في زمن أظلمته نيران الصراعات، وانهارت فيه أحلام شعب كامل، يبرز سؤال كبير: هل يمكن أن يعود الأمل للسودان من جديد؟ هل يستطيع السلام أن ينسج مجدداً خيوطه في وطن تكسرت فيه أحلام أبنائه؟ هذا هو السؤال الذي ظل يطارده كل من عاصر فترة رئاسة الدكتور عبد الله حمدوك لمجلس الوزراء، والتي تظل في ذاكرة السودانيين صفحة مليئة بالآمال العريضة والتحديات الثقيلة. جاء حمدوك إلى المنصب في لحظة كان فيها السودان يترنح تحت وطأة عزلة دولية خانقة، واقتصاد على شفا الانهيار، ومجتمع أنهكته الانقسامات. وبرغم قصر المدة التي قضاها في الحكم، استطاع أن يترك بصمات واضحة في مسار الدولة السودانية. من أبرز إنجازاته إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الأمر الذي فتح أمام البلاد أبواب التعاون الدولي والدعم الاقتصادي، ما أتاح فرصاً جديدة للنهوض الاقتصادي وتخفيف معاناة المواطنين. كانت هذه الخطوة بمثابة رسالة للعالم بأن السودان مستعد للانطلاق نحو مستقبل أفضل. لكن خلف هدوء خطابه، كانت رسائل التحذير واضحة. فقد حذر مراراً من أن استمرار الانقسامات والصراع على السلطة سيجر البلاد إلى حافة حرب مدمرة. كان يرى الخطر قادماً، يتحدث بلغة المسؤول الذي يعرف أن الزمن يضيق، وأن النيران إذا اشتعلت ستأكل الأخضر واليابس. واليوم، ونحن نعيش في قلب تلك المأساة التي حذر منها، ندرك كم كانت تلك الكلمات صادقة وصائبة. لم تكن دعواته إلى السلام المجتمعي مجرد شعارات سياسية، بل كانت نداء إنسانياً خالصاً. كان يؤمن أن بناء الدولة يبدأ من المصالحة بين مكوناتها، وأن الاستقرار لن يأتي من اتفاقيات النخب وحدها، بل من إعادة اللحمة بين القرى والمدن، وبين المجموعات المتباعدة والمتناحرة. كان يرى السلام مشروعاً يومياً يبدأ من الجوار الطيب، ومن الحوار، ومن إشراك الجميع في صياغة المستقبل. اليوم، وبينما يتداعى الوطن تحت ثقل الحرب، تبدو رسائل حمدوك أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. لعلنا نحتاج إلى إعادة قراءتها، لا باعتبارها نصوصاً من الماضي، بل كخطة إنقاذ للمستقبل. فقد كان يدرك أن البناء الحقيقي يبدأ من سلام الناس، وأن هذا السلام، إذا تحقق، سيكون أقوى من أي سلاح، وأبقى من أي سلطة. إننا اليوم على مفترق طرق، بين استمرار التمزق والتشظي، أو اختيار السلام الذي يرسم طريقاً يليق بكرامة شعبنا، الذي يستحق أن يعيش بأمان وسلام في وطنه. وبينما تظل كلمات حمدوك تذكيراً صارخاً بضرورة الوحدة والصلح، تبقى مسؤوليتنا جميعاً أن نعمل من أجل مستقبل أفضل يليق بأجيال السودان القادمة. الخاتمة :- أنا مؤمن بأن السلام هو حلمنا المشترك، وإن إرث د. حمدوك يعلمنا أنه ممكن نرجع نبني وطننا لو وقفنا مع بعض. اليوم، مسؤوليتنا أكبر من أي وقت مضى، لازم نتحملها بكل صدق ونشتغل من أجل مستقبل أحسن لكل سوداني وسودانية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة