Post: #1
Title: الكوزنة سلوك كتبه كمال الهِدَي
Author: كمال الهدي
Date: 11-02-2025, 12:27 PM
12:27 PM November, 02 2025 سودانيز اون لاين كمال الهدي-عمان مكتبتى رابط مختصر
تأمُلات
عندما يُقال لشخص ما أن الكوزنة سلوك، فذلك يعني أن غباء أو سذاجة أو فساد هذا الشخص قد يكفي ليجعله "كوزاً" حتى وإن لم ينتم رسمياً إلى تنظيمهم البغيض.
ومع ما يجري في بلدنا منذ ثلاثة أعوام، لم يعد مقبولاً اطلاقاً أن يُعد ساذجاً كل من يصر على مؤازرة الجيش ودعم الفكرة الغبية المسماة "بل بس"، فقد تكررت المآسي ذاتها بالكربون عشرات المرات، وبشكل يُعلم حتى الحمار نفسه.
لم يعد مقبولاً أن تحتمي بجيشٍ ظل يتهرب من مسؤوليته في حمايتك، أيها المواطن، ويتركك لقمة سائغة للجنجويد يفعلون بك ما يشاؤون.
لو أن هذه الحرب شهدت انسحاباً أو اثنين لظروف قاهرة لعذرناك في دعمك لهذا الجيش، أما أن تتكرر العملية بالوتيرة المعروفة لدى الجميع، فهذا أمر لا يمكن تبريره نهائياً.
كل أحياء الخرطوم، والعيلفون، ومعظم مدن وقرى الجزيرة، والفاشر وبارا وغيرها، شهدت انسحابات متكررة للجيش، ليحل مكانه الجنجويد مرتكبين فظائعهم المعتادة. ثم تعود لتسمعنا يا مواطن عبارات من شاكلة " هؤلاء ليسوا بشراً!" مع إننا لم نجادلك يوماً في ذلك، ولم نزعم أنهم بشر أنقياء يحبون هذا الوطن وأهله. لكن خلافنا مع من يؤيدون الحرب هو أن من صنع هؤلاء الجنجويد، ومكنهم اقتصادياً بمنحهم جبال الذهب، وسن لهم القوانين التي تمنع حلهم، وفتح لهم المجال لاحتلال المدن وقتل وتشريد المواطنين من قراهم وبيوتهم لابد أن يكون أكثر شراً من الشيطان نفسه.
لذلك، قبل أن تردد ببلاهة عبارة مثل: " الإمارات دويلة الشر" ، لابد أن تكون موضوعياً، وتسأل نفسك أسئلة من شاكلة: هل الإمارات هي من منح حميدتي جبل عامر بذهبه؟ وهل هي من جادلت في مجلس الأمن من قبل، وزعمت أن الجنجويد قوة وطنية مساندة للجيش وليست جماعة إرهابية؟ وهل " دويلة الشر" هذه هي التي أرسلت جنود الدعم السريع (الجنجويد) رفقة زملائهم في الجيش لكي يحاربوا في اليمن نظير المال؟ أم فرضت على قادة تنظيم الكيزان الكريه أن ينهبوا أموال بلدهم ويستثمرونها لديها؟ وهل هي التي منعت طيران جيش الكيزان من قطع خطوط إمداد الجنجويد خلال الأسابيع والأشهر الأولى لهذه الحرب؟ أو أوعزت لضباط وجنود هذا الجيش الخائن بأن يكرروا إنسحاباتهم ويعرضوا حياة المواطنين لكل المخاطر؟ وهل هي من فرضت على الجيش الاستعانة بعدد مهول من المليشيات لمحاربة مليشيا الجنجويد، وجعلت قادته يتفرجون على الجرائم البشعة لهذه المليشيات الكيزانية، من جز للرؤوس وبقر للبطون؟" وهل كانت الإمارات هي من طلبت من البرهان أن يستمر هو وشقيقه وجبريل بالاستمرار في نهب موارد البلد، وتوسيع دائرة اللصوص خلال هذه الحرب، حتى أصبح المستفيدون من استمرارها أكثر من الراغبين في وقفها؟
كل ما تقدم أسئلة لا يفترض أن تحتاج إجاباتها لأكثر من دقيقة تفكير لطفل في السابعة من عمره، لكن لا ندري ما الذي أصاب عقول الكثيرين في هذا السودان. والأعجب من كل ذلك هو المستوى اللا محدود من عدم الموضوعية، والإصرار علي تغييب العقول لدى الكثيرين في معسكري الحرب. فإن انتقدت الجرائم البشعة التي يرتكبها أفراد الجيش والمليشيات المساندة له، خرج لك من يقول: ألا ترون ما فعله الجنجويد؟ وإن تحدثت عن جرائم الجنجويد، سمعت من يسأل: وما قولكم فيما ارتكبه الجيش من فظائع؟
مثل هذه الأسئلة الغريبة، التي توحي بأن أصحابها يفاضلون بين جرائم الطرفين، أو كأننا في معرض قياس حجم الجرائم، يفترض أن تهديهم إلى الإيمان بضرورة رفض الحرب من أساسها، لكنهم لا يريدون أن يهتدوا، ولذلك نفقد ونخسر كل يوم ويستمر الموت والدمار.
آن الأوان أن نكف عن البحث عمّن نبرر له، وأن نبحث عن وطن يستحق أن نحميه بعقولنا لا بسلاحنا.
|
|