"إن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة إذا ما انبعث من معينه الصافي واتصل بالعقول الحرة واشعل فيها ثورته وانطلاقه بقدر ما هو قوة هدامة إذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة واتصل بالعقول الجاهلة واثار فيها سخائم التعصب والهوس". محمود محمد طه، ديسمبر 1958
"وهم يريدون بعد هذا أن نؤمن ونطمئن إلى كل ما يتحدث به القدماء... نعم نستطيع أن نؤمن وأن نطمئن لو أن الله قد رزقنا هذا الكسل العقلي الذي يحبب إلى الناس أن يأخذوا بالقديم تجنباً للبحث عن الجديد. ولكن الله لم يرزقنا هذا النوع من الكسل، فنحن نؤثر عليه تعب الشك ومشقة البحث". طه حسين (1889- 1979)
مشايخ الأزهر ومحكمة الردة 1968 مشايخ الأزهر والسعي الحثيث لتشويه الفهم الجديد للإسلام/ الفكر الجمهوري
"نحن لا نلوم الفقهاء على عدم الفهم، ولكننا نلومهم على عدم الصدق، حتى في التزام الشريعة المرحلية". محمود محمد طه، ديسمبر 1968
ظل الدكتور مصطفى كمال وصفي (مصر)، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية، ينشر المقالات أيام محكمة الردة، داعماً لخط القضاء الشرعي، ومنافحاً من أجل الاعتراف باختصاص المحاكم الشرعية في موضوع الردة، في الوقت الذي أعلن فيه العديد من القانونيين السودانيين بعدم اختصاص المحاكم الشرعية بالحكم بالردة. ففي نقده لما أورده محمد إبراهيم خليل المحامي بشأن قانون المحاكم السودانية الشرعية والذي حدد اختصاصها، كما ورد آنفاً، بالحكم في المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق وإقامة الأوصياء على القصر وجميع العلائق العائلية... إلخ. أورد الدكتور مصطفى كمال وصفي، قائلاً: ولاشك في أن وصف الإنسان من حيث دينه، بكونه مسلماً أو من أهل الكتاب، أو من غير أولئك، أو بكونه مرتداً، هو من الصفات التي تتعلق بشخصيته.. وبذلك فهو بلا أدنى خلاف من الأحوال الشخصية. بل إنه يعتبر من، المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق، والتى وردت في مواد القانون، لأن للإرتداد أثر مباشر على العلاقة الزوجية ويؤدى إلى إنهائها، والإسلام شرط لصحة الزواج من المرأة المسلمة . وفي محاولة منه للتأكيد على اختصاص تلك المحاكم الشرعية والقضاء الشرعي بالحكم بالردة، كتب، قائلاً: كما يختص القاضي الشرعي بنظر العلاقة العائلية المترتبة على الطلاق فكذلك يختص بنظر العلاقة العائلية المترتبة على الإرتداد، وأضاف، قائلاً: بل إنني وجدت أن الإرتداد أولى من الطلاق ذاته في الاختصاص ما دام المرتد كان متزوجاً طبقاً لأوضاع الشريعة الإسلامية. وفي رأيه أنه يستحيل على القاضي الشرعي أن يتنصل من قضية ترفع إليه بطلب إعلان الردة. وإن فعل القاضي ذلك فإنه يكون منكراً العدالة لأنه أغلق الباب أمام إدعاء مشروع يستلزمه القانون" .
مشايخ الأزهر والمساندة للمدعيين: الأمين داود وحسين زكي الأزهريون يكتبون أربع مقدمات لكتاب المدعي حسين زكي: القول الفصل في الرد على محمود محمد طه
"نحن واثقين جداً بأن محكمة الردة وراءها علماء مصريين أزهريين جاءوا ليدخلوا في سياستنا الداخلية، اتخذوا مسألة الردة ذريعة ليدخلوا بها. ونحن [الآن] نواجههم في مناشيرنا، ونعرف مواقف معينة مع بعضهم ما غرضهم الدين بالمرة. غرضهم التطوع لخدمة النظام القائم في مصر في تدخله في البلاد العربية عامة وفي السودان بصورة معينة. في المرحلة الأخيرة نحن نواجههم. هم كانوا وراء مسألة محكمة الردة...". محمود محمد طه، 25 مارس 1969
درج مشايخ الأزهر المبتعثين للسودان الذين يعملون بجامعة أم درمان الإسلامية وبالمعاهد العلمية، والمشتغلون بالوعظ ممن جاءوا بدعوات من مصلحة الشؤون الدينية، على مساندة للمحكمة الشرعية وللمدعيين في محكمة الردة: الأمين داود وحسين محمد زكي. وتمثلت المساندة في إقامة المحاضرات ونشر المقالات المساندة لهما في موقفهما، كما ظلوا يقرظون ما يكتبه المدعيان، خاصة عندما نشر الأمين داود كتابه: نقد مفتريات محمود محمد طه، ونشر حسين محمد زكي كتابه: القول الفصل في الرد على محمود محمد طه. ويمكن، على سبيل المثال، لا الحصر، أن نقف عند أربعة نماذج من هؤلاء المشايخ، وهم: الدكتور محمد السيد ندا، أستاذ علم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية، والدكتور الحسيني عبدالمجيد هاشم، المحاضر بجامعة أم درمان الإسلامية وأستاذ علم التصوف الإسلامي، والشيخ محمد محمود شاهين، مبعوث الأزهر إلى السودان، والدكتور سليمان السيد دنيا، أستاذ علم الفلسفة الإسلامية بجامعة أم درمان الإسلامية. فقد كتب أربعتهم تعليقات على كتاب حسين محمد زكي، ضمنوها مواقفهم من محمود محمد طه. فقد كتب الدكتور ندا، في تعليقه على كتاب حسين محمد زكي، بعد أن تحدث عن الذين ناصبوا الإسلام العداء من قديم الزمن وأعلنوا الحرب عليه دون خجل أو حياء، كتب، قائلاً: "إن آخر المهازل التي ظهرت حديثاً تلك التي قام بها محمود محمد طه والتي تحمل في طياتها عوامل هدمها وأدلة بطلانها" . ثم أضاف، قائلاً: وقد أتيحت لى فرصة الاطلاع على ما كتبه الأخ حسين محمد زكي في الرد على هذه المهازل فوجدته قد كر عليها بالنقض شبهة شبهة وإني إذ أشيد بجهوده في تتبع هذه الشبهة تفنيدها . كما علّق الشيخ شاهين، بعد أن قدم التهنئة لحسين محمد زكي على كتابه وعلى التوفيق في الدفاع عن دينه، والجهاد في سبيل إعلاء كلمته، فوصف الحجج التي صاغها زكي بالدامغة، وأنها ترد "كيد الكائدين، وتكشف زيف المبطلين"، ثم خاطب حسين محمد زكي، قائلاً: ولا أكتمك سراً إذا قلت لك: إن اطلاعي على أصول كتابك قد يحملني على العدول عن طبع كتابي الذي أعددته للرد على الجمهوريين اكتفاء بما قدمت من حجج، وما سقت من براهين ترشد الناس إلى الصواب وتميز لهم الخبيث من الطيب .
التشويه والمغالطات في تقديم الدكتور الحسيني لكتاب حسين محمد زكي
"إن الإسلام سلاح ذو حدين إذا أخذ عن علم ومعرفة رفع الناس إلى أوج الرفعة والإنسانية والرقي وإذا أخذ عن جهل ارتد بالناس إلى صور من التخلف البشع الذي يحارب باسم الله كل مظهر من مظاهر التقدم والفهم". محمود محمد طه، نوفمبر 1964
أيضاً كتب الدكتور الحسيني عبدالمجيد هاشم عن كتاب حسين محمد زكي، وقد انطوت الكتابة على مغالطات وتشويه للفكر الجمهوري/ الفهم الجديد للإسلام. فبعد أن وصف كتاب زكي بأنه "رد على دعاوي باطلة صدرت من الأستاذ (محمود محمد طه) رئيس الحزب الجمهوري وشغلت الرأي العام في السودان" ، تحدث عن الرسالة الجديدة للحزب الجمهوري، في الوقت الذي ليس هناك حديث عن رسالة جديدة، وإنما هناك حديث عن الرسالة الثانية من الإسلام، وهي "الفهم الجديد للإسلام"، وليس رسالة جديدة، كما ورد آنفاً. وقرر الحسيني بأن "ليس في الإسلام رسالتين. أولى وثانية". كان هؤلاء الفقهاء يعبرون عن عجزهم في الفهم، فمواقفهم لا تستند على كتب ومنشورات الحزب الجمهوري، وإنما على خيالاتهم، ولم يمنحوا أنفسهم الوقت للاطلاع على ما وظفوا أنفسهم لنقده. ثم ذهب للحكم، دون معرفة وعلم واطلاع على الفكر الجمهوري/ الفهم الجديد للإسلام، ليحكم، قائلاً: "ودعاوي البهائية في غايتهم تتفق مع دعوى الحزب الجمهوري. فليس الجمهوريون مجددين في ذلك بل نقلة". نقف هنا، ونلتقي في الحلقة التاسعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة