|
لا سيادة للعسكر على باقي المهن, و إلاَّ فالفشل كتبه عبدالعزيز وداعة الله عبدالله
|
08:08 PM October, 08 2025 سودانيز اون لاين عبدالعزيز وداعة الله عبدالله-Sudan مكتبتى رابط مختصر
مع كامل تقديرنا للمنظومة العسكرية الامنية, فإنّ ما سَيَرد مِنْ حقائق – العسكر انفسهم لن ينفوها- لن تقلل مِن شأنها, و للعسكري و الطبيب و المهندس و المعلم و غيرهم مِن المهنيين لكلٍ منهم مهامه المهنية المعروفة, علَى أنّ العسكري الذي جاء لهذه الخدمة طواعية قد تضطره مهامه للتضحية بروحه, و مع ذلك ينبغي أنْ يعرف انّ حُكْم البلاد ليس جزءاً مِن مهامه, و لعل المدنيين انفسهم من غرسوا فيهم ثقافة التفوق و الافضلية( superiority) على غيرهم بدءاً مِنْ كرنفال تخريج الطلاب الحربيين و ما يصحبه من احتفالات باهرة ينقلها التلفزيون الرسمي , و تبتهج اسرة الخريج هذا ابتهاجا قد يفوق ابتهاجها بالأعياد الدينية و المناسبات الاجتماعية السعيدة و يفوق بكثير ابتهاجها بتخريج ابنها المهندس او أي مهنة اخري. إنَّ الأُسَر السودانية في الغالب الاعم تتمني و تدعو لأبنها بأنْ يتخرّج طبيباً او مهندسا او غيرهما مِن المهن المرموقة, فكأنه دعاءٌ له بالتفوق, ذلك لأن هذه المهن لا يبلغها إلاّ المتفوقون الذين حصلوا على نِسَبٍ كبيرة في امتحان الشهادة السودانية, و أنا شخصياً-طيلة حياتي- و ربما كثيرون غيري لم نسمع بأبٍ او أُم تمَنّيا أنْ يتخرج ابنهما ضابطا. و شاعت بيننا ثقافة افضلية العسكري على غيره مِن المهنيين بما فيهم المعلم الذي لولاه ما تعلّم العسكري و لا غيره, و إذا اراد العسكري خدمة في دائرة حكومية او اهلية حتي لو كان متجرا او مخبزا يستنكف أن يقف في الطابور و يتجاوزه للمقدمة, و هو استنكاف شائع بينهم, و قد حكَى احد المعلمين السياسيين عن تعرضهما هو و رفيقه الطبيب للجلد بسياط الشرطي و هما في طابور الدخول لملعبٍ بسبب اعتراضهما على رجلٍ بجلبابٍ و عمامة لا يريد الوقوف في الطابور و قد ابرز بطاقته للشرطي. و قد شهدتُ مقطع فيديو لأوباما حينما كان على رئاسة الولايات المتحدة الامريكية و دخل مطعما ليأخذ وجبةً يعود بها لمكتبه, و رآه طابور مواطنيه و تحاوروا سريعاً فيما بينهم, أيسمحوا له الوقوف في المقدمة لأنّ وقته غالٍ لكل الامريكيين , أَمْ يجعلوه يقف كما يقف أي قادمٍ جديد في مؤخرة الطابور, ثم انهم رجحوا الخيار الاول وسط تحياتهم و مداعباتهم. و جدير بالذكر انَّ الرئيس الامريكي هو الآمِر الاول لأكبر جيش في العالم و لا تتحرك قطعة عسكرية إلاّ بتوجيهٍ منه. أمَّا المعلم الذي يحتفل العالَم من حولنا بِعِيده, فهو هنا في السودان شعلة تضئ للآخرين ثم ما تلبث انْ تتلاشي, و ليس لي إلاَّ انْ اقول في حقّه : قُم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا. و كثيرنا ينكر فضْل المعلم و ينسي انه لولاه لَمَا كان متربّعا في هذه الوظيفة و المكانة. و بلغني أنّ اربعين معلما من مدارس مختلفة ذهبوا للمسؤول الحكومي الاول في احدي المحليات الادارية التي يعملون فيها بهمة و نشاط رغم المشقة و عدم صرف اجورهم ليساعدهم في تذليل صرف اجورهم و حل أي صعوبات اخري, غير انّ المسؤول الحكومي خرج مِن دون ان يستمع لهم معتذرا بأنه ذاهب لاجتماع خارج مبني المحلية, و لولا ثقتي فيمن حكي لي هذه الواقعة لَما صدَّقتُه.
|
|
 
|
|
|
|