في ذلك الزمان الأغبر و في تلك البلاد التي لا تتوجع بحمل السنين و لا بآلام المخاض و إنما تئن بصبر و هي تنظر لأبنائها كأمٍ أصابها رهق الأمل و خوف الرجاء من أبناءها الذين شاءت مشيئة خالقهم أن تتوزع بينهم شمائل الفضل و رذائل النواقص..
فعين البلاد الفخورة تنظر إلى تلك القوافل من الأبناء الذين إعتصموا بحبها و أخذوا من سمارها و طيبتها و تجردها و ذهبوا سراعآ و هم يرتقون مدارج السماء شهداء أو بباقي أجساد قضت نحبها أو لا تزال تنتظر من قادم تاريخها و ممالكها حيث رماة الحدق و الفور و المسبعات و الفونج مرورآ بال Fuzzy Wuzzy قاهر المربع الانجليزي العتيد و زمرة الأبناء البررة الذين جعلوا من الموت عرس فخيم في كرري و رقدة مهيبة لسلطانها علي دينار -أب شناشل أدّاب العاصي-الذي مد ظله للأسد في براثنه ألماظ و هو يستقبل الموت ملتصقآ بمدفعه كأنما يريد أن يحمله معه للسماء….
و تمر السنين و التواريخ…جيل يسلم جيل …و تظل نفس الشعلة تضئ في قلوب البررة من أبنائها و تجعلهم حتى حين يصعدون المقاصل يتلألأون كنجومٍ زواهر جعلت من ظلام جلّاديها معبرآ للخلود….
و تعود البلاد الأم محتارة في بعض الأبناء الذين و كأنهم "عقوبة جينية" فُرضت عليها…أو كأنها كانت "تتوحم" على "ضبع" طريد….آلمها وجودهم و ترعرعهم في ############اتها أكثر من مخاضها بهم….فهم موجودون في كل زمان و مكان …حيثما كانت الغنائم و الأسلاب تجدهم….لا يجيدون سوى الصعود على أمجاد البررة و ليس لهم من أمّهم إلا السحنة و القسمات ….أما تلك الفضائل و الشمائل فذلك مما لا يلزمهم و حسبهم من البر بأمهم الوطن ما ينالونه من مكاسب و جاه و سلطان حتى و إن كان الثمن أن تذهب الأم إلى سوق النخاسة.
اللهم هذه بلادنا و هذا ما ابتلينا به فلك الأمر من قبل و من بعد.
خارج النص:
خاطرة على رصيف إعتصام مصابي الثورة الأخيرة الذين ذهبت نضارتهم و تناقصت أجسادهم و هي تحمل بعضهم لأعلى و تجعل الكراسي لبعض "ناقصي الفضائل" تزداد وثارة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة