قناة "خيبة" سكرتارية البرهان" وتوجيه اللعيسر: حين يتحوّل الببغاء إلى قبو الارشيف!! في مشهدٍ لا يخلو من السخرية السياسية، تتكشّف أمامنا تفاصيل عبثية تظهر هشاشة القرار السياسي والإعلامي في السودان، وتوضح كيف تحوّلت "السكرتارية" — التي من المفترض أن تقوم بدور تنسيقي إداري — إلى مركز صنع القرار، حتى باتت تملي التعليمات على من كان يُحسب يوماً من "صانعي القرار" أو على الأقل من الذين يملكون القدرة على اتخاذه. اللعيسر: من أسير الصمت إلى أسير السكرتارية لعقود، ظلّ اللعيسر — هذه الشخصية التي تمكث في الظلال، في القبو، في الأرشيف، في ذاكرة الأحداث الغامضة — أسير الصمت، يراقب المشهد السوداني المتحوّل بلا صوت، بلا موقف، بلا كلمة. لكنه اليوم خرج من قوقعته، لا ليقود، بل ليُقاد. ظهر فجأة حاملاً قراراً بوقف قناة الحدث، ليُعلن، أو يتوهم، أن بيده سلطة المنع والحجب والإلغاء. لكن ما لبث أن جاءه "الرد من فوق"، لا من القيادة العليا كما يتوقع المتابعون، بل من سكرتارية مكتب البرهان! تلك السكرتارية التي يبدو أنها أصبحت اللاعب الحقيقي في المسرح، تُقرّر، تُعدّل، تُلغي، بل وتُلقّن التعليمات لأشباح السياسة القديمة والجديدة. قناة الحدث وإشكالية الإعلام تحت المقصلة إن قرار وقف قناة الحدث، ثم التراجع عنه بشكل مهين، يكشف عن حالة من التخبط والتضارب داخل الأجهزة التي يُفترض أن تكون منسجمة في رسائلها، خاصة في ظرفٍ وطنيّ حرج كالذي يمر به السودان حالياً. فهل كانت القناة فعلاً تمثل تهديداً للدولة؟ أم أن القرار صدر بسبب انزعاج من تقرير أو تغطية معينة؟ ولماذا إذاً يتم التراجع عن القرار بهذه السرعة، وكأن الأمر لا يتعدى "زعل السكرتارية"؟ الرسالة واضحة: لا قرار يُؤخذ من الجهات المسؤولة بدون أن يمر عبر سكرتارية البرهان. وهذا يعني عملياً أن مراكز القوة الحقيقية لا تكمن في المناصب، بل في الهواتف المرفوعة في مكاتب خلفية، في ملفات مبعثرة، في سكرتاريا تصوغ السياسة ببيروقراطياً.
من يدير السودان فعلاً؟
هذا الحدث، على بساطته الظاهرية، يفتح الباب على تساؤلات كبيرة حول هيكل السلطة الفعلي في السودان. من يملك القرار؟ من يحدد السياسات الإعلامية؟ هل نحن أمام مؤسسة دولة؟ أم أمام مزيجٍ من المليشيات المتصارعة التي يحاول كل منها إثبات وجوده ولو من خلال قرار متسرّع يتم إلغاؤه خلال ساعات؟ أما اللعيسر، فهو عينة على حالةٍ عامة من الشخصيات التي بقيت على الهامش لعقود، ثم طفت إلى السطح دون رؤية واضحة، لتُصبح أدوات تُستخدم وقت الحاجة، وتُعاد إلى "قبو الأرشيف" عندما تنتهي صلاحية القرار. بين خيبة الأمل وخيبة "الخيبة" إذا كانت هناك قناة تُسمى "خيبة سكرتارية البرهان"، فربما وجدت اسمها بالصدفة، لكنه يُعبّر بصدق عن واقع إعلامي وسلطوي محبط. خيبة الأمل ليست فقط في تخبط القرارات، بل في غياب الشفافية، والارتجال، والتوجيه من خلف الستار. نحن لا نعيش أزمة إعلام، بل أزمة إدارة وطن بأكمله. في الختام... الذين يعيشون في الأقبية، سواء أكانت أرشيفاً أم سكرتارية، لا يصنعون وطناً، بل يصنعون خيبات. أما القرارات التي تُتخذ من "تحت الطاولة" وتُلغى عبر "فاكس السكرتير"، فهي لا تحكم دولة، بل تُضحك العالم على مأساتنا. فإلى متى؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة