الشيوعي يدعو والإسلاميون يأمنون الدعاء ( قولوا آمين ) كتبه مها طبيق

الشيوعي يدعو والإسلاميون يأمنون الدعاء ( قولوا آمين ) كتبه مها طبيق


09-20-2025, 10:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1758403502&rn=0


Post: #1
Title: الشيوعي يدعو والإسلاميون يأمنون الدعاء ( قولوا آمين ) كتبه مها طبيق
Author: مها الهادي طبيق
Date: 09-20-2025, 10:25 PM

10:25 PM September, 20 2025

سودانيز اون لاين
مها الهادي طبيق-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




من يتخيل التشابه بين خطاب الحزب الشيوعي والإسلاميين ظهر فقط بعد سقوط حمدوك فهو واهم ، الحقيقة أن هذا التحالف الغير معلن بدأ منذ اللحظة الأولى التي جلس فيها الرجل على كرسي رئاسة الوزراء ، نلاحظ ذلك منذ البداية حيث اصطف الشيوعي والإسلامي في خندق واحد لإجهاض التجربة . أعداء الأمس صاروا رفقاء اللحظة ، الأول يتهم حمدوك بالعمالة للغرب ، والثاني يتهمه بمحاربة الدين ، لكن الهدف كان واحدا هو إسقاطه وإفشال أي مسار ديمقراطي .

في ديسمبر 2018 كان الشيوعيون في الشوارع يهتفون ضد الإسلاميين ، رافعين راية القطيعة التامة معهم ، لكن ما إن تشكلت حكومة حمدوك حتى بدأ الخطاب الأحمر يتلون بلون أخضر قاتم ( حكومة هبوط ناعم ) ، ( حكومة عميلة ) ، ( حكومة بلا سيادة ) . هل تبدو هذا مألوفة ؟ نعم ، إنها نفس العبارات التي صدحت بها حناجر الإسلاميين من فوق منابرهم . العدو الفكري صار صديق الخطاب السياسي .

ثم جاءت دار الحزب الشيوعي في أم درمان لتكون جسر التحالف الجديد ، فالمهزلة لم تتوقف عند مهاجمة حمدوك فقط . الحزب الشيوعي رفع مطلبًا ( شرعيًا ) باسترداد داره المحتلة في أم درمان ، لتتحول القضية من شأن داخلي إلى معركة تبناها الإسلاميون وكأنها قضيتهم الأولى . ليخرج قائد كتيبة البراؤون (المصباح) معلنًا دعمه للشيوعي : ( الدار لك ) ، و( الرصاص لنا ) . يا للسخرية ! شيوعي يستنجد بالاصولي ، والإسلامي يأمّن الدعاء خلفه ، قولوا آمين .

وسناء حمد أضافت لمسة ( رومانسية ) على مشهد العرس . فقد كتبت القيادية الإسلامية مقالًا بعنوان ( لأجل الوطن ) حيث اعتبرت فيه عودة الأحزاب للعاصمة ( دليل عافية ) . كلماتها لم تكن بريئة ، كانت إشارة ضمنية لرغبة الإسلاميين في فتح الباب لتحالف رسمي مع الشيوعيين . فالعداء الأيديولوجي يمكن تعليقه حين تحضر المصالح المشتركة .

هكذا صار التناقض مهزلة حقيقية ، من يرفع شعار ( يا عمال العالم اتحدوا ) يقف اليوم جنبًا إلى جنب مع من يهتف ( هي لله ) . كلاهما يبدوان كفرسي رهان في سوق السلطة , أحدهما يلبس عباءة الدين ، والآخر يرفع راية الماركسية ، لكنهما يلتقيان عند نقطة واحدة هي البقاء في المشهد واقتسام الغنيمة .

ولو رسمنا خريطة المواقف لوجدنا أن الشيوعي كان في 2018 – 2019 رأس حربة ضد الإسلاميين . ثم في 2019 – 2021 رفض الشراكة مع العسكريين وهاجم حمدوك أكثر مما هاجمه بقايا النظام المنحل . وبعد انقلاب 25 أكتوبر بدأ خطابه يتماهى مع الإسلاميين في تحميل حمدوك و( قحت ) مسؤولية الفشل . واليوم يتحالف في الميدان مع كتائب الإسلاميين حول قضية ( دار الحزب الشيوعي ) ويتقاطع معهم في رفض التدخل الدولي ومعاداة القوى المدنية الجديدة . هكذا انتقل من موقع ( العدو الفكري ) إلى ( شريك الخطاب السياسي ) ، ومن موقع ( القوة الثورية ) إلى ( المتعايش مع الكتائب ) .

أما سيناريوهات المستقبل فهي أشبه بزواج متعة سياسي . فقد نرى تحالفًا انتخابيًا مقنّعًا يضم الأحمر والأخضر تحت شعار : ( ضد الغرب وضد الديمقراطية ) . وربما نرى تنسيقًا أمنيا سريا ، حيث يحرس البراؤون دار الحزب الشيوعي ( الكافرة كما في أقوالهم زمان ) بينما يمنحه الأخير غطاءا سياسيا . ولا مانع من تقاسم المغانم الاقتصادية عبر شركات وقنوات إعلامية تُدار باسم الوطن . أما المعارضة في العلن فستبقى ديكورا لتبادل الشتائم أمام الجماهير بينما التفاهمات تُحاك في الكواليس .

الرسالة للجماهير واضحة : لا تنخدعوا . هذا ليس تحالفًا وطنيًا ولا عودة صحية للأحزاب ، بل زواج مصلحة قصير الأجل على جثمان الثورة والوطن . اليوم يصلّي الشيوعي والإسلامي جماعة ، الأول إمام والثاني مأموم ، لكن الصلاة تُقام على جسد السودان . والغضب والسخرية هما الرد الوحيد : فضح هذا التواطؤ وكشف هذه الكوميديا السوداء التي تحاول إعادة تدوير الفشل . فلتسقط كل الشعارات الكاذبة ، ولينكشف العار : حين يتوحد الماركسي والإسلامي ، فاعلم أن المصالح أكبر من العقائد .

مها الهادي طبيق
20 سبتمبر 2025
[email protected]