|
Re: سفراء الدجَّال ... الأدب الرديء ! (Re: بدر الدين العتاق)
|
شكراً أخي الأستاذ بدر الدين العتاق، على هذه الإضاءات على كتاب "سفراء الدجال". استوقفتني"تصويباتك" لبعض الأخطاء الإملائية والنحوية، ربما جانبت فيها الصواب، والله أعلم. ,اسمح لي أن أورد هنا بعضاً منها، ولا أزعم أنني ضليع في اللغة، وإنما هي ملاحظات عنّت لي، وأرجو ألا أكون مخطئاً. تقول: والتي كان حريٌ بها أن توجد.. (والصواب: كان حريّاً (خبر كان). تقول: لم يكد يرى حسنه من ردائته.. (والصواب: من رداءته). تقول: [استوى على رجليه] ص : 17، والصواب : رجوله، فالأولى تفيد الشخوص والثانية تفيد الأرجل موضع التصويب. أقول: لم أجد أصلاً فصيحاً لكلمة رجول، جمع رِجل. لا أجزم بعدم وجودها فبحر اللغة واسع، ولكني لم أسمعها إلا في العاميّة. تقول: [لذا نحن في الحزب] والصواب : لذي، ففي القرآن بسورة الفجر : {هل في ذلك قسمٌ لذي حجر}. أقول: لا أدري ما العلاقة بين (لذا) بمعنى "لهذا السبب" وبين (لذي)، والتي تتكون من حرف الجر (اللام) و(ذي) التي هي من الأسماء الخمسة. تقول: [وتربط قرى أبو طه] .. والصواب : أبا طه، لأنَّها مضافاً إليه. وأقول: هنا خطآن ـ فهي ينبغي أن تكون أبي (وليس أبا) طه لأنها بالفعل مضافٌ (وليس مضافاً) إليه. تقول: [حذاءً ذو كعب عال] فالصواب : ذا، لأنَّها مضافاً إليه. وهنا أيضاً خطآن: 1 - فـ ذو هنا صفة أو نعت لـ حذاء وليست مضافاً إليه. 2 – الصواب أن يُقال :(لأنها مضافٌ.. وليس مضافاً، لأنها خبر إن مرفوع). تقول: [أغمضت عينيها] ... والصواب : عيناها، لأنَّها مفعول به منصوب. أقول: أغمضت عينيها صحيحة. أغمضت عيناها خطأ، لأن عيناها مرفوعة وليست منصوبة. تقول: فكل ما تطاول العهد بالتأليف لأي كتاب مكتوب كلما تشتت الذهن عن الهدف المباشر له. أقول: هنا خطآن: 1 - الصواب أن يُقال كلما ("كل" + "ما" المصدرية). أما (كل ما) فتعني (كلّ الذي)، لأن (ما) هنا تصبح اسم موصول بمعنى (الذي). 2 – لا يجب تكرار كلمة (كلما) لأنها أصلاً تفيد التكرار. وبذا يكون الصواب هو: فكلما تطاول العهد بالتأليف لأي كتاب مكتوب، تشتت الذهن .. إلخ. أخي بدر الدين.. هذا مجرد اجتهاد يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب.. أرجو أن يتسع له صدرك.. والله من وراء القصد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سفراء الدجَّال ... الأدب الرديء ! (Re: محجوب البيلي)
|
التحية للاستاذ بدر الدين العتاق وللاستاذ محجوب البيلي وهاكم ردي انا المؤلف ( مبارك مجذوب الشريف) حيث أن بركات الشريف هو اسمي في هذا الموقع الجميل. وهذا الرد ارسلته للناقد وذلك قبل ان اطلع على تصويبات الاستاذ محجوب، ولحسن الحظ تطابقت وجهات النظر مع الاستاذ محجوب في كثير من النقاط:، فالي الرد:
نبدأ بما أسماه الناقد (خاتمة القراءة) ووضعه في المقدمة، وهو مما لا يجوز، فالخاتمة هي الخاتمة والمقدمة هي المقدمة، إلا أن كان مقصد الناقد هو (ملخص القراءة)، وبالتالي وجب تعديل العبارة وعلى الناقد ان يضبط عباراته خصوصاً تلك التي استقر معناها واصبحت تقع داخل نطاق ما يسمى (مصطلحات). ابن الجنوب وحاطب الليل: قيل ان احد الاخوة من ابناء جنوب السودان تناهى الي سمعه لفظ (ارملة) فأعجبه، ورأى يوماً ان يضعه في جملة مفيدة ليبرز تضلعه في اللغة، وجاءته الفرصة التي يبحث عنها حين سئل ذات مرة أين هي؟ فجادت قريحته بالقول: أن ارملته ذهبت للسوق. وعلى نهج ابن الجنوب سار الناقد، إذ اعجبته عبارة (الأدب الرديء) فزج بها في المعمعة، وهو يحسبها (تينَة غَضَّةِ الأَفنانِ باسِقَة)، فكان حاطب ليل، ومن معاني حاطب الليل (من يجمع الغث والسمين فيما كتبه معتمدًا على النقل، مبتعدًا عن الرأي). ما هو الأدب الرديء؟ قدم الناقد تعريفه لهذا النوع من الأدب بقوله: (ومصطلح " الأدب الرديء " نعته النُقَّاد بسمت ثاني وهو : " إساءة الأدب بالأدب " وهو أن يخْرِج الكاتب ما يحسبه جيداً في قرارة نفسه لحيز التدوين حتى إذا خرج من عنده قلماً مقلوماً لم يكد يرى حسنه من ردائته لشدة ما توهمه من إجادة وهو منه شطون) خطفت كلمة شطون بصر حاطب الليل فادخلها في جملة غير مفيدة فقال: (فكيف بمن رءاه قرآءة وشطونا)، وقد وردت (شطونا) في جملة طويلة غريبة التركيب، ارتكب فيها سلسلة من الأخطاء، والجملة هي: (من جملة الأخطاء لا الحصر وأرجو أن يصبر معي القارئ النبيه فلا يتخلله الملل - فكيف بمن رءاه قرآءة وشطونا – التي في صدر الكتاب). التركيب السليم للجملة هو: من جملة الأخطاء التي في صدر الكتاب، على سبيل المثال لا الحصر، وأرجو أن يصبر معي القارئ النبيه على تتبعها فلا يتخلله الملل، فكيف بمن رءاه قرآءة وشطونا. هذا عن الجملة وتركيبها، إن استقام فيها تعبير (قرآءة وشطونا) ووجد له مكاناً داخل الافهام، ثم هاك الاخطاء الإملائية: لفظ (قرآءة) لا يكتب هكذا، جاء في اللسان: (يُقَالُ: قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءَةً)، وأخطأ الناقد في (رءاه) وصوابها (رآه). والقاعدة تقول أنه (إذا تلا الهمزة المتوسطة المرسومة على الألف ، ألف مد ، طرحت الألف وعوض عنها بمدة ، تكتب فوق ألف الهمزة)، ومثل هذه كلمة (قرآن) فهي في الاصل (قرءآن) . كما اخطأ الناقد في عبارة (ومصطلح " الأدب الرديء " نعته النُقَّاد بسمت ثاني) والصحيح بسمت ثانٍ، لأن ّ ياء الاسم المنقوص تُحذف لفظًا وكتابةً في حالتي الجرّ والرفع. وفات على الناقد وفي تقديمه لتعريف الأدب الرديء والذي التقطه من مكان ما؛ فات عليه التنبه للخطأ الاملائي في (ردائته) فنقله كما هو؛ لأن حاطب الليل يجمع كيفما اتفق، والصواب (رداءته). أما شطون هذه فلا تأتي إلا صفة لشيء، وهذا خير مثال لجلب الحطب، وتركيب ما لا يركب؛ فتأتي الجملة في المجمل سيئة التركيب ركيكة وفيها تكلف و(تثاقف) لا تخطئه العين. لنأخذ ما جاء عن شطون: (وبئر شطون: ملتوية عوجاء. وحرب شطون: عسرة شديدة، قال الراعي: لنا جبب وأرماح طوال، بهن نمارس الحرب الشطونا وبئر شطون: بعيدة القعر في جرابها عوج. ورمح شطون: طويل أعوج. ولو قال الناقد (قراءة شطونا) بدون ادخال واو العطف لاستقام المعنى، أي قراءة ملتوية عوجاء، وهذا ما سيحاول هذا التعقيب تأكيده وأن قراءة الناقد كانت بالفعل ملتوية عوجاء. التعريف الهلامي للأدب الرديء الذي قدمه الناقد؛ وبنى عليه ما بني من انطباعات؛ يؤكد بعض معاني (حاطب الليل)، فهو قد جعل المقياس ان شخص ما انتج شيئا، لنقل في هذه الحالة أدباً، توهم جودته ولكنه لم يكن كما ظن ولا كما توهم، وهو تعريف لا علاقة له بالأدب ولا بالرداءة. فمن بدهيات القول (وأجازوا بديهيات) أنه ما من احد ينتج شيئاً إلا وقد توسم فيه الحسن، هذه قاعدة عامة لدى كل البشر، وهي لا تصلح لتكون حجة لمحاكمة شخص ما بها، فرداءة الادب وجودته لا تقاس بالظنون، ولا علاقة لها بالحالة النفسية للمنتج ومدى ثقته بنفسه من عدمها. ثم ما هي الرداءة المقصودة؟ ساق الناقد العديد من الشواهد ليدعم بها فهمه للجودة والرداءة، ولا ادرى لماذا اختار على وجه التحديد مشاهد عديدة من لقطات اباحية قديمة حفلت بها كتب التراث وحاول ان يسند بها نظرته للموضوع؟؟ لقطات كان لبعض شعراء العرب قصب السبق فيها على رون جيريمي وايفا آدمز وغيرهم من نجوم الاباحية، ثم بعد انتهاء هذه المشاهد خلص الى القول: (فانت أيها القارئ النبيه ترى أمامك أدباً لا غبار عليه من ناحية الشكل والإخراج لكنه من ناحية المعنى والمضمون فهو سمج بلا شك). ويُفهم من هذا؛ ان الرداءة إنما تقاس بالمعنى والمضمون لا الشكل، لكن السؤال الذي يبرز هنا هو: من الذي يقرر أن هذا المعنى رديء وان ذاك حسن؟ ما هي المعايير التي تحدد ذلك؟ لكننا ومن خلال الامثلة التي اوردها الناقد يمكننا الاستنتاج ان الناحية الاخلاقية، حسب فهم الناقد لها، هي واحدة من تلك المعايير التي تحدد رداءة او جودة الأدب، وكلما اوغل الأدب في الاباحية فهو رديء، وكلما ابتعد عنها فقد ابتعد عن واحد من معايير الرداءة، ولكن هل يتفق كل الناس على هذا المعيار الاخلاقي؟ كلا، فكثير من الروايات العالمية بها ما بها من الجنس، ومع ذلك تعتبر من الأدب الجيد، خذ مؤلفات البرتو مورافيا، ومنها روايته فتاة من روما، وخذ رواية عشيق الليدي تشاترلي، وخذ روايات احسان عبد القدوس، بل انظر لما كتبه الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال وفيه من فاحش القول ما فيه، هل يقدح ذلك في جودة الأدب؟ مقياس الرداءة مقياس نسبي كما اسلفنا لا يتفق عليه الناس؛ فقد كان ذلك الادب الذي وصفه الناقد بالرديء (الأدب الإباحي)؛ وقدم امثلة عديدة له، ادباً له نجومه اللوامع، كأبي نواس والحسين بن الحجاج وغيرهم، وله جمهوره في عهد الدولة العباسية وما تفرع عنها من دويلات؛ وايضا في عهود الدولة الأموية في الأندلس، وهو جمهور في معظم الحالات مكون من علية القوم ومثقفيهم، وقد ساد في فترة تشبعت بالترف المادي وحياة الدعة، فغض عنه الطرف كبار الخلفاء من ذوي السطوة، وفتن به الذين اتوا بعدهم، وكان التغني بمحاسن الغلمان والجواري شيئا مألوفاً في المشرق، وايضا في دولتي المرابطين والموحدين في المغرب، ولولا ان لهذا الأدب جمهور لا يستهان به من المتلقين لما احتفى به كتاب كبار، ولما انفقوا من السنين ما انفقوا في جمعه، كالأصفهاني وغيرهم، بل أن الشريف الرضي صنف مؤلفاً في شعر ابن الحجاج جمع فيه مختارات من شعره في كتاب سماه (الحَسَن من شعرِ الحُسين)، وفعل مثله جمال الدين ابن نباتة في كتاب (تلطيف المزاج من شعر ابن الحجاج). ولولا انهم توسموا فيه الجودة لما شغلوا انفسهم به ولما خلده التاريخ وتناقلته الأجيال، وقد قدم هذا النوع من الأدب صورة صادقة للمجتمع في ذلك الوقت، فان كان ثمة رداءة فهي في المجتمع نفسه، وليست في الأدب الذي عكس صورة ذاك المجتمع في المرآة. لنقل في المجمل ان (الأدب الرديء) - حسب فهم الناقد له - هو (منهج) الناقد الذي سيسير على هديه في تناول الرواية وكما قال (فأنا أضع الكتاب في مسميات النقد قديماً وهو " الأدب الرديء " حيث فهمت الكتاب). ثم الحق ذلك بقول يناقض بعضه بعضا، فقال: أن (التصنيف ربما يكون ثابتاً ويتغير النص الأدبي من وقت لآخر أو قل : من جيل لآخر وزد عليهما من شخص لآخر وهكذا فيقع النص موقعه من الاستحسان أو من الاستهجان والذوق هنا هو المقياس وجوانب علمية أخرى يراها الناقد). فكيف يضمن الناقد الحصيف ثبات التصنيف بينما مقياس الذوق للرداءة مقياس متغير بتغير الأجيال؟ ولا يقف تضارب التفسيرات عند هذا، فهو يقول: (وهو أن يخْرِج الكاتب ما يحسبه جيداً في قرارة نفسه لحيز التدوين حتى إذا خرج من عنده قلماً مقلوماً لم يكد يرى حسنه من ردائته لشدة ما توهمه من إجادة وهو منه شطون). ثم في تفسير ثان يقول (فأنت أيها القارئ النبيه ترى أمامك أدباً لا غبار عليه من ناحية الشكل والإخراج لكنه من ناحية المعنى والمضمون فهو سمج بلا شك). ففي التفسير الأول شملت الرداءة كل شيء يخطر بالذهن اعجب كاتبه، وفي التفسير الثاني ناقض الناقد بعض ما جاء به في تفسيره الأول ففيه اقرار بالجودة في بعض الاشياء وعدم الجودة في بعضها، ( فأنت أيها القارئ النبيه ترى أمامك أدباً لا غبار عليه من ناحية الشكل والإخراج لكنه من ناحية المعنى والمضمون فهو سمج بلا شك) فهنا قصرها على (المعنى والمضمون). فبأي ايهما نهتدي؟ لنغض الطرف عن هذا التناقض فحاطب الليل لن يتمكن بكل تأكيد من التمييز بين عود العُشَر وعود الصندل ونسأل: هل التزم الناقد بهذا المنهج على علاته وتناقضاته في تناوله للرواية؟ الإجابة كلا.. فالرواية بكل فصولها لا يوجد فيها ما يسند هذا الاتجاه الإباحي الذي اعتبره الناقد مفسراً لقوله او لما نقله: (وهو أن يخْرِج الكاتب ما يحسبه جيداً في قرارة نفسه لحيز التدوين حتى إذا خرج من عنده قلماً مقلوماً لم يكد يرى حسنه من ردائته لشدة ما توهمه من إجادة وهو منه شطون). ومما يدل على اهمية هذا المفهوم الوهمي لديه قيامه بوضعه كعنوان عريض لنقده ( سفراء الدجال والأدب الرديء)، وكان على الناقد اقامة الحجة والربط بين العنوان وبين المحتوى وفيه ما فيه من نلك اللقطات السينمائية الماجنة، ولكنه فشل في ذلك، فكان مصير تلك المقدمة عن الأدب الرديء مصير رغوة القهوة المصنعة التي يسر منظرها الناظرين؛ وفي المحصلة هي مجرد رغوة لا تسمن ولا تغني من جوع. ولأن الناقد لن يتمكن بهذا المنهج من اقامة اي حجة، فما كان أمامه من مفر إلا صرف النظر عنه؛ فركن لعبارة أن (الذوق هنا هو المقياس وجوانب علمية أخرى يراها الناقد) باعتبارها المخرج، والزم نفسه بخط انطباعي ذوقي عن تصوراته للرواية، وفشل في أن يدعمه بالجوانب العلمية التي بشر بها، ولخص الانطباعات في التالي: 1- الكم الهائل من الأخطاء الإملائية والنحوية. 2- تفكك المواضيع بين كل فصل وآخر وحتى في الموضوع الواحد للقضية الواحدة 3- مدى الترهل في النَّفَس الذي من المفترض أن يكون وحدةً واحدة فإذا بالتقطيع شاب كل فقرات وفواصل الكتاب من أوله لآخره 4- لم يجد الناقد الروح التي يستمتع وينجذب معها في تنميط الكاتب ولا الكتاب والتي كان حريٌ بها أن توجد . 5- عدم وجود المتعة والتشويق والإثارة وقوة السبك ونوعية الطرح وترابط الفواصل. 6- فكرة الموضوع تستوجب التأمل لتناول صاحبها الجانب السياسي مباشرة لكنه أخلد إلى الإمعان في التخيل وباعد بينه شُقةً وما يريد. لو توقف الناقد عند ابرازه لتلك الاسباب وترك جلب الحطب وساقها كأدلة على هبوط مستوى الكتاب؛ لكان هناك بصيص أمل في الخروج بشيء موضوعي من نقده يفيد المؤلف والقراء؛ ولكنها آفة (التثاقف)، وكانت نتيجة هذا الخلط والتناقض هي أن منهج (الأدب الرديء) جاء مصطحباً ارملة الجنوبي يمشيان الهوينا يداً بيد، أو الهوينى. وحتى يصبح النقاش موضوعياً نتناول النقاط التي ذكرها الناقد وعددها ست ونصنفها الى قسمين: الأول ما يمكن الرد عليه بأدلة مادية ويقع تحته الأخطاء اللغوية والإملائية، والثاني يمكن تلخيصه تحت مسمى (انطباعات الناقد) وهي مجرد احاسيس لا يمكن قياسها. القسم الأول: الكم الهائل من الأخطاء الإملائية والنحوية. عبارة (الكم الهائل) عبارة غير علمية البتة، إلا أن كان الكم هائلا فعلاً، وحتى هائلا هذه من الصعب تحويلها الى قيمة مادية دون رصد دقيق وادوات تحقق. هذه الكم الهائل الذي تحدث عنه الناقد انما هو أمر متخيل لديه، وعند التدقيق سنصل لوجود قدر جد محدود من هذه الأخطاء وبدرجة مدهشة إذ لم تزد الأخطاء عن خطأين، وهي اخطاء لا يخلو منها أي كتاب. حتى ولو كان كاتبه سيبويه أو الخليل بن احمد. وقديما لم يسلم ابن منظور مؤلف لسان العرب من الاستدراكات؛ ولا سلم منها الفيروز ابادي مؤلف القاموس المحيط. وسيجري نقاش هذه الاخطاء واحدا تلو الآخر لنرى على ارضية تقف: أ - الأخطاء النحوية 1- اورد الناقد: [ استوى على رجليه ] ص : 17 ، والصواب : رجوله ، فالأولى تفيد الشخوص والثانية تفيد الأرجل موضع التصويب. نقول: المقصود قام واستقر على رجليه، جاء في القرآن (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍۢ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ). والاستواء من معانيه اللغوية الاستقرار ، ومنه قوله تعالى) واستوت عَلَى الجودي (أي استقرت. ونسأل الناقد ما موقع (رجوله) من لغة العرب؟ أهي جمع رجل أم ماذا؟ رجوله كلمة عامية. وفي القرآن: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) لم يقل وتشهد (رجولهم)، وجاء في لسان العرب الجزء 11 ص 271، رَجُلٌ رُجْلِيٌّ: لِلَّذِي يَغْزُو عَلَى رِجليه. ولم يقل (على رجوله). 2- اورد الناقد: [ لذا نحن في الحزب ] ص 19 ، 114 ، والصواب : لذي ، ففي القرآن بسورة الفجر : { هل في ذلك قسمٌ لذي حجر } . نقول: لذا هنا بمعنى لهذا، (لهذا السبب) نحن في الحزب. جاء في (معجم اللغة العربية المعاصر)، لذا: لهذا السبب. 3- اورد الناقد: [ بنتائج تساهم في مكافحتها ] ص : 19 – 47 ، والصواب : تسهم ، فالأولى من السهام والثانية من الإشتراك . الفتوى (663): الفرق بين “أسهم” “وساهم” نقول: الفتوى (663) لم تمنع ذلك، وهاكم نص الفتوى كاملاً: أَسْهَمَ فلانٌ بمعنى شاركَ في الشيء، ويرى بعضُ النُّقَّادِ أنه لا يجوز استعمال ((ساهم)) في معنى المشاركة؛ لأنَّ معناه المقارعة، ومنه قوله – تعالى-: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِين}[الصافات: 141]، أي: ساهمَ أهل الفُلْك، ولكنّ طائفة من النُّقاد، ومجمع اللغة القاهريّ يرون جواز ذلك، غير أنّ الفرق بين الفعلين: أنَّ ((ساهم)) متعدٍّ، فإذا قلت ساهمت في كذا، فمعناه: ساهمتُ الناس. وأما ((أَسْهَمَ)) فهو فعل لازم.. وبالله التوفيق. وفي قاموس المعاني الالكتروني: سَاهَمَ فِي تَحْضِيرِ الحَفْلَةِ: شَارَكَ فِي تَحْضِيرِهَا. وفي النفي: لَمْ يُسَاهِمْ مِنْ قَرِيبٍ وَلاَ مِنْ بَعِيدٍ فِي العَمَلِ. 4- اورد الناقد: [ ستكون لحظات فخار ] ص : 20 ، والأجود أن يقول : فخر ، كي لا يوهم القارئ بالفخار معنى الطين المتصلب . نقول: الفخار ليس الطين المتصلب بل الطين المحروق، فما كل طين متصلب فخار، والطين اذا تصلب لن يصلح لكي يكون فخارا، فهو يحتاج لتليينه بالماء أولا لتشكيل الفخار منه ثم حرقه بعد ذلك. 5- اورد الناقد: [ وتربط قرى أبو طه ] ص : 20 ، والصواب : أبا طه ، لأنَّها مضافاً إليه ، ثم [ قيل إنَّ الشيخ أبو طه ] ص : 26 ،42 ، هنا وجب نصب أب " أبا " ، ثم [ عاد الشيخ أبو طه ] ص : 26 ، ثم [ وجيء بجدنا الشيخ أبو طه ] ص : 28 ، والصواب : أبي نقول: الاسم هنا يشير لقرية وهي قد صارت علماً على مكان، ولهذا تعرب إعراب الاسماء المركبة أو على الحكاية، و لا يستساغ اعتبارها من الأسماء الخمسة فالمفصل هنا السماع لا القاعدة العامة التي لا بد فيها من شذوذ، و تعريف الحكاية هو: (نقل القول المحكي بنصه وشكله الذي اشتُهر به، دون أن تتغيّر صورته بتغيّر موقعه في الجملة، منعا للّبس، ويعرب بحركات مقدّرة). وننقل القول: (ومن ذلك، نقل سور القرآن بأسمائها، دون تغيير، فنقول (“سورة المؤمنون” مليئة بالمعاني)، و(“في “المؤمنون” معان عميقة”)، فالمؤمنون مضاف إليه في الجملة الأولى، واسم مجرور في الثانية، ومع ذلك فقد نقلنا التسميتين، محترمين موقعهما الإعرابي في نصهما الأصلي، مع تقدير حركة الجرّ، ونقول في إعرابها: المؤمنون: مضاف إليه / اسم مجرور بالكسرة المقدّرة على آخره، منع من ظهورها الحكاية أو الاسم المحكي. وقد يكون النص المحكي جملة، مثلما هو الحال في الأمثال العربية، كقولنا (“بيدي لا بيد عمر” مثل عربي قديم)، فالجملة المحكية “بيدي لا بيد عمرو” مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها الحكاية أو الاسم المحكي. والأمر نفسه مع أسماء الأعلام، والمدن، سواء كانت مفردة أو جملة، مثل: “تأبّط شرًا” و”أبو سفيان”، و”أبو بكر” و”سرّ من رأى”، و”أبو ظبي”، و”البحرين” و”المقاولون العرب. والمتعارف عليه ان الاسم سيكون وحدة واحدة). نقول: خذ (ابو ظبي) كمثال: أعلنت ابو ظبي موقفها، وسافر المندوب الأمريكي لأبو ظبي. وهناك ناحية اخرى يجب الانتباه لها عند ترجمة هذا الاسم للغة اجنبية؛ فلو ترجمنا تقريرا ما ورد فيه هذا الاسم وفعلنا ذلك حسب الحالة الاعرابية فسيكون لدينا في التقرير ثلاثة اسماء، (ِAbu Dhabi) و (Aba Dhabi) و (Abi Dhabi). وسينظر الاجانب وايضا اجهزة الحاسوب لها باعتبارها ثلاث مناطق منفصلة، وهذا امر لا يجوز في عالم اليوم، فلن تتعامل حجوزات الطيران والفنادق والبورصات ووكالات الأنباء الأجنبية مع اسم يتغير هجاؤه كل لحظة حسب حالته الإعرابية، والحل قدمه الاسم المركب الدال على مكان والذي يلزم شكلا واحداً، ولا عزاء للأسماء الخمسة او الستة في هذا المقام، فهنا مسألة تحتاج لإعمال الفكر وتطويع اللغة لتواكب متطلبات العصر، والبعد بها عن الجمود؛ مع توفر القياس والسماع اللغويين لتفسير النموذج المقدم. 6- اورد الناقد [ وكل مرشح يقول أنَّ أبوه وجده ] والصواب : أباه ، لأنَّها اسم إنَّ ، ومن المفترض أن يكتب حرف التوكيد هكذا : إنَّ ، لا : أنَّ ، لسبقها كلمة : " يقول " ، فأي كلمة " يقول " ومشتقاتها إذا وقع بعدها حرف توكيد وجب أن يكون منصوب الهمزة منقطعاً . نقول: قبل الرد ننبه الناقد للخطأ في قوله (والصواب : أباه ، لأنَّها اسم إنَّ)، والمعروف ان الاسم لفظ مذكر، فمن اين جاءت (لأنها)؟. ومن قال ان (ابوه) اسم إن؟ ، لفظ (أبوه) فاعل، والفعل هو دخل، وأن هو حرف توكيد. وننقل القول: والمشهور كسر همزة إنّ بعد القول، لكن يجوز الفتح إما على تضمين القول معنى «النطق» أو «الظن»، أو معنى فعل يأتي مفعوله مفردًا مثل «ذكر» و «أخبر» أو على تقدير حرف الجر؛ لأن حذفه قياسي مع «أنْ» أو «أنَّ» ومدخولهما، ويؤيد الفتح قراءة معظم السبعة: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ أنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} آل عمران/45. وقد أجاز مجمع اللغة المصري - في الدورة السابعة والستين- الكسر والفتح لهمزة «إنّ» التي تقع بعد لفظ القول ومعناه، فالكسر على إرادة الحكاية، والفتح على التضمين. 7- اورد الناقد: [ تدور بصفة رئيسية ] ص : 22 ،39 ، والصواب أن يقول : رئيسة ، لأنَّ ياء النسب تفيد الصفة منفردة ولا تفيد التعدد ، ثم [ مدخلها الرئيسي ] ص : 26 ، راجع اللسانيات ودوريات مجامع اللغة العربية . ننقل القول: (حينما عرض الأمر على مجمع اللغة العربية بالقاهرة انقسم الرأي حوله بين مؤيد ومعارض. وانتهى المجمع إلى حسم الخلاف في صورة قرار يقول: يستعمل بعض الكتاب: العضو الرئيسي، أو الشخصيات الرئيسية، وينكر ذلك كثيرون. وترى اللجنة تسويغ هذا الاستعمال بشرط أن يكون المنسوب إليه أمرًا من شأنه أن يندرج تحته أفراد متعددة. وممن دافع عن كلمة "رئيسي" فوزي الشايب في مقال له بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني، وكان من أبرز حججه: 1 - أن النسب إلى الصفة وارد في كلام العرب، وفي القرآن الكريم، كقوله تعالى: {أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيّ}. حيث نسب إلى لفظ "أعجم" وهو صفة مشبهة، ومما ورد عن العرب كذلك "أكثري" و "ألي"، و "باطليّ"، و"حنيفيّ"، و "ظاهريّ"و "غريبيّ". 2- أن من النحاة من أجاز النسب إلى الصفة. 3- أن كلمة رئيس قد وردت في كلام للقلقشندي صاحب صبح الأعشى، وهو قوله: "وأما استيفاء الدولة فهي وظيفة رئيسية" وعالج أحمد مختار عمر رحمه الله هذه المسألة في كتابه عن أخطاء الإعلاميين (77-78) فذكر أنه كثر في لغتهم النسب إلى (رئيس) فيقال: فكرة رئيسية، وذكر أن مصطفى جواد ومحمد العدناني حكما بخطأ هذه النسبة، فالصواب عندهما القول: فكرة رئيسة؛ لأن (رئيس) صفة على (فعيل) وليس من المعروف جعل الصفة صفة نسبية؛ إذ ما يجعل صفة نسبية هو الاسم. ثم ذكر أن الأمر عرض على المجمع اللغوي، فاختلفوا في أمره، ولكن المجمع أصدر قرارًا بجواز استعمال مثل العضو الرئيسي، بشرط أن يكون المنسوب إليه أمرًا يندرج تحته متعدد. وأورد رحمه الله دفاع فوزي الشايب عن استعمال (رئيسي) بأن النسب إلى الصفة وارد في القرآن وأقوال العرب، وأن من النحاة من أجازه، وأن القلقشندي قد استعمل (الرئيسية) في كتابه (صبح الأعشى). ويعتقد مالك صباح في المجلة الثقافية (صحيفة الجزيرة)، الاثنين 30, ذو القعدة 1428ﻫ, العدد 226 أن أحمد مختار عمر رحمه الله اكتفى بما أورده وكأنه يريد القول إنه تعبير وإن خالف المعروف فإنه سائغ، وهذا موافق لصنيع المجمع. على أن الملاحظ أن استعمال (الرئيس) والمؤنث منه (الرئيسة)، بدأ يشيع متابعة لبعض المصححين اللغويين موافقة لجواد والعدناني دون التفات إلى قرار المجمع أو كلام الشايب. والذي أذهب إليه أن استعمال (الرئيسي) و(الرئيسية) أصح عندي من استعمال (الرئيس، والرئيسة) على الرغم من استعمالهما في معجمي (العباب) للصاغاني، و(تاج العروس) للزَّبيدي، والعلة أن (الرئيسي) في رأيي ليس من قبيل النسبة إلى الصفة بل هو من قبيل النسبة إلى الاسم، وذلك أنها منسوبة إلى رئيس القوم أي رأسهم، وتحرير ذلك أن كلمة (رئيس) وإن كانت في الأصل صفة فهي صفة للرجل العاقل ولا توصف بها الأشياء وهي مأخوذة على أي حال من الاسم (الرأس) أو من الفعل (رَأَسَ) الذي أخذ من ذلك الاسم، والمهم أن هذه الصفة تحولت إلى الاسمية لكثرة استعمالها دون موصوفها كما تحولت الصفة (الجامع) من الوصفية إلى أن يكون اسمًا للمسجد الذي تصلى فيه الجمعة، فحين يقال جاء الرئيس لا يقصد جاء الرجل الرئيس كما تقول جاء الطويل أي الرجل الطويل، إذ الرئيس اسم لوظيفة اجتماعية. ثم إنه جرى النسب إلى هذا الاسم كما يجري النسب إلى الأسماء فيقال (رئيسيّ). ثم استعمل هذا الوصف على سبيل المجاز لكل أمر مهم كأهمية الرئيس وإن لم يندرج تحته أمور متعددة. 8- اورد الناقد: [ كرَّات ومرَّات ] ص : 23 ، والأجود : مراراً وتكراراً ، لأنَّ الكرَّة تعني الإنتهاء من مرحلة لا علاقة لها بما بعدها في حين أنَّ التكرار يفيد العلاقة لما بعدها ، كذلك وردت في القرآن الكريم بسورة النازعات : { تلك إذاً كرَّةٌ خاسرة } فدورة الحياة الدنيا لا استمرارية فيها للحياة في الآخرة فكل منفرد بذاته ، قال تعالى في سورة الضحى : { وللآخرة خير لك من الأولى } . ننقل القول: كَرَّرَ الشيء وكَرْكَره: أَعاده مرة بعد أُخرى. والكَرّةُ: المَرَّةُ، والجمع الكَرَّات. 9- اورد الناقد [ مفيد لهذا للمجتمع العريض ] ص : 31 ، والأجود أن يقول : لهذا المجتمع العريض ، بحذف إحدى اللامين ، فتركيب الجملة لغوياً ركيك. نقول: واصل الجملة في مسودة الكتاب (لهذا المجتمع العريض) والخطأ طباعي. 10- اورد الناقد: [ أغمضت عينيها ] ص: 34، والصواب: عيناها، لأنَّها مفعول به منصوب، قال أعشى قيس : هل اغمَضَّت عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مُسَهَّدا من قصيدة طويلة يمدح فيها محمد، عليه السلام، والسليم من الكلمات التي لها معنيان متضادان : المعافى والمريض ، والمقصود هنا المريض الملدوغ من الأفعى . نقول: ومنذ متى يكون المفعول به المثنى منصوباً بالألف؟ بل ينصب ويجر بالياء، وربما اختلط الامر على الناقد وذهب تفكيره للأسماء الخمسة، اضف إلى ذلك أن هناك فرقاً بين الفعلين اغمض وغمض. فالعبارة موضع النقد من الفعل اغمض يُغمض ، إغماضًا ، فهو مُغمِض ، والمفعول مُغمَض، بينما الفعل في بيت الاعشي من غمَضَ يَغمُض ، غَمْضاً وَغُمُوضاً ، فهو غامِض. 11- اورد الناقد: [ فستكون محوراً هاماً ] ص : 69 ، 70 ، والأجود والأصوب : مهماً ، لأنَّ الهام هو المطر ننقل القول: يقولون لكَ: قلْ: "أمرٌ مُهمٌّ"، ولا تقلْ: "أمرٌ هامٌّ"، وأقول لكَ: اللَّفظان صحيحان، والذين قالوا: إنَّ لفظ "مُهمّ" هو الصَّواب فقط استدلُّوا بأنَّ "المُهمَّ" من الفعل "أهمَّ"، أى: جعله يهمُّ به (يهتمُّ به)، أمَّا "الهامُّ" من الفعل "همَّ"، بمعنى أحزن، وقولهم هذا عليه اعتراضات:
1- "هامُّ" اسم فاعلٍ من "همَّ"، و "مُهمُّ" اسم فاعلٍ من "أهمَّ"، و"همَّ" و"أهمَّ" بمعنى واحدٍ، وقد ذكر ابن منظورٍ والزُّبيدىُّ والفيومىُّ أنَّ "همَّ" و"أهمَّ" بمعنى واحدٍ أى: اهتمَّ به" (لسان العرب لابن منظورٍ ج12/ 619، وتاج العروس للزُّبيدىِّ ج34/ 118، والمصباح المنير للفيوُّمىُّ ج2/ 641. 2- ذكر بعض علماء اللُّغة كلمة "أهمَّ"، وهى اسم تفضيلٍ من الفعل "همَّ"، ومن هؤلاء الرَّازىُّ صاحب كتاب مختار الصِّحاح فقال: "ممَّا هو الأهمُّ فالأهمُّ (مختار الصِّحاح ص 7 )، إذنْ "همَّ" جاء منه اسم تفضيلٍ وهو "أهمُّ"، فما المانع أن يأتي منه اسم فاعلٍ وهو "هامُّ". 3- "مهمُّ" للأمر الشَّديد، و "هامُّ" للأمر الأخفِّ منه، فليس هناك فرقٌ بين "همَّ"، و"أهمَّ" إلَّا الزِّيادة فى المعنى؛ لأنَّ" أهمَّ" فيها زيادةٌ في اللَّفظ، وعلى هذا ففيها زيادةٌ في المعنى على قاعدة غالبةٍ هى (زيادة المبنى زيادة المعنى)، والزِّيادة هنا للتَّأكيد وللمبالغة، ولذا قالوا: "مهمٌّ" للأمر الشَّديد، و "هامٌّ" لأمرٍ أخفَّ منه، وقد أشار الرَّضيّ الأستراباذيّ أنَّ الهمزة في "أفعل" للتَّأكيد والمبالغة. (شرح شافية ابن الحاجب ج1/ 83). نستخلص من هنا أنَّ الكلمتين صحيحتان، فنقول: هامٌّ أو مهمٌّ، وللمزيد يُراجَع معجم أخطاء الكتَّاب لصلاح الدٍّين الزَّعبلاوىِّ ص 645. 12- ارود الناقد: [ ستكون أيها الشاب مسافر لا غبار عليك ] فالصواب : مسافراً ، لأنَّها خبر كان نقول: هنا نقل خاطئ للجملة فهي حسبما وردت في الرواية (ستكون أيها الشاب مسافر لا غبار عليه) وليس عليك، ومسافر اسم كان، ستكون مسافر – ايها الشاب – لا غبار عليه. ولو حذفت عبارة ايها الشاب فلن يؤثر ذلك في بناء الجملة (ستكون مسافر لا غبار عليه). صحة ما صوبه الناقد: اصاب الناقد في موضعين فقط، وله في احدهما درجة وفي الثاني نصفها: 1- [ لما كان جدنا ذو معرفة ] فالصواب: ذا، لأنَّها خبر كان، وهذا صحيح. 2- ما اصاب في نصفه: ]حذاءً ذو كعب عال ] فالصواب : ذا ، لأنَّها مضافاً إليه ، نقول: نعم الصواب ذا، ولكنها وباعتبارها صفة فهي ليست مضافاً اليه، بل مضاف، والمضاف إليه هو الكعب. وعبارة (لأنها مضافا إليه) خاطئة والصواب هو: لأنها مضاف اليه، مضاف خبر أن مرفوع. ب: الأخطاء الإملائية: لم يأت الناقد بأدلة تسند حجته، ولما كان الجلب يقتضى القول (الاخطاء النحوية والاملائية) كعنوان واحد يحوي متلازمين، فقد اوردها هكذا دون تمحيص، وفشل في اثباتها. وبهذا تسقط مقولة الناقد (لك أن تتخيل الكم الهائل من الأخطاء الإملائية والنحوية). اذن تمخض الجبل فولد فأرا ولم نجد من هذا الكم الهائل إلا خطأين يتعلقان باسم الإشارة (ذا). في كتاب تزيد صفحاته عن مائتين وخمسين صفحة، ومن الغريب أنه ادخل ضمن هذا (الكم الهائل) الكلمات التي لا غبار عليها؛ غير أنها ومن وجهة نظره؛ كان يجب الركون فيها (للأجود)، وقد حسب الناقد عدم تخير المؤلف للأجود ضمن الأخطاء اللغوية، وهو مقياس نقدي غريب. ولكنا نحسن الظن به ونحمله على قول المتصوفة: (حسنات الابرار سيئات المقربين). جعلنا الله من المقربين إليه. قياساً على ذلك هل يدخل رصد اربعة اخطاء إملائية واخطاء تركيبية في بعض الجمل جاءت من الناقد في مرافعته والمكونة من ثمان صفحات فقط؛ هل يدخل ذلك في باب (الكم الهائل)؟ القسم الثاني (انطباعات الناقد). الناقد وهو يتناول هذه الرواية كان (شاهد ما شافش حاجة). فهو لم يكمل قراءتها وبالتالي غابت عنه ابعادها ومراميها، وما قرأه منها غاص فيه في طين انطباعات يمكن لأي (ست شاي) تحت ظل دوحة بشارع النيل؛ يغشاها (الهمبريب المنعش) ان تأتي (بكم هائل) منها؛ دون أن يطرف لها جفن أو ينسكب لها كوب أو تروغ منها ملعقة سكر، أما النقد الأدبي المبنى على معطيات واسس معلومة فقد غاب عن هذا التقييم. وكانت حسرة المؤلف اكبر، فقد كان يمنى النفس بوجبة دسمة من النقد العلمي الموضوعي، وقد طوى رجليه تأدباً وتحسباً فاذا به يجد احكاماً فطيرة غابت عنها خميرة الفكر، فوجد المؤلف في ابي حنيفة أسوة حسنة فمد رجليه ما شاء الله له ان يمد. قال الناقد (هذا الكتاب مترهل للمدى البعيد)، مع انه لم يكمل قراءته، وتعيد هذه العبارة للذهن مسألة (الكم الهائل من الأخطاء الإملائية والنحوية)، والتي ثبت بطلانها، واضاف الناقد لها (بحبوحة الفشل) و(الإفلاس الروائي العريض)، وهي عبارات معلبة محفوظة تنطوي على مبالغة لا تفيد مسيرة النقد، فلو سئل عما هو (المدى البعيد) فلن يكون بإمكانه تقديم التعريف المناسب، كما أن (الجوانب العلمية الأخرى التي يراها الناقد) حسب وصفه؛ لن تستطيع بكل تأكيد قياس (مدى الترهل البعيد)، فلا مقياس في هذه الحالة سوى الذوق الشخصي، وهو أمر قد يختلف فيه زيد مع عبيد. كذلك لو سئل الناقد ما هو الافلاس الروائي العريض فلن يكون بوسعه تقديم اجابة مفيدة، وانما هي عبارات تقال، يشتهر بها الكتبة من (حطاب الليل)، يستخدمونها فيسود بعضها حينا من زمن ثم تخبو نارها واوارها وتسقط من الذاكرة، وهي لا تفيد ادباً ولا تخدم نقداً. مثلها مثل (الزخم) و(الاستلاب) و(تغبيش الوعي) وما على شاكلتها من صيد الحطابين. تأثر الناقد بأسلوب حاطب الليل كان جليا حين استعرضنا اعتراضاته النحوية، فقد كان واضحا انه من هواة قراءة (قل ولا تقل)، والتسليم بنتائج هذه القراءات دون تمحيص ودون اعمال للفكر وقدح الزناد، ثم يستخدم الحاطب هذه النتائج كدليل على التبحر في اللغة؛ مع ان معظم ما يأتي من نوافذ (قل ولا تقل) لا يقف على ساقين. ولم يقف الناقد عند حد اللغة في استخدام اسلوب التحطيب (إن صح التعبير) وهو يقدم انطباعاته؛ بل تعداه لجوهر الرواية، فلم يقرأ ما قرأه منها بترو ولا فهم مقاصدها؛ وهذا ليس بغريب على من يلقط شيئاً من هنا وشيئاً من هناك؛ ويحاول حزم ما يلقطه في تعجل؛ وتغليفه في شكل براق، ثم يقذف به للمتلقين في عرض طاؤوسي ينتهي بانتهاء مراسم (لملمة) الريش. فقد الناقد الاتجاهات وهو يهرول بين الصفحات يلتقط سطوراً من هنا وفقرة من هناك واصيب بالتشتت عندما رأى ان الخيط الزمني الذي ينشده توارى عن ناظريه، فاذا به يقدم جملة أسئلة كان سيجد اجاباتها في ثنايا الرواية لو انه قرأها بتمهل ودون احكام مسبقة، ولو أنه ترك طبيعة حاطب الليل، التي تبحث في اي موضوع عن لقطات معينة ثم تستخدم هذه اللقطات للإبهار واثارة الاعجاب لدى المتلقي وتذكيره بسعة ثقافة الحاطب، ولا دليل ابلغ نقدمه سوى مقدمة الناقد (الهوليودية) التي جاد بها وهو يعرف (الأدب الرديء)، والتي اتضح انها مجرد عرض عسكري لجيش من جيوش العالم الثالث. الناقد يريد رؤية رواية تكتب بأسلوب الاحاجي السودانية وبالطريقة التي رويت بها قصة ود النمير وقصة فاطمة السمحة وغيرها من الاحاجي. أو كتاب تاريخ تتسلسل فيه الوقائع ويُذكر فيه أنه في عام كذا حدث كذا؛ وان الامبراطور فلان غزا مملكة بافاريا عام كذا.. وهكذا. الكاتب الروسي ليرمنتوف كتب رواية وحيدة هي بطل من زماننا، او بطل من هذا الزمان في ترجمة اخرى، وكل فصول الرواية لا رابط يجمع بينها سوى بطل الرواية (بتشورين)، ولو قرأها الناقد لوصمها دون شك بالترهل. لكن وحدة الشعور في الرواية والهدف العام الذي تخدمه جعلها من الاضافات المميزة للأدب الروسي في الأدب العالمي. مارسيل بروست لا يضع للزمن اعتباراً وكان من ضمن من تأثر به في سوداننا الحبيب (معاوية محمد نور) وظهر هذا جلياً في مقاله (الخرطوم خواطر وذكريات محزونة)، ولو قرأه الناقد لوصمه بالتفكك. انصح الناقد بقراءة هذا المقال ففيه لمحات جيدة عن كيفية تداعي الأفكار واستنطاق اللاوعي، ويا لها من جملة مبهرة لحاطبي الليل. نختم هذا الرد بأن نقدم هنا بعضاَ من نقاط النقد العلمي لفائدة الناقد وغيره من المشتغلين بالأدب، وهذه النقاط انما للاهتداء بها وتشكل خارطة طريق وقابلة للزيادة أو النقصان، وتصنع الفرق بين النقد العلمي وبين تدوين الانطباعات. 1- المقدمة، وهي المدخل لما يريد الناقد قوله وسبب اختياره للموضوع 2- منهج الناقد الذي سيتبعه في نقد الرواية (والمنهج - حسب تعريف بعضهم - مجموعة من المفاهيم والتصورات والأدوات والخطوات الإجرائية والمعايير المتسقة، والمستندة إلى إطار فلسفي ما). 3- تلخيص الرواية للقارئ. 4- تقديم عنوان الرواية للقارئ ومغزاه من وجهة نظر الناقد. 5- عرض القالب الروائي الذي صبت فيه الأحداث. 6- تناول الشخصيات الرئيسية وابراز التفاعل بينها ومدى قوة بناء كل شخصية ورسمها وتطور الشخصية عبر الرواية. 7- تناول المنظورين الزماني والمكاني وكيفية معالجتهما من قبل المؤلف ومدى نجاحه او اخفاقه في المعالجة. 8- ابراز فنيات الرواية: أ – من ناحية الجدة والابتكار، والعمق أو السطحية. ب- فنيات السرد من ناحية الفكرة. ج- فنيات السرد من ناحية المشاهد واستخدام الصور البسيطة أو المركبة. د – فنيات الاسلوب واستخدام اللغة من ناحية سلامة الكلمات ودقتها وترابط الجمل وظلال المعاني وما إلى ذلك. ه – فنيات الحوار وكيفية توظيفه لخدمة اغراض الرواية. 9- النظر في معالجات المستوى الواقعي في الرواية. 10- النظر في معالجات المستوى الرمزي في الرواية. 11- الخاتمة وفيها: أ - نقاط الابداع. ب- نقاط الضعف.
| |
|
|
|
|
|
|
|