منذ انقلاب الجبهة الإسلامية في ١٩٨٩، ظل الجيش السوداني متحكمًا في الدولة ومصادرها، مانعًا أي تحول ديمقراطي حقيقي. ومع تعاقب الانتفاضات والانقلابات، أصبح واضحًا أن السودان لا يمكن أن يستقيم ما دام الجيش يُمسك بمفاصل السلطة.
اليوم، تتبلور لحظة فارقة في التاريخ السوداني. قوى متعددة توحدت من أجل الخلاص الوطني، في مقدمتها قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتحالف “تأسيس السودان” الذي يجمع طيفًا واسعًا من القيادات المدنية والمجتمعية، إضافة إلى قوى الكفاح المسلح ذات المواقف الوطنية الصلبة. إنها لحظة للحسم واختزال الزمن، لا مجال فيها للمساومات أو التردد.
فالوضع الإنساني مفجع: أكثر من ١٢ مليون نازح، و4 ملايين لاجئ، ومئات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح وناجية من الاغتصاب والعنف الجنسي. استمرار الحرب يعني مزيدًا من الانهيار، والتغاضي عن جذورها يعني استمرار الكارثة.
لن يستعيد السودان عافيته دون وقف الحرب، وتطبيق توجيهات القائد حميدتي القاضية بعدم انتهاك حرمة البيوت والأسر، وتحقيق العدالة للضحايا. لا بد من القصاص العادل واستتباب الأمن في العاصمة والأقاليم كافة.
التاريخ يعلّمنا: حين ألقت الولايات المتحدة قنبلتي هيروشيما وناغازاكي في أغسطس ١٩٤٥، لم يكن هدفها إفناء اليابان، بل إنهاء الحرب معها، وهو ما تحقق. فاستسلمت اليابان، وأُسدل الستار على الحرب العالمية الثانية. واليوم، تُناقش مقاربات شبيهة في سياق الحرب الإسرائيلية–الإيرانية.
أما في السودان، فإن النصر لا يعني مزيدًا من الخراب، بل يعني كسر المشروع الإسلاموعروبي الذي اختطف الدولة، وتفكيك المليشيات التي تحالفت معه، من جماعة الكيزان إلى التشكيلات المرتبطة بهم مثل حركات مناوي، وجبريل، وعقار. هذه الحركات لم تعد تعبر عن تطلعات شعوبها، بل تحولت إلى أدوات في لعبة الاسترزاق والمساومات.
إن تأسيس السودان الجديد لا يحتمل التردد. هذه معركة وجود، لا تسوية. وما لم يتم الحسم العادل الآن، فستطول المحنة وتتمدد الخسائر. السودان يستحق دولة مدنية عادلة، بلا جنرالات، بلا كيزان، وبلا تجار حرب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة