|
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كان العصر يقترب من نهايته.
لعل ذلك ما يدعونه "الأصيل"!
يستطيل ظلّ الكائنات على الأرض الفضاء. كما ظل بناية. تبدو الأشياء عامة أكبر من حجمها الطبيعي. الخبز في عيني جائع. السكون يلف الشقة. حتى صوت أزيز الثلاجة الرتيب قد توقف منذ فترة. لا نأمة تُسمع هناك، سوى وقع صوت تنفس أماندا المنتظم. كانت قد أغلقت ألبوم الصور. وضعته على منضدة الزجاج أمام الكنبة. ألقت برأسها هكذا على كتفي. نامت. قبلها، بدت متخشبة كميتة. تتطلع بعقلها إلى تلك الأشياء القابعة هناك وراء حيطان ما لا مرئية داخلها، فيما عيناها معلقتان على لوحة فان جوخ "نجوم الليل". كنت ملتزما الصمت. كانت تلك التصورات حول مآل سمانتا، شقيقتها الصغرى، قد أخذت تبهت داخلي، تنطفيء تدريجيا، كما أحاديث خدم متعبين داخل قصر كبير آخر الليل.
...
للخير وجه. للشر ما لا يحصى!
...
ألبوم الصور لا يزال على المنضدة غارقاً داخل العتمة والصمت منغلقاً على صور أماندا ومليشا ومليسا وسمانتا. "ذكريات الطفولة الآفلة والصبا الباكر". أنظر إليه. أواصل تشمم شعر أماندا. دائما ما تغري بالعناق حتى داخل مثل هذه الوداعة التي يمنحها النوم للناس عادة. لم أتخيل، أنا المغموس في نار الألم، لحظة أن رأيت أماندا ماران بون هذه لأول مرة صحبة عمر وجيسيكا خلال ذلك المساء البعيد، أن الحزن يمكن أن يتوسد سرير جمالها، يرمي برأسه هكذا بكل ثقله على وسادتها الحرير. ظلّ هذا الغرب يفيض على الجانب الآخر من العالم بمليارات الصور والأفلام والحجج. بعضنا لحظة أن رأى صورة الغرب البهيّة عن نفسه تلك قال بيقين المؤمن "الأرض جنتهم وفراديس السماء لنا وهذا الوعد".
هناك، في القاهرة، ذات الغرب، عرضَ وقتها على أولئك المنفيين الدخول، عبر بوابة اللجوء السحرية، إلى فسيح جناته. لم يكن يطلب منهم زكاة أو صياماً أو حجاً أو صلاة. كان يتحدث بمكره القديم نفسه حاجباً حاجته الماسة تلك إلى عمالة محليّة لملء وظائف دنيا وتوسيع سوق داخلية أصابها كساد تحت ستار كثيف من هراء تلك الدعاوى الإنسانية الفاتن.
كان المنفيون يتسابقون إلى مكتب الأمم المتحدة والسفارات. الأعمى شايل المكسر. المفلس تجددت آماله. الشيوعي تبرأ من ماركسيته على طلبات الدخول إلى جنة أتقن بناء قواعدها دهاقنة هوليوود أمثال اليهودي ستيفن سبيلبيرج وتفننوا في رسمها. "هل سبق لك أن كنت شيوعيّا، يا هذا"؟ "لا أبدا، يا سيدي. أنا أشجع الرأسماليّة منذ صغري بالفطرة". كانوا يتبادلون أمثال ذلك الحديث ضاحكين على هامش اجتماعات الخليّة، في أعقاب اجتماعات الخلايا الموسعة، وعلى هامش تلك الندوات، اللقاءات السياسية الجامعة. كنّ سيدات محترمات ربات بيوت بكين أمام المحلفين في تلك السفارات على مرمى خطوة من أزواجهن المطرقين في الأثناء في تأثّر زائف. لم يبكين من قصة اغتصابهن المفبركة تلك على قضيب الجلاد. بكين من شبح الضياع في مدينة كبيرة مثل القاهرة. مدينة تضيق حتى بسكانها. ثمة رجال زعموا أن النظام "نظام القمع الجاثم في الخرطوم" أفقدهم "الذكورة". ما عادوا يصلحون لشىء. كما لو أن ملحمة "هيلواز وأبيلار" تقفز خطفاً إلى الأذهان. لعل بعضهم كان صادقاً. لكنَّ الدخول إلى رحاب فردوس الغرب كان لا بد له أن يتم بأي وسيلة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نعومة شعره! | عبد الحميد البرنس | 09-25-20, 08:12 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-25-20, 08:48 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | osama elkhawad | 09-26-20, 03:13 AM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-26-20, 07:34 AM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | ابو جهينة | 09-26-20, 11:38 AM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-26-20, 07:57 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | osama elkhawad | 09-26-20, 08:09 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-26-20, 09:20 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | osama elkhawad | 09-27-20, 00:03 AM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-27-20, 09:48 AM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | osama elkhawad | 09-27-20, 01:41 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 09-28-20, 07:43 PM |
Re: هناك مَن لا يزال يقيس قيمة الإنسان بمدى نع | عبد الحميد البرنس | 10-01-20, 09:19 PM |
|
|
|