Post: #1
Title: بعد و أثناء الحرب : العالم مدين لإيران بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 06-27-2025, 01:25 PM
01:25 PM June, 27 2025 سودانيز اون لاين أحمد نورين دينق-السودان مكتبتى رابط مختصر
للحرب أخلاق و قيم تدل على درجة المسؤولية و الإنضباط القيمي للأطراف المتحاربة ؛ و قد تابعت بدقة مدخلات و مخرجات الحرب الأخيرة بين إيران كطرف ، و إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية كطرف مقابل ، و التي إستمرت ١٢ يوماً ، حبست فيه أنفاس العالم أجمع ؛ هذه الحرب كانت مؤجلة من زمن بعيد ، لأن مستوى الشحن النفسي و العداوة بين إيران و إسرائيل كانت في تصاعد ، و كل طرف يعد العدة ليوم النزال طوال العقود الثلاثة الماضية.. العالم يدرك حجم القوة التدميرية و الهجومية لدولة إسرائيل ، و كان يتابع تقدم إيران في مجال الصواريخ البالستية بشقيه قصيرة المدى و طويلة المدى ، و لكن دقتها و درجة قوتها التدميرية كان محل شك .. أمران شجعا رئيس وزراء إسرائيل على تجربة خوض الحرب مع إيران ؛ الأول ، الانتصارات التي حققها في غزة و لبنان على حماس و حزب الله ، و الثاني ، مجيء الصديق الحميم دونالد ترامب للمرة الثانية في البيت الأبيض ، هذه المؤشرات هي التي دفعت السيد نتنياهو للمضي قدماً في طريق حسم القضية المؤجلة مع إيران ، بالإضافة الى البحث عن مجد شخصي يخلده في الذاكرة الإسرائيلية و العالمية . . هل سبق أن وضعت إسرائيل سقف زمني أثناء حروبها السابقة منذ العام ١٩٤٨ ؟ لا أعتقد ذلك .. بدأت حربها مع إيران بضربة مباغتة للقيادات العسكرية الإيرانية ، و أتبعها بجملة من الإغتيالات للعلماء والباحثين في المجال النووي ، و ركزت بعد ذلك في البنى التحتية للمجال النووي و الصواريخ البالستية ، و نجحت لحد ما في حملتها بفضل إختراق جهاز مخابراتها للمجتمع الإيراني ؛ بيد أن العائق الذي أدى إلى الفشل الذريع في الحملة العسكرية هو البيئة الطبيعية في إيران من ناحية و حسن إستغلالها بصورة نموذجية من ناحية العقل الفارسي لحماية المكتسبات ، فإيران منطقة جبلية ، و بعد إستهداف إسرائيل في العقود الأربعة للمفاعل النووي في العراق و سوريا ، عمدت إيران لإستغلال البيئة الطبيعية بأفضل طريقة ممكنة ، فبنت مفاعلاتها النووية و قواعد تخزين الصواريخ البالستية و منصاتها في عمق الجبال ، و فوق ذلك حمتها بطبقة أسمنت فائقة الأداء ، و التي تحد من القوة التدميرية لأم القنابل الأمريكية من ٦٠ متر إختراق لهذه القنبلة إلى ٨ أمتار فقط في المرة الواحدة !! هذه الاستراتيجية هي التي أرغمت إسرائيل و أمريكا لوضع سقف زمني لإنهاء هذه الحرب ، و لعل الإثني عشر يوماً فيه رمزية لعشائر بني إسرائيل الإثني عشر ؛ بالمقابل ، أظهرت صواريخ إيران البالستية نجاعة و قوة تدميرية لم يتوقعها أفضل المتفائلين بصمود إيران ، فأحدثت دماراً لم يحدث لدولة إسرائيل في جميع حروبها السابقة ؟! فأدركت إسرائيل خطورة مسار الحرب مع إيران. ، فلأول مرة في تأريخها الحديث ، ترى فيها إسرائيل وجه الحرب الحقيقي بلسان المحللين الإسرائيليين أنفسهم ، فهي في حروبها السابقة ، كانت القوة التدميرية تظهر في الطرف الآخر ، و لا تكاد تظهر في إسرائيل نفسها لضعف الأطراف المتحاربة معها ، و لكن مع إيران كان الوضع مختلفاً تماماً ، فقد رأي العالم بأم عينيه مدى تأثر إقتصاد و قطاع الأعمال في إسرائيل بالحرب ، و لو إستمرت الحرب لمدة شهر كامل لدخل إقتصاد إسرائيل و إيران غرفة الإنعاش و العناية المركزة !! نعم ، لذا كانت المسرحية الكوميدية الأمريكية المتمثلة في ضرب المنشآت الحيوية النووية شديدة التحصين في إيران ضرورية كمخرج سياسي لإسرائيل ، و قد كان .. لكن من ناحية أخلاقية ، فقد أثبتت دولة إيران درجة مسؤولية كبيرة جدآ ، و أثببت بما لا يدع مجالاً للشك أن حرصها على السلم و الأمن الدوليين أكبر و أفضل من حرص الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل اللتان تدععيان زوراً و بهتانا أنهما حماة القيم الديمقراطية في العالم ، أما كيف ذلك ؟ فلأن دولة إيران بدقة صواريخها البالستية و التي أصابت بدقة معهد وايزمان الإسرائيلي العريق ، فخر مجالات الفيزياء و الاحياء في إسرائيل و العالم كان يمكنه إصابة مفاعل ديمونة النووي و ملحقاتها الأخرى و التسبب في كارثة إنسانية و نووية تنتشر مداها في إسرائيل و ما جاورها ، و لكن درجة النضج السياسي و الانساني للمرشد الأعلى و مستشاريه منعت إيران التي كانت توصف قبل الحرب بزعيمة محور الشر ، منعتها من معاقبة الجميع بسبب خطأ نتنياهو و ترامب المتهورين ، و بالمقابل ، فقد قام فريق ترامب و نتنياهو المتهورين بقصف المواقع النووية الايرانية المحصنة و التي كانت يمكنها أن تتسبب في كارثة نووية لو وصل تأثير الضربة إلى مفاصلها ؟ و لكن حكمة قائد ركب دولة إيران و مستشاريه ، حالت دون حدوث الكارثة النووية بسبب الاحتياطات التي أخذت و نفذت قبل الضربة العسكرية ، فالعالم مدين لإيران ، و لا خوف عليه بعد هذه الدرجة من المسؤولية من إمتلاك إيران لسلاح نووي حقيقي ، فهي لا تقل اليوم مسؤولية عن باكستان و الهند اللتان خاضتا نزاعا عسكرياً لمدة أربعة أيام و لم تخرقا الأمن و السلم الدوليين بالرغم من إمتلاكهما أسلحة نووية ، فعلى العالم قفل مناقشة البرنامج النووي الايراني بعد هذه الحرب و التفرغ لبرامج أخرى أهم و أفيد ، و على إسرائيل و إيران القبول ببعض ككيانات دولية موجودة و لم تغب من سجل الحضارة الإنسانية من قديم الزمان ، فالالغاء المتبادل يجب أن يعدم في التاريخ الحديث ، لأنه يناقض التأريخ القديم و ينسفه ، فالفرس أصحاب حضارات ، و بني يعقوب بن اسحاق بني إبراهيم كذلك . E_m : [email protected]
|
|