ما الدور الذى قامت به الاحزاب السياسية العقائدية فى نهضة السودان بعد ان سلمهم الاستعمار مقاليد السلطة فى البلاد. لا شئ بل وقع الانقسام العرقى والدينى داخل الجسد السودانى. كانت بمثابة ثورة فكرية وثقافية ساعدت الاحزاب الاسلامية فى تمكين نفسها فى الجمود والظلام. بدلاً من اعادة ترتيب البيت السودانى من الداخل وتوطيد العلاقة بين الانسان السودانى والمعرفة وبين الفرد والمجتمع. ولكن ليس بدافع او بهدف احدث نهضة علمية او فكرية بل فتحت الابواب فى وجه المتحولات والمتغيرات التاريخية الكبرى. ولكن اول ما فامت به الاحزاب العقائدية احتكار السلطة والثروة واقصاء وتهميش الاخرين وجعلهم يغرقوا فى انهر الفقر والجهل والتخلف. لانهم اى الاحزاب لم يشجعوا فى تعميم التعليم و نشر المعرفة والقراءة والكتابة. واصبح عامة الناس فى منطاق الهامش لا يقراءون. لذلك لم تقوم الاحزاب الاسلامية بفتح باب امام العلم والعقل النقدى. لانه لم تصنع انساناً قادراً على النقد. الاحزاب ترى فى نفسها السلطة المطلقة بل يروا ايضا فى قرار نفسهم بانهم كائنات قادرة على فهم نصوص الدين والتاريخ والواقع الذى هو سطوتهم . هذه العقلية الاحتكارية الاستعمارية التى صنعت الطبقة البرجوازية التى قادت الجهوية والقبلية والعنصرية والقوالب النمطية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وساعدت فى تقويض نهضة السودان وتقدمه. لذلك ولدت الحركات السياسية المطلبية. اتحاد جبال النوبة ونهضة دارفور ومؤتمر البجة والنيل الازراق والجنوب. مما ساعد فى ظهور الفكر الليبرالى النقدى لسياسات وهيمنة النخب من ابناء الشمال النيلى والوسط النيلى. حيث جعلوا التعليم حصرياً فى الخلأوى والطبقة الاكليركية دون التشجيع على التعليم لكل الطبقات. لان كل طفل له الحق فى التعليم والقراءة والكتابة. وبهذا ارتفعت نسب الأمية وازدهر الجهل وتوسعت أعداده. كانت العقلية السائدة لدى النخب الشمالية والوسطية لقد كانت عقليتهم التدميرية اقوى أدوات وأليات استعباد الدينى والعقلى لأهل الهامش عرفتها افريقية. صحيح فمنذ ان سلم الاستعمار مقاليد الحكم للاحزاب الاسلامية العقائدية تمكنت من فرض سطوتها واطلق العقلية العرقية والثقافية والدينية نحو السيطرة والهيمنة. ولم تعطى الاستقلال زحماً جديداً ولن تواكب نهضة البلاد ولم توفر العلم والبيئة النفسية والاجتماعية التى يحتاجها الانسان السودانى لكى يتطور بحرية. النخب السودانية ادمنت تدمير السودان حصرياً. قتل اهل الهامش واجبارهم على تغيير ديانتهم ولغتهم وثقافتهم ومعتقداتهم وما الى ذلك. يعنى بالعربى رفضت النخب الحفاظ على حقوق العرقية والدينية والثقافية للاطراف. فان تصميم النخب الشمالية الحاكمة بناء دولة عربية اسلامية هذا التجاهل المقصود فتح الباب على مصراعية لأول حرب اهلية. فقد كان اهل الهامش يلومون الحزبين الطائفتين اللذان سيطران على كل فترة من فترات البرلمان مروراً بالنخب الاسلامية التى استولت على السلطة من خلال الانقلاب العسكرى الذى قاده العميد عمر احمد حسن البشير 30 يونيو 1989 جاء هذا الانقلاب على هدفين اساسيان الاول هو منع توقيع اتفاق سلام وشيك مع الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان الذى ينظر اليه على انه خيانة للقضية العربية. الهدف الثانى هو ضمان توسيع الاجندة العربية الاسلامية فى عموم السودان. الحقيقة تقول ان هولاء النخبة او المجموعة العرقية الثقافية المعينة التى حكمت السودان ثلاثون عام يرجع اصولهم الى الفلاتة يعنى افارقة وليسوا عرب. وهم الدكتور حسن الترابى وعمر حسن البشير الرئيس المخلوع وعلى عثمان طة ونافع على نافع وابراهيم السنوسى والطيب مصطفى واسماعيل مصطفى ومهدى ابراهيم مهدى والدكتور على الحاج واخرين. يمكنكم ان تسالوا التوم هجو هو من نفس المجموعة العرقية الثقافية هذه. مجموعة صغيرة من النخب السودانية الناطقة بالعربية سيطروا على السلطة وقاموا بشكل منهجى بتهميش الجماعات الافريقية الغير مكونة وغير المسلمة فى اطراف البلاد. النخب التى تسلمت مقاليد السلطة من الاستعمار كان التقسيم والتهميش والاقصاء وعدم قبول الاخر دستور البلاد الدائم. الان السودان يمر بلحظة تاريخية مفصلية. حرب الكرامة الحرب المقدسة فى كونها وجودية يبقى الوطن السودان ام لا يبقى. من محاسن حرب الكرامة تطهير الذاكرة من جراح الماضى لا للتقسيم اوالتهميش اوالاقصاء لاحد. ايضا تطهير النخب من العقلية العنصرية والقوالب النمطية المؤروثة منذ دولة 56 الفاشية. بعد حرب الكرامة نريد دستور دائم للبلاد يكرس الحقوق ويصون السيادة ويأسس لدولة القانون وحكم سيادة القانون والمواطنة المتساوية فى الحقوق والواجبات وايضا الهوية الوطنية وليست العربية الاسلامية المزورة التى لا تمثل كل مكونات الشعب السودانى . وليست دولة العرقية والدنينة والحزبية والفوضة. الاحزاب التقليدية العقائدية كانت مثل الاقطاعين او الكنيسة فى القرون الوسطى. لقد هدموا السودان واهانوا كرامة الانسان السودانى. يجب ان تموت تلك العقلية التى ورثتها النخب السودانية ابناء الشمال النيلى والوسط النيلى.قادة تلك الاحزاب العقائدية قالوا انهم هم الاسياد والاشراف هذا كذب وضلال مبين انهم تجار الدين انتهازين. الان الكرة قى ملعب النخب السودانية وبالاخص القحاطة او صمود هذه المجموعة العرقية الثقافية المعينة تريد اعادة انتاج دولة 56 بكل اجسامها وهياكلها وعقليتها المدمرة وهذا مرفوض لن يحدث ابدأ. فاذا حدث ذلك يعنى دعوة صريحة لحرب رواندا التى وقعت بين التوتسى والهوتو عام 1994 فان بقاء السودان عنوان المرحلة. للمقال بقية أختصاصى فى حقوق الانسان والقانون الاوروبى 19/6/25
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة