شهدت الحرب الحالية في السودان الحبيب ، الكثير من المتغيرات في مسألة : مع من يحب أن يقف الشعب السوداني الواعي ؟ بيد أن هنالك بوادر تدل على سطحية في تناول القضايا الوطنية في السودان لدى بعض من المنتسبين لفئة النخب السياسية في السودان ، و منها ، الاهتمام في بدايات الحرب بمسألة ، من أطلق الرصاصة الأولى ؟ في حين أن الأولى كان الإهتمام بمسألة ، من يحمل المشروع الأنسب لحكم السودان ؟ لأن الحرب في الحقيقة هي الحصاد المر الطبيعي لفشل مشروع الدولة السودانية الحالي ، فالأوفق و الافضل لأفراد النخب و الطلائع الثقافية الالتفاف حول المشاريع المطروحة لدى الأطراف المتحاربة أكثر من أي شيء آخر ، و هذا ما لم يحدث.. في بداية الحرب كان الوقوف مع الجيش السوداني مع كونه سبب الفشل الحقيقي لمشاريع الحكم في السودان ضرورة ملحة ، لأن الطرف الآخر وهو مليشيات الدعم السريع لا تحمل أي مشروع حقيقي واضح المعالم للدولة ، فهي تتحدث عن دولة ديمقراطية دون تشخيص واضح لمعالمها ، فالوقوف مع الجيش كان ضرورة من الضرورات ، و لكن المعطى الأخير المتمثل في توقيع الدعم السريع على وثيقة تأسيس في فبراير من العام الحالي ، و معها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو ، و معهم بعض القوى المسلحة و المدنية ، هذا المعطى غير المعادلة بمقدار ١٨٠ درجة لصالح مشروع حكم الدولة السودانية ، فهذه الوثيقة بما تحويه من مبادئ دستورية تمثل أفضل مشروع لحكم الدولة السودانية في الوقت الراهن ؛ لأنها تضم معظم الحقوق التي ظل مواطن الهامش في السودان يطالب بها الحكومات السودانية السابقة منذ بزوغ فجر إستقلال السودان من الحكم الثنائي إلى يومنا هذا ، و ظلت تلك الحكومات تماطل في مسألة تنفيذها إلى يومنا هذا ، مما ظل يعمق في مستوى الأزمة في الحكم حتى إنفجر في هذه الحرب ، فكرة السياسة حالياً في ملعب الجيش السوداني ، فهو حالياً من يقف في وجه أفضل مشروع لحكم الدولة السودانية ، أما الدعم السريع ، فبموافقته على ميثاق تأسيس ، فقد وقف في صف مشروع الحكم المستقبلي الأمثل للسودان ، بغض النظر عن ماضيه العنيف ، فالدستور الجديد للتأسيس كفيل بإتمام الناقص ، و بمجرد أن يوقع الجيش السوداني على وثيقة تأسيس ، فإن الحرب تكون قد وضعت أوزارها بطريقة تلقائية ، لأن المجلس العسكري الذي يرأسه قائد الدعم السريع و ينوب عنه عبد العزيز الحلو الغرض منه في الأساس أن يصل مؤسسة الجيش السوداني لقرار التوقيع على الوثيقة ، فإذا وصل ، فقد إنتهت المهمة بنجاح .. إن وصول الأمة السودانية لوثيقة التأسيس هي بداية بناء الدولة السودانية على أسس متينة يجعلها في المستقبل القريب تناطح الدول المتقدمة بجدارة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة