د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم يكتب عن نظرات للجمهوريين في المناهج

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 10:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-08-2021, 07:04 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم (Re: عبدالله عثمان)

    تدريس عقيد الأغلبية والوحدة الوطنية
    ​ناقشت في الفقرات السابقة الذريعة التي يتذرع بها مناصرو إستخدام المدرسة لغرس عقيدة بعينها في أفئدة الطلاب، وهي ذريعة أن المسلمون هم الأغلبية. وقلت أن المسلمين أنفسهم ليسوا على مذهب واحد. بل إن مذاهبهم تتناقض وتتعارض في أمور كثيرة. كما قلت أن عقيد اليافع من الأبناء والبنات هي مسؤولية الأسرة، وهي حق حصري للأسرة، حتى وإن كانت الأسرة أمية لا تقرأ ولا تكتب. فكم من الأميين غرسوا في وجدان أطفالهم أفضل العقائد، وزانوا أبناءهم وبناتهم بأفضل القيم والفضائل وبأنبل السجايا. ولا ينبغي إطلاقا أن تنازع الدولة الأب، والأم، والأسرة الممتدة، في ذلك الحق. فالمعلمون الذين يوكل إليهم تدريس المنهج الذي يريد أن يغرس في الطلاب والطالبات نظرة دينية بعينها هم أيضا مختلفون في انتماءاتهم المذهبية. ومهمة المعلمين التي تم تدريبهم، والتعاقد معهم على تأديتها، ليست تدريس مذهب الحكومة، وإنما تدريس المواد الدراسية التي تخصصوا فيها. ولا يعني هذا أن المعلمين ليسوا مسؤولين عن مسلك الطلاب، ومن صياغتهم صياغة أخلاقية صالحة، فهم مسؤولون عن ذلك أيضا، بطبيعة الحال. ولكن ذلك لا يقتضي حصر الطلاب في الإعتقاد في مذهب أو طريقة أو مجموع ما تراه جماعة بعينها، كجماعة الإنقاذ مثلا. فلكل مدرسة في العالم قواعد سلوك وموجهات وضوابط. وهذه الموجهات تحكمها قواعد أخلاقية ذات سمات عالمية متوافق عليها في كل المجتمعات البشرية. فهي لا تختلف إلا قليلا جدا بين البلدان، بسبب إختلاف الثقافات. لكنها في جوهرها وإطارها العام متشابهة جدا. هذا ما يحتاجه الطلاب في المدرسة. وما يتعدى ذلك لا يعود سوى بالخراب.

    ​يفترض في الدولة العصرية أن التعليم للجميع بلا تمييز يتم على أساس العقيدة، أو أي أساس آخر. فالمدرسة العامة التي يتم الصرف عليها من أموال الضرائب هي حق للمسلم، وللمسيحي، ولليهودي وللأرواحي، ولللاديني. وكل تركيز على عقيدة الغالبية في المنهج المدرسي يشعر بقية الطلاب بالدونية وبالهامشية. خاصة حين يتم ذلك في مرحلة الأساس، حيث لا تزال عقول الطلاب وأفئدتهم غضة. فالطلاب من غير المسلمين، يتأثرون سلبا في هذه السن حين يرون مدرسيهم يحابون عقيدة الطلاب المنتمين للأغلبية الدينية. وحين يرون أن المادة الدينية لم تنحصر في حصة التربية الإسلامية وإنما تم نثرها اعتسافا بقية المواد الأخرى كما هو الحال في المناهج الحالية مما سوف نقيم عليه الدليل لاحقا.

    ما من شك أن على المدرسة أن تنمي الشعور القومي لدى طلابها، بلا استثناء. فالتلاميذ على اختلاف عقائدهم هم سودانيون في المقام الأول. ويجب أن يحسوا بذلك الإنتماء قبل إحساسهم بأي إنتماء آخر. لقد ظلت مناهجنا مستتبعة للخارج، أي لمصر وللثقافة العربية الإسلامية بقدر محق خصائصنا الذاتية وإعتدادنا بإرثنا الحضاري. فكل الكتب المدرسية خاصة في مادة اللغة العربية المخصصة لمرحلة الأساس محشوة بالنصوص الأجنبية وتمثيل النصوص السودانية نثرا كانت أم شعرا نسبة ضئيلة جدا. وما من شك أن هذا النهج يتضمن رسالة ضمنية شديدة الوضوح، وهي أن المحلي لا يرقى لمستوى الأجنبي! وأن هذا الكيان السوداني لا قيمة له إطلاقا بمعزل عن ارتباطه بالخارج.
    أيضا، لا يُعقل أن ننتظر من أطفال بقية الشعوب السودانية التي يتم التمييز ضدها دينيا، وعرقيا، وسياسيا حين يكبرون، أن يكونوا في خندق واحد دفاعا عن البلاد مع من ميزوا ضدهم. بل إن الشواهد الحية تقول أن أدلجة التعليم والحديث بلسان واحد من ألسنة السكان، (لسان المسلمين) أو (لسان العرب) قد قاد قطاع كبير من أبناء السودان إلى حمل السلاح ضد الدولة المركزية. حمل السلاح مسلمو دارفور تحت عديد الجبهات التي ظلت تقاتل الحكومة. وحمل السلاح الجنوبيون بمختلف أديانهم وأعراقهم حتى تم فصل جنوب السودان عن شماله. ويحمل السلاح اليوم قطاع كبير ومؤثر جدا من سكان ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مما ينذر بمزيد من التمزق لما تبقى من القطر السوداني. وما من شك أن الدولة الرشيدة هي الدولة التي تركز على ما يجمع مختلف القوى التي تشكل مجتمعاتها، لا على ما يفرقها.
    أسلمة المناهج :
    جاء في صحيفة التعليم التي تصدرها وزارة التربية والتعليم بتاريخ الإثنين 13/ 2/2011، (أهداف المؤتمر، والمقصود هو المؤتمر القومي للتعليم في السودان: هي تحديد الرؤية المستقبلية للسودان بإعتبار أن التعليم يمثل مدخلا أساسيا لصناعة المستقبل وبناء الأمة. وأن تسعى العملية التعليمية في جميع مراحلها إلى تخريج جيل رسالي وذلك بصياغة القيم الإسلامية وتمكينها في وجدان الطلاب). ويتضح من هذه الفقرة أن حكومة الإنقاذ، أو قل حكومة المؤتمر الوطني، لا تزال تعمه في ضلالها القديم. هذه الصيغة التي أوردناها عاليه صيغة جوفاء لا تحدد هدفا واضحا للتعليم يمكن الإمساك به. فعبارة "جيل رسالي" عبارة فارغة من أي محتوى. وهي عبارة لم يرد بها كاتبوها شيئا سوى تملق عواطف من كلفهم من الرسميين الحكوميين بعقد ذلك المؤتمر. ويمكن القول وبكل اطمئنان أن المؤتمر لم يعقد أصلا لحل مشكلة التعليم، وإنما عُقد كجزء من حملات العلاقات العامة التي أدمنت السلطات القيام بها من أجل إمتصاص الغضب الشعبي، وإيهام الجمهور أن هناك عملا ما يجري من أجل إصلاح التعليم. فأزمة التعليم في السودان لا تكمن في أنه لا يخرج "جيلا رساليا"، وإنما تكمن في أن مخرجاته أصبحت بالغة الضعف والهزال، بالقدر الذي أصبح به خريجونا والشهادات العلمية التي تمنحها لهم جامعاتنا أضحوكة الشعوب، حتى أولئك الذين كان السودانيون هم أول، وأكفأ من قاموا بتعليمهم !!
    الهدف في ما نراه نحن هو ليس تخريج "جيل رسالي" فقد رأينا فساد "الرساليين الكبار" أنفسهم، وبقدر لم يتفق للرسميين السودانيين منذ فجر التاريخ. كما رأينا ما اصاب المجتمع من تراجع أخلاقي غير مسبوق نتيجة لنظام حكمهم. الهدف من التعليم المرتبط بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية هو تخريج طلاب يملكون مهارات علمية وعملية تجعلهم في مستوى أقرانهم في بقية الكوكب. أفراد قادرين على المنافسة في سوق العلم الكوكبية التي تنداح كل يوم. وحين يكون خريجونا في مستوى رصفائهم من خريجي البلدان، الأخرى نكون قد تحققنا عمليا من جودة تعليمنا، ومن قدرة خريجينا على تغيير وجه الحياة في بلادنا. "الجيل الرسالي" الذي تعمد الإنقاذ إلى تخريجه لن يستطيع أن ينافس على أية وظيفة خارج ما تمنحه الإنقاذ لمنسوبيها من المؤلفة قلوبهم، دعك عن المنافسة على المستوي الإقليمي والعالمي. لماذا لا يدع الإنقاذيون هذه"الرسالية" التي جعلوها هدفا رئيسا، للدولة أن تعود مرة أخرى إلى الوضع الطبيعي، حيث كانت تطلع بمهمة صياغة الفرد وجدانيا وأخلاقيا، الخلاوى، والمساجد، والطرق الصوفية، ثم الأسر التي هي أحرص من الدولة على التنشئة الخلقية لأبنائها وبناتها، وأعرف وأقدر على تحقيق ذلك من الدولة. لماذا لا تترك الدولة هذه الرعونة وهذا الإدعاء الأجوف وتنصرف إلى واجبها الرئيس الذي عجزت عن أدائه وهو الإهتمام بمستوى المخرجات التعليمية في الرياضايات والعلوم الطبيعية، والعلوم الإجتماعية، واللغات، والفنون، وعلوم التقانة، بدلا من التعاطي مع مخرجات التعليم بمثل هذا الإنشاء الفارغ من شاكلة "تخريج جيل رسالي"؟!
    إن حل مشاكل السودان هو حل اقتصادي في المقام الأول. والتقدم الإقتصادي يقتضي تعليما مهنيا منشغلا أولا وأخيرا بالمخرجات المتعلقة بالمعارف العلمية الصرفة، والمهارات العملية الصرفة وفق ما هو سائد في كل البلدان المتقدمة، أو تلك التي خطت خطوات واسعة في درب التقدم كالهند والبرازيل وماليزيا وتركيا، وغيرها. وماليزيا وتركيا والهند بلدان يمثل الإسلام مكونا رئيسا في ثقافتة شعوبها، غير أننا نجد أنها تهتم في تعليمها الذي حقق لها نهضتها بالمخرجات المتعلقة بالمعارف العلمية والمهارات العلمية. وما من تعليم إلا وكانت له عناية بالمسألة الأخلاقية، وهي ما تسمى لدى التربويين بالـ dispositions وتعني السمات الشخصية. وتدخل السمات الشخصية في باب أخلاق المهنة. فلكل مهنة أخلاق. والأطباء في كل أرجاء العالم يقسمون قسم "أبوقراط" وهو قسم أخلاقي في المقام الأول. وعموما ما مهنة ما إلا ولها أخلاقيات. ولذلك لا يوجد تعليم بلا تربية خلقية. ولكن التربية الخلقية تربية عالمية، وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بالعقائد. ودعك من الفضاء الواقع خارج دائرة الثقافة العربية الإسلامية، فلو نحن نظرنا داخل بنية الثقافة العربية الإسلامية لوجدنا الإختلاف العقدي بين السنة والشيعة اختلاف جد كبير. ومع ذلك لا يختلف السني والشيعي في المعاني الأخلاقية الرئيسية، من شاكلة لا تؤذي الغير، لا تغش، لا تسرق، لا تحتال، لا تسب الغير، لا تنتقص من قدر أي إنسان. هذه مبادئ أخلاقية عالمية يلتقي فيها السني والشيعي رغم تباين العقيدة، وتباين المرجعية الدينية، كما يلتقي فيها المسلمون على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم مع بقية شعوب الأرض. فالدين من حيث هو مسيحيا كان أم إسلاميا، أم يهوديا، أم بوذيا، أم هندوسيا، يكون دائما في الخلفية في أي وسط دراسي. والمدرسة تعتمد على قيم الدين دون أن تسمي دينا بعينه من أجل تشكيل أخلاق الطلاب. بل إن القرآن يقول صراحة بمثل هذا النهج: ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)). هذه هي الصيغة العالمية للأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها أمر التربية الأخلاقية)). في رسالته إلى عميد معهد بخت الرضا بتاريخ 24/12/1958 كتب الأستاذ محمود رسالة عن التعليم بطلب من عميد المعهد المذكور جاء فيها:

    أولا يجب أن نفهِّم النشء الأخلاق، بدون أن نسميها أخلاقا.. يجب أن يكون تعليمنا بالقدوة، لا بالكلام. والدين، من حيث هو، من أكبر وسائل تعليم الخلق الجميل، والدين الإسلامى، بشكل خاص، على ألا يكون تعليمه مستقلا عن النشاط اليومى، في التعليم المهنى، أو في الألعاب أو خلافه، وإنما يكون متلبسا بكل أولئك. يجب ان يُعَلَّم الدين بسير الرجال الصالحين، حتى ولو كانوا غير مسلمين، فبإبراز قيم السلوك الإنساني التي عاشها العظماء، من مسلمين، وغير المسلمين ترسخ في أذهان الطلاب النماذج البشرية الممجدة ...... سيكون التشريع مبنيا على القيم الإنسانية الرفيعة، وهى القيم التي نعلمها في معاهدنا، ومنازلنا، ونطلبها من كل مواطن مهما كان دينه، ومهما كانت مهنته، بغير تمييز في ذلك.

    هناك إدعاء من قبل من أفرختهم مفرخة فكر الإخوان المسلمين يقوم على ظن شديد البطلان، وهو أنهم الوحيدين الأعرف بالأخلاق والأكثر تحققا بها، ومن ثم هم مخولون من جانب السماء بفرضها على الناس. وهذا إدعاء أجوف وباطل وقد فضحته، شر فضيحة، التجارب العملية اليومية مع مسؤولي حكومة الإنقاذ عبر العشرين سنة ونيف الماضية. ما نراه في منهج الأساس الذي بين أيدينا الآن ليس سوى استخدام للتعليم، وهو آلية قومية، لغسيل الأدمغة لمصلحة نظام سياسي، هو نظام عابر مهما طال أمده. أين معمر القذافي الذي جاوز حكمه الأربعين عاما، وأين حسني مبارك، وعلى عبد الله صالح اللذين جاوز حكمهما الثلاثين عاما. بل أين الجنرال فرانكو وأين هيلا سلاسي. ما قامت به الإنقاذ نفى عن التعليم السوداني نفيا قاطعا صفة القومية وحوله إلى أداة حزبية، وبوقا دعائية، مثلها مثل أجهزة الإعلام التي لا هم لها سوى التسبيح بحمد الحاكم، محاولة إطالة أمد بقائه في كرسي الحكم. هذا النهج الاستعلائي المصادر للحكمة الموروثة من سالف العصور لن يفلح في تحقيق أي مما خُطط له. بل سيعود على البلاد والعباد بكوارث ماحقة، وهي كوراث دخلنا في نفقها منذ مدة ليست بالقصيرة.
    النمو الروحي بين المنهج القديم ومنهج الإنقاذ:
    لقد ظل المنهج المدرسي السوداني معقولا ومنفتحا وبعيدا، إلى حد كبير، عن التعصب، حتى مجيئ حكومة الإنقاذ إلى الحكم في العام 1989. وعلى سبيل المثال، فقد جاء في مؤتمر المناهج ببخت الرضا 1973 ما نصه:
    النمو الروحي: يهدف إلى أن يتشرب الطفل مبادئ الدين الأساسية متحررا من التعصب والخرافات بحيث تبني عقيدته على أسس سليمة من الفهم والممارسة عبادة وسلوكا، وينطبع على يقظة الضمير والإيمان بالفضائل الخلقية وحب الخير وبذل المعونة للمحتاج وعلى التمسك بما يؤمن به من القيم والمبادئ الصالحة، وأن تنمى فيه العزيمة والقدرة على مواجهة الحياة في تفاؤل وإيمان.

    ويلاحظ هنا أن هذه قيما عامة تمثل في مجملها ما يمكن أن نسميه "مكارم الأخلاق". وهي بهذا المعني قيم عالمية يتفق حولها بنو البشر في كل مكان. أما الأهداف التي وُضعت بعد مؤتمر سياسات التعليم 1990، فقد إرتدت بأهداف التعليم إلى نهج ضيق قصاراه إزكاء نعرات التعصب وإقصاء الآخر المختلف. وتظهر هذه الردة بشكل جلي في مناهج مرحلة الأساس، خصوصا مناهج العلوم الإنسانية: كالتاريخ والجغرافيا واللغة العربية والتربية الإسلامية. ولقد وضع المناهج في السابق، أفضل بكثير قياسا بالردة التي صبغت مناهج مابعد الإنقاذ.
    ​جاء أيضا في الأهداف العامة للتربية في السودان التي وضعها مؤتمر 1973:
    - إعداد الناشئ إعدادا يمكنه من تقبل التغيير الناتج عن ظروف العصر على أن يتفاعل مع هذا التغيير ببصيرة واعية وفكر ناقد يمكنه من الإختيار الواعي.
    - ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد وتربية الجيل على أساسها مزودا بروح الإيجابية وحب الوطنية وتقدير حقوقه وواجباته لأداء دوره كاملا في البناء القومي.
    - ترسيخ مفاهيم الديمقراطية والحرية في نفوس الناشئة فكرا وممارسة.

    واضح هنا، كما سبق أن نوهنا، أن أهداف التعليم في منهج 1973 كانت أهدافا معقولة. فهي قد نصت على تفهم المتغيرات واعتبار روح العصر، وعلى البصيرة الواعية، والفكر الناقد، وعلى الوحدة الوطنية، وترسيخ المفاهيم الديمقراطية، إلخ. أما الأهداف التي صاغتها الإنقاذ في العام 1990، والمادة الدراسية التي إحتواها المنهج الجديد، بناء على هذه الأهداف المؤدلجة، فقد إتجهت مباشرة نحو السيطرة على عقول الطلاب وإلى إعادة صياغتها وفق رؤية المتعصبين دينيا ممن قفزوا إلى دست الحكم بليل، معتقدين أنهم "نهاية تاريخ" القطر السوداني التي ليس بعدها نهاية!!. إتجه المنهج إلى إذكاء الروح الجهادية، وإلى طمس الخصائص التاريخية المرورثة في شخصية الطفل السوداني، وكأن بالمنهج يريد تحويل الطفل السوداني ليصبح طفلا كالذي تود صنعه منظمة (حماس) في غزة، أو طفلا يتم إعداده ليصبح مقاتلا شيعيا مستقبليا ضمن مقاتلي الشيخ (حسن نصر الله)، في جنوب لبنان، أو مشروع استشهادي في القاعدة أو أي من منظمات من يسمون بالمجاهدين العرب.
    أيضا، اتجه منهج الإنقاذ إلى محاولة هدم التراث السوداني الصوفي، بالزراية على زيارة الأولياء، والتبرك بالصالحين، بمحاولة دس آراء الوهابية في المنهج، وهي آراء تصم هذه التراث الثقافي العتيد بـأنه "شرك". وما من شك أن المنهج، بهذا المنحى المتطرف، إنما يزرع بذور الفرقة، ليس في الأمة السودانية بشكل عام، وإنما حتى على مستوى الأسرة الصغيرة نفسها. فمحاولة تغذية الطقل بمفاهيم جماعة بعينها، زعما بأنها هي الوحيدة التي تمثل "الإسلام الصحيح" يخلق تناقضا في وعي الطفل. وهو وعي غض لا يزال يمر بمراحل تشكله الأولى. بهذا النهج تضع المدرسة الطفل في تناقفض مع عقائد أسرته، وتؤثر في نظرته لأمه وأبيه، خاصة إن كان التلميذ منتميا إلى أسرة صوفية، وقد نشأ في بيئة صوفية، وما أكثر الأسر الصوفية في السودان. فالأسر ذات الإنتماء الصوفي ربما تصل إلى 90% من جملة الأسر المسلمة في السودان. هذا النهج الذي ينطلق واضعوه من إعتقاد بأنهم أولى بالطفل من ذويه، نهج أخرق، دون شك. فهذا "العمل الحكومي" الجانح إنما يمثل، لدى التحليل النهائي، مصادرةً عمليةً للطفل نفسه من أسرته. ولقد حدثت صور من هذه المصادرة العملية عمليا في بدايات عهد الإنقاذ، في فترة إشتداد الحرب بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الإنقاذ. فقد كان الشباب يؤخذون من الطرقات ويحشرون في الشاحنات من أجل إرسالهم ليصبحوا وقودا لحرب، فيعودون جثثا هامدة إلى ذويهم. والمؤسي حقا أن كل ذلك العواء والزعيق وتجييش الشباب، إنتهى بعد سنوات من إزهاق الأرواح وتبديد الأموال وحرق الحرث والنسل، إلى أن تقدم حكومة الإنقاذ الجنوب للجنوبيين في هدوءٍ مدهش!!






                  

العنوان الكاتب Date
د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم يكتب عن نظرات للجمهوريين في المناهج عبدالله عثمان01-08-21, 06:05 PM
  Re: د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم عبدالله عثمان01-08-21, 06:56 PM
    Re: د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم عبدالله عثمان01-08-21, 06:58 PM
      Re: د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم عبدالله عثمان01-08-21, 06:59 PM
        Re: د. القراي والمناهج: د. عبدالله علي ابراهيم عبدالله عثمان01-08-21, 07:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de