اطلعت على مقال مهم نشرته صحيفة التغيير تحت عنوان (خالد عمر يوسف يكتب عن كذبة إقصاء الحركة الاسلامية)، قال فيه محقا إن أحد أكبر أكاذيب هذه الحرب هي أحجية أن الحركة الإسلامية السودانية هي ضحية إقصاء، والحقيقة أن إسلاميي السودان هم الجماعة الإسلاموية الوحيدة في المنطقة التي لم تتعرض للقمع في بلدها، بل على العكس تماماً، هي الجماعة التي قَمَعت الغير بالحديد والنار، وخلص فيه إلى القول: (.. الحقيقة هي أنه بعد كل هذه العقود من التجارب الأليمة، فإن مشروع الحركة الإسلامية لم يترك لأي شخص يريد انعتاق البلاد من دوامة العنف والاستبداد سوى خيار المقاومة والمواجهة، والتي تؤمن القوى المدنية بأن السلمية هي طريقها الأسلم والأقوم، والذي انتصر من قبل في ديسمبر على الشمولية، وسينتصر لا محالة مرة أخرى على الحرب). وهذه خلاصة صحيحة، ولكنها ناقصة، لأن المقاومة السلمية التي لا تؤسس على أساس فكري متماسك وراسخ يقود إلى تخليص البلاد من شرور ومن مخاطر مشروع الحركة الإسلامية، باقتلاعه من جذوره، لن تصل إلى هدفها بدون هزيمة وبيان خطأ الفكرة التي قام عليها مشروع الحركة الإسلامية منذ حوالي المئة سنة، لأن هذا سيترك الباب مفتوحا لعودة الحياة لهذا المشروع الخطير، بإعادة تأسيسه من جديد، بمسميات مختلفة، تكتسب التأييد العاطفي الكبير من الشعب السوداني المحب للدين، وتكتسب تعاطف بقية شعوب الدول الإسلامية، استناداً إلى خطاب ديني يصور الحركة الإسلامية التي تتخذ الإجراءات لإقصائها، كضحية، وخاصة إذا كان ذلك في دولة علمانية مثل التي يطالب بها الكثيرون من قادة القوى المدنية والسياسية، دون التفطن إلى حقيقة أن هذه الدعوة للدولة العلمانية تترك الميدان خالياً أمام الحركات الإسلامية المتطرفة، وتسهل استقطابها لغالبية الشعب السوداني المشبعة بالعاطفة الدينية، وهذا هو الخطر الذي كان الأستاذ محمود محمد طه أول المنبهين له منذ منتصف القرن الماضي. لا تقتلوهم، بل ازرعوهم في أرض الحوار وقد شرح الأستاذ محمود بتوسع وأجاب على السؤال: كيف بتّم اقتلاع الكيزان؟! وقال إن اقتلاعهم سيتم بهزيمة الفكرة التي ضللتهم بسبب جهلهم بالدين، واقتلاع هذه الفكرة من رؤوسهم، وقال لنا نحن تلاميذه الجمهوريون، لا تقتلوا الإخوان المسلمين، بل أزرعوهم في أرض الحوار، يموتون موتا طبيعيا، وقال انهم اخواننا الذين سبقناهم بالإيمان، وأنّ أشخاصهم موضع حبنا، ولكن ما ينطوون عليه من زيف وجهل هو موضع حربنا، وقال لنا في آواخر وصاياه لتلاميذه أن قومكم قد تورطوا في تشويه دينكم، فكلموهم بسعة الرحمة الإلهية، ولم يقل اقتلوهم واسحقوهم واقتلعوهم مستعينين بسلاح المليشيات لكسر شوكتهم، وأكد كذلك ان اقتلاعهم بالعنف غير ممكن، ومستحيل، طالما ظلت الفكرة الخبيثة باقية ومنتشرة، وسيأتي من غيرهم ويتبناها، وقد رأينا هذا في العراق، فبعد القضاء تماما وبقوة السلاح الامريكي الفتاك، على تنظيم القاعدة في الأنبار والفلوجة، ظهرت داعش في الموصل وتتبنى نفس الأفكار المدمرة، وبعد القضاء عليها، ظهرت الان تنظيمات أخرى لا تزال تهدد الدولة العراقية، ولن تنفك! الفكرة الجمهورية هي السبيل الوحيد الفكرة الجمهورية هي السبيل الوحيد لاقتلاع الإخوان المسلمين وهزيمة فكرتهم المتطرفة والمدمرة، ولن تنجز هذه الغاية قبل إقناع الناس بها، وواجبنا المباشر نحن الجمهوريون الذي كلفنا به مرشدنا الأستاذ محمود هو تكثيف العمل في الدعوة للفكرة حتى تزول الغربة، ويتم إقناع غالبية الشعب السوداني بها، ولن يتم هذا مطلقاً بإقصاء أو بقتل وابادة الإخوان المسلمبن وحركاتهم الإسلامية بمختلف مسمياتها. الدكتور عبد الله الفكي البشير يقدم النموذج إن المنابر الحرة التي تدعم الحوار وتتيح حرية التعبير عن الرأي مفتوحة الآن على مصراعيها، وليس هناك ما يمنع الجمهوريين من الدعوة للفكرة الجمهورية التي يتم بها وحدها، اقتلاع الكيزان من عقول وقلوب ابناء وبنات الشعب السوداني، وأصدق دليل على هذه الحقيقة نجده في انتشار نشاط الدكتور عبدالله الفكي البشير المكثف عبر وسائل الميديا الحرة داخل وخارج السودان، والاستجابة الكبيرة جداً والمطردة التي حظي ولا يزال يحظى بها كل صباح جديد، داخل وخارج السودان، ولقد ظل عشمي دائماً أن يشجع الجمهوريون هذا المجهود الجبار والناجح في نشر الفكرة الجمهورية، وتعميمه وترويجه، وتنظيم النشاط الذي يحذوا حذوه، لإقناع السودانيين بالفكرة الجمهورية، التي لا يوجد خلاص ولا مخرج ولا حل لمشاكل السودان، ولا لمشاكل العالم في غيرها. التغيير يبدأ وينتهي بالعمل السلمي في الفكرة الجمهورية التغيير يبدأ وينتهي بالعمل السلمي، وبالحوار الفكري، وليس فيه موقع لأي أساليب عنيفة، لا نقطة ولا شولة ولا خط مستقيم، وغير هذا كلام لا علاقة له بالفكرة الجمهورية. ثم إن الغاية في الفكرة الجمهورية لا تبرر الوسيلة، حتى ولو كانت الغاية هي إحداث التحول الديمقراطي وإقامة دولة الحكم المدني، لأن الوسيلة عندنا، وكما علمنا مرشدنا الأستاذ محمود، هي من جنس الغاية، والغايات النبيلة لا يتوسل إليها بالوسائل الدنيئة، وليس هناك دناءة في الوسائل أكثر من قتل وإقصاء من نعارضهم من ضحايا فكرة خاطئة ومدمرة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة