لسنا عربًا ولكن نصلي بلسان عربي مبين- الهوية السودانية ككائن مركب #

لسنا عربًا ولكن نصلي بلسان عربي مبين- الهوية السودانية ككائن مركب #


09-14-2025, 02:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1757858174&rn=0


Post: #1
Title: لسنا عربًا ولكن نصلي بلسان عربي مبين- الهوية السودانية ككائن مركب #
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 09-14-2025, 02:56 PM

02:56 PM September, 14 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





من أكثر الجمل التي تلخص مأزق الهوية السودانية عبارة: "لسنا عربًا ولكن نصلي بلسان عربي مبين".
ليست مجرد تناقض لفظي، بل صورة مكثفة لواقع معقد عاشه السودان عبر تاريخه: واقع الامتزاج، والتداخل، والتجاذب بين الانتماء العربي والأفريقي.
التاريخ.. لا نقاء بل تمازج

حين يقال إن العرب الذين وفدوا إلى السودان قد "ذابوا" في الأصول الأفريقية، فهذا في حقيقته لا يقلل من شأن أي طرف.
فالتاريخ السوداني – مثل كل تاريخ بشري – لم يُبنَ على النقاء العرقي، بل على التداخل.
مملكة الفونج عام 1505 لم تكن بداية النشوء من عدم، بل لحظة تتويج لمسار طويل من الامتزاج بين الهجرات العربية والقبائل الأفريقية. الزواج، التجارة، والدين صنعت هوية هجينة، لا تُختزل في أنساب ولا تُقاس بالملامح.
اللغة.. ليست غلافًا بل وطنًا

العربية في السودان لم تعد مجرد لغة مستوردة للصلاة والطقوس. هي اليوم الوطن الثقافي الذي عبر به السودانيون عن أنفسهم. من عبد الله الطيب إلى الطيب صالح، ومن شعراء الغابة والصحراء إلى كتاب اليوم
أنتجت العربية نصوصًا سودانية الطابع، لا يمكن فصلها عن الواقع الأفريقي الذي غذّاها. حتى "طبقات ود ضيف الله" – ذلك الكتاب الذي يسخر منه البعض – هو سجل شفاهي حي لكرامات وأحلام مجتمع، وذاكرة جمعية تستحق الدراسة لا التبخيس.
خطأ السخرية وإرادة القطيعة
جزء من النخب السودانية وقع في فخ "الشناف" – أي ازدراء مأثور قومهم بدعوى التقدم. بدلاً من نقد الهيمنة العربية التقليدية بعقلانية، ذهبوا إلى نفي العروبة من جذورها، وكأنها عيب يجب التخلص منه.
لكن هذا الموقف لم يُنتج بديلاً مقنعًا، بل زاد أزمة الهوية تعقيدًا. إن رفض المكون العربي لا يقل إقصاءً عن فرضه، وكلاهما يقطع الجسر مع الذات الحقيقية.
الاعتراف بالتركيب
الحقيقة البسيطة التي يجب مواجهتها هي أن السوداني كائن مركب. يصلي بلسان عربي، لكن وجدانه أفريقي في العمق. يروي قصصه في قالب عربي، لكن رموزه ودلالاته تنبض من تربته الأفريقية.
هذه التركيبية ليست نقصًا، بل مصدر قوة وفرادة، إذا أحسنا التعامل معها بوعي.
*الطريق للخروج من مأزق الهوية ليس في نفي العروبة ولا في ادعاء نقاء أفريقي مستحيل، بل في الاعتراف بالهجين، وفي تبني فلسفة للتعايش الداخلي تجعل من هذا الامتزاج طاقة خلاقة، لا لعنة موروثة.