"الحالة السودانية" : إعادة نشر من 16/02/2018

Quote: شبعت الأزمة السودانية حديثاً وتحليلات وقراءات وتنظيرات ودعوات ! لا خَيرَ يُرجى من الحكومة أما المعارضة ... فإن أرادت أن تكون أفضل وتقدم خيراً ... فعليها أن تتوقف عن أي فعل أو قول لمدة شهر على الأقل ثم تعيد تنظيم صفوفها وتتحرك على الأرض وفقاً لقراءة صحيحة للأحداث بعيداً عن الشعارات الجوفاء أما الشعب ... فهو شعب واعٍ وفاهم ويعرف ما يناسبه فأرجو من المعارضة ألا تحذو حذو الحكومة وتتعامل مع الشعب بفوقية الحديث عن أن الشعب تعرّض لتجهيل وووو هو حديث معيب يفترض أن الشعب "قاصر" .... حملات التجهيل ومحاولات تغيير الهوية واقع لا يمكن إنكاره ... لكن أثرها ليس بتلك الضخامة ولا يمكن أن تهدف لحكم شعب وأنت تحمل له نفس أفكار التهوين والاستخفاف التي يتعامل بها الحاكمون الآن مع الشعب لا أعتقد أن أي تغيير سيحصل في السودان قبل أن يغيب جيل قيادات المعارضة الحالي تماماً عن المشهد بالوفاة الطبيعية أو التنحي اختياراً أو اضطراراً بسبب الظروف الصحية والعمرية المقدّرة والتي ليست بيد أحد بعدها سيتمكن الجيل القادم الناهض من تحت الرماد من إحداث شيء ... سؤال: لماذا صمد التنظيم الحاكم "أياً كان اسمه أو كانت واجهته" لما يقارب 30 عاماً فيما كانت الديمقراطيات تتهاوى كل بضع سنين ؟ جواب: أعتقد ... أن التنظيم الحاكم الحالي وسع مظلة المستفيدين منه ومددها لتشمل كوادر في كل مدن وقرى السودان ... لها مصلحة مباشرة في استمرار التنظيم ... وقدم سلّة تغذية مادية ومعنوية متنوعة لأعضائه تعينهم على الاستمرار في الولاء للتنظيم والاستعداد لخدمته بمجهودهم وفدائه بأرواحهم ، كما لعبوا مع قواعدهم بذكاء بسياسة الجزرة والعصا وأصبح كل كادر منهم يؤمن تماماً أن بقاء التنظيم في الحكم هو الضامن الوحيد لتحقيق أهداف العضو الخاصة والعامة .... وقدّم التنظيم مكافآت سخية لأعضائه مقابل ولائهم المطلق المجرد من أي عاطفة أو أخلاق ، وأصبح كل منهم يعرف أن مقدار بذله للتنظيم يساوي مقدار ما سيستفيد منه وما سيترقى عبره إلى الأعلى وقد لعبوا في هذه المسألة ببراعة تفتقدها القوى المعارضة نجد أن كافة التنظيمات الأخرى منذ استقلال السودان عملت على بناء الولاء اعتماداً على أحد شيئين: 1- قداسة متوارثة : كما نجد الحال لدى الأنصار أو الختمية وهذه تضعف مع الزمن وتغير الثقافة والمعارف ،،، كما أن الأعضاء هنا مجرد تابعين لهم حدود معينة في التنظيم لن يتعدوها مهما فعلوا وستذهب كل المواقع القيادية في التنظيم لأبناء البيوت المحددة والبيوت المتحالفة معها. 2- شعارات وأفكار : كما نجد الحال لدى التيارات اليسارية وهذه لا تسمن ولا تغني من جوع ، كما أن العضو سيبقى مكتّفاً لا يستطيع أن يقدّم للتنظيم شيئاً ذا بال ، وربما تجرفه ظروف الحياة بعيداً حتى وإن بقي ولاؤه القلبي للتنظيم ،،، لهذه الأسباب تجد قيادات المعارضة نفسها تسارع إلى التفاوض مع النظام ، ولا يطرحون في هذه المفاوضات أي قضايا مطلبية أو أي شأن يتعلق بالجمهور بل محاصصات واقتسامات وطلبات محددة يستفيد منها أشخاص محددون ... والشعب واعٍ ويتفرج ويأخذ العديد من الدروس المجانية من كل هذا ثم يأتي البعض ليسبّ الشعب ويطعن في وطنيته وأهليته ! ويحاولون فرض الوصاية عليه ويتحدثون بترفٍ فكري وثقافي وفوقية مقيتة تباعد المسافة بينهم وبين شعبهم. فشلت جميع تنظيمات المعارضة في قراءة الضيق الحاصل .... فشلت في توظيفه .... لأنها تفتقر إلى قراءة صحيحة للماضي والحاضر والمستقبل وقديماً قالوا: "اسمع كلام البيبكيك ما تسمع كلام البيضحكك"