الأطفال المهمشون: مأساة صامتة في زوايا المجتمعات كتبه 
مهندس محمد حسن جبارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-01-2025, 02:35 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-27-2025, 01:28 PM

محمد حسن جبارة
<aمحمد حسن جبارة
تاريخ التسجيل: 02-25-2020
مجموع المشاركات: 9

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأطفال المهمشون: مأساة صامتة في زوايا المجتمعات كتبه 
مهندس محمد حسن جبارة

    01:28 PM June, 27 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد حسن جبارة-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    2025/6/27

    في زحمة المدن وتفاصيل الحياة اليومية، هناك فئة تُطوى خلف جدران الإهمال وتُقصى بصمت عن دائرة الاهتمام. هؤلاء هم الأطفال المهمشون – الذين وُلدوا في ظروف لا تضمن لهم الحد الأدنى من الرعاية أو الانتماء، وتُركوا يواجهون واقعًا قاسيًا لا يرحم. إنهم ليسوا أرقامًا في تقارير المنظمات ولا شعارات في حملات المناسبات؛ بل كائنات هشّة تُكابد التهميش منذ لحظاتها الأولى، وتنمو في بيئات لا توفر لهم سوى القليل من الحماية والكثير من الخطر.
    تشير المؤشرات إلى أن ظاهرة تهميش الأطفال تتفاقم نتيجة لتداخل عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية. فبين النزاعات المسلحة، والفقر المدقع، والهجرة غير المنتظمة، والتمييز البنيوي، ينشأ جيل بأكمله على هامش الحياة – بلا هوية قانونية، بلا تعليم كافٍ، بلا صوت يُسمَع.
    فما الذي يدفع بمجتمعات كاملة إلى غض الطرف عن أطفالها الأضعف؟ وكيف يمكننا أن نعيد لهؤلاء مكانهم الطبيعي تحت شمس الكرامة والحق؟ هذا ما سنحاول استكشافه في هذا المقال، عبر تفكيك أبرز العوامل المؤدية للتهميش، مدعّمة بإحصاءات ميدانية، ومقارَنة بين الواقع في الشرق الأوسط وسياقات دولية مختلفة.
    الفقر كقيد ثقيل على الطفولة
    عندما تزور أحياء الصفيح أو مخيمات النازحين، يكون المشهد موحدًا: أطفال بأقدام حافية، يركضون وسط أزقة تغمرها الأتربة وتفتقر لأبسط شروط الحياة. لا مدارس حقيقية، لا ملاعب، لا رعاية صحية منتظمة – مجرد حياة مؤجلة بانتظار معجزة.
    الفقر ليس فقط حرمانًا من المال، بل هو – في حالة الأطفال – نزع لحقهم الأساسي في الأمان والتطور. تشير تقارير اليونيسيف إلى أن أكثر من 330 مليون طفل حول العالم يعيشون تحت خط الفقر المدقع – أي بأقل من دولارين يوميًا. وهذا لا يعني الجوع فقط، بل يشمل حرمانًا تعليميًا وصحيًا واجتماعيًا يطيل دائرة التهميش جيلاً بعد جيل.
    في بعض الدول العربية، خصوصًا تلك التي تعاني من أزمات اقتصادية مزمنة، تشهد المناطق الطرفية تدهورًا واضحًا في الخدمات الموجهة للأطفال. ففي حين يتلقى أطفال المدن الكبرى قدراً معقولاً من الرعاية، يظل أطفال القرى والأحياء العشوائية محرومين من حتى أبسط حقوقهم – من التعليم النظامي إلى فرص اللعب والنمو النفسي المتوازن.
    غياب الهوية القانونية والتسرب من التعليم
    أحد أوجه التهميش الأكثر خطورة هو غياب الوثائق الثبوتية. ملايين الأطفال حول العالم لا يملكون شهادات ميلاد، مما يضعهم خارج نطاق التعليم الرسمي والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. هؤلاء الأطفال "غير المرئيين" لا يدخلون في الإحصاءات، ولا يُحسب لهم حساب عند رسم السياسات.
    في بعض دول الشرق الأوسط، وخصوصًا في مخيمات اللاجئين، يولد الأطفال بلا أوراق ثبوتية نتيجة غياب التسجيل المدني أو هروب الأهل من مناطق الصراع. هذا الغياب القانوني يجعلهم عرضة للاستغلال، ويؤدي غالبًا إلى التسرب من التعليم، حيث تُرفض طلباتهم أو يُنظر إليهم كحالات استثنائية يصعب التعامل معها إداريًا.
    والنتيجة؟ ملايين من الأطفال خارج أسوار المدارس. بلغة الأرقام، يشير تقرير البنك الدولي لعام 2024 إلى أن ما يقارب 72 مليون طفل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مهددون بخطر الانقطاع عن التعليم بسبب الفقر أو عدم الاستقرار أو الهشاشة القانونية. إنهم لا يحملون الكتب، بل يحملون أعباء الحياة قبل الأوان.
    العنف المنزلي والتفكك الأسري
    من المآسي التي لا نراها في العناوين العريضة، تلك التي تُخاض داخل جدران البيوت المغلقة. العنف المنزلي – سواء الجسدي أو اللفظي أو النفسي – يُعد من الأسباب الجوهرية لتهميش الطفل وإخراجه من دائرة الشعور بالأمان. الطفل الذي يكبر في بيت يسوده الخوف لا يستطيع أن ينمو طبيعيًا أو أن يبني ثقة في محيطه.
    تفكك الأسرة، سواء عبر الطلاق أو غياب أحد الوالدين بسبب الهجرة أو الموت أو حتى السجن، يخلق فراغًا تربويًا وعاطفيًا هائلًا. في كثير من الحالات، يتحول الطفل إلى طرف مهمل – لا لذنب اقترفه، بل لعجز المنظومة عن احتوائه.
    في المجتمعات التي تفتقر لنظام دعم اجتماعي فعّال، تصبح هذه الحالات أكثر خطورة. الأطفال المتأثرون بالعنف غالبًا ما يتسربون من التعليم، ويواجهون مشاكل سلوكية، ويصبحون أكثر عرضة للتجنيد في عصابات الشوارع أو للوقوع ضحايا للاستغلال الجنسي أو العمالي.
    تهميش مضاعف للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
    من أكثر الفئات تعرضًا للتهميش: الأطفال من ذوي الإعاقة. في العديد من الدول، لا تزال البنية التحتية والخدمات العامة غير مهيأة لاستقبالهم أو توفير البيئة التعليمية المناسبة لهم. في ظل هذا النقص، يُقصى هؤلاء الأطفال من المدارس، ويُتركون في عزلة داخل المنازل، وكأنهم عبء غير مرغوب فيه.
    تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 93 مليون طفل حول العالم يعانون من نوع ما من الإعاقة. ومع ذلك، نسبة ضئيلة جدًا منهم تلتحق بالتعليم النظامي – لا بسبب العجز، بل بسبب غياب التكييف المؤسسي والمجتمعي.
    في بعض السياقات العربية، لا يزال يُنظر إلى الإعاقة على أنها "وصمة" اجتماعية، مما يضاعف التهميش عبر الحواجز النفسية إلى جانب المؤسساتية. لا توفر السياسات العامة مخصصات كافية لإدماج هؤلاء الأطفال، ولا تدرّب الكوادر التربوية بما يكفي للتعامل معهم.
    الأزمات الإنسانية وتفاقم التهميش
    لا يمكن الحديث عن الأطفال المهمشين دون الإشارة إلى تأثير الكوارث الإنسانية – من الحروب إلى الكوارث البيئية. هذه الأزمات لا تُدمّر البنية التحتية فقط، بل تُمزّق النسيج الاجتماعي وتخلق جيوشًا من الأطفال المتروكين لمصير مجهول.
    في سوريا واليمن وفلسطين وأجزاء من السودان ولبنان والعراق، نشأت أجيال في ظل القصف والنزوح والحصار. أطفال لم يعرفوا يومًا مستقرًا ولا مقعدًا دراسيًا دائمًا. بعضهم باتوا لاجئين في دول لا تعترف بهم، وبعضهم بلا مأوى داخل أوطانهم.
    تشير تقارير إلى أن أكثر من 40% من الأطفال النازحين في الشرق الأوسط لا يتلقون تعليمًا منتظمًا، وأن نسبة كبيرة منهم يعملون في ظروف قاسية لإعالة أسرهم – في مهن خطرة مثل البناء أو التسول أو حتى في خطوط الإنتاج غير القانونية. هم أطفال في ظاهرهم، لكنهم يعيشون أدوارًا يفترض أن تكون أبعد ما يكون عن أعمارهم الغضة.
    رقمنة الحياة وظهور نمط جديد من التهميش
    في الوقت الذي يندفع فيه العالم نحو الرقمنة والتحول التكنولوجي، يظهر شكل جديد من التهميش: الفجوة الرقمية. أطفال لا يملكون الأجهزة، ولا الوصول إلى الإنترنت، ولا المهارات الرقمية، يُقصون تلقائيًا من الفرص التعليمية الجديدة ومن المشاركة في الأنشطة المعرفية المعاصرة.
    فقد كشفت الجائحة العالمية عام 2020 وما تلاها، عن هذا التفاوت الرقمي بوضوح، إذ عجز ملايين الأطفال – خاصة في المناطق النائية أو الفقيرة – عن الالتحاق بالتعليم عن بُعد. لم يكونوا متغيبين بإرادتهم، بل لأن البنية التحتية التكنولوجية لا تراهم.
    هذا التهميش الرقمي يخلق طبقة جديدة من الأطفال الأقل حظًا، حتى في زمن التكنولوجيا. فبينما يتمتع أطفال العالم المتقدم بمنصات تعليم تفاعلية وبرامج إثرائية، يظل نظراؤهم في مناطق التهميش محصورين في زوايا الإقصاء الرقمي، ما يعمّق الفجوة بين الفئتين مستقبلاً.
    خاتمة
    من خلال تتبّع مظاهر التهميش المختلفة، يتّضح أن قضية الأطفال المهمشين ليست طارئة ولا عارضة، بل ممتدة ومتجذّرة. إنها نتاج منظومة اجتماعية واقتصادية وسياسية تتجاهل الفئات الأضعف، أو تعجز عن إدماجها ضمن خططها التنموية.
    الفقر، والتمييز، والتشرد، والاضطرابات الأسرية، والعنف، والأزمات – كلها دوائر تتقاطع لتصنع طفولة ممزقة ومهمّشة. ومع ذلك، يبقى الأمل قائماً. فكل طفل يُنتشل من الهامش إلى المركز، هو بداية لنهضة إنسانية شاملة.
    التحدي الذي يواجه المجتمعات – خصوصًا في منطقتنا العربية – هو بناء منظومات حماية شاملة تتجاوز الشعارات إلى الأفعال، وتعترف بأن الطفولة ليست ترفًا اجتماعيًا، بل أساسًا لكل مستقبل مستقر.
    إن إنقاذ الأطفال المهمشين لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى إرادة سياسية، وتمويل كافٍ، ورؤية تُعيد للطفل مكانه في قلب السياسات لا على هامشها، وإلى عدالة تبدأ من حضن دافئ ومدرسة آمنة ويد تُمسك بيد.
    ولعل السؤال الذي يجب أن نطرحه دائمًا: أي مستقبل يمكن أن نرجوه، إن كنا نسمح بتهميش المستقبل نفسه؟























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de