*الدخول إلى عقل الكيزان. كيف يفكر تنظيم الإخوان المسلمين في السودان* ؟
الطيب الزين. كاتب وباحث في قضايا القيادة والإصلاح المؤسسي.
لتمليك الرأي العام السوداني والعالمي حقيقة الأوضاع ومآلاتها. لا بد من الدخول إلى عقل جماعة الإخوان المسلمين في السودان. المعروفين شعبيًا باسم الكيزان. ففهم سلوكهم السياسي والاجتماعي لا يتحقق إلا بالغوص في تلافيف عقلهم التنظيمي. الذي لا تحكمه القيم أو المبادئ. بل تحركه شهوة السلطة. وجنون المال. واستعداد دائم لتوظيف الدين في خدمة مشروعهم السياسي. الكيزان ليسوا جماعة دعوية أو فكرية. بل تنظيم سلطوي مغلق. يرى في الدين وسيلة للسيطرة. لا غاية للهداية. منذ دخولهم إلى السودان في بدايات القرن العشرين. عملوا على تقويض كل توجه مستنير. وتوسيع دائرة الجهل والتضليل. عبر استهداف الشباب والطلاب في المساجد. والرحلات. والسفرات. والتوظيف. والدعم المالي. وكل أدوات الإغراء. تحت شعار مخادع. الإسلام هو الحل. هذا الشعار في جوهره ليس دعوة دينية. بل أداة سياسية لتغليف مشروعهم السلطوي بغلاف ديني. وتحويل الدين إلى أداة تضليل. وغسيل دماغ جماعي. يقدم للناس باعتباره شرع الله. بينما هو في الحقيقة شرع الكيزان. لقد أثبتت التجربة أن هذا التنظيم المجرم لا يتورع عن استغلال أي فرصة. ولا يتردد في ركوب أي موجة. فقد استغل ما سمي بالمصالحة الوطنية بين الراحل الصادق المهدي وجعفر نميري عام ١٩٧٧. ليحفر طريقه نحو السلطة. حتى نفذ انقلابه المشؤوم في يونيو ١٩٨٩. وعاث في البلاد فسادا ودمارا باسم الدين. حتى بعد قيام ثورة ديسمبر المجيدة. لم يتراجع الكيزان عن مشروعهم. بل انحنوا للعاصفة مؤقتا. وبدأوا في الغرف المغلقة بتفخيخ المرحلة الانتقالية. والتخطيط للانقضاض على الثورة. عبر ضرب رموز قوى الحرية والتغيير. وتشويه مشروع الدولة المدنية. لكن ما غاب عنهم هو أن الثورة أنتجت وعيا سياسيا جديدا. جعل الأغلبية المهمشة في كردفان ودارفور وسائر الهامش. تدرك أن مصلحتها الحقيقية لا تكمن في شعارات الكيزان. بل في بناء دولة مدنية ديمقراطية. تعيد توزيع السلطة والثروة. وتنهي عهد التسلط باسم الدين. لذلك فإن تحرير كردفان ودارفور من قبضة الكيزان. ومن أدواتهم الخائنة. لا يمثل فقط معركة محلية. بل هو ركيزة أساسية لتحرير بقية السودان. فالهامش هو قلب الثورة. وهو الذي دفع الثمن الأكبر. وهو الذي يملك اليوم القوة الأخلاقية والسياسية لتفكيك مشروع الكيزان. واستعادة الوطن من بين أنيابهم. إن الدخول إلى عقل الكيزان يكشف أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية. ولا بالحرية. ولا بالعدالة. يؤمنون فقط بالتمكين. وبالوصاية. وباحتكار الحقيقة. ولذلك فإن مواجهتهم ليست فقط أمنية أو سياسية. بل هي معركة وعي. ومعركة أخلاق. ومعركة وجود. السودان لن يشفى من جراحه إلا إذا تحرر من هذا التنظيم. الذي جعل من الدين مطية. ومن الشعب ضحية. ومن الوطن غنيمة. ولن يتحقق ذلك إلا بإرادة شعبية واعية. تقودها الأغلبية المهمشة. وتؤسس لدولة مدنية ديمقراطية. لا مكان فيها للكيزان. ولا لخطابهم المسموم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة