Post: #1
Title: الهجوم اليائس على صوت الضمير- لماذا يخشى الإسلاميون والبلابسة مذكرة الانتقال المدني؟
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 12-02-2025, 08:56 PM
08:56 PM December, 02 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
لم تكن الهجمات الضارية التي أطلقها الإسلاميون والمنظّرون المتحالفون مع المليشيات ضد "مذكرة الانتقال المدني" مفاجئة. فالوثيقة – التي وجّهت إلى الضمير العالمي وإلى أنصار الديمقراطية في كل مكان – لم تُكتب قط لاسترضاء أي فصيل مسلح أو تقديم مسار مختصر للسلطة. كان هدفها أكثر جذريةً وأهمية: إعادة فتح حوار دولي حول السودان بصوت المدنيين، لا بصدى الرصاص. لقد احتكرت القوى التي تهاجم المذكرة الآن، لعقود، السردية السودانية: سياسيًا وأيديولوجيًا وأخلاقيًا. وأي صوت مدني يعلو خارج نطاق هيمنتها يُعامَل كتهديد وجودي. لذا، فما أثار حفيظتهم لم يكن مضمون المذكرة، بل جرأتها: الجرأة على مخاطبة العالم مباشرةً، الجرأة على تسمية الحرب بمسمّاها الحقيقي، والجرأة على استعادة رواية السودان من أولئك الذين يتغنّون بدماره وينتفعون من استمرار صراعه الأبدي. لماذا يخافون من وثيقة وجّهت إلى ضمير العالم؟ لأن المذكرة حطّمت ثلاثة احتكارات طال أمدها. احتكار تفسير السودان للمجتمع الدولي: يريد الإسلاميون وصنّاع الحرب تشكيل رؤية العالم للسودان، إما كساحة لمعركة دينية مقدسة، أو كضحية لمؤامرة عالمية، بينما تعيد المذكرة تقديم السودان كما هو مجتمعٌ تحطّم بسبب حرب لا يربح منها سوى أولئك المتعطشين للعودة إلى حكم الاستبداد. واحتكار تمثيل الشعب السوداني: دُفع المدنيون السودانيون إلى الهامش، والمذكرة تعيد مركزيتهم إلى صلب الرواية، مؤكدةً أن السودان ليس ساحة للمليشيات، بل وطن لأناس يبحثون عن الكرامة والأمن والحكم الديمقراطي ثم احتكار الترهيب والإسكات تدعو المذكرة العالم إلى الاعتراف بمسؤوليته الأخلاقية تجاه السودان، ليس عبر التدخل، بل بوقف الدعم العسكري الخارجي للأطراف المتحاربة، وهذا يهدد أولئك الذين يعتمد بقاؤهم السياسي على استمرار الحرب بدعم خارجي المذكرة ليست خطة تسوية سياسية – إنها نداء إنساني. لا تقترح ترتيبات جديدة لتقاسم السلطة، ولا تسعى لمصلحة فصيل على حساب آخر. بل إنها تدعو إلى فهم دولي أوسع وأشمل لمأساة السودان من خلال الحث على وقف فوري للمساعدات العسكرية الأجنبية لكلا الطرفين المتحاربين، وحماية المدنيين في كل أنحاء البلاد، والاعتراف بالأغلبية المدنية الرافضة للحرب وإعادة بناء التواصل الدبلوماسي مع المجتمع المدني السوداني – وليس فقط مع الجماعات المسلحة. إنه صوت أمة أنهكها العنف والتخلي. المهاجمون يخافون المستقبل. يكشف رد فعلهم حقيقتين واضحتين: يرى الإسلاميون أي رؤية يقودها المدنيون تهديدًا لإستراتيجيتهم الطويلة للعودة عبر الفوضى، ويخاف دعاة المليشيات من أي مبادرة تعيد تسليط الضوء على المدنيين وتزيح منطق البندقية والإكراه رفضهم الصارخ لا يؤكد سوى أن المذكرة لمست العصب الحسّاس الذي يسعون لإخفائه: أن مستقبل السودان لا يمكن أن يبقى عسكريًا إلى الأبد نداء إلى العالم: كفوا عن إدامة الحرب – ابدأوا بسماع المدنيين. لا يحتاج السودانيون إلى مزيد من الأسلحة، ولا إلى مزيد من الألعاب الجيوسياسية التي تُلعب على حساب معاناتهم. إنهم يحتاجون إلى وقف الدعم العسكري الإقليمي والدولي، وتفاعلاً سياسيًا جادًا مع الفاعلين السلميين، وإطار يعيد حقوق الإنسان والكرامة والعدالة. يمكن لحركات التغيير الديمقراطي والمجتمعات المدنية والبرلمانات والإعلام في أفريقيا والعالم أن تلعب دوراً حاسماً. الصمت تواطؤ، والتواطؤ يطيل أمد الموت. خاتمة: المذكرة لن تُسكت. الهجمات الموجهة ضدها تثبت ضرورتها إنها ليست وثيقة نهائية – بل هي الفصل الافتتاحي لنضال أوسع لاستعادة رواية السودان والمطالبة بمستقبل مدني. تقف المذكرة تذكيراً بأن السلام يصنعه المدنيون، لا المليشيات، وأن الكرامة تعود بالحقيقة، لا بالدعاية وأن مستقبل السودان يجب أن يكتبه أبناؤه، لا بنادقه.
|
|