسلحه ومكنه من المواقع الاستراتيجية في الخرطوم؟ ومن الذي ظل يدافع عنه على طول المدى ويعاقب من ينتقده؟ وكيف تحول فجأة إلى عدو عندما رفض أن يتراجع عن الاتفاق الاطاري كما فعل البرهان؟ وكل هذه الأسئلة تقودنا لسؤال مهم وهو من الذي تسبب في انهيار القانون وتهيئة الأرض لارتكاب هذه الجرائم. والاجابات على هذه الأسئلة ستشير إلى اتجاه واحد هو أن الكيزان هم الذين أشعلوا الحرب وهم الذين كانوا على درجة من عدم الاكتراث والسبهللية، والبلادة والغباء، إن لم نتهمهم بالتآمر على الشعب وثورته، بأن اندفعوا اندفاعا أهوجا أشعلوا به حربا في عاصمتهم وكأنهم لا يعلمون ما تعني الحروب. إن كان مثل هذا التحليل هو مجرد كيزانوفوبيا فمرحبا بها، وسأعلن على الملأ بأني كوزونوفوبك وأفتخر.
    الحواضن الاجتماعية
    يقول الدكتور محمد جلال هاشم أن ميليشيا الدعم السريع ليس لها حواضن اجتماعية، وأن حواضنها توجد خارج السودان في مالي والنيجر. فكيف يقال إن الدعم السريع ليس له حواضن اجتماعية في السودان؟ وحواضنه قد أعلنت تأييدها له ببيانات مشهودة. ومن الواضح أن محمد جلال يقصد بالحواضن الاجتماعية المجموعات السكانية التي يمكن أن تتماهى مع الدعم السريع أو تتماهى مع الجيش. صحيح أن سكان العاصمة في جملتهم لا يتماهون مع الدعم السريع لأسباب مفهومة. بل أكثر من ذلك أنه خسر سكان العاصمة نتيجة لجرائمه الفظيعة وسلوكه الفظ. وصحيح أيضا أن سكان العاصمة يتماهون مع الجيش لأسباب تاريخية، ولكن الجيش أيضا خسر أقسام واسعة من سكان العاصمة نتيجة فشله في حمايتهم، وكذلك نتيجة جرائمه وسلوكه البشع، ونتيجة ارتهانه للكيزان. أما الدعم السريع فله حواضنه المتمثلة في القبائل العربية في دارفور وقد أعلنت تأييدها له ببيانات مشهودة كما ذكرنا سالفا. وهي التي ظلت ترفده بالمدد البشري في صفوفه، وأيضا بالفزع، وهؤلاء الذين يأتون كفزع يقاتلون مع الدعم السريع بدوافع الغنيمة وتحصيل الثراء السريع، وذلك بسرقة ممتلكات المواطنين. وعندما ينفي محمد جلال الحاضنة الاجتماعية عن الدعم السريع وينسبه بالكلية لحواضن خارج السودان فإن خطابه يقترب من الخطوط الحمراء، ويوشك أن يصير خطابا عنصريا. يمكن القول إن ليس للدعم السريع حواضن في الخرطوم، ولكن لا يمكن أن يقال أن ليس له حواضن في السودان.
    هل يستبطن شعار لا للحرب تأييدا خفيا للدعم السريع؟
    يقول أصحاب هذا الرأي أن هناك مؤيدين للدعم السريع يخافون من أن يدمغوا بعار تأييد المليشيا، وفي نفس الوقت يريدون تحصين أنفسهم، ولو قليلا، من المساءلة المتوقعة في حال انتصر الجيش انتصارا ساحقا على الدعم السريع وشرع يصفي حساباته مع "الخونة" و"الطابور الخامس"، و"الدعامة المتخفين". ولذلك فإن هؤلاء يجهزون منذ الآن حجتهم أمام محاسبة الكيزان بأن ينتقدوا، على استحياء، انتهاكات الدعم السريع كشهادة براءة أمام جيش الكيزان المزهو بالنصر المتأبط شرا بالخونة just in case. هذا رأي الدكتور معتصم الأقرع. أما الدكتور محمد جلال هاشم فقد وضع الفكرة بصورة أكثر دبلوماسية فهو تحدث عن أن عدم تأييد الجيش يعزل الحرية والتغيير عن أن تكون جزءا من احتفالات النصر، ودعاها لتتأمل خسائر ذلك الإبعاد. وبطبيعة الحال من تلك الخسائر التعرض لانتقام الكيزان. وما أدراك ما انتقام الكيزان. إنهم لا يقتلونك وحسب، وإنما يقتلونك بأبشع طريقة يمكن أن يتفتق عنها العقل البشري. ويكفي أن نتذكر كيف قتل الطبيب علي فضل وكيف قتل الأستاذ أحمد خير.
    وبطبيعة الحال لا يوجد من شق صدر الآخرين ليطلع على سرائر رافعي شعار لا للحرب ليعرف ما إذا كانوا حقا جبناء ومنافقين. ولكن مجرد هذا التفكير يشير إلى أن هذه الحرب قد أفرزت ضمن ما أفرزت مناخا للنفاق. والنفاق ليس له وجه واحد فقط ينطبق على دعاة لا للحرب وإنما له وجه آخر يمكن أن ينطبق على مؤيدي الجيش. لأنه يمكن أن يقال أيضا أن اليساريين واللبراليين والعلمانيين الذين ينامون مع الكيزان الآن ويراهنون معهم على الانتصار السريع والساحق للجيش على الدعم السريع إنما يقدمون السبت للكيزان لكي ما يأمنونهم بالأحد، خصوصا وأن الكثيرين منهم "ضايقين يدهم" منذ أيام السيخ بالجامعات وحتى بيوت الأشباح. وفي الحقيقة لقد أذهلت مواقف البعض، خصوصا محمد جلال ومعتصم الأقرع، وقصي همرور الكثيرين من قرائهم ومعجبيهم الذين رأوها تتناقض تناقضا كاملا مع كل تاريخهم في الوقوف في وجه الفاشية الإسلامية. وقد ذهب هؤلاء المعجبون المذاهب في محاولة فهم وتفسير مواقف أبطالهم. فقد جاءتني مجموعة من الشباب حينما كنت بأديس أببا أثناء الاجتماعات الأخيرة وطلبوا مني تخصيص وقت لهم لمناقشة حيرتهم من موقف الدكتور محمد جلال وزملائه. وحق لهم أن يحاروا خصوصا و أن أصدقائنا هؤلاء كانوا "كيزانوفوبك" بار إكسلانس والآن بعد أن حملتهم الحرب إلى الضفة الأخرى صاروا يصمون بها زملائهم القدامى الذين لم تجرفهم الحرب فظلوا ثابتين في مكانهم القديم، يعرفون جيدا من هو عدوهم وعدو الثورة وعدو الشعب، ومن هم كارهي الأوطان، ويعرفون أن الكيزان هم من أشعل الحرب ليعودوا للسلطة على جثة الثورة وجثة الوطن، وإنهم إذا قدر لهم أن ينتصروا بعد إسخانهم في القتل سيكونون كمن لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر في الشر المطلق والانتقام الأعمى من خصومهم بحيث يبدو تاريخهم الذي نعرف بكل بشاعته وكأنه ذكرى رحيمة أمام ما كان يمكن أن ينتظرنا على أيديهم الآثمة.
    الحرب العادلة والحرب غير العادلة
    والسؤال البسيط الذي يجب أن يجيب عليه مؤيدو الحرب هو هل هذه حرب عادلة؟ وإلى أي مدى يمكنهم تأييدها؟ فمثلا هل هم مستعدون لتأييدها حتى لو استمرت عشرات السنين؟ وحتى لو تحولت لحرب إثنية وقبلية مكشوفة يقتل فيها الناس على الهوية والسحنة؟ حتى ولو أدت لضياع أجيال متتالية من السودانيين؟ أو لضياع البلد قاطبة؟ وبعبارة أخرى متى يتوقفون عن دعم الحرب والجيش ويقولون لا للحرب؟
    في أدبيات الحروب هناك حديث عن الحرب العادلة. وهي الحرب التي تشنها سلطة شرعية تمثل الغالبية المطلقة للشعب، عبر مؤسسات منتخبة ومستقلة، ولأسباب مشروعة ومقنعة للشعب والجنود المقاتلين، لأنه على هذه المشروعية تنبني التعبئة للحرب، ويكون هناك دافعا للقتال بروح معنوية عالية واستعدادا من الشعب للتضحية وتحمل تكلفة الحرب. وأن يكون إعلان الحرب هو الملاذ الأخير بعد استنفاد كل الوسائل السلمية. وأن تكون المنافع المرجوة من الحرب أكبر بكثير من الأضرار المترتبة عليها. وأن يكون الإعداد لها متأنيا وكاملا لا مكان فيه للصدفة والإهمال والقصور أو الاندفاع والتهور وذلك لضمان النصر وتقليل الخسائر. فالحرب أخطر بكثير من أن تترك لحفنة من الأغبياء الموتورين أمثال اللواء بكراوي ومحمد علي الجزولي وأنس عمر وعلي كرتي.
    وإذا نظرنا لحرب الكيزان هذه نجدها عارية من أي من معايير الحرب العادلة. فالسلطة التي أشعلتها سلطة انقلابية لا مشروعية لها البتة. بل هي سلطة مرفوضة من الشعب الذي ظل يقاومها منذ الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١ وحتى اندلاع الحرب في الخامس عشرة من أبريل ٢٠٢٣. وحتى هذه السلطة الانقلابية على علاتها لم تتخذ قرار الحرب، بل اتخذته المجموعة الكيزانية داخل وخارج الجيش وورطت فيه السلطة غير الشرعية ووضعتها أمام الأمر الواقع. وبالضرورة لم يكن قرار الحرب أخر ملاذ بعد استنفاد كل طرق الحل السلمي. بل كان قرارا أهوجا ككل أفعال الكيزان لم يعلم به كبار قادة الجيش الذين لم يسمعوا بالحرب إلا بعد أن أسرتهم قوات الدعم السريع وأخبرتهم أن هناك حربا في البلد. وهذا من أكبر الأدلة أنه لم يُجر الاعَدّادُ للحرب إعدادا جيدا. ويكفي أن قادة الجيش والكيزان كانوا يظنون أنهم سيقضون على الدعم السريع في غضون ساعات وأيام والآن هم يعانون الهزيمة والانكسار أمام قوات الدعم السريع، مما يهدد بتحطم الجيش، وتفسخه، بعد أن مُرِّغت كرامته في التراب، وانهارت روحه المعنوية. أما الفائدة المرجوة من الحرب، وهي دمج قوات الدعم السريع قسرا، أو حلها، بصفته أكبر منافع الحرب بالنسبة للكيزان، ففائدة لا قيمة لها البتة إذا ما قورن بالأضرار الكارثية التي ترتبت على الحرب. وكل هذا يضع مؤيدي هذه الحرب أمام امتحان الأخلاق العسير، ويطعن في سلامة مواقفهم.
    ونواصل
                  

11-29-2023, 06:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    الحلقة الأولى من مقال د. الباقر:

    Quote: الباقر العفيف
    10 September, 2023

    مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية د. الباقر العفيف

    (١)

    خراب سوبا
    تدخل الحرب المدمرة شهرها الخامس، وقد أحالت سماء الخرطوم ومدن دارفور وكردفان إلى سحب من دخان وأرضها إلى ركام من حطام، وأهلها بين قتيل وجريح، وشريد ورهين. أما مشهد الخرطوم الآن فيُذكرنا بماضيها البعيد مما استقر في الذاكرة الجمعية لشعب السودان عن خراب سوبا، في العام ١٥٠٤، الذي اقترفته جحافل البدو من “عربان” العبدلاب “ورعاة” الفونج. فسوبا الأمس هي خرطوم اليوم من حيث المكان والجغرافيا. وها هي جحافل الجنجويد قد وطئت “خيلهم” أرض الخرطوم، فأفرغتها من جل سكانها في أول سابقة في تاريخ السودان الحديث، بعد أن أعملت فيهم آلة الدمار، فقتلت أو حبست رجالها، واستحيت واستذلت نساءها وأطفالها. وكما قال علي بن أبي طالب، “ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذُلُّوا”. فليهنأ الكيزان، “عجوبة” هذا الزمان، بآخر ثمرة من ثمرات مشروعهم المتوحش. ذلك المشروع الدخيل الغريب المستورد الذي يمثل أخبث بذرة تبذر في أرض السودان على الإطلاق والذي اتخذ منحى مدمرا منذ أن ظهر زعيمهم حسن الترابي في المسرح السياسي السوداني قبيل أكتوبر ١٩٦٤.

    فمنذ ظهوره في ذلك الزمان المشؤوم لم يذق شعب السودان طعم العافية. إذ بدأ الترابي يمارس في الساحة السياسية السودانية ما كان يمارسه الملاكم محمد علي كلاي في حلبات الملاكمة، يرقص كالفراشة ويلسع كالنحلة. دخل الى المسرح السياسي، بلا أخلاق، وبضمير مَيِّتِ تماما، أدواته الالتواء والديماغوجية والكذب وبث الكراهية على مستوى الخطاب، والتآمر والابتزاز السياسي والديني، واثارة الفتن وإدخال العنف اللفظي والجسدي في العمل السياسي على مستوى الممارسة.
    إن سجل الترابي في إلحاق الأذى بالشعب السوداني لسجل حافل وطويل.. سجل دامٍ، مليء بالجرائم والمخازي والتآمر. فالترابي يقدم لنا نموذجا فريدا لمبلغ الضرر الذي يمكن أن يلحقه فرد واحد شرير بشعب كامل طيب وكريم، مستغلا نقاط ضعفه، وعاطفته الدينية، وفقره وحرمانه، وانتشار الجهل والأمية وسط أفراده، وهشاشة هويته، وضعف أسس دولته، وجهل وجبن الكثير من متعلميه، وقابليتهم للإفساد، وانهزامهم أمام الابتزاز الديني والإرهاب الفكري.
    أسس الترابي مشروعه على أعمدة الكذب والتضليل والفساد والإفساد، وأقام عليه أناسَا يشبهونه، ميتي الضمير، عديمي الأخلاق، لا إنسانيين، كذبة مضللين وفاسدين. فاجتذب إليه مجموعات كبيرة من المغامرين والانتهازيين والمرضى النفسانيين الذين يسعون للثراء الحرام، والتحكم على الرقاب، وإساءة استخدام السلطة، والعيش فوق القانون.
    وقد أتقن تلاميذه أحابيله وبذوه فيها على طريقة رواية ستيفن كنج “” Apt Pupil، والتي يمكن أن تترجم ل “التلميذ النجيب” أو “التلميذ المناسب ذو القابلية للتعلم”. فالشخصية الرئيسية في الرواية هو الصبي تِود بودن Todd Bowden الذي بذَّ معلمه النازي العجوز آرثر دنكر Arthur Denker بعد أن علمه أحابيل النازية في ارتكاب الجرائم، وضمنها الابتزاز والقتل، وكيف يجد في قتل البشر إثارة ومتعة لا يجدها حتى في الجنس. فأصبح المعلم من ضحايا تلميذه، حيث طَبَّق تود تلك الأحابيل على معلمه وأولها ابتزازه بكشف هويته النازية إن لم يعلمه كل ما عنده من مهارات في الجريمة. وقد تحول التلميذ إلى سفاح و”كتَّال كُتَلَة” serial killer ينافس معلمه في القتل ويجد فيه متعة لا تعادلها متعة. وقد أودت هذه العلاقة بين التلميذ ومعلمه إلى موت المعلم منتحرا، عندما أدرك أن تلميذه سيسلمه للسلطات.
    وبنفس القدر فقد غدر تلاميذ الترابي بمعلمهم الذي علمهم السحر، وأبعدوه وسجنوه وشنعوا به حتى مات في النهاية “ممغَوسَا”. هكذا ذهب الترابي ضحية العصابة التي كونها والتي ألحقت بالشعب السوداني أبلغ الأذى من نقص في الأنفس والثمرات وضياع أحلام أجيال من السودانيين ببناء دولة ناجحة، مزدهرة عادلة وديمقراطية. ذهب الترابي إلى ربه وفق سنن الحياة التي لا تتبدل، وظني أنه الآن يلقى جزاء ما اقترفت يداه، ولكنه ترك وراءه هذا التنظيم الإرهابي كأكبر “سيئاته الجارية” يديره الآلاف من الكيزان المجرمين الذين أمَاِّتوا ضمائرهم، وأراحوها من الوخز، وأصبحوا مثل الروبوتات التي لا تحس ولا تشعر. وعلى سبيل إنعاش الذاكرة سأذكر فيما يلي بعض المحطات الكبرى في مسيرة الترابي الظلامية وتنظيمه الإرهابي قبل الولوج إلى الحرب المدمرة التي أشعلوها في الخامس عشرة من أبريل هذا العام. هذه المحطات تؤكد معادلة منطقية مفادها أن هذه المسيرة الدامية لابد أن تنتهي إلى ما انتهت إليه من دمار شامل للبلاد.

    مخازي الترابي
    • فأول مخازي تنظيمه الكبرى هي طعن النظام الديمقراطي طعنة نجلاء في سرته، وذلك بمؤامرته لحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه المنتخبين من البرلمان في العام ١٩٦٥. فقد أشعل “فتنة كبرى” مستغلا فيها حادثة الإساءة للسيدة عائشة رضي الله عنها بواسطة طالب يافع، محملا المسؤولية للحزب الشيوعي ومثيرا للغوغاء ضده، ومنظرا لإلغاء مادة الحقوق الأساسية من الدستور، وممارسا الابتزاز الديني الذي استسلم له كبار سياسي ذلك الزمان. وأعقب هذا الخزي بإشعاله فتنة أخرى عام ١٩٦٨دشنوا بها العنف الطلابي بالجامعات مستغلين نشاطا إبداعيا بمسرح الجامعة قدمت فيه رقصة العجكو في أواخر عام ١٩٦٨ التي اعتبروها خروجا عن الإسلام.
    • وفي ذات العام ضلع تنظيمه، مع المؤسسات الفقهية الرسمية، وبعض القيادات الطائفية، في مؤامرة إصدار حكم بردة الأستاذ محمود محمد طه عن الإسلام. أعقبوها في ذات العام بابتزاز الحزبين الكبيرين والدفع بهما لتمرير مشروع الدستور الإسلامي المزيف. وهذه الفتن تمثل في جملتها أسباب انقلاب مايو ١٩٦٩ الذي نفذه تحالف يساري بين القوميين العرب والشيوعيين.
    • بعدها لعب تنظيم الترابي دورا كبيرا في تحريض الإمام الهادي زعيم الأنصار على إشعال فتنة الجزيرة أبا في مارس ١٩٧٠، بحجة الجهاد ضد الشيوعية، وقد انتهت تلك الفتنة بمقتل الإمام الهادي ومجموعة من أنصاره، بالإضافة لمقتل بعض قادة التنظيم الإرهابي.
    • كذلك ضلع التنظيم في إشعال فتنة أخرى تمثلت في حركة الثاني من يوليو ١٩٧٦، تحت مظلة الجبهة الوطنية، حيث قادوا غزوا عسكريا فاشلا للبلاد بقيادة العميد محمد نور سعد، كانوا هم ضباطه في حين جاءت غالبية الجنود من طائفة الأنصار. وقد أدَّت تلك “الغزوة” لمقتل عدد من قياداتهم في دار الهاتف بالإضافة لمقتلة الأنصار في ود نوباوي.
    • أما بعد أن تحالفوا مع نظام مايو، في إطار ما سُمِّيً المصالحة الوطنية، فسرعان ما بدأوا في اختراق الجيش ببناء تنظيمهم داخله، وأيضا عن طريق انتداب ضباطه للمعهد الأفريقي الإسلامي ليحصلوا على دبلوم الدراسات الفقهية، وبناء قاعدتهم الاقتصادية عن طريق بنك فيصل الإسلامي. وظهرت بصماتهم السياسية عام ١٩٨٢، في نقض النظام لاتفاقية أديس أببا مع حركة الأنيانيا الموقعة عام ١٩٧٢، وإصدار قوانين سبتمبر ١٩٨٣ السادية، والتي أسموها زورا وبهتانا “بالقوانين الإسلامية”، مما صب زيت الدين على حرب الجنوب السياسية لتصبح حربا دينية منذ ذلك الوقت.
    • أما بعد سقوط مايو في أبريل ١٩٨٥، فقد ظل تنظيم الترابي داعيا للحرب ومناهضا للسلام تحت شعار “دعم الجيش”، ومسيرا القوافل لجبهات القتال بغرض تملق العساكر، وابتزاز القوى السياسية الأخرى. وقد توَّّج إنجازاته بالاستيلاء على السلطة في العام ١٩٨٩، وتحويل أركان الدولة، من جيش وأمن، وبوليس، وخدمة مدنية، ونظم تعليمية لأجهزة تابعة للتنظيم. ولم يكتف بذلك، بل أنشأ أجهزة موازية للجيش والأمن والبوليس تتمثل في قوات الدفاع الشعبي، والأمن الشعبي والشرطة الشعبية. وكأن كل هذه الأجهزة المدججة بالسلاح ليست كافية لقمع الشعب فأنشأوا مليشيات الجنجويد سيئة السمعة، والتي أطلقوا عليها أولا اسم “حرس الحدود” ومؤخرا أسموها “قوات الدعم السريع”.
    • أقامت هذه الأجهزة امبراطوريات اقتصادية ضخمة وصارت بؤرا للفساد والإفساد، وعدم المحاسبية حتى وُصِف نظامهم بنظام اللصوصية Kleptocracy بواسطة المؤسسات المالية الدولية. أما الشعب فقد وصفهم “بالحرامية”، وصاغ ذلك الوصف في شعار الثورة البليغ “سلمية، سلمية، ضد الحرامية”.
    • عمقوا حرب الجنوب وعقدوها وأضافوا إليها البعد الديني الجهادي، وتوسعوا فيها غربا وشرقا فشملت جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وارتكبوا فيها جرائم وفظائع يندى لها الجبين، حتى أوصلتهم لمحكمة الجنايات الدولية. وفي نهاية الأمر وبعد خراب سوبا فصلوا جنوب البلاد دون أن يسألهم أحد عن جدوى الحرب والدمار. وبدل أن يندموا على ضياع الجنوب احتفلوا به وقالوا “بلاء وانجلى”.
    وبعد ثلاثين عاما من الظلم والنهب والمجازر والقمع والفتن والمفاسد استطاع الشعب السوداني أن يتوج نضالاته التي بدأت منذ انقلابهم في العام ١٩٨٩، بثورة ديسمبر ٢٠١٨ التي استطاعت الإطاحة براس النظام لكن ظل التنظيم الأخطبوطي ممسكا بمفاصل الدولة. فصار الشعب الأعزل في جانب الثورة والتغيير في حين أجهزة الدولة والأجهزة الموازية، بالذات تلك الحاملة للسلاح، في جانب التآمر على الثورة ومحاولة إجهاضها.
    وفي سبيل كسر ظهر الثورة ارتكب الكيزان أكبر مجزرة في تاريخ البلاد في عهود السلم ضد شباب عزٍّل صائمين يستعدون لاستقبال العيد. كان هدف الكيزان هو كسر صمود الشعب عن طريق الصدمة الشديدة المفاجئة، shock and awe ولكن نهض الشعب من رماد المحرقة بعد شهر واحد فقط في واحدة من أكبر المظاهرات التي شهدتها البلاد عبر تاريخها مما أجبرهم على التراجع التكتيكي
    استخدم الكيزان سيطرتهم على الدولة في تعطيل الانتقال وعرقلته بشتى السبل والحيل، بما فيها إغلاق الميناء، واعتصام الموز، ولكن أفشل الشعب خططهم جميعها. فما كان منهم إلا أن انقلبوا على الحكومة الانتقالية في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.

    الانقلاب الخاسر
    عاد هذا الانقلاب عليهم بالوبال. فأول تداعياته هي انفلاق وحدة القوى الحاملة للسلاح. لقد استخدم الكيزان القوة الضاربة للدعم السريع ككرباج لإخضاع الشعب، وأداة للقيام بكل الأعمال القذرة من قتل واغتصاب ونهب. طلب المخلوع من حميدتي أن يقتل له ثلث الشعب وفق فتوى اللص المجرم عبد الحي يوسف، ولكن حميدتي أبى و”حرن” واستعصم بدارفور بعيدا عن يد السلطة. فقل ذلك لأسباب تخصه، لا ندريها على وجه التحديد، ولكن من المؤكد أنه رأى بأم عينيه أن طريق الخوض في الدماء هذا قد انتهي برئيسه ليصبح متهما أمام محكمة الجنايات الدولية، وأحاله من رئيس دولة مفترض أن يحظى بالاحترام الذي يتمتع به رصفاؤه من رؤساء الدول الأخرى، إلى رجل منبوذ طريد مطلوب للعدالة الدولية. وهو حتما رأى رئيسه هذا، الملقب زورا وبهتانا ب “أسد أفريقيا”، على حقيقته العارية، مجرد هر، يهرب من الدول التي يزورها، مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا، بالباب الخلفي unceremoniously وهو يدس ذيله بين رجليه، ليتفادى مذكرة التوقيف القضائية في كلا البلدين.

    وبعد أن قرر الكيزان، من خلال اللجنة الأمنية، الإطاحة بالبشير وابن عوف، وتعيين البرهان، انضم حميدتي لأخيه في رضاعة الدم الدارفوري، ومضى معه شوطا طويلا في التآمر على الثورة، وتعويق عمل الحكومة الانتقالية، والخوض في دماء الثوار حتى انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.

    ظن الكيزان أنهم يستغفلون حميدتي ويخترقونه، ويستغلونه، فقد كانوا يستخدمونه مثل الفَرْشَة عند عتبة الباب doormat، يقشون عليها أحذيتهم، قبل الدخول إلى الدار. فمن المعروف عنهم قيادة بعض قواته، أو استخدام زيها ليرتكبوا بها جرائمهم القذرة، مثل اقتحام البيوت إبان الثورة، وجلد الناس في الطرقات، وتوقيف الشباب وإذلالهم وحلاقة شعر رؤوسهم. واستخدموه كذلك في الهجومات المتكررة على ساحة الاعتصام ومقتلة الثامن من رمضان ٢٠١٩، ومجزرة اعتصام القيادة العامة التي ينسبها الرأي العام له بالرغم عن أن الكيزان هم الذين ارتكبوها. فالبداهة تقول إن إلقاء الجثث في النيل، بعد ربطها بكتل خرسانية، في محاولة لإخفاء معالم الجريمة، ليست مما يعرف من ممارسات الجنجويد. فهؤلاء يقتلون ويحرقون ويمضون إلى حال سبيلهم. أما الكيزان فيستخدمون أساليب المافيا والجريمة المنظمة في محاولة محو آثارهم بعد كل جريمة. كذلك يستخدم الكيزان الحيل الإعلامية لخداع الشعوب وتضليلها، مثل إطلاقهم الفيديوهات التي تظهر الجنجويد في ميدان الاعتصام، وهم يدوسون بأحذيتهم على رؤوس الثوار، بينما الجثث متناثرة في الميدان، فاعتبرهم الجمهور المسؤولين عن القتل بالرغم عن أنهم كانوا مسلحين بالعصي.
    المهم سار معهم حميدتي كل الشوط في الكيد للشعب والثورة والثوار، ولكن لم ذلك مجانا. بل كان يتحصل على ثمن تعاونه معهم في التمدد في بناء قواته، وتنويع تسليحها، وتوسيع امبراطوريته المالية والتحلل من قيودهم القانونية. وكان هدفه هو أن يحقق استقلاله عنهم ويصبح صنوا لهم، وقادرا على أن يقول لا، بعد أن كان مجبرا على تبعيتهم. وبطبيعة الحال هو يدرك حقيقة كون انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١، إنما هو انقلاب الفلول والكيزان، ولاح له في الأفق الخطر الذي يتهدده منهم، حال تمكنهم من الدولة مجددا. فبلا شك سيتخلصون منه بأساليبهم المعروفة. لذلك حرن حرنته الثانية، بعد أن وجد مخرجا في الاتفاق الإطاري، فتمسك به في حين تراجع عنه البرهان مدفوعا بالكيزان.

    وحش فرانكشتاين وخروجه عن السيطرة
    وهكذا يعيد التاريخ وحش فرانكشتاين الذي خرج عن سيطرة صانعه وصار يطارده يريد قتله. رأي الكيزان أن المليشيا التي بنوها لقمع الشعب قد خرجت عن سيطرتهم، وأصبحت لا تأتمر بأوامرهم، وتحولت بذلك إلى عائق كبير أمام خططهم لهزيمة الثورة والعودة للحكم مجددا، فقرروا إزاحتها من طريقهم فورا. أراد فرانكشتاين الكوز أن يحطِّم وحشه الذي صنعه بيديه وأن يعيد الجني الذي أطلقه من سجنه إلى جرته من جديد، ولكنهم “نسوا الله” فأنساهم قوله “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”. أراد الله أن يذيقهم من ذات الكأس التي سقوا منها الشعب، وهكذا ساقهم لإشعال الحرب بطريقتهم الهوجاء التي لا تتحسب للنتائج دون تخطيط عسكري فني، ودون علم قادة الجيش، ودون استعداد، فأوقعوا كبار القادة في الأسر بسهولة ويسر ودون أن تطلق قوات الدعم السريع طلقة واحدة تجاههم. ومنذ اليوم الأول للحرب استلمت هذه القوات العاصمة المثلثة وحاصرت الجيش في القيادة العامة، واستباحت العاصمة بعد أن تبخرت الشرطة في الهواء وانهارت الدولة والقانون. لقد عجز الجيش وأبو طيرة والشرطة عن حماية المدنيين وتركوهم نهبا لقوات حميدتي ومليشيات الجنجويد المتحالفة معها تستبيح أرواحهم، وأعراضهم، وبيوتهم، ومدخراتهم، وممتلكاتهم الأخرى. ليس هذا وحسب، بل شاركت مليشياتهم ومنظوماتهم الأمنية الأخرى، بعد أن لبست زي الدعم السريع، وظلت ترتكب نفس جرائم النهب والسلب والاغتصاب لتنسبها للدعم السريع كسلاح في الحرب الإعلامية والنفسية وتعبئة الشعب ضده. هذه الجهات هي الأمن الشعبي والطلابي والاستخبارات العسكرية وقوات هيئة العمليات، ومعتادي الإجرام الذين أطلقتهم السلطات من السجون كغطاء لإطلاق سراح الفلول. وكل هذه الأجهزة التي تمتلك زي الدعم السريع بالإضافة لقوات الدعم السريع (ست الاسم) ظلت ترتكب الجرائم ضد المدنيين العزل من سكان العاصمة الذين وجدوا أنفسهم في مصيدة هذه الحرب الكيزانية اللعينة.

    إذن هذه الحرب هي حرب الكيزان قولا واحدا. والحمد لله أننا لا نحتاج لشواهد لإثبات ذلك، فقد وفروا علينا الكثير من عبء الإثبات وشهدوا على أنفسهم.. شهدت عليهم ألسنتهم في جميع الإفطارات الرمضانية التي تداعوا إليها مهددين الشعب بأن الاتفاق الإطاري لن يمر إلا على أجسادهم، وبأن قوات الدعم السريع لابد من أن تدمج فورا في جيشهم لضمان استمرارها تحت أمرتهم، وإلا فسوف يفعلون ذلك بالقوة، بالإضافة لاعترافات الرجل السطحي أنس عمر، والداعشي محمد الجزولي بعد أن وقعا في الأسر. وشهدت عليهم أيديهم وسباباتهم المرفوعة بالسَباب أمام بعثة اليونتامس، وتهديداتهم المتكررة لفولكر بالقتل. وشهدت عليهم أرجلهم الزاحفة منذ الزحف الأخضر، وحتى خروج قياداتهم للعلن وهم يعبئون عضويتهم لحربهم الصفرية، ومشاركة كتيبة البراء بن مالك، وغيرها من تنظيماتهم الجهادية. وشهد عليهم نعيهم المتكرر لقتلاهم. فهذه الحرب حربهم. وهي بالنسبة لهم حرب وجود لابد من أن يخرجوا منها منتصرين حتى ولو أدى ذلك “لحريق السودان” كله كما صرح الكوز الحاقد الفريق فتح الرحمن محي الدين الذي يطيب له أن يُسَمَّي نفسه خبيرا استراتيجيا.

    هدف الحرب
    أما هدف هذه الحرب فهو القضاء على ثورة ديسمبر قضاء مبرما، وإزالة أي أثر لها، ومحوها من الذاكرة. تماما مثلما قضوا على الحياة في “المدينة الفاضلة” التي أقامها الشباب في ميدان الاعتصام، حيث قتلوا شبابها، واغتصبوا كنداكاتها، وأحرقوا خيمها، وأزالوا جدارياتها، وتركوها هباء منثورا، تذروه الرياح، فلكأنها لم تكن تفيض بالحياة وتنبجس في يوم ما. كانت مجزرة القيادة النموذج المصغر لمحرقة الوطن الماثلة.. نفس (الزولين) الذين ارتكبا تلكم الجريمة متحالفين، يرتكبان الآن هذه الجريمة كخصمين متحاربين. فالشعب السوداني الآن هو عظمة النزاع التي يتحاربون عليها. كل الفرق بينهما هو أن أحدهما يبشرنا بمدنية تناقضها أفعالهم على الأرض، والآخر ينذرنا الموت والهلاك بأقواله وأفعاله. أحدهما تقوده مصالحه المادية، وحماية وتوسيع إمبراطوريته المالية الضخمة، وكذلك هواجسه النفسية التي تريد الإفلات من العقاب عن طريق البقاء في السلطة. والآخر تقوده نفس المصالح والمخاوف بالإضافة لأيديولوجية دوغمائية صماء تنطوي على قدر من الشر والحقد على هذا الشعب الذي أسقطهم، كفيل، ليس فقط بتمزيق السودان، الذي أنجزوه بالفعل، بل من حريقه كليا وجعله هشيما تذروه الرياح. فالكيزان قوم لا يؤمنون بالأوطان أصلا.. إن الازدراء بالأوطان، واعتبارها أوثان، لهو من أهم الأصول في عقيدتهم. لذلك لا يعتصرهم الألم على هذا الموت، وهذا الدمار وضياع الأعراض والأموال، مثلما يتعصرنا. وهم لا يحسون مثلنا بمشاعر الوطنية، ولا يحبون تراب الوطن مثلما نحبه، فعندهم وطن الأخ المسلم عقيدته، لذلك نجدهم بينما طردوا الاف السودانيين من بلادهم، فتحوها لإخوانهم في العقيدة الذين آتوهم “رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق”، ففتحوا لهم الفرص، ومنحوهم التسهيلات، وأنشأوا لهم البزنس، ووفروا لهم الوظائف حتى في الأجهزة العسكرية والأمنية.

    وخلاصة الأمر أن هذه الحرب حربهم، وهدفها الأساسي هو هزيمة ثورة ديسمبر المجيدة، التي يصفها بعضهم “بالتافهة”، ومحوها من الذاكرة، وجعلها نسيا منسيا، والعودة للسلطة خوضا في الدماء. وهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك في حرب خاطفة، أو قصيرة المدى تنتهي باتفاق على طاولة المفاوضات، والعودة للمسار الديمقراطي، ليواجهوا شعارات الثورة من جديد وما تعنيه من ضرورة تفكيك تمكينهم. إنهم يخططون لحرب شاملة وطويلة المدى.. حرب يستخدم فيها خطاب الكراهية، والتناقضات القبلية، والغبائن التاريخية، من عينة أولاد الغرب وأولاد البحر، ويجري فيها التركيز الشديد على جرائم القتل والاغتصابات والنهب والإذلال التي ترتكب بواسطة الجنجويد أو من يتزيَّى بزيهم، حتى يعبئوا الشعب في الشمال والوسط خلفهم، ويجندوا الشباب لمحرقة أخرى طويلة ستصبح حرب الكل ضد الكل.. حرب يُقتَل فيها الناس في الطرقات بناء على الهوية، أو الملامح. حرب يستمر سفك الدماء فيها عقودا، حتى تغرق أمواج الدم ذكرى الثورة، وتمحوا أثارها، وينسى الناس شيئا اسمه التحول الديمقراطي، وتصبح غاية الناس حفظ الحياة ووقف سفك الدماء وحسب. حينها يعتقدون أن كتائبهم مثل البراء بن مالك، وغيرها من المهووسين مثل داعش، وبوكو حرام، وغيرها، ستخرج منتصرة وتفرض نفسها على السودانيين وعلى العالم، تماما مثلما خرجت طالبان منتصرة بعد عشرين عاما من الخوض في الدماء وفرضت نفسها بقوة السلاح على الأمريكان والغرب عموما. هذه هي خطتهم، وهذا هو مثالهم.. فمن لم يدرك هذه المعادلة البسيطة لم يدرك شيئا، ومن لم ير هذه الحقيقة الساطعة لم ير شيئا. وعليه فإن كل من وظف نفسه منظرا لاستمرارية الحرب، أو دعم جيشهم، من خارج صفوفهم، فقد وظف نفسه عند جلاده، ونام مع عدوه، وحفر قبره وقبر الوطن بيديه، و”ملأ الدنيا هتافا بحياتي قاتليه”. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    نقلا عن صحيفة التغيير
                  

11-29-2023, 06:59 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: حرب من هذه؟ وما هو هدفها؟ خراب سوبا «2»
    مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية د. الباقر العفيف



    صحيفة التغيير
    السبت, 9 سبتمبر, 2023
    حرب من هذه؟ وما هو هدفها؟

    خراب سوبا «2»

    الباقر العفيف

    • “إذا كذَّبت كذبة كبيرة، وردِّدتها بكثافة، وعلى مدى طويل، فسوف يصدقك الكثير من الناس”.
    • “لا تعترف أبدا بالخطأ. لا تقبل اللوم. ركز على عدو واحد وحمله مسؤولية كل ما يحدث. ستجد الناس عاجلا أم آجلا يرددون ما تقول دون وعي”.
    (جوزيف غوبلز)

    خلصنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة إلى أن هذه الحرب هي حرب الكيزان دون أدنى شك. فهم الذين وخططوا لها، ومهدوا لها، وأطلقوا رصاصتها الأولى، فورطوا فيها الجيش كمؤسسة، كما ورطوا فيها البلد بأسرها، وأدخلوا الشعب السوداني قاطبة في أتون محرقتها دون ذنب جناه سوى أنه أسقطهم. والكيزان الآن هم من ينفخ في كيرها ويتولى كِبَر توسعتها لتصبح حرب الكل ضد الكل بهدف هزيمة الثورة التي أقضت مضاجعهم، والعودة للحكم ولو على أشلاء البشر وتمزيق البلد.

    وبدل أن تثير هذه الحرب غضب المثقفين تجاههم، فيحملونهم المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية على إشعالها، ويُصرُّون على معاقبتهم عليها، والاقتصاص منهم، وفق الحق والعدل، ليدفعوا ثمن خسائرها كاملا من أرواحهم وأجسادهم وحريتهم وأموالهم، نجد بالعكس تماما. فبكل أسف هناك من المثقفين من يسير في ركبهم فيها كتفا بكتف، مُتوَكِّئين على تنظير لا يستقيم، ملئ بالثقوب والتناقضات والارتباك،مما سنفرد له حلقة قادمة. أما الكيزان وجيشهم وجحافل مجاهديهم فيسيرون في حربهم المدمرة تحت رايات الكذب ونظريات الخداع النازية التي يلخصها المقتبسان أعلاه.

    تلاميذ غوبلز
    وجوزيف غوبلز هو وزير الدعاية النازي. وقد جاء في وصفه في الويكيبيديا على أنه “رجل دقيق الجسم، كبير الرأس، أعرج، تنقص إحدى رجليه بوصتين عن الأخرى، عالي الصوت، عديم الضمير”. وهو صاحب تقنية “الكذبة الهائلة” التي أوردنا نصوصها أعلاه. وقد ظللنا نقرأ ونستمع خلال هذه الحرب المدمرة لمجموعة من كتاب الكيزان، تلاميذ غوبلز النجباء، ومحلليهم وخبرائهم (الاصطراطيجيين) الذين تعرفهم بسيماهم “ولتعرفنهم في لحن القول”. أولئك الذين كانوا يبشروننا بالنصر على “التمرد” في سويعات، ثم تدرجوا في البشارة بالحسم في يوم واحد، ثم يومين، ثم ثلاثة، تمددت لبحر أسبوع، فأسابيع، ثم عندما تبخرت جميعها في الهواء أصيبوا “بهاء السكت”، بحسب تعبير الروائي بشرى الفاضل، فصمتوا عن النصر القريب، و”صبر الساعة” وانخرطوا في تبريرات غبية، لتأخر النصر المزعوم، لا تجوز على من له ذرة من عقل. هؤلاء استحقوا لقب “هبنقة” بامتياز لدرجة صاروا معها أضحوكة للشعب رغم نكبته، مما يذكرنا بقول المتنبي في هجاء كافور: “ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة ليضحك ربات الحداد البواكيا”.

    الكيزان والسردية الغوبلزية الكاذبة
    رَكَّز الكيزان على فرض سردية معينة للحرب مبنية على تقنية “الكذبة الهائلة” لغوبلز. وصاروا يرددونها مع شيطنة قوى الحرية والتغيير، وتسميتها “قحط” والتركيز عليها كعدو واحد يحملوه مسؤولية كل الشرور، وبالفعل وجدوا أناسا كثيرين، بما في ذلك بعض الجذريين وبعض لجان المقاومة، يرددون ما يقولون دون وعي، حتى أصبحت كلمة “قحط” و”قحاطة” جزءا من مفردات بعض من ينتمون للثورة. أما أركان هذه السردية الكاذبة فهي:

    • أن الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب. وأن المُحَرِّض الأساسي للحرب هي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي التي “وسوست”، عن طريق ياسر عرمان، في أذن حميدتي ليفض تحالفه مع عسكر الكيزان ويتمرد عليهم، وينفذ انقلابا عسكريا نيابة عن الحرية والتغيير.
    • أن الدعم السريع هو الحليف الاستراتيجي، وأحيانا يصفونه بالجناح العسكري لقوى الحرية والتغيير. وأنه هو الذي بدأ الحرب بتحريك قواته لمروي.
    • أما هدف الحرب وفق السردية الكيزانية فهو استفراد القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بالسلطة وإقصاء (الآخرين) -يعنون أنفسهم- و(تفكيك الجيش السوداني) -يعنون إصلاحه- وإحلال الدعم السريع محله.

    نجاح محدود
    وبكل أسف فقد جازت هذه السردية كليا أو جزئيا على البعض، خصوصا أصحاب الميول الإسلاموية، والمحافظين، وأنصاف المتعلمين، وأشباه الأميين الذين تمتلئ بهم وسائط السوشيال ميديا. وقد أوكلت مهمة ترديد الكذبة ونشرها، لدرجة إغراق الفضاءات الإعلامية بها، لمتحدثيهم الذين حُشِدُوا حشدا، وملأوا شاشات الجزيرة والعربية الحدث وسكاي نيوز، وأغرقوها بهذه السردية الكاذبة المضللة. وبالطبع تولى الذباب الالكتروني الكيزاني من قطاع الطرق الإسفيرية أمر الترويج للأكذوبة والتربص بمن يأتي بما يناقضها بتكتيكات معروفة منها النقاش الانصرافي الديماغوجي ومنها التهاتر والسباب وقلة الأدب.

    محاولة طمس الحقائق والأدلة الدامغة
    هذه السردية بالطبع تحاول طمس حقيقة أن هذه الحرب حرب الكيزان وأنهم هم الذين أشعلوها وورطوا بقية الجيش فيها، وأن هدفها هو هزيمة ثورة ديسمبر واستعادة فردوسهم المفقود. فجميع الوقائع الموضوعية تثبت أن الكيزان هم من بدأ الحرب بهجومهم على قوات الدعم السريع في أرض المعسكرات بسوبا، لقطع الطريق على لقاء البرهان بحميدتي صباح الجمعة ١٥ أبريل الذي رتبته الوساطة المكونة من أعضاء في الحرية والتغيير وبعض أطراف اتفاقية جوبا. وأكبر الشواهد على ذلك هو وقوع قادة الجيش الكبار في أسر قوات الدعم السريع وهم في طريقهم لدوامهم الروتيني. مما يدلل على أنهم لم يتخذوا قرار الحرب، وأن من اتخذ القرار لم يحفل حتى بتنويرهم بها مجرد تنوير. وهناك شواهد أخرى مهمة منها دفعهم للبرهان بالتراجع عن الاتفاق الإطاري، ومطالبتهم المفاجئة بدمج الدعم السريع في الجيش والتحرش به بالصوت العالي خلال إفطارات رمضان التي اتخذوها منابرا إعلامية، وظهر فيها قادتهم المتطرفون وهم يرسلون التهديدات للجميع، ويقرعون طبول الحرب.

    وأخيرا قطعت جهيزة قول كل خطيب. فبالأمس القريب، وتحديدا يوم الخميس ٧ سبتمبر، ظهر تسجيل للقيادي بالحركة الاسلامية وبالمؤتمر الشعبي د. محمد بدرالدين، في قروب (نقاشات فكرية) ضمن حوار داخلي بين قيادات إسلاموية. وقد جاء في هذا التسجيل اعتراف صريح وواضح بتنفيذ الكيزان لانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١، وكذلك إشعالهم الحرب في ١٥ ابريل ٢٠٢٣. يقول الدكتور محمد بدر الدين إن الضباط الاسلاميين في الجيش وكتائب الظل هم من أطلق الرصاصة الأولى، برغم اعتراض بعضهم. ويضيف قائلا أنه عندما طالب هذا البعض بإيقاف الحرب بعد أن بدأت، كان رد الصقور والمجاهدين “الحصة حرب “، أي لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، و “بَلْ بَسْ”.

    هذه هي الحقيقة البسيطة الناصعة التي يراها كل من لا ينكر ضوء الشمس من رمد. بيد أن سردية الكيزان المخادعة المضللة تقلب الحقائق رأسا على عقب وتُزَوِّر التاريخ. والكيزان يبنون على تلك الأكاذيب حملتهم الداعية إلى تأييد الجيش ودعمه في هذه الحرب “المقدسة” لاستعادة “الكرامة الوطنية”، و”هيبة” (قواتنا المسلحة)، وسلامة شرفها الرفيع من الأذى الذي يريدوننا أن نريق على جوانبه الدم. ولذلك فالحرب يجب أن تستمر إلى أن يستسلم الدعم السريع استسلاما كاملا أو يحطم تحطيما شاملا. وأن أي مطالبة بوقف الحرب هي خيانة للجيش، وتُعتَبر تأييدا للدعم السريع، يُهَدَّّد أصحابها بالويل والثبور وعظائم الأمور. وهم لن يوقفوا الحرب “حتى لو حُرِق السودان كله” كما صرح بذلك الفريق فتح الرحمن القائد السابق للقوات البحرية. هذه هي سرديتهم المخادعة. وهذا هو زعمهم الكذوب. ونحن ندرك أن حربهم في حقيقتها تهدف لاستعادة فردوسهم المفقود، وحكمهم الذي تَفَلَّت من بين أيديهم. يريدون أن يُنيخوا هذا الشعب كالبعير، وأن يضعوا على ظهره سرجا وثيرا، وعلى فمه لجاما محكما، ويركبونه من جديد لعقود أخرى عديدة، وهيهات.

    وعلى كل حال فهذه هي السردية الكيزانية المضللة التي تمتلئ بها الفضائيات وتعج بها منصات السوشيال ميديا، ويقيم لها المنتديات التي تنظمها مراكز البحوث التي يسيطرون عليها، مثل المركز العربي لدراسة السياسات في الدوحة، ويحاولون عبرها أن يكسبوا الأكذوبة وقارا أكاديميا، على طريقة مؤتمرات القذافي الأكاديمية لدراسة الكتاب الأخضر. وأكبر من عبر عن هذه السردية تعبيرا خاما هو كبير الجاسوسية الكيزانية السابق صلاح قوش، والعميد صلاح كرار (المشهور بصلاح دولار) عبر تسجيلات صوتية. والآن يروج لها الكيزان وعدد من السياسيين والكتاب المتحالفين معهم. فبالإضافة لكتابهم المعروفين خريجي مدرسة ألوان “الفاتية” أمثال عادل الباز وعبد الماجد عبد الحميد، وضياء الدين بلال، والطاهر ساتي، والطاهر التوم، هناك من جمعتهم بهم المصالح أمثال عائشة الماجدي وأردول وحسن إسماعيل (الشهير بحسن طرحة). ويقف وراء هذه الكتيبة من تلاميذ غوبلز النجباء أبوهم الروحي مفتي الدم عبد الحي يوسف صاحب الفتوى الإجرامية بقتل ثلث الشعب أو نصفه.

    استحقار الكيزان لقوى الحرية والتغيير
    في أيام صبانا كنا نقول عبارة “حقيرتي في بقيرتي” عندما يكون أحد الصبية دائم التحرش والتعدي على صبي آخر، وهو في مأمن من العقاب. وعادة ما يكون الصبي المُتُحَرَّش به أصغر سنا أو أضعف بنية من غريمه، وغالبا ليس له من يحميه. و”حقيرتي” تصغير لكلمة “حقارة”، و”بقيرتي” تصغير بقرة. والمثل يعني أن يَستذِل شخصٍُ شخصا آخرَ، فيُستَذلُّ له ويستكين كما تستكينُ البقرة الزلول لحالبها. وعند أهلنا الرباطاب مثل مشابه مستمد من بيئتهم هو “شديرتي القصيرة المتعود طلوعها”. وشديرتي تعني “شُجَيرتِي” تصغير شجرة، وهي النخلة القصيرة التي لا يمثل طلوعها بغرض تلقيحها أو جني ثمارها تحديا كبيرا.

    وتحميل الكيزان مسؤولية الحرب لقوى الحرية والتغيير من باب استحقار هذه القوى والتحرش بها دون سبب، أو بأسباب واهية. فهم يدركون أن بإمكانهم تلطيخ هذه القوى والاعتداء عليها دون أن يطالهم أي أذى، ولو بكلمة نابية. فهي قوى مدنية عزلاء لا تحمل السلاح ولا تمارس العنف حتى على مستوى الخطاب، لذلك تمادوا في التحرش بها وتحقيرها والاستهانة بها، وإرسال التهديدات تجاهها، كما سمعنا مرارا وتكرارا من متحدثيهم، وآخرهم أنس عمر الذي كان يردد عبارة “ما في أرجل من المؤتمر الوطني في البلد دي”، على بؤس هذه العبارة المتخلفة التي تجرد النساء من قيم الشجاعة والبطولة. أما عجيبة العجائب في سردية الكيزان فالقول بأن انشقاق المكون العسكري قد أحدثته هذه القوى. فهم يرددون ليل نهار أن قوى الحرية والتغيير حرضت حميدتي أن يتمرد على الجيش وأن يرفض خطة “الدمج السريع” التي رمى بها البرهان فجأة ودون مقدمات لتُسَوٍّغ له “النطة” والتراجع عن الاتفاق الإطاري.

    فلكي نقبل هذه السردية المعتلة يتسنى علينا أن نلغي عقولنا. فهي تفترض أولا أن حميدتي ليس له أدنى إرادة أمام قوى الحرية والتغيير، وأنه خاضع لها تماما ورهن إشارتها، وأنه من الممكن أن يخوض حربا نيابة عنها يتحمل هو تكلفتها وجميع نتائجها دون دوافع ذاتية، يعني “مَحَرَّش”. وأهلنا يقولون “المَحَرَّش ما بكاتل”. وبطبيعة الحال هذا أمر ظاهر البطلان. وثانيا تفترض السردية أن قائد الجيش لم يكن ضمن الموقعين على الإطاري. وهذا أيضا غير صحيح.

    أما حقيقة الأمر فهي أن البرهان بعد أن وقَّع على الإطاري تَعَرَّض لضغوط كبيرة من الكيزان ليتراجع عنه، وخضع لتلكم الضغوط، وطلب من حميدتي أن يتراجع معه، ولكن الرجل رفض التراجع عن الاتفاق الإطاري وتمسك به لمصلحته الذاتية وليس نيابة عن قوى الحرية والتغيير. لذلك أفشل الكيزان ورشة الترتيبات الأمنية، وأمروا ضباطهم بالانسحاب من جلسة التوصيات بقاعة الصداقة في نهاية مارس هذا العام، ثم شرعوا في التحرش به. لقد فضَّ حميدتي تحالفه مع البرهان بعد أن استبان له أن البرهان مُرتَهَن بالكامل لدي الكيزان، لا يملك مخالفتهم. لذلك لم يكن أمامه سوى خيار واحد فقط، وهو التمسك بالاتفاق الإطاري، مما يضعه في صف الحرية والتغيير.

    شروط القبول في المعية الكيزانية
    أدرك حميدتي الشروط المطلوبة منه بواسطة شريكه البرهان، وحاضنته السياسية التي تمثل الكيزان والكتلة الديمقراطية، ومجموعة أهل السودان التي اتخذت من الطيب الجد راعيا لها. هؤلاء يريدون الدعم السريع أن يظل كما كان، منذ أيام البشير وحتى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١، كلب حراستهم الأمين، وهراوتهم الغليظة المرفوعة فوق رأس الشعب وخاصة شباب الثورة. فعندما كان يكيد معهم ضد الثورة، ويشاركهم في قمع الثوار، مثلما حدث في مجزرة الثامن من رمضان ٢٠١٩، وفي مجزرة القيادة العامة في نهاية ذات الشهر الفضيل “وقبايل العيد”، وعندما كان يتآمر معهم على حكومة حمدوك ويُمَوِّل لهم اعتصام الموز، ويوفر لهم لحوم الحاشي والمحاشي، ويغلق معهم الميناء، ويشاركهم في الانقلاب، كانوا يدافعون عنه، ويمدحونه، ويبررون جميع أفعاله. بل وحتى أخوات نسيبة، احتفلن به، وتغزلن فيه، وأَدِنَّ الحملات التي اعتبرنها تشوه صورته، وقلن عنه بالحرف إن “الكنداكات صرن آَمِِنَاتِ في خدورهن بفضله “.
    وأكثر من ذلك فقد صبر الكيزان وعسكرهم على إذلاله لضباط الجيش العظام، وتمريغ كرامتهم في التراب عندما كان لازما غرزهم. فهم لم يقولوا “بغم” عندما جلد أفراد من قواته بعض ضباط الجيش الكبار بالسياط أمام جنودهم، وجردوا البعض الآخر من نجومهم و”دبابيرهم”، وسخروا منهم، واعتقلوهم وربطوهم بالحبال، وألقوا بهم في حديد السيارات الخلفي كالخراف، وذهبوا بهم إلى جهة غير معلومة. بل وأضافوا الملح على الجرح بإهانة المحكمة العسكرية التي شُكِّلَت لمحاسبتهم ورفضوا حتى المثول أمامها. صبر الكيزان وعسكرهم على كل ذلك الذل والهوان ونسوا شرف الجيش وكرامته وتغاضوا عنها، وهم الذين ما فتئوا يبررون تنكيلهم بالثوار بحجة استفزازهم للجيش. فلكأن إلقاء الثوار حجرا على أبوطيرة أو هتافهم “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” أكثر استفزازا للجيش من جلد ضباطه في وضح النهار وعلى ملأ من الناس. إن هذه المفارقات العجيبة تثبت لنا المرة بعد الأخرى أن الكيزان يجسدون في مسالب البشر أكثرها خسة وانحطاطا، ألا وهي الاستقواء على العزل المسالمين، والازورار والخنوع أمام الأقوياء المسلحين.

    أما عندما “حرن” حميدتي لأسباب تخصه، وأبى أن يظل كرباجا في أيدي البرهان والكيزان الى الأبد، وقرر مفارقة خطهم المتآمر على الثورة، وأعلن تأييده للاتفاق الإطاري وعدم رغبته في التراجع عنه، أصبح فجأة عقبة يجب أن تزاح عن الطريق.

    الفرق بين أن تكون ود حلال أم ود حرام في نظر الكيزان
    ولكننا لا نعجب عندما ندرك أن الثمن الأساسي لقبولهم الذلة والإهانة من حميدتي هو أن يبقى نصيرا لهم، يقمع لهم الشعب ويتآمر معهم على الثورة، ويرتكب معهم الجرائم، ويهين لهم الشباب في الشوارع. وما زالت الذاكرة حية بصور توقيف الشباب في الطرقات وإنزالهم من الحافلات وإجلاسهم على الأرض وحلق رؤوسهم بالسونكي.

    إذن كان الشرط الأساسي لاستمرارية مشروعية حميدتي في نظر البرهان والكيزان، هو تآمره على ثورة الشعب وتنكيله بالثوار. فإذا حقق لهم هذا الشرط اعتبروه ابنا شرعيا حبلت به المؤسسة العسكرية بالحلال، في زواج اكتملت أركانه، وأُشهِرت وثيقة عقده أمام مئات العمائم والجلاليب البيضاء الناصعة المضمخة بالعطور الباريسية الفاخرة، من داخل المجلس الوطني. ثم حبلت به أمه وحملته في رحمها وهنا على وهن، حتى ولدته بشرا سويا اختارت له اسم “الدعم السريع”. وبطبيعة الحال لم يكن يشغل بال أحد من الكيزان وعسكرهم حكاية “الدمج السريع أو البطيء” لقواته في الجيش. أما الآن وقد شب الولد عن الطوق، وخرج عن الطوع، وقال للكيزان لا، تَحَوَّل على التو لابن سفاح يجب أن يُزَاح فورا، ويُدفَن بعيدا في الظلام، ليصبح نسيا منسيا.

    أما عجيبة العجائب فهي أن يتوقع الكيزان منا، كشعب، أن نقبل سرديتيهم الإثنين معا حول الدعم السريع، أي نقبل الشيء ونقيضه، وأن ننتقل معهم من حال إلى حال وكأنهم هم السحرة، ونحن المسحورون. فلماذا يا ترى يتوقعون منا ذلك الأمر الذي يستحيل على كل من يحترم عقله؟ الإجابة ببساطة لأنهم يعتبروننا شعبا غبيا، “يُُصرفه المُُضَلِِّّل كيف شاء”. فنحن في ظنهم شعب من الأنعام يمكن سوقها للمسلخ وهي تتقافز لعبا. ويا له من ظن خائب. فالشعب الذي أطاح بكم في واحدة من أعظم الثورات في العالم المعاصر، شعبٍ عظيم، واع وحصيف. لا “يؤثر بهتانكم” فيه ولا “ينطلي زوركم” عليه.
                  

11-30-2023, 08:27 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)


    Quote: ياسر العطا ثالث ثلاثة في الهروب الكبير
    من ساحة الوغى في الخرطوم
    إنكشفتم ولا شيء يستر عريكم
    لا قدرات عسكرية ولا حصافة سياسة
    في الحروب نعامة ربداء
    وفي السياسة ديوك عدة
    والغريبة شجاعة سااااي كدي زي حقت شباب وكنداكات لجان الطواريء وشيخ اللمين وأولاده وبناتو دي ما عندكم
    إنتظروا يوما قريبا تجف فيه ألسنتكم من هول الحساب
                  

11-30-2023, 10:33 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)


    Quote: Amjad Ibr
    dStponsoeral
    .
    12uc
    t
    5

    S
    32c
    d
    4a9398919cct2t061t13t9f6al0f7
    3
    9t2c8
    ·
    منقول من صفحة الصديق البورف نمر البشير
    🔘 النهاية !!
    إختار الفريق ياسر العطا الوقوف بجانب فلول النظام البائد، بدلاً عن الوقوف مع الجيش وغلبته مشاعر الإنتماء للحركة الإسلامية وهزمت عنده إحساس الإنتماء للوطن ، والذي يظن أن العطا تحدث بإسم الجيش فهو واهم لأن قادة الجيش التي تشاطره حب الحركة الإسلامية اختارت إنقاذ الوطن وقبلت بالتفاوض
    والفريق العطا رجل في الصف الأمامي للقيادة العسكرية لكن قائدها الأول الفرق البرهان قال كلمته إن الجيش مع التفاوض يرحب ويدعم منبر جدة وسبقه القائد الثاني الفريق شمس الدين الكباشي الذي قرر عودة وفد الجيش إلى طاولة التفاوض بعد قطيعة
    إذن ماهي قيمة تصريح الفريق العطا ومامدى تأثيره على ملامح القرار العسكري والسياسي، فالفريق العطا ليس له وزن عسكري ولا ثقل سياسي خارجي يمكنه من القدرة على سحب واحدة من الأثافي حتى يُمّيِل قِدر الحل علي النار ويقلب الطبخة التي شارفت الآن على الإستواء
    فالعطا شخصية عسكرية (محلية) كانت ومازالت مهمتها في المعركة هي التعبئة والإستنفار، هذه المهمة تحديدا تجاوزتها عقارب ساعة المعارك الآن، لذلك أن هذه التصريحات تمثل الفلول والتي ظهر العطا بالأمس ناطقا رسميا عنها وليس عن الجيش
    والملاحظ أن تصريحات العطا تزامنت مع صحوة غرف الإشاعة الكيزانية بالأمس وعودة الأصوات الكيزانية على منصات الميديا التي تحدثنا عن عودة جهاز الأمن بقوة وتلك التي تتحدث عن ضرورة عزل البرهان وهذا يعني أن ثمة حملة منظمة لها دوافعها المتواضعه تحاول هزيمة إعلان وقف إطلاق النار هذه الحملة اختارت العطا كوجه إعلاني مناسب لها
    سيما أن الرجل الذي غادر الخرطوم دون أن يفي بوعده للمواطنين، يعيش عزلة نفسيه بجانب عزلته السياسية والعسكرية وإخراج الهواء الساخن بداخله يكشف أن فلول النظام البائد على لسانه أقرت بخسارتها لأول مرة للحد الذي تعدت فيه على أدب الدبلوماسية وخرجت عن المألوف فيما يتعلق بالخطاب السياسي للمسئولين، وهذا يعني تبخر أمل العودة للحكم، ولو لم تصل الفلول إلى النهاية لما هاجمت الإمارات صراحة ولكن لأنها (كِملت) حاول العطا أن لايسكت علي مايعرفه (عليَّ وعلى أعدائي)
    ولكن إن لعبت الإمارات دورا سيئًا وخطيرًا لنصرة الدعم السريع على الجيش ماذا عن الدول التي دعمت الجيش ضد شعبه!!
    فمنذ إندلاع ثورة ديسمبر ماهي الدول التي كانت تدعَمكم بالسلاح والغاز المسيل للدموع لقتل الثوار، فعندما كان الشباب يموتون في شارع القصر كان الفريق البرهان والعطا وغيرهم من قيادات الجيش لاقِبلة لهم ولا وجهة سوى الإمارات نفسها
    والسؤال للعطا وفلوله ما الفرق بين الدعم الأماراتي والدعم المصري أثناء الحرب فكلاهما تم إستخدامه لقتل أكثر من عشرة آلاف من السودانيين
    فالمافيا ليس في دول تقدم الدعم لإشعال الحروب المافيا هم أبناء الوطن الذين يستعينون بالدول لدعمهم ليتمكنوا من قتل شعوبهم .
    طيف أخير:
    #لا_للحرب
    القطار تجاوز محطات التصريحات الهتافية وسيطلق صافرة الوصول قريبا فالبكاء على أطلال الوطن لا أظنه مفيد، وقد يكون ضار بالصحة
    الجريدة
    وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 11-30-2023, 12:33 PM)

                  

11-30-2023, 12:36 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    المقال السابق قبل 3 ساعات

    ـــــــــــــــــــ

                  

11-30-2023, 03:02 PM

Hassan Farah
<aHassan Farah
تاريخ التسجيل: 08-29-2016
مجموع المشاركات: 9431

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Yasir Elsharif)

    وهذا كوز(اظنه مصرى) يمدح فى البشير وياسر العطا




    start at 15:03
                  

12-02-2023, 01:33 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياسر العطا في وادي سيدنا فيديو (Re: Hassan Farah)

    شكرا يا حسن
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de