إفادات في محاكمة " سمبا "

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 01:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-26-2020, 02:30 AM

بدر الدين العتاق
<aبدر الدين العتاق
تاريخ التسجيل: 03-04-2018
مجموع المشاركات: 680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إفادات في محاكمة " سمبا "

    02:30 AM October, 25 2020

    سودانيز اون لاين
    بدر الدين العتاق-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم

    إفادات في محاكمة " سمبا "

    القاهرة في 20 / 10 / 2020 م

    كتب / بدر الدين العتاق

    يطيب لي أن أشكر الأستاذ الأديب الكبير / محمد الخير حامد ، ومن معه بالمنصة الرقمية التي تعني بالإبداع الثقافي والفكري في مجال الرواية السودانية والعربية معاً ، بأن أضافوا صرحاً كبيراً وعالياً من صروح الأدب الروائي الذي تحتاجه المكتبة السودانية والعربية والعالمية على السواء .
    قال المتنبي :
    وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة إنَّ المعارف في أهل النهى ذمم

    فله من الله حسن الجزاء ..
    مدخل :
    يجيئ الإهتمام باللغة العربية وقوالبها الأدبية والتعبيرية في كل المجالات الفكرية من قبيل حفظ اللسان العربي الذي نزل به القرآن الكريم وبحفظه يحفظ الإسلام وهي غاية بلا شك بلغت من الشرافة ما لم ولن تبلغه أي لغة أو اهتمامات أخرى في المجالات الحياتية الفكرية والعلمية بحال من الأحوال ، ومن هذا الباب أقدِّم ورقتي هذه بكل حياد ، غرضي فيها لغة القرآن الكريم ، والذوق العام والأدب الرفيع ، قال تعالى : { إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون } سورة الحجر .
    تمهيد :
    الكاتب الأستاذ / أسامه محمد أحمد شيخ إدريس ( مواليد سنة : 1974 م / تقريباً ) ، كتب رواية سماها : " سمبا " ، وفازت بجائزة نالها عند طباعته الكتاب في : مارس 2017 م ، وقدَّم لها محيياً الأستاذ المرحوم / إبراهيم العوام ، والمرحوم المهندس / أحمد شبرين ، والمرحوم الأديب الكبير / زهاء الدين الطاهر ، وهذا الأخير أذكر لقائي معه قبل أكثر من عشرين سنة في مركبة عامة وكان يعمل آنذاك بصحيفة الوفاق لصاحبها المرحوم / محمد طه محمد أحمد ، وكان يكتب كما قال لي هو كتابه أو لعلها روايته " تمبكتو مرة أخرى " ووعد بإعطائي نسخة منها إلا أنَّ المنية عاجلته وعالجته ، رحمه الله ، ولم ألقه بعدها ، رحمهم الله رحمة واسعة .
    تقع الرواية في 255 صفحة من القطع المتوسط ، ويمكن قراءتها بأنَّها أقرب إلى لغة الخيال منها إلى الواقعية ، أو بمعنى آخر : تداعياتها فوق التصور الخيالي ، وما بين الغلاف الأول إلى الغلاف الأخير لم أجد قضية أيَّا كان نوعها عالجها المؤلف من خلال الرواية ، ولا أبالي بما جاء فيها من تداعيات وشخوص ومحاولات تقريرية أو قل : تقريبية ، لإضفاء زيادة من البيان للموروث الثقافي السودانوي ( طقوس الختان للجنسين ص : 45 / مراسم الزواج / السماية أو العقيقة / التدين / وصف حياة البادية والقرى والريف وإنسان المنطقة { صفة " سمبا " المرأة القروية ذات الجذور الإفريقية الزنجية السودانية – الهوية السودانية – البسيطة ابنة البيئة الجميلة الرائعة المتواضعة والمكان المحبب للنفس / الكمبو [ أنا لم أتأثر لموت محمد أول " فقرة 5 " عندما لدغته الحية لأنَّ الصورة التي صورها باهتة ولا معنى لها قال ص 57 : * كأنَّما اختار محمد أول أن يلحق بأمِّه حوايه ذات خريف ، هو الآخر * ] ، قرية النواهضة / ساكنوا الحي / حسن يس ، الشخصية المحورية } .... إلخ ) الذي أصبح موضة في الفترة الأخيرة ، فأي كاتب كيما يكتب لا بد له أن يتعرض للموروثات الثقافية السودانية أو - السودانوية – إن شئت ، بإعتبارها مدخلاً للتعريف بملكة الكاتب القاص الحاكي وأنه ذو خلفية فلكلورية شعبية عريضة يدافع بها عن أفكار العولمة حالما طرحها في مكتوبه ، ولعمري ، لم يوفق الكاتب ولا المكتوب في ذلك ، لسبب بسيط جداً هو : إنَّ التعريف بالثقافة أو الموروث الشعبي للسودان لهو حاق المؤسسات المعنية بذلك كوزارة الثقافة والسياحة والتوثيقات القومية والتأريخ وعلوم الحضارة والأنثروبولوجيا ، ولا يعيب التطرق لها في العمل الروائي وإنَّما يعيبها مجاً وفجاً أن تكون عمدة لغيرها من موضعها الأصل و المهمة ولا تكون معنية في ذاتها من أدب الروايات .
    سؤال : هل لكتابة الرواية أو القصة بأنواعها معايير وقواعد معينة أم كيفما يتفق الرواة رووها ؟ أقول : هذا السؤال لهو محط خلاف واختلاف كبيرين بين المدارس الفكرية القديمة والحديثة المضطردة ، كما ظهر هذا الأمر جلياً بين أستاذنا عميد الأدب العربي الدكتور / طه حسين ( 1889 م – 1973 م ) ويمثِّل المدرسة التجديدية للفكر المعاصر في ثورة الآداب بعامة وبين الأدباء المصريين والعرب سواء بسواء ويمثِّلون المدرسة الفكرية الكلاسيكية القديمة بخاصة ، وللتحقيق نأخذ مثالاً كالأستاذ الكبير العالمي / إحسان عبد القدوس ، والأستاذ / يوسف إدريس ، والأستاذ / يوسف السباعي ، و الأستاذ / محمد عبد الحليم عبد الله ، والأستاذ / عباس العقاد ، وأغلب الروائيين العرب ، ومثال رأي العميد / طه حسين : " ليس للرواية ولا للقصة معايير وقواعد فنية في البناء التأليفي " ، وخالفه بلا شك المذكورون أعلاه ، ونشأ هذا الخلاف بينهم عندما كتب العميد / حسين ، روايته " دعاء الكروان " ولاقت نجاحاً كبيراً ونقل العمل سينمائياً ، وهنا قال بعض الأفاضل أو قل بعض السفهاء : إنَّ حسيناً اعترف للعقاد بالشاعرية ولم يعترف له بالنثر ، ليخلو للعميد وجه النثر ولا ينافسه فيه العقاد فتأمل ! .
    أنا من هذا المقام أقدَّم هذه الإفادات في محاكمة " سمبا " .
    إفادات في محكمة " سمبا " :
    • الرواية بعيدة كل البعد عن عناصر التشويق والإثارة والدهشة والذهول والسبك والحبك والمفاجأة واللامتوقع ، مما يستفز عقل القارئ المتابع بنهم وشغف ، وهي لا تتعدى كونها أكثر من حكايات أنس للمجالس الخاصة ، وحتى تلك ، لم أظفر منها بشيء يذكر ، و من الرائع أن يجعل الراوي العليم المتابع في حالة تشوق مستمر وأن تفاجأه بين كل كلمة والثانية ولا تفقده متعة التسوق في أضابير فكرك ( حضور الكاريزما الفكرية في الشخصية ) ، وهذه الإفادة مهمة جداً لكل كاتب نثري خصوصاً في باب الرواية والقصة والمقال وغيره ، ومنها يقتحم الكاتب ذهن القارئ فيقحم فكرته بهدوء شديد بحيث لا تنزعج منه جانحة ولا جارحة فيصل مبتغاه حيث أراد ، وبغض النظر عمَّا يريد إيصاله جيداً كان أم رديئاً ، هذا ما فات على الكاتب ، وأتمنى وضعه في الإعتبار لكل مهتم .
    • اللغة المكتوبة أكثر من عادية وتراكيب الجمل والمفردات والحشو الإنشائي يخرج من ربقة الحبكة وكأنه تنخمها تنخيماً ، وكلما زاد الوصف والإنشاء { ولا يغرنَّ الكاتب أن يوصف كتابه بالسهل الممتنع فهو لا سهل ولا ممتنع ، وكل من يقول بهذا الرأي لم يسد النصح لأي مؤلف ليستبين الرشد أو قل : لا علاقة له بقراءة النصوص وفهمها جيداً فيجامل أو يثني على كاتبها بخير بكل صدق فيخرج المكتوب أعرجاً أعوجاً ، لا يخلو من مجاملة أخلاقية أو لفظية وهنا منبت الضعف حسب ما جاء ويلحقه من رأي لصاحب الأسطر } كلما ضعفت البنية النصية وخرجت حتى من وعاء النص الجيد [ من ص: 1 – 255 ] ، زد على ذلك الكاتب أو القاص ليس محتاجاً لكل تلك التراجيديا ليطيل أمد القارئ ونَفَس الكاتب بالإطِّلاع الممل الممجوج ، وأعتبره سخفاً سخيفاً لتداعيات محشورة حشواً لزيادة عدد الصفحات ، ماله - هداه الله - لو أختصر الإنشاء والتداخلات التي لا تفضي إلى الحذق والتجويد بقدر ما تفضي إلى الفراغ الفكري ؟ وماله ، لو كرَّس جهده لمعالجة النص فكرياً بدلاً عن تزويده رهقاً ؟ فكل هذه التداعيات ما هي إلا – في تقديري – من واقع لامسه معايشة وإمَّا ما سمعه من الجدَّات " الحبوبات " وقصصهم قبل النوم ، وإمَّا لا هذا ولا ذاك وعلى الكاتب " إدريس " توضيح هذ الأمر .
    • استعمال المفردة اللغوية يغلب عليها الخطأ عند تكوين فكرة الجملة ! خذ أمثلة على ذلك : [ عند فطامي لم تكن تمكنني من صدرها الموفور بالحليب وأنا أداعب حلمتيها طالباً المزيد ] ص : 32 ، وجاء ص 41 : [ عندما كان ثديها ينضح بالحليب ويتدفق على قميصها ، كنت أمتصه ملء أشداقي ] ووجه الخطأ في هذا المسلك الفرويدي ( 1856 م – 1939 م ) الذي يصف به – الراوي العليم ومحور الشخصية في الرواية : حسن يس – والدته من الرضاعة " سمبا " ولا يخفى البعد الجنسي لكلمة : " أداعب حلمتيها / ينضح بالحليب " وهنا خيال منفر وبغيض ركيك فاحش ، فلم يتفق أن وصف الشواذ الجنسيين أمهاتهن بتلك الصفة ناهيك من المتعقلة !! .
    • لا تتماشى " أداعب حلمتيها " مع سياق النص التصويري لموقف التداع ، وشئ آخر : كيف لفطيمٍ أن يتذكر ما كرعه من حليب أمه وهو في عمر أقل من سنتين ؟؟ علمياً وخيالياً لا يتفق حيث ذهب المؤلف ، و لا أبعد من الحق إنَّ قلت مرامه من ذلك دغدغة المشاعر الجنسية للقارئ كقفزة على المألوف التسلسلي للتداع ، ولا تثير حتى ذي جلعبطٍ كبير لذي " أير" صغير ، فاليراجع في موضعه إن شاء الله .
    • مثال آخر للأخطاء اللغوية الشائعة والتي تزخر بها الرواية : جاء ص 59 : [ الريح تصدر هسيسا ناعماً ] استعمال كلمة : " الهسيس " خطأ ! والصواب إن شاء الله أن يقول : عزيف ! قال المعري ، وجاء بها في قصيدته :
    أقوت مكة من بني الدردبيس فما لجنٍ بها من حسيس
    وكسرت أصنامه عنوة فكل جبت بنصيل رديس
    حتى قوله :
    تحدث هذه الأيام جهراً ويحسب أنَّ ما نطقت به هسيس
    الكاتب أراد : الصوت ، فصوت الرياح تسمَّى " عزيف " ، والهس أو الهسيس هو أن تقول كلاماً لا يفهم أو خفياً أو دقيقاً ( حديث الجن يسمى هسيساً ) ، كأنه أراد أن يقول : هشَّ أو هشيش ، أي : حرَّك وتحرك ، والريح مقرون بالعذاب والرياح مقرونة بالخير والنعمة ، فلم يوفق في أي ما أشار إليه كما ترى .
    ثم ص 65 : [ وكزني الشيخ بخيت وهمس بصوت خفيف ] خطأ أيضاً ! والصواب إن شاء الله : " لكزني " أو ربت على كتفي أو ما شابه بخفة وهدوء ، فــــــ " الوكز " هو الضرب بشِدَّة ذوداً ومنعة ومَنَعَاً بالساعد ، قال تعالى بسورة القصص : { فوكزه موسى فقضى عليه } ، ثم ص 90 ، فقرة 8 [ ... إلى ما بعد الهزيع الأخير من الليل ] حيث أراد من كلمة : " الهزيع " الثلث الأخير من الليل فأخطأ المرام ! فالمرام إن شاء الله : الهزيع ، هو البرد القارس وقت الثلث الأخير من الليل موسم الشتاء ، وأستبعد جداً أن يكون يقصده على وجه التدقيق والله أعلم .
    قال : [ كل صدرها المكتز البض ] خطأ ! والصواب : المكتظ المليء أو ما شابه ، والبض هو الطري الناعم ، والبضَّه هي الفتاة مقتبل العشرينات إذ تكون طرية الملمس حسنة القوام شهية المذاق ، ولا تستعمل لجزء معين من الجسم ، قال شاعرهم :
    تعلق قلبي طفلة بضة لها بوص متنضد خرعبة غجر
    ثم ص 250 قال : [ ران صمتٌ رهيب ] التعبير خطأ ! والصواب : أطبق ! أو ما جاورها من مرادف لغوي ، فالرين والران هو الحاجز أو الساتر أو الحاجب المانع بين رؤية شيئين فأكثر ، قال تعالى بسورة المطففين : { كلا بل : ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } يعني : محجوبون من رؤية الله تعالى يوم القيامة .
    وقال ص 99 : [ حتى رضخ محمد ثاني لرأينا ] خطأ شنيع ! والصواب : خضع ، لأنَّ الرضوخ تستعمل للمكسور من الجاف كعظم ساعد الإنسان مثلاً ، فيرضخ أي : يقبل التماثل للشفاء .
    • عها عها عها ، أكاد أقيء ، كل ما جاء من وصف وصفة من ص : 31 – 32 ، قميء ، وإن كان يحاول أن يعكس ما رآه عند غيره من الأطفال أو قل : هكذا تخيله لدى الآخرين ، قال : { يمشي الكمبو وحده " يا صدِّيقه ؟ الكمبو يا صدِّيقه } غير لائق ! والأجود أن يقول : " براه " تماشياً مع العامية السودانية حيث يحاول الكاتب إثبات التراث بلا جدوى ، وتحضرني هنا كتابات الروائي المجيد / عبد العزيز بركه ساكن ، وروايته " إمرأة من كمبو كديس " و " الرجل الخراب " فقد جمع فيهما ما بين المتعة والفائدة مستفيداً من الحداثة الفكرية لسرد النص الروائي ، قال أسامه : { وضعوا بداخل المسجد زير ماء ، وغطوا فوهته ( فوهته هنا كريهة لإساءة استعمال المفردة فهي صفة للبراكين والمدافع الرشاشة العسكرية وليس للزير المسكين ، والأصوب أن يقول : فتحته ، أو ما شابه ) بقماشٍ نظيف } ص : 37 ص 36 ، قال : [ ضربة ثقيلة على رأسي كانت كافية لأن تفقدني وعيي ] ص : 244 ، أقحمها إقحاماً والموقف نفسه غير ضروري .
    • حصدت أكثر من خمسين حرفاً لـــــــ " ك " التشبيه التي تعكر صفو المنتبه ، وكان في الإمكان أن يقلل منها أو يستعمل غيرها ، وهنا ألتمس قلة المخزون المعرفي باللغة العربية أو إدمان الإطلاع على المنقول الطباعي كما يقولون ، فلم يبرز الكاتب – الراوي العليم / القاص / الحاكي / حسن يس – أيَّا من أثر يدل عليه ، قال من ص : 33 – 255 [ كجوال قطن / كظلي / كنار هامدة / ص 46 .. إلخ ] وهي تقلل من التنوع المغني للرواية بلا شك ، وأكثر من خمسين شخصية ثانوية ( ص : 71 وما بعدها وما قبلها / الفقرة " 7 " ) [ الشبرة ، الجنيد ، السر جعفر ، التومة بت جادين ، نعيمه الشرقاوية ، عباس عبد السخي ... إلخ ] قال صاحبهم :
    وشعرٍ كبعر الكبش فرَّق بينه لسان دعي في القريض دخيل
    أو قل : لسان دعي في الرواية دخيل .
    ولا أدري ماذا يريد المؤلف من هذه الكثرة الكثيرة المملة المزعجة الكريهة ؟ أضعف روايته دون أن يدري ، ليته لم يفعل لكفاني هذا الملل .
    • المغامرة مع غادة / حسن – نشوى / حسن ، نوع من إلقاء الحجر على الماء الراكد ، ولا بأس به لتغيير نمط السرد " الفقرة 7 " و ص : 198 .
    • قال ص 79 : [ لم يكن سراً ما يجري بمنزل السر جعفر ] تصوير قميء لوالده علانية / الناظر / كما وصف أمَّه من قبل بذات الشكل ، وهنا إنتقاصة من شأو سمبا – الرواية - ، من قبيل الأخلاق وعدم التربية – وهو مربي كبير وناظر مدرسة ومكانة إجتماعية مرموقة – فحطَّ من قدر النص والنَّاص والمهنة كذلك ، قال : [ كثر الهمس بأنَّ مقعد الشيشة الفخاري لم يكن يخلو بحال من الأحوال من التباكو المخلوط بأعشاب غالية ، تأتي من مناطق بعيدة / بنقو ، مخدرات ، حشيش / تستحق ثمنها الذي ابتاعوه به ، أعشاب تجلب الإنتشاء والسرور وتدخلهم إلى عالم آخر مغاير تماماً ملئ بالألوان والجمال ] .لكن يُلاحظ إتيانه بنفس النمط المنوط به في كل فقرة يتحدث فيها عن الجنس ذات الصورة والكيفية وكأنَّ الفكرة الجنسية ثابتة في مخيلته ولا أراها تثير الغرائز حيث يريد ، أو لعلني أكون بارداً جنسياً ، فالتداعي لصورة الإثارة الغريزية يتأتى بالتدريج للجنسين وهذا ما لم يرد على أي لسان في " سمبا " وهو ما لم يقم به المؤلف ليستدعي الغريزة الجنسية ويثير المتلقي بنشوة المشهد الرومانسي وتحويله إلى صورة تستفز الغريزة فيشوق القارئ للمتابعة والخيال ( ص : 79 ، وما بعدها وما قبلها ) .
    • الوصف المكاني : يحتل حيزاً كبيراً جداً في البنية النصية للرواية ، وهو جيد في هذا الموضع خصوصاً إذا قلل منه [ يصف العاصمة المثلثة والقرية " سوق ليبيا بأمدرمان / الزحمة فيها الرحمة / لماذا ساقوه مقتاداً كعبد بني الحسحاس حين قُتل ؟ إنَّه من أشعر الناس ! ، ص : 246 ، وما جاء بعدها من تبرير غير مبرر " ] ولكنَّ الإسفاف في الوصف يُحَمِّل النص أكثر مما يحتمل ، وكنت أكره الثرثرة الوصفية الإنشائية تلك عند الكاتب / إحسان عبد القدوس ، في روايته " لا تتركني هنا وحدي " وروايته " لن أعيش في جلباب أبي " وكذلك عند الكاتب الكبير / الطيب صالح " موسم الهجرة إلى الشمال / حديث بت مجذوب ، ووصف الغرفة / " ، ويعجبني اختصاره في روايته " دومة ود حامد " و " بندر شاه " و " نخلة على الجدول / يصف الدنيا لمحيميد / " ، زد عليه الوصف الإجتماعي لساكن الريف والقرى والحَلَّال والفرقان ، كانت أكثر من اللازم ، ولكنه أجاد حين قال : [ ساعة الإنتظار التي قضيناها في الموقف لمعرفة الأخبار من مصدرها ممن نعرفهم من القرية لم تضع سدى ، وإن كانت لم تلب طموحاتنا ] عبارة أكثر من رائعة ، وهي أقرب كثيراً جداً للحقيقة وأنا شاهد على ذلك إذ عشت قرابة العشر سنوات في المناطق الريفية في مديريات – ولايات – السودان المختلفة ، فالمؤلف هنا أجاد الوصف بلا ريب قال : [ جعلت منه سوقاً رائجاً يومي السبت والثلاثاء ، وخامداً فيما سواهما من أيَّام ] ص : 81 .
    • أعجبتني كلمته ص 86 : [ إنَّ الله سيسامحه على فعلته تلك ، ولكنَّ التعلمجي لن يفعل ] ، لا تخلو من روح الفكاهة والمزحة .
    • الهروب من المعسكر ، هنا يتضح سعة الخيال ، وإن كانت أقرب إلى الواقعية وتحفزني للمتابعة إعجاباً بلا شك ، لأنَّ أغلب الذين شهدوا فترة التدريب العسكري لأداء الخدمة الوطنية ( 1995 م – 2005 م / أو قبلها بقليل ) مرَّت بهم تجربة التدريب وفكرة الهروب لا الخروج من المعسكر ابتعاداً عن الذهاب إلى مناطق العمليات بجنوب السودان ، لكن فكرة الهروب تشير بطرفٍ خفي إلى الخنوع والجبن أكثر من كونها تركيباً للسياق الإجمالي للقصة منها إلى الشجاعة المرجوة بعد التخرج من المعسكر / ص : 100 – 101 / .
    • ليس لهذه الرواية قضية مطروحة للمعالجة كما قلت من قبل ، فهي يتيمة إذا ما قورنت برصيفاتها الأخريات من الروايات ذات القضايا الحيَّة والحيوية التي تحتاج المفاكرة والمذاكرة ، لذا فقد فقد الكاتب أهم عنصر في البنية النصية للسرد الروائي وهو وحدة موضوع الرواية ، وبلا شك سقطت سقوطاً مدوياً من مكانتها الطبيعية في المكتبة العربية والعالمية على السواء – وجهة نظر - ، خذ مثالاً على ذلك ص 119 حيث قال : [ عشرون عاماً إلا قليلاً ] و ص 120 : [ عندما بلغت السابعة عشر ] فأنت تراه قفز قفزة أطنَّت قوائمه النصية بحيث لا تستقيم مع تسلسل الأحداث ، فبعد العشرين سنة عقد جديد من الحياة ولكنه هنا نكص على عقبيه وقال : [ عندما بلغت السابعة عشر ] ص : 120 ، حين كان عليه ذكر ما جاء ص : 120 في ص : 119 أو قبلها ، ليربط توالي الأحداث مع متابعة القارئ وهنا إخفاق لا يعالج كما ترى .
    • ممارسة الجنس مع زوجة المفتش ( رباب ) وتداعي الذاكرة بشرب كوب الزنجبيل والمسبح الأسمنتي ( ص : 125 ) والتعري ... إلخ ، مما أدَّى لممارسة الجنس ( زوجة المفتش طلعت شرموطه ) معها ، يضاف إلى سذاجة الفكرة سوء الأخلاق الذي ينادي به النص حيث ينبغي العكس .
    • تناول الكاتب لقضية العلاقة بين الشعب الجنوب سوداني مع السودان الشمالي ، لهي إشارة جيدة للغاية والتي أدَّت للإنفصال فيما بعد ( 2011 م ) ، تحتاج لوقفات طوال ( الفقرة 12 / ص 143 " شريلو / ألونج – حسن يس " ، والفصل 18 " ص : 251 " / إتفاقية جوبا لسلام دارفور 3 / 10 / 2020 م / الحكومة الإنتقالية الحالية ، مع المكوِّن الدارفوري ) وهنا أجاد الإشارة حيث تمنيت عليه أن جعلها موضوعه المطروح للمعالجة في روايته هذى ، لأنها قضية مهمة للغاية ولها أبعادها لوحدة السودان وما إلى ذلك ، وعن حق وقفت في هذه الفقرة طويلاً وتداعت ذاكرتي للوراء أكثر فقد عشت تفاصيلها بكل ما أملك ، وكما فقد ( ود الناظر صديقه خالد منصور ) فقدت أنا إخوة لي لا شأن لهم بالسياسة مات أكثرهم بمناطق العمليات وأصابني ما أصاب ( ود الناظر ) وأوجع .
    أكتب لنا يا أسامه إدريس ، أكتب هداك الله عن هذا : ألونج وآدم ومحمد أحمد و أوهاج وتيه ومحمد صالح وفضل المرجي وبدر الدين العتاق ، أكتب يا أسامه فإنك نكأت جرحاً عميقاً لا يبرى ، رحمك الله ورحم الله فترة الخدمة الوطنية .
    • " سمبا " الوارد ذكرها عفواً هنا وغضاضة ، يخاطب المؤلف على لسان الراوي العليم – ود الناظر – "سمبا " بإسمها وهي والدته بالرضاعة دون ألقاب ، بينما ينادي " صدِّيقه " أمه بـــــ " الوالدة / أمي " فيشتم هنا رائحة التمييز العنصري الذي أباه مع ألونج وشويلر ، والله أعلم .
    • كنت أتوقع ختام هذه الرواية كالآتي : أن تموت " سمبا " ، يتزوج حسن يس من نشوى ويتزوج محمد الثاني من سلمى ، يموت إسحق الحلاق ، حل قضية البنك مع المزارعين ، نهاية الجامعة لشلة الأنس ، رباب والدعارة هل اكتشفها المفتش ، لك القول بأنني تفاجأت من ربكة الخاتمة .

    • قرار محاكمة " سمبا " :
    تبرئ المحكمة الأدبية المغلوبة على أمرها عنوة من هذه القصة الآثمة - التي كبا فيها جواد الكاتب ونكب عن صراط الرواية الجيد المستقيم ذات اللغة الفخمة الجزلة حين تنكَّب مشقة التأليف ذلكم الضرب الصعب المراس بلا دُربة وبلا تأني من وجوب سلامة اللغة ووحدة الموضوع ومراعاة الشخوص والحقيقة ومزجها بالخيال ومعالجة قضايا ملحة ضرورية بأسلوب رشيق خفيف فخيم هادف بعيد عن الثرثرة الجوفاء ومراعاة للبناء النصي وقوة السرد الروائي والأخطاء اللغوية واستعمالها والترويج لها مما أبعد الكاتب والمكتوب عن حفظ اللسان العربي الذي يحفظ القرآن ويذود به عن حمى الإسلام ، تلك الغاية الشريفة التي لا منأى لكاتب مهما كتب أن يتجاوزها جزافاً أو ضربة لازب – " سمبا " التي بعد تمحيص وُجِدَ أنَّها لا تمد بصلة بينها والرواية كموضوع واحد يستحق الــــ 255 صفحة من القطع المتوسط تأليفاً روائياً ، وأن يعيد الكاتب الأستاذ / أسامه الشيخ إدريس ، المتهم بعدم الضبط لفصول الرواية بإعادة النظر فيها مراراً وتكراراً وسحب الثقة منه والجائزة .

    خاتمة :
    نال المرحوم البروفيسور / عبد الله الطيب ( 1921 م – 2003 م ) ، جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي سنة : 2000 م ، وهي آخر جائزة نالها ، قال : { ليست هذه أول جائزة نلتها ، فقد نلت قبلها الكثير ، ولكن أعظم جائزة هي تلك المقدِّمة التي زيَّن لي بها علَّامة العرب عميد الأدب العربي الدكتور / طه حسين ، صدر كتابي الأول : المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها ، فهي ما زالت في نفسي حتى اليوم " قالها وهو يبتسم ابتسامته الساخرة الجميلة تلك " } ، فلك أيها الإنسان الكريم / أسامه الشيخ إدريس ، كفاية وفخراً تقديمك أنت لأساتذتنا الكبار / شبرين ، [ وتقديم لوحة فنية لك من ريشة الفنان المبدع / إبراهيم العوام ( تحية فخر وإعزاز / 2017 م ) ، زهاء الطاهر ، فأنت قد زينت صدر كتابك بذكرهم وشجعتنا على قراءة منتوج سفرك القيم بمحاولاتك الجادة والمجهدة ، فلك أصدق الود وأنبله والله أسأله لك ولنا التوفيق والسداد .

    بدر الدين العتاق

    القاهرة






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de