شمال كردفان.... سرقات وتسويات خارج النظام! محمد التجاني عمر قش فيما يشبه الانعدام التام لهيبة الدولة، وضعف الإدارة الأهلية، وتساهل بعض الجهات المعنية بحفظ الأمن، وبسبب توفر أجهزة الاتصال وسيارات الدفع الرباعي، وانتشار السلاح في أيدي اللصوص، أصبحت ممارسة السرقة عملاً شائعاً للغاية في ولاية شمال كردفان. ونتيجة لهذه الأسباب والأوضاع برزت إلى حيز الوجود شبكات للجريمة المنظمة، لديها القدرة على التحرك السريع، وهي تنشط وتمارس الإجرام والنهب، على نطاق ومساحة واسعة تمتد من شمال كردفان وحتى غرب كردفان والولاية الشمالية والعاصمة المثلثة، مستقلة بعض الطرق البرية التي يعرفها هؤلاء اللصوص، وقد تستخدم طريق الصادر إذا غفل عنها الرقيب أو غض عنها الطرف. وهنالك أشخاص معروفون لدى دوائر الشرطة والإدارة الأهلية بأنهم يقومون بتنسيق عمليات السرقة، ولكنهم مع ذلك لا يطالهم القانون ويتمتعون بكامل القدرة على الحركة والتصرف؛ لأنهم صاروا من أصحاب النفوذ، ولديهم من الإمكانيات المادية ما يمكنهم من التخارج بكل سهولة إذا لزم الأمر. هذه السرقات تنتشر بشكل كبير وملحوظ في قرى محلية غرب بارا؛ خاصة المناطق الشمالية منها، وبشكل محدود في شرق كردفان ومحلية بارا وما يتبع لها من إداريات. وبكل صراحة فإن هذه السرقات تعد مهدداً أمنياً خطيراً لإنسان المنطقة، الذي يعتمد على الرعي في معيشته بشكل أساسي؛ ولذلك فإن أي قصور أو إهمال أو تراخي، من قبل الأجهزة المعنية بهذا الملف، قد يفتح شهية اللصوص ويشجعهم على الاستمرار في هذا الممارسات التي لا يقوى المواطن لوحده على التصدي لها؛ ولهذا السبب كثيراً ما يلجأ أصحاب المواشي أو الأغنام المسروقة، في حالة القبض على السارق، إلى تسويات خارج النظام القضائي تفادياً لأي مماطلات وإجراءات مطولة قد لا يستطيع المواطن المغلوب على أمره تحمل نفقاتها وما يلزم من أجل المواصلات وغيرها. ومن المؤسف أن يكون بعض هذه التسويات بأقل من القيمة الحقيقية للمسروقات، انطلاقا من المبدأ الخاطئ الذي يقول: "المال تلته ولا كتلته" وفي أحيان كثيرة يتعاون اللصوص فيما بينهم أو يتدخل أهاليهم ويسدد المبلغ المطلوب دون الحق العام الذي يجب أن يكون بمثابة عقوبة رادعة تمنع هؤلاء المجرمين من التمادي في التعدي على حقوق الناس ونهب ممتلكاتهم! وفي واقع الأمر، فإن المسؤولية عن استمرار هذه الظاهرة السالبة مشتركة بين المواطنين والجهات الرسمية؛ خاصة الشرطية والعدلية التي ينبغي عليها أن تتصدى لهذه الجرائم المتكررة بكل حزم وعزم قبل أن ينفلت حبل الأمن في هذه الولاية ذات النسيج الاجتماعي الذي ظل متماسكاً بفضل عوامل كثير منها ما كانت تتمتع به الإدارة الأهلية سابقاً من سلطات وقدرة على ملاحقة المجرمين وفرض عقوبات رادعة عليهم، ولكن الإدارة الأهلية الآن قد باتت شبه عاجزة عن ردع اللصوص، بعد أن جردت من كل السلطات، وصارت لا حول لها ولا قوة؛ وحلت محلها لجان الأمن على مستوى الولاية والمحليات، وهذه غالباً ما تكون بعيدة عن مواقع الأحداث، وربما تحجب عنها المعلومات، لأن بعض الجهات الشرطية لا تحبذ رفع تقارير واقعية للجهات العليا، كما أن المواطن أصبح يميل للتعامل بعيداً عن الدوائر الحكومية خوفاً من أشياء كثيرة تعترض سبيل العدالة. عموماً، إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة في أقرب وقت ممكن من أجل التعامل مع السرقات التي قد تصل إلى حد الحرابة في بعض الأحيان، مثلما حدث في منطقة الخدارة في الأسبوع الماضي، حيث نهب ما يزيد عن مائتي رأس من الأغنام في وضح النهار، فإن أهالي المنطقة عليهم الاستعداد لصيف مضطرب إذ من المعلوم أن السرقات تزداد في الصيف وقبيل موسم الخريف. إزاء هذا الوضع الخطير والمتردي هنالك خطوات ينبغي اتخاذها على جناح السرعة: أولها توفير عدد كافٍ ونزيه من قوات الشرطة مع توفير معينات الحركة لهم وتسليحهم بشكل يفوق ما لدى اللصوص من سلاح، ويا ليت لو أسند الأمر لقوات شرطة وجهات عدلية من خارج المنطقة ومنحهم الحق في التعامل مع هؤلاء اللصوص بتطبيق حد الحرابة وفقاً لمنطوق الآية الكريمة: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". كما يجب تفويض الإدارة الأهلية وإعطاؤها صلاحيات واسعة وتقويتها بشكل كبير بحيث تستطيع أن تحسم هذا التفلت مثلما كان يحدث سابقاً. ونناشد السيد الوالي بصفته رئيس لجنة أمن الولاية أن يولي هذا الأمر الضروري جل اهتمامه؛ لأن ذهاب الأمن يعني فقدان إحدى ركائز الاستقرار المهمة. وإذا فشلت حكومة الولاية في توفير الأمن فما هو مبرر بقائها؟ ولا يفوتنا أن نسجل صوت شكر للسادة مدير شرطة الولاية ومدير جهاز الأمن على سرعة استجابتهما لنداء المواطنين وسرعة تحريك قواتهما لموقع الحدث ونطلب منهما بذل مزيد من الجهد لقطع رأس الحية فهو معروف للجميع من شرطة وأهالي.
05-09-2021, 12:56 PM
محمد التجاني عمر قش محمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد التجاني عمر قش
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست