عبد الحي يوسف وخطاب الحاكمية: حين يصبح السلام مؤامرة على الله! كتبه خالد كودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-19-2025, 07:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-17-2025, 09:08 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 107

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد الحي يوسف وخطاب الحاكمية: حين يصبح السلام مؤامرة على الله! كتبه خالد كودي

    09:08 PM July, 17 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    عبد الحي يوسف وخطاب الحاكمية: حين يصبح السلام "مؤامرة على الله!"

    17/7/2025 خالد كودي، بوسطن

    مقدمة: عبد الحي يوسف يتحدث باسم الله... فمن يتحدث باسم الضحايا؟
    حين يخرج أحد أبرز رموز الإسلام السياسي في السودان، الشيخ عبد الحي يوسف، ليصف اجتماع الآلية الرباعية في واشنطن – وهي محاولات دولية لوقف نزيف الحرب في السودان – بأنها "هجمة شرسة على الله ورسوله"، فإن ما يقوله لا يندرج في باب الخطابة الدينية أو الرأي الفقهي، بل في صميم التحريض على الحرب، وتأليه العنف، وتجريم السعي للسلام. فالرجل لا يتحدث عن الله، بل يتحدث باسم سلطة ميتافيزيقية تُبرّر استمرار القتل، وتمنح الحرب شرعية إلهية زائفة
    وللتذكير، فإن عبد الحي يوسف هو ذاته من أفتى – إبّان اعتصام القيادة العامة في أبريل 2019 – بأنه يجوز للحاكم، أي عمر البشير آنذاك، أن يقتل ثلثي الشعب السوداني إن رأى في ذلك مصلحة لبقاء الدولة. لم يكن ذلك اجتهادًا فقهيًا بريئًا، بل تصريحًا خطيرًا يُجسّد منطق "الطغيان المقدّس"، حيث يتحوّل المواطن إلى مادة قابلة للإبادة، ويصبح "ولي الأمر" ظل الله في الأرض حتى لو غمس يده في دماء الملايين من المسلمين!
    تصريح عبد الحي الأخير بشأن "الهجمة على الله ورسوله" ليس انفعالًا عابرًا، بل امتداد عضوي لعقيدة "الحاكمية لله" كما طوّرها كل من أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، والتي تمثّل الي اليوم جوهر الفاشية الإسلامية المعاصرة التي تم تجريبها في السودان واذاقة شعبه الويل ليصل الي ماهو عليه اليوم. تلك العقيدة التي تُحوّل الدين إلى مشروع سلطوي، وتجعل من الله ذريعة لقمع الإنسان، ومن الرسالة ذريعة لتكفير الخصوم وسحلهم، ومن الشريعة أداة لإلغاء الدولة الحديثة، والمواطنة، والعقل، والتعدد والمستقبل.
    في السودان، لم يعد الخطر محصورًا في استبداد دنيوي، بل في خطاب ديني يمنح الاستبداد الدنيوي سلطة مطلقة، ويُلبسه قداسة قاتلة، ويرفض كل محاولة لتفكيكه باسم “الولاء لله”. وما يقوله عبد الحي اليوم هو استدعاء مباشر لذاك الإرث الكارثي الذي مزّق السودان، وقسّمه، وأغرقه في الدم، ثم وقف يلعن كل محاولة لإنهاء هذا النزيف باعتبارها خيانة لله ذاته.
    ولنناقش هذا:

    أولًا: الحاكمية لله، أم الهيمنة للجلاد؟
    الفكرة المركزية التي يقوم عليها خطاب عبد الحي يوسف وسائر دعاة الإسلام السياسي في السودان، هي ما يعرف بـ"الحاكمية لله". هذه العقيدة لا تعني – كما يُظن – إعلاء مكانة القيم الروحية في المجال السياسي، بل تعني إلغاء الإنسان تمامًا من معادلة التشريع والسيادة، وتحويل النصوص إلى أداة لتقديس السلطة، وتجريم الاختلاف، وإهدار التعدد
    وقد شرح الفيلسوف المصري مراد وهبة هذا بدقة حين قال مايعني:
    "الحاكمية لله ليست سوى قناع لتبرير الحاكمية للبشر، ممن يزعمون أنهم ينطقون باسم الله، ويوظفون النص لتحصين سلطتهم."
    عبد الحي يوسف لا يدافع عن الإسلام، بل عن سلطة طبقة سياسية، دينية مهووسة مارست الكذب والفساد والقتل لعقود. إنه يُسقط على مشروع دولي يسعى لوقف الحرب معنى "العدوان على الله!"، ويمنح صراعًا دنيويًا، سياسيًا، عنيفًا، شرعية قدسية مطلقة. هنا يصبح الاختلاف كفرًا، والتفاوض خيانة، والسعي للسلام مؤامرة كونية!

    ثانيًا: من محاكم التفتيش إلى كتائب الجهاد – استدعاء العنف باسم الإله:
    إن ما يفعله عبد الحي اليوم، ليس بعيدًا عمّا مارسه فقهاء أوروبا في القرون الوسطى، حين حوّلوا الخلافات الدنيوية إلى معارك مقدسة. الكنيسة الكاثوليكية وصفت حركة الإصلاح البروتستانتي حينها بأنها "عدوان على المسيح"، تمامًا كما يصف عبد الحي الآلية الرباعية بأنها "عدوان على الله ورسوله!"
    وقد كتب برتراند راسل في "تاريخ الفلسفة الغربية" أن:
    تطابق الدين والسياسة كان أسوأ ما جرى في أوروبا، لأنه حوّل الدولة إلى أداة للتكفير، والجيش إلى كتيبة للخلاص، والمواطن إلى مشروع شهيد أو مرتد." وهذا بالظبط مايجري في السودان.
    وليس غريبًا أن النموذج الإسلامي الذي يعتنقه عبد الحي هو الذي حوّل المساجد إلى منابر تعبئة للجهاد ضد المواطنين السودانيين، والجيش إلى أداة لحماية دولة الخلافة الزائفة، والمجتمع إلى خزان تعبئة طائفية، تمامًا كما فعل داعش، والقاعدة، وطالبان – مع اختلاف التسميات.

    ثالثًا: السودان كضحية مزمنة للهوس الديني:
    منذ فرض قوانين سبتمبر 1983، والسودان يعيش في ظل مشروع اسلامي قمعي، مشروع اختزل الشريعة في الجلد وقطع اليد، ووظف الدين لقمع النساء، وإقصاء غير المسلمين، وقتل المخالفين في الجنوب، وجبال النوبة، ودارفور. وكانت النتيجة: حرب أهلية استمرت أكثر من نصف قرن، وتقسيم الوطن، وإنتاج طبقة من الفقهاء تحالفت مع الأمن والجيش والمليشيات لتمزيق البلاد...
    عبد الحي يوسف لم يكن خارج هذا المشروع، بل كان أحد مهندسيه الأيديولوجيين. فتاواه، ومنابره، وتحريضه ضد، سكان السودان في الجنوب وجبال النوبة والفونج ودارفور، وللمسيحيين، والعلمانيين، وخصوم الدولة، كانت جزءًا من ماكينة التعبئة التي أنتجت التطهير العرقي، والتكفير السياسي، والجرائم الجماعية.
    وها هو اليوم، بدل أن يراجع هذا الإرث الدموي، يحاول أن يستنفره من جديد، ليجعل من أي محاولة دولية أو محلية لإعادة السودان إلى طاولة الحوار والعدالة، مجرد مؤامرة صليبية تستهدف "الله ورسوله"!!

    رابعًا: لماذا العلمانية ضرورة وجودية في السودان؟
    العلمانية ليس ترفًا فكريًا، ولا تقليدًا أعمى للنموذج الغربي، بل هي في السياق السوداني ضرورة أخلاقية، سياسية، ووجودية. فهي الشرط الوحيد الذي يمكن أن يضمن للسودان الخروج من دوامة العنف المقدّس والانقسام الأهلي، وهوس أمثال عبد الحي يوسف نحو وطن عادل، حيادي، وموحد.
    فالدولة العلمانية وحدها تضمن:
    - حياد الدولة تجاه الأديان، بحيث لا تُمارس المواطنة على أساس العقيدة
    - حماية الأقليات الدينية والثقافية من التهميش والاضطهاد
    - منع استخدام الدين كأداة للشرعنة السياسية، أو كذريعة للحرب والهيمنة
    - الحفاظ على قدسية الإيمان الفردي، بمنأى عن التلاعب السياسي، كما قال الكثير من المفكرين المسلمين:
 "إن الدين أكرم من أن يُستخدم أداة في يد السياسي."

    لكن الأهم: لا يمكن بناء سلامٍ دائم دون علمانية.
من يعتقد أنه يمكنه الحديث عن السلام والاستقرار متجاوزًا أو متفاديًا قضية العلمانية، فهو يخدع نفسه ويكرر خرافات النظام القديم. فكل عملية سلام لا تفكك البنية التي أنتجت الحرب، وتعد بإنتاج المزيد من الحروب هي مجرد هدنة لحرب مؤجلة.
    كتب الفيلسوف جون رولز في نظريته عن العدالة مايعني:
    "لا يمكن تأسيس مجتمع عادل إذا لم تنفصل مفاهيم الخير الديني عن قواعد التعاقد المدني."
    وفي السياق السوداني، حيث استُخدم الدين لتبرير الرق، والجهاد، والإبادة الجماعية، وقتل المحتجين والمتظاهرين ضد الظلم والافقار في السودان، فإن تجاهل العلمانية يعني الإبقاء على القنبلة الموقوتة التي فجّرت المجتمع مرارًا وتكرارًا.
من يريد السلام دون علمانية، كمن يريد بناء منزل دون أساس: كل تسوية سياسية لا تقوم على مبدأ المساواة الدينية هي مجرد تسوية بين الظالم والضحية، لا بين مواطنين متساوين.
    وقد علّمتنا تجارب العالم – من أوروبا إلى السنغال، ومن الهند إلى رواندا – أن الفصل بين الدين والدولة هو ليس نفيًا للدين، بل تأمين لحريته، وضمان لعدم تحوّله إلى سلاح في يد الطغاة.
    العلمانية ليست ضد الإسلام، بل ضد استغلاله.
وهي ليست ضد الإيمان، بل ضد تسليطه.
ولذلك، فإن أي مشروع سلام في السودان لا يضع العلمانية في صلبه، هو مشروع قابل للانهيار، وإن تأجل ذلك الانهيار سنوات.

    خاتمة: الثورة تبدأ من نزع القداسة عن القتلة
    حين يخرج الشيخ المدعو عبد الحي يوسف، أحد أبرز رموز الإسلام السياسي في السودان المغلوب علي امره، ليقول إن "ما يُحاك ويُدبّر الآن من منبر واشنطن هو هجمة شرسة على الله ورسوله من قوى الاستكبار"، فإنه لا يتحدث من موقع ديني، بل من موقع سلطوي يرى في أي محاولة لوقف الحرب تهديدًا لمشروعه القائم على الدم والتكفير.
نؤكد علي ان هذه ليست فتوى عابرة، بل نداء تعبئة أيديولوجية ضد أي حل سياسي سلمي لمايجري في السودان من حرب طاحنة، وضد أي تصور لوطن يتجاوز ثنائية "الطاغية المقدس والضحية المذنبة."
    إن ثورة التغيير السودانية لا يمكن أن تكتمل دون مساءلة واختبار هذا النوع من الخطاب ومحاسبته، لأنه لا يدافع عن الدين ولا عن الانسان، بل يُسخّر الدين لتمجيد الجريمة. عبد الحي يوسف – صاحب الفتوى الشهيرة بقتل المعتصمين امام القيادة العامة في أبريل 2019، لا يمكن أن يُقدَّم بوصفه رجل سلام، بل هو مُنظّر للعنف المقدّس، وامتداد حي لعقيدة "الحاكمية لله" كما صاغها المودودي وسيد قطب، والتي حولت الدين إلى منصة لإرهاب المجتمعات كما اسلفنا.
    كتب سلافوي جيجك مايعني:
    ""اللحظة الثورية الحقيقية هي التي يُنزع فيها القناع الأخلاقي عن السلطة، وتُسمى الأشياء بأسمائها
    وحين نسمي الأشياء بأسمائها، نقول بوضوح: عبد الحي يوسف ليس انسانا سويا، وليس فقيهًا، بل داعية فاشية دينية. ليس ممثلًا للإسلام، بل ممثلًا لعصر يجب أن يُحاكم، لا أن يُدارى. عصر أدخل البلاد في ظلمات الحرب باسم الدين والشريعة، وأشعل نيران الإبادة باسم الدعوة الاسلامية، وأسس للمليشيات التي انقلبت عليه، ثم حمل ضحاياه المسؤولية.
    السودان اليوم يقف أمام مفترق وجودي:
    - إما العودة إلى التحالف القديم بين الدين والسيف، بين العمامة والبندقية،
    - أو بناء دولة حديثة، علمانية، ديمقراطية، لامركزية تضمن لكل إنسان حقه دون قداسة ولا إقصاء
    لا مخرج من لعنة الدم إلا بالفصل الحاسم بين الدين والدولة.
ولا سلام دون علمانية، ليس بوصفها "نظرية" دخيلة، بل بوصفها التعبير الأعلى عن التعايش، والعدالة، والحرية والسلام والوحدة.
    لقد أُريقت دماء كثيرة باسم الله، وحان الوقت لأن يتوقف كل هذا، ويُعاد للدين معناه الأخلاقي بعيدًا الدولة وعن فقهاء السلطان.

    الثورة الحقيقية تبدأ من هنا: من نزع القداسة عن القتلة، وإعلان أن الله لا يحتاج إلى ميليشيا تدافع عنه، بل إن الإنسان هو من يحتاج إلى وطنٍ يحميه من الكهنة والسيوف معًا.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)

























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de