بعلم الوصول الى مولانا سيف الدولة حمدنا الله،،،، في عالمٍ يُفترض فيه أن تكون العدالة حصنًا للمظلومين، وسيفًا بوجه الظالمين، تبدو الصورة أكثر قتامة حين تتحول العدالة نفسها إلى أداة انتقائية، تسقط فيها الأقنعة ويُفضح زيف الشعارات القانونية. وزير العدل في الحكومة الحالية يُطل علينا بتصريحات عن تحديث قوانين الجريمة المعلوماتية، في وقتٍ تُكرّم فيه حكومته مجرمي حرب حقيقيين، بينما تُطارد المعارضين السياسيين والنشطاء المدنيين تحت ستار "التحصين الرقمي" و"مكافحة الإساءة على الإنترنت". الجريمة المعلوماتية كقناع سياسي حديث الوزير عن إدخال تعريفات جديدة لمفاهيم الجريمة المعلوماتية، وسد الثغرات القانونية، لا يمكن فصله عن المناخ السياسي العام الذي تسود فيه سلطة امر واقع تصنف الرأي المخالف جريمة، والمعلومة التي تكشف الفساد خطرًا على "أمن الدولة". القانون، هنا، لا يُستخدم لمواجهة المتحرشين بالبيانات ولا لردع شبكات الاحتيال، بل لتكميم الأفواه، وتأديب المعارضين، وشرعنة القمع باسم “التحول الرقمي الآمن”. لكن الأخطر من كل هذا، هو أن هذه الحملة تأتي في سياق وقح ومخزٍ، حيث يتم في الوقت ذاته تكريم مجرمي حرب حقيقيين، مثل حمدان وبرهان وكيكل وبقال، ممن ارتُكبت على أيديهم أو بقراراتهم، فظائع لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة الجمعية للشعوب. هؤلاء ليسوا هاكرز على الإنترنت ولا مدراء صفحات مزعجة، بل قادة ميليشيات وعرّابي مجازر، ومع ذلك، يجدون في هذه الحكومة المترنحة ملاذًا آمنًا ومراكز متقدمة و"أوسمة شرف"! تناقض لا يُغتفر: مطاردة التغريدة وتكريم السفاح أي عدالة تلك التي تُكرّم من لوّثوا أيديهم بدماء الأبرياء، وتطارد شابًا كتب منشورًا ناقدًا على منصة اجتماعية؟ أي منظومة قضائية يُمكن أن تُؤخذ على محمل الجد وهي تميّز بين الضحية والجلاد بناءً على الانتماء السياسي أو الطائفي؟ إنه انفصام تام، وسقوط مدوٍّ لما تبقى من هيبة العدالة. كيكل وبقال، أسماء يعرفها جيدًا كل من عاش مآسي الحروب، أو فَقَد عزيزًا، أو شُرّد من أرضه. هؤلاء لا يهددون السلم فقط، بل يشكّلون خطرًا على الذاكرة، على العدالة، وعلى مشروع المصالحة الوطنية إن وُجد. وحين يُمنح أمثالهم منابر وشهادات ورتبًا، في الوقت الذي تُفتح فيه ملفات قضائية ضد معارضين تحت بنود فضفاضة مثل "الإساءة الإلكترونية" أو "التحريض الرقمي"، فهذه ليست عدالة، بل انتقام سياسي مغلّف بورق قانوني فاقد للشرعية. بيئة قانونية موبوءة بفيروس الاستبداد لن تنجح أي محاولة لتحديث القانون، ما دامت المؤسسات المسؤولة عن تطبيقه مخترقة من قبل مراكز النفوذ السياسي والأمني. ولن تنفع أي "تعريفات تقنية" ما دام المجرم يُعرّف بحسب موقفه من السلطة، لا بحسب جريمته. لا قيمة لأي نص قانوني في بيئة يُكافأ فيها القاتل ويُدان فيها الكاتب. ولا جدوى من أي تشريع يُستخدم لمحاكمة التغريدات، بينما يتم تبرئة، بل ورفع شأن، من كانوا جزءًا من آلة القتل والدمار. الجريمة المعلوماتية ليست هي الخطر الأكبر، بل الجريمة الأخلاقية المتمثلة في الكيل بمكيالين، وتطويع القوانين لخدمة الطغيان. العدالة الحقيقية تبدأ من محاكمة مجرمي الحرب لا تكريمهم إذا كانت حكومة الامر الواقع، ومن خلفها وزير العدل بالاشار، جادّين فعلًا في بناء مجتمع يحترم القانون ويؤسس لثقافة العدالة الرقمية، فلتبدأ بمحاكمة مجرمي الحرب الحقيقيين، وليس باعتقال المغرّدين. فلتفتح ملفات كيكل وبقال وغيرهم ممن طواهم الغبار السياسي، لا ملفات المعارضين الذين لا يملكون سوى كلمة وصوت. أما الاستمرار في هذا النهج، فهو ليس فقط فشلاً قانونيًا، بل خيانة صريحة لكل القيم التي يفترض أن تقوم عليها الدولة والتى على غائبة فى ظل تحالف المليشيات الذى يعمل اخته الوزير بالتبعية والاشارة. #وزير _عدل يعمل تحت امرة انقلابي خارج على القانون !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة