بعد إعلانه عن ( حكومة الأمل ) المكونة من 22 وزارة ، وعد فيها بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية ، نجح إدريس مؤخراً في تخطي عقبة حركات سلام جوبا المسلحة التي هددت بالعودة للحرب إذا لم تحصل على حصصها الوزارية . لكن التحدي الأكبر يتمثل الآن في موقف الإسلاميين الذين يسعون لفرض رؤيتهم على الحكومة ، مما يهدد شرعيتها أمام المجتمع الدولي ويعيق استعادة السودان لمقعده الأفريقي .
لحل معضلة حركات سلام جوبا تدخل البرهان كحل مؤقت حينما أصرت الحركات المسلحة ، وعلى رأسها جبريل إبراهيم ، على أن أي تعديل في الحقائب الوزارية الممنوحة لهم بموجب اتفاق جوبا للسلام "غير مقبول" . ووصل الأمر إلى حد التهديد الصريح بالعودة إلى القتال ، فتدخل البرهان شخصياً لاحتواء الأزمة ، حيث ضغط على الحركات لقبول صيغة توافقية تضمن بقاء حصصهم الوزارية . وقد أكد إدريس التزامه باتفاق جوبا خلال اجتماع تشاوري مع أطرافه ، مشدداً على الوفاء بالعهود والالتزام بالمواثيق .
يظهر في المشهد الإسلاميون وهو التحدي الأكثر تعقيداً حيث يرفض الإسلاميون ، خاصة من بقايا نظام البشير والمؤتمر الوطني المنحل ، أي حكومة لا تتماشى مع رؤيتهم . فهم يشترطون أن تعكس التشكيلة "تضحيات من شاركوا في القتال" وترفض ما يصفونه بـ"خيانة" التيارات المدنية التي لم تنخرط في الحرب . بل إنهم اخترقوا لجان اختيار الوزراء ، وفقاً لانتقادات سياسية حيث ظهر تمدد نفوذهم عندما نوقش منح أحد جرحى كتائب الإسلاميين منصباً وزارياً ، مما يؤكد نفوذهم المتجدد في دوائر صنع القرار .
التصريحات الدولية ، خاصة من الاتحاد الأفريقي ، تشترط عودة الحكم المدني الفعلي لاستعادة عضوية السودان . وقد علق الاتحاد عضوية السودان عام ٢٠٢١ حتى "الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنية" . ومحاولات إدريس الحثيثة لاستعادة مقعد السودان عبر التواصل مع "إيغاد" والاتحاد الأفريقي ستظل محدودة الأثر طالما بقي الإسلاميون مهيمنين على المشهد .
بالنظر لتداعيات الصراع على موازين القوى نجد أن كل تنازل يقدمه إدريس للإسلاميين أو الحركات المسلحة يفقده جزءاً من مزاعم الاستقلالية .
حاجز الحركات اجتازه البرهان ، وعقبة الإسلاميين قد تقصم ظهر إدريس رغم أن تدخل البرهان أمّن هدنة مؤقتة مع حركات جوبا ، إلا أن معركة إدريس الحقيقية مع الإسلاميين لم تبدأ بعد . فشروطهم الصارمة لـتوجيه الحكومة بالمسطرة تتناقض جوهرياً مع خطاب الكفاءات المستقلة الذي يبيعه إدريس للمجتمع الدولي . السؤال المركزي الآن هل يمكن لحكومة تُختار وزراؤها تحت سطوة الإسلاميين أن تقنع العالم باستعادة مقعد السودان في الاتحاد الأفريقي؟ الإجابة تبدو سلبية ، ما لم يُظهر إدريس جرأة غير مسبوقة في مواجهة هذه القوى – وهو ما لا تسمح له موازين القوى الحالية بفعله وربنا يستر .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة