قرأت ما أوردته الوسائط عن وجهة نظر الأستاذة أمل هباني عن تعدد الزوجات الذي وهبه الإسلام للرجل ولم يهبه للمرأة كما قالت.. واقتراحها بأن يكون للمرأة صديق في حالة إهمال الزوج لها.. إلخ ثم تابعت معظم الآراء التي علقت على رأيها رافضة.. بل لجأ البعض لإدانتها والهجوم عليها. إني لأحمد للأستاذة أمل شجاعتها في طرح رأيها فهي عندي حسنة النية. فقد جاهرت برأيها في ما يقع على المرأة من شعور بالظلم من تعدد الزوجات.. فقد جاهرت أمل برأيها في جو ملئ بالتشدد والإرهاب الذي يضيق حتى بالرأي الآخر .. إني اقف إلى جانبها وأساندها في أن تدلي برأيها مع إني لا أتفق معها بل أختلف معها إختلافا جذريا فيما قدمته من حل للمشكلة. نقطة إتفاقي معها أن المرأة فعلاً واقع عليها ظلم من وضعها في قوانين الأحوال الشخصية، التي أخرجت الشريعة من إطارها الزمني، و الذي كانت فيه حكيمة كل الحكمة، وأرادت فرضها في واقع أكبر من واقعها. كذلك أتفق معها في أن التعدد الذي ظل يسري حتى الآن وعبر القرون دون أي تغيير رغم أن كل شيء قد تغير إلا القوانين التي تخص المرأة -الأحوال الشخصية. وقد حدثت مشاكل لا تحصى من تعدد الزوجات منها تشتت الأسر والمشاكل النفسية للأطفال والمشاكل النفسية للنساء أيضا من الظلم ومن عدم عدل الرجال بين الزوجات، كالذي يميل إلي واحدة دون الأخرى فيمتد الظلم إلى الأبناء، فتنمو المشاعر السالبة بينهم وهذا ما له أضرار على سلامة النفس البشرية وعلى المجتمع، ويمتد الظلم حتى إلى الصرف اليومي على الحياة .. لا أريد أن أطيل في هذا الجانب فكل إمرأة مُتَعدّد عليها لها رصيد من هذا.. حتى شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب صرح أكثر من مرة أن تعدد الزوجات فيه ظلم للمرأة، ولم يسأله أحد!! وقامت الدنيا ولم تقعد على أمل.. مع أن ما صرح به شيخ الأزهر هو ما شعرت به أمل.. مشكلة الأستاذة أمل الكبرى عندي هو خلطها بين الشريعة والدين، وهذه مشكلة عامة المسلمين فهم يرون أن الشريعة هي الدين وهذا غير صحيح. فالشريعة ليست كل الدين ولكنها الطرف القريب منه الذي تنزل إلى أرض الناس في وقت متأخر عن عصرنا هذا ليحل مشاكلهم على قدر حاجة وقتهم والدين ما يزال عنده الكثير للمرأة. الآية الكريمة: (وَأَنزَلنا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ) في ما يخص التعدد فقد نزل القرآن على قوم يتزوج الرجل منهم العشرة والعشرين من النساء فشرّع الإسلام متدرجا لكرامة المرأة، فحصر العدد في أربعٍ وفتح الطريق للزوجه الواحدة. فالآية الكريمة تقول: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) فمطلب الإسلام هو العدل والعدل مستحيل مع التعدد وأكد الحق عز وجل ذلك في الآية الكريمة: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) فالعدل هو الزوجة الواحدة. فالتعدد تشريع مرحلة. انظر كتاب الأستاذ محمود محمد طه – تطوير شريعة الأحوال الشخصية. الآن بفضل الله تعلمت وتطورت المرأة وشعرت بالظلم أصبحت كفاءة للرجل مما لزم أن يكون التشريع الزوجة الواحدة للرجل الواحد. وقد قال النبي الكريم (نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم) ومما لا يحتاج لطويل شرح أن عقول الناس اليوم أكبر من عقولهم في القرن السابع.. أما أن التشريع لم يعطِ المرأة حق التعدد مثل الرجل أو أن تتخذ صديقا يقوم مقام الزوج لملء الفراغ العاطفي عند المرأة حين ينصرف الرجل للزوجة الثانية عنها فهذا ما لا يستقيم مع طبيعة الحياة.. فتكوين المرأة يختلف عن تكوين الرجل فهي صاحبة، المكان د، الرحم الذي يحفظ الولد. ووجود أكثر من زوج يخلط الأنساب ويحدث اضطراب في الحياة وقد عانت بعض النساء في الغرب اللائي لهن اكثر من صديق- يقوم مقام الزوج - في حقيقة انتماء المولود للأب. هنا تظهر المشكلة عندما يكبر الطفل لا يعرف والده من بين أصدقاء والدته إلا بعد فحص - ال DNA-(الحمض النووي). هنا تأتي النقطة الأساسية وهى اختلاف الإنسان عن الحيوان فالإنسان أرقى من الحيوان وهذه الحقيقة مؤكدة في كل الأديان السماوية، الله خلق الإنسان من نفسه وإليه يعود (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) وإليه يعود. ولذلك أنزل الله الكتب وأرسل الرسل لتمهيد طريق العودة بالتخلق بأخلاق الله وأهمها الطهر والنقاء، وقيل عن النبي الكريم (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ). في كل أرحام الأطهار . كل الأديان حرمت الخيانة الزوجية "بمعنى أكثر من زوج" المسيحية سمحت بالطلاق في حالة الخيانة الزوجية.. الحل للمشكلة الحالية التي طرحتها الأستاذة أمل هباني هي واقعة اليوم والحل لها ليس بتعدد الأزواج للمرأة مثل الرجل ولكن بالتزام الخلق والدين لكليهما، الالتزام بالدين بالنهج القويم للرجل وللمرأة (تخلقوا بأخلاق الله إن ربى على سراط مستقيم) وأن يكون كل منهم على خلق يفتح بصيرته حتى يعرف كل منهم صنو نفسه قال الأستاذ محمود: "زوجتك هي انبثاق نفسك عنك خارجك" والإلتزام بالدين يعين على الإختيار السليم.. ثم يأتي القانون ليسدّ ثغرات الخلق والتربية وذلك بتطوير التشريع ليكون في مستوى المرأة المعاصرة .. الحل الجذري لمشاكل الحياة الحديثة هو إلتزام الخط الصاعد وليس الخط الهابط إلى الدرك الأسفل . الخط الصاعد هو إلتزام الدين الصحيح القائم على تطوير التشريع الإسلامي، لمستوى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصول القرآن وستجدونه في كتب الأستاذ محمود محمد طه، على موقع الفكرة الجمهورية http://http://www.alfikra.orgwww.alfikra.org الدخول إلى الموقع لا يحتاج إلى كلمة مرور. مع تقديري للأستاذة أمل هباني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Abureesh
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست