الظالمون سيذهبون.. ولن يعودوا من جديد  الهوس الديني وسقوط العقل في السودان

الظالمون سيذهبون.. ولن يعودوا من جديد  الهوس الديني وسقوط العقل في السودان


12-21-2025, 11:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1766359368&rn=0


Post: #1
Title: الظالمون سيذهبون.. ولن يعودوا من جديد  الهوس الديني وسقوط العقل في السودان
Author: حامد محمد
Date: 12-21-2025, 11:22 PM

11:22 PM December, 21 2025

سودانيز اون لاين
حامد محمد-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





في السودان اليوم، صار واضحًا أن الدين تحول عند بعض الجماعات من منارة للتوجيه الروحي إلى أداة قمع وسلطة. جماعات الهوس الديني، التي تزدهر على الفوضى السياسية والاجتماعية، لم تعد مجرد مجموعات دينية بل منظومة تهدد الاستقرار الوطني، وتستبيح حقوق المواطنين باسم الله، متجاهلة كل القوانين والأعراف المدنية.

هؤلاء لا يهمهم الدين نفسه، بل ما يهمهم هو تحويله إلى سلاح سياسي. فالتطرف والتحريض ضد المختلفين أصبح سياسة ممنهجة، والاستقطاب الديني صار أداة للسيطرة على العقول والفئات الضعيفة، واستغلال الفقر والجهل لتوسيع دائرة النفوذ. تحت شعارات قد تبدو مقدسة، تُمارس أبشع أنواع الإقصاء، وتُهدد كل صوت مستقل، وكل رأي مخالف، وكل فكر نقدي يحاول أن يخرج المجتمع من دائرة التخلف والخوف.

والأخطر أن هذه الجماعات لم تعد تكتفي بالخطاب الديني، بل تدخلت بقوة في السياسة، مستفيدة من هشاشة الدولة، ومن غياب العدالة، ومن ضعف المؤسسات المدنية. النتيجة واضحة: انقسام المجتمع، إذابة الثقة بين المواطن والدولة، وتراجع كل القيم الأساسية للحياة الديمقراطية، من حرية الرأي إلى الحق في الاختلاف.

لكن التاريخ يعلمنا درسًا مهمًا: الظالمون لا يدومون. الشعب السوداني، بتاريخه الطويل في المقاومة والمطالبة بالحرية والكرامة، قادر على إزاحة هذه الجماعات المتطرفة عن المشهد، إذا ما توفرت إرادة حقيقية لمواجهة التطرف، وتعزيز المؤسسات القانونية، ودعم التعليم الذي يحمي الشباب من الوقوع في فخ الهوس الديني.

الظالمون سيذهبون.. ولن يعودوا من جديد. على المجتمع المدني، وعلى القوى السياسية الوطنية، أن تتحرك الآن، قبل أن تتحول هذه الجماعات من تهديد على الحرية إلى خطر وجودي على الدولة نفسها. الدين في السودان يجب أن يكون قوة للبناء والتماسك، لا سيفًا يفرق، ولا أداة لإسكات العقل والمنطق. أي محاولة لاستخدامه لزرع الخوف والانقسام ستسقط، كما سقطت كل محاولات قمع الحرية عبر التاريخ.

السودان بحاجة اليوم إلى اليقظة، وإلى مواجهة التطرف بكل حزم، قبل أن تتحول الجماعات المتطرفة إلى سرطان يصعب إزالته. والرسالة واضحة: الظالمون لن يبقوا، والحق سيعود دائمًا، مهما طال الزمن.


حامد محمد