|
Re: افى ذمة الله الرفيق المناضل القائد النقاب (Re: فقيرى جاويش طه)
|
هويَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي.
القائد الفذ عبد الله موسى عبد الله : ثبات على الحق، ونضال مضئ من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومحبَّة لا تسعها الأكوان.
وادعاً يا عاشق بحر القلزم وتراب البلاد القديمة، وداعاً أيها الأيقونة العمالية النقابية، وداعاً يا حكيم شرقنا الحبيب، ويا حادي شعب البداويت النبيل.
بـقــلــوب مؤمنة وراضية بقضاء الله وقدره ينعى تجمع تصحيح واستعادة النقابات العمالية القائد العمالي والنقابي والسياسي الفذ عبد الله موسى عبد الله. أحد مؤسسي تجمعنا والذي منعته ظروفه الخاصة من المواصلة في نشاطه اليومي، لكنه واظب على بذل كل ما يستطيع من جهد حتى ينجح التجمع في تحقيق الأهداف التي نهض من أجلها.
كان الراحل محباً ومحبوبا، وشغوفاً منذ يافعته بكل ما يرتقي بالوعي ويبني المعرفة، وتبعاً لذلك تنوعت اهتماماته لكنه ورغماً عن التزامه بقضايا التغيير الاجتماعي ألا أن اطلاعه وبحثه قد شمل ينابيع وضروب معرفة عديدة. كما أن انتمائه لقضايا الطبقة العاملة السودانية ونشاطه النقابي الكثيف من أجل ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ثم انخراطه في قيادة حراك ونضال مؤتمر البجا وتصديه الصارم للدفاع قضايا الشرق عموماً ونشاطاته الوافرة في حراك منظمات المجتمع المدني والأهلي لم تمنعه من إقامة صداقات قوية و بناء شبكة علاقات إنسانية وطيدة مع كل ألوان الطيف السياسي والفكري والمدني والأهلي في بلادنا مما أهله في مراحل ولحظات حرجة وعديدة من تاريخ السودان السياسي والمدني خلال العقود الثلاثة الأخيرة في لعب أدوار مفصلية وهامة ساهمت كثيراً في تقريب وجهات النظر وتخفيف حدة الاستقطاب السياسي وإزالة الأجواء العدائية بين الأطر والكيانات السياسية. ومما لا شك فيه أن مجهودات الراحل ستظل محفوظة بحروف من نور في ذاكرة شعبنا وفي صفحات عطائه الثر والمشرف.
ألتحق الراحل النبيل بالعمل في مصنع النسيج الدولي - بورتسودان بعد تخرجه من المدرسة الثانوية الصناعية في مطلع ثمانيات القرن الماضي لتبدأ مسيرة نضاله النقابي والعمالي المُضئ والعصي على الانكسار أو القسمة على موقفين، والشاهد أن سماته الفريدة المتمثلة في وضوحه، ذكائه، أحساسه العميق بالأخرين، سرعة بديهته، كاريزما شخصيته وجاذبيته التي خصَّبتها ثقافته الواسعة، إلى جانب تواضعه الجم وتفانيه في عشق وخدمة الطبقة العاملة والكادحين ومواطني البحر الأحمر وعموم شرق بلادنا قد دفعت زملائه لانتخابه رغماً عن صغر سنه رئيسا وقائداً لنقابة عمال وعاملات النسيج الدولي ومن ثم تصعيده عضواً وقيادياً باتحاد عمال الاقليم الشرقي وفي النقابة العامة لعمال وعاملات الغزل والنسيج والملبوسات والبلاستيك والمحالج والصناعات الجلدية (قطاع خاص) بالخرطوم. والتي كان صار أحد ممثليها في اللجنة المركزية لاتحاد عام نقابات عمال السودان.
خاض الراحل العظيم العديد من المعارك النقابية من أجل انتزاع حقوق العمال، كما كان مصادماً صلدا في مقاومة نظام مايو مما تسبب في اعتقاله لعدة مرات في سنوات نظام الجنرال نميري الأخيرة. والشاهد ان هذه المعارك والاعتقالات قد ساهمت بشكل رئيسي في صقله وتوسيع أفقه الثوري وتعميق تجربته النضالية. إضافة إلى أنه احتك وتعرف خلال أعتقاله بسجن بورتسودان على العديد من المناضلين القادمين من جميع أنحاء السودان، وتوطدت علاقته بالراحل الكبير شاعر الشعب محجوب شريف والدكتور محمد مراد والأستاذ كمال الجزولي وأخرين كُثر.
ساهم الراحل بنصيب مقدر في انتفاضة مارس / أبريل 1985، ولقد نظم وقاد مع زملائه وزميلاته اعتصام عمال وعاملات وبقية فئات العاملين بمصنع النسيج الدولي حتى سقوط نظام الجنرال نميري في 6 أبريل 1985، ومن ثم ساهم مع بقية القيادات النقابية العمالية الديمقراطية في معركة اسقاط القيادات الانتهازية التي رهنت اتحاد العمال لخدمة وحماية نظام مايو (1969 - 1985). وبعد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989. لم يلن الراحل النبيل أو يتراخى بل صمد في وجه القُبحِ والأزمنة المضادة للإنسان وللحياة الكريمة، وكان ثابتاً في مقاومة الظلم والاعتقالات والتعذيب في بيوت الأشباح وفي غيرها، متمسكاً بحلمه في حتمية انتصار الأزمنة المنحازة للكادحين والمهمشين حتى صار ملهماً للأجيال الجديدة التي حاول الطُفيليين والطغاة تدجينها ومسخها.
وحينما انتصرت إرادة شعبنا المجيد في ديسمبر 2018، ومن ثم انطلقت ملاحم اعتصامات المدن في بورتسودان وفي الخرطوم وفي غيرها أضاءت الآفاق خلايا ومسام عبد الله موسى، وشعت روحه التي ليس كمثلهِ روح، فلقد تحقق حُلمه الذي نذر لأجله جميع مراحل وسنين عُمره. فانطلقت جوانحه العامرة بحب بلادهِ وإنسانها تغني لبهاء شعبنا و لثورته الظافرة، و لغضبة شوارع بلادنا الجسورة، ولصعود الأجيال الجديدة و تجليها. ولم يُثنيه جسده المنهك عن التواجد المستمر والفاعل في كل الأمكنة وبذات الوقت.
أن حكاية الراحل ومسيرته ونضاله أعمق من الكتابة وأوسع من القول، وجوهر فعلهُ الثوري لم ينقطع طوال سنين حياته العامرة بالخير ومحبة الناس كل الناس. ومن المؤكد أن تأثيره وأثره سيبقى ما بقيت الحياة فلقد كان طوال أوقاته وحالاته معنياً بالثورة وبالتغيير الاجتماعي ومرتبطا بقضايا وهموم مجتمعه البجاوي وكذا توق بلاده للحرية والسلام والعدالة الاجتماعية والديمقراطية المستدامة.
عزائنا الحار لزوجته ورفيقة عمرهُ ودربه، ولأسرته وأهله وأصدقائه وصديقاته، وللطبقة العاملة في السودان وفي كل مكان، وللكادحين والمهمشين الذين كرَّس حياتهُ من أجلهم، ولزملائه وزميلاته في الحزب الشيوعي السوداني، وفِي مؤتمر البجا، ومنظمات المجتمع المدني ولأهالي بورتسودان المدينة التي عشقها، ولشعب البداويت العظيم ولبقية شعوب شرق السودان وللشعب السوداني الذي سيظل الراحل أحد أنبل أيقوناته. ونسأل أن يتقبله مع الشهداء والصالحين ويسكنه الفراديس العُلى ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان.
| |
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|