اجتماع "الرباعية" الذي دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ٢٩ يوليو ٢٠٢٥ — بمشاركة كل من السعودية، الإمارات، مصر، والولايات المتحدة — لم يكن لحظة تفاوض حقيقية بقدر ما كان كشفًا لأوراق اللاعبين الإقليميين والدوليين. وعلى الرغم من غياب أي تمثيل رسمي لحكومة تأسيس أو قوى الثورة، فإن الاجتماع سلّط الضوء على فشل المبادرات الزائفة، والتواطؤ الضمني لبعض الأطراف مع القوى التي صنعت الحرب. في المقابل، خرجت حكومة تأسيس من هذه اللحظة بمكسب استراتيجي يتمثل في تعريّة مواقف الخصوم، وإعادة بناء شرعيتها الشعبية والدولية انطلاقًا من مشروع وطني جامع.
فشل الأطراف الإقليمية والدولية: بالأسماء والمواقف
١. مصر فشلت في لعب دور محايد، إذ حافظت على علاقتها التحالفية مع بقايا النظام السابق، وواصلت خطابها المركزي الداعم للعسكر، مما أفقدها المصداقية أمام الثورة السودانية. ٢. الولايات المتحدة في عهد ترامب أظهرت ارتباكًا في قراءة المشهد، فلم تتبنّ موقفًا حاسمًا مع حكومة تأسيس، بل دعت لاجتماع رباعي لم يشمل السودانيين أنفسهم، في تجاهل فجّ لأبسط قواعد الشرعية السياسية. ٣. فشل الانتقادات العلنية التي وُجهت إلى الإمارات من قبل بعض الجهات الصحفية الدولية، والتي زعمت وجود علاقات مباشرة بينها وبين قوات الدعم السريع، إذ لم تؤدِّ تلك الانتقادات إلى عزل أبوظبي أو تهميش دورها. بل أكّدت – على العكس – أهمية دور الإمارات في فرض معادلة السلام، سواء من داخل الرباعية أو خارجها، بصفتها طرفًا فاعلًا إقليميًا لا يمكن تجاوزه. ٤. قطر والمملكة المتحدة، وإن لم تُدرجا رسميًا في الاجتماع، ظلتا في هامش الفعالية، دون تقديم أي مبادرة حقيقية تؤثر على مآلات الصراع. ٥. خادم الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية لم يميلوا إلى دعم صريح لأي من طرفي النزاع، لكنهم لم يتخذوا أيضًا موقف الحياد الكامل. فالمملكة، بحكم موقعها الروحي والسياسي، مارست ما يمكن تسميته بالحياد المراقب ذي التوجه الأخلاقي، حيث حافظت على قنوات مفتوحة مع مختلف القوى، لكنها لم تُبدِ حماية أو صبرًا على حكومة بورتكيزان، الأمر الذي يُفسّر امتناعها عن منحها أي شرعية أو اعتراف سياسي مباشر. وهذا الموقف، رغم تحفظه، يمنح الرياض هامشًا مهمًا للتدخل في الوقت المناسب، وربما لعب دور في تسهيل ترتيبات ما بعد الحرب، دون أن تظهر كطرف منحاز أو متورط.
استراتيجية حكومة تأسيس في المرحلة المقبلة
• فتح البلاد أمام الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان للتحقيق الميداني في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات ومليشيات حكومة بورتكيزان، وعلى رأسها قضايا التطهير العرقي، والعنف الجنسي، والتهجير القسري. • إبراز التزام حكومة تأسيس بالسلام الشامل، والأمن المجتمعي، ورعاية ملايين النازحين واللاجئين، من خلال خطة شاملة لتأمين المخيمات، وتوفير الغذاء والرعاية الصحية بالتعاون مع المنظمات الدولية. • دحر المشروع الكيزاني – العسكري عبر بناء جيش وطني موحّد، يخضع للسلطة المدنية، ويضم أبناء السودان كافة دون إقصاء إثني أو جهوي. • إعادة الاعتبار للسيادة السودانية في مواجهة التدخلات المصرية والإقليمية التي تسعى لفرض وكلاء على الحكم عبر أدوات المال والسلاح والدعاية.
ختامًا: ما بعد الرباعية
لم يكن اجتماع الرباعية لحظة حاسمة في الصراع، بل كان لحظة انكشاف. ما بعد الرباعية، هو ما تعمل عليه حكومة تأسيس: استراتيجية مفتوحة على العالم، مغلقة في وجه الاستبداد. لن تكون هناك شرعية تُنتج في الخارج، ولن يُفرض على السودانيين حاكم جديد تحت لافتة "السلام الزائف". تحالف تأسيس هو مشروع الدولة العادلة، وهو اليوم أكثر وضوحًا وجاهزية لمواجهة تعقيدات الداخل والخارج.
(تمت الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في التحقق من بعض الوقائع المحفوظة في الاسافير)
د. أحمد التيجاني سيد أحمد عضو مؤسس في تحالف تأسيس روما – ٣٠ يوليو ٢٠٢٥
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة