قائد الجيش السوداني اعلن وبكل شجاعة أنهم وافقوا على مغادرة الفاشر وانسحاب الجيش منها من اجل تجنيب المدينة الدمار، وهذا فقه [فهم] عالي جدا جدا وقراءة جيدة للواقع فاليوم قد اتضح بصورة جلية أن الحرب العبثية إنما هناك مؤامرة إقليمية ودولية هدفها نهب مقدرات البلاد وهدفها أيضا تصفية الحسابات القديمة مع دعاة الإسلام السياسي الخصوم يريدون ربط الإسلام بالتخلف والإقتتال والجوع والمرض والجهل والاعداء نجحوا في ضرب المسلمين ببعضهم وجعل الأقتتال بين أبناء البلد الواحد حتي تستمر الضغائن بينهم وبالتالي تستمر الإحترابات اطول فترة ممكنة وحتي يصوروا الإسلام أنه دين همجي متخلف يقوم علي الصراعات والاقتتال
لقد رأينا نية "التدمير" في غزة دمروا بالقنابل ما تعجز عن تدميره حتي الزلازل لأنهم يريدون للمسلمين أن يعيشوا دائما في شقاء وأوضاع مزرية والإسلام لم يأت لشقاء الناس: {ما انزلنا عليك القرآن لتشقي} ومثال غزة كان واضحا لأنها رقعة صغيرة من الأرض ربما تعادل محليّة واحدة من محليات السودان التي تفوق المائة ولذلك كانت الصورة واضحة ولكنا حجم التدمير عندنا أفظع بكثير لقد كان سكان العاصمة القديمة يتشوقون للرجوع إليها بعد التحرير لكن كل الذين ذهبوا عادوا ادراجهم لأنهم لم يتعرّفوا علي حاراتهم ومنازلهم وشوارعهم من فظاعة ما حلّ بها من تحطيم وتهشيم فمن يعاين الخرطوم بعينه بعد الحرب يدرك أن التدمير كان هدفا في حد ذاته وليس مجرد آثار الحرب كما يعتقد الناس ولذلك انتشر الناس في القري والمدن الآمنة التي لم يطالها التخريب فبنوا البيوت وعمّروا الأسواق وطوروا المؤسسات الصحية والتعليمية ولذلك فإن أدني زعزعة لأي من هذه القري والمدن ستقود إلي مفارقة الشعب لأرضه ربما إلي الأبد
الأعداء استعدوا جيدا لهذه المعارك فلا مقارنة بين المنظومات الهجومية والمنظومات الدفاعية سواء في البر أو البحر أو الجو كذلك وسائلهم وتقنياتهم في الاتصالات والاعلام والمراقبة والرصد والتجسس كأن بيننا وبينهم عشرات القرون
بالأمس قال مستشار الرئيس الأمريكي أنهم سيتخذون إجراءات أخري إذا فشلوا في إيقاف الحرب ونحن خبِرنا مثل هذه الإجراءات في العراق وأفغانستان واليمن لقد حاربوا طالبان أكثر من عشرين سنة ثم بعد ذلك سلموهم السلطة علي طبق من ذهب ف (طفش) ثلاثة أرباع الشعب من اجعل تعليم بناتهم والعيش بكرامة وحريّة
انسحاب خالد بن الوليد المشهور يُعدُّ في التاريخ الإسلامي إنجازا عسكريا فريدا فلولا هذا الإنسحاب لتمت إبادة جيش المسلمين عن بكرة أبيهم ولذلك اعتبره الرسول فتحا: ففي حديث البخاري عَنْ أَنَس: (أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذهاَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذهاَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ )
إن الإنسحاب عند عدم تكافؤ العدد أو العُدّة هو بالطبع هو إجراء مؤقت وإن طال الزمن إلي أن يتحقق نوع من التكافؤ واذا كان بعض المتشددين في المدينة ظلوا يعتبرون خالدا متوليا ومدبرا وفارّا وبالتالي يعتبرون الفارّين آثمين فما بالك بمتشددي اليوم الذين يجهلون أن الفرار يصبح فرضا احيانا يكون معه الاقدام معصية بدليل: {ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة}
إن ترك القتال والخروج من أرض المعركة ليس كله محرما ومعدودا من الفرار من الزحف، بل بعضه مشروع. فأمير الجيش إذا رأى أن القتال لا جدوى منه، ورأى أنه لا يتحصّل منه إلا هلاك جند المسلمين، فإذا أمر بالانسحاب في هذه الحال؛ لأجل أن ينحاز إلى جماعة المسلمين يتقوى بها، فهذا لا حرج فيه، بنص القرآن الكريم: {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}
قال ابن كثير: "فإنّ الصحابة كانوا ثلاثة آلاف، وكان العدّو - على ما ذكروه - مئتي ألف، ومثل هذا يسوّغ الفرار"
فبعض المذاهب تربط بين الإنسحاب وبين حالة الضعف والقوة والعُدّة، إلي درجة أنها تجيز أن يفر مائة فارس من مائة فارس في حالات معينة ولقد فصلنا القول في ذلك في مقال سابق بعنوان:
□■□■□■ نذكّر بالدعاء علي الظالمين فهو دعاء لا شك مستجاب الذين أخرجوا الناس من ديارهم بغير حق وسفكوا دماءهم وانتهكو أعراضهم وأخذوا حقوقهم وساموهم سوء العذاب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد الصادق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست