لما فرغ قاسم من اجتماعه وعاد إلى المكتب، لم يجد ضيفه إذ خرج مشحوناً بطاقة رومانسيةٍ طاغية من فاتنه الحسناء. عبارة استغراب كبيرة انطبعت في ذهن قاسم و هو عائدٌ بنهاية دوامه إذ مرَّ على ثاني ضحاياه / عزالدين ، صاحب مخبزٍ رغيف مجاورٍ في الحلة، والذي كلما سأله قاسم عن أحواله من باب التطمان، يردد لازمته المحوفظة : بأنها "مستورة .. و نحمَدُ اله و نشكُر فضله"؛ و لكن خطرت لقاسم هذه المرة فكرة منقولة من أحد معارفه بأن شركةً عملاقة تعمل في مجال التعدين على نطاق القارة السمراء بحاجة لتوظيف مراقبي عُمَّالٍ برواتبَ و مُخصصاتٍ مجزيةٍ ، عرضها على عز ا لدين و الذي ما أن سمعها ، إذا به في رمشة عينٍ تنصل عن قناعته و نسي حمده لله و عرفانه لفضله وأصبح شغله الشاغل هو التعلق بأهداب تلك الشركة "الوهم" فسرعان ما ذاع الشمار لتطير به الأخبار و تسير الرُّكبان ليُفاجأ قاسم في اليوم التالي وهو عائدٌ من مكتبه بكل مخابز البلد ومحله التجارية وقد غلَّقت الأبواب بوجه الزبائن لدرجة أنه زوجته سوسن ، طلبت منه أن يأتيها بكعكة لضيافة بنت خالتها رحاب وخطيبها الأنيق أويسٍ ، فقال قاسم لسوسن ممازحاً : غايتو إلا نكرم مثواهم الأخير بآبري حلو مرٍ ولا غُباشةّ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة