بين شيراز النبيذ وشيراز الهردبيسز- مساحة من الهوس الديني. او: حين تُصادَر المريسة لأجل الشيراز...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 11:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-13-2025, 10:37 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين شيراز النبيذ وشيراز الهردبيسز- مساحة من الهوس الديني. او: حين تُصادَر المريسة لأجل الشيراز...

    10:37 PM June, 13 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر







    بين شيراز النبيذ وشيراز الهردبيسز- مساحة من الهوس الديني.

    او: حين تُصادَر المريسة لأجل الشيراز... وتُعتَّق الجهالة

    6/13/2025 خالد كودي، بوسطن

    شيراز... والنبيذ الحرام!
    حين تقف المفارقة السودانية على ساقين مسلّحتين، تعلوهما رتبة رائد، ويتمايل الخصر حول طبنجة كصولجان في سوق فقراء ومهمشي السودان الذي يُجلد كل صباح بسياط الجهل المصقول بالشعارات - فاعلم أنك في عصر السودان الأعوج: حيث الجهالة تُعتَّق، والثقافة تُصادَر. ليس خبراً أن مقطعاً جديداً غزا وسائط التواصل: عنصر من قوات الدعم السريع، تحمل رتبة رائد، تقود بكل يقينها المشوش غزوة أخلاقية على منزل لصناعة الخمور البلدية - المريسة - ذاك الشراب الذي هو في جوهره غذاء، طقس اجتماعي، وذاكرة جماعية.
المشهد مكرور: صراخ شعاراتي، دلق السائل المُخمَّر في طوره البكر، تحطيم الأواني في طقس تطهيري كاريكاتوري، ثم التصريح المثير للضحك والبكاء:
    
"الوطن سيكون شرابه لبن الإبل!"
    
وما له؟ فلكل من يفضل لبن الجمال، بالهناء!
    ما يجعل الواقعة تستحق التسجيل في باب الفضيحة الرمزية الكبرى، هو تلك المفارقة التي كأنما صاغها إله السخرية الأسطوري بنفسه:
اسم الرائد هو... شيراز!
    
SHIRAZ!
    شيراز - ليس اسماً عابراً. بل اسم دُرَّة النبيذ الأحمر، نبيذ يُصنّف بين أعظم (نبيذات) العالم.
نبيذ الأناقة، العمق، القدرة على التعتيق. شيراز، نبيذ شاع عنه في فرنسا وأستراليا أنه "القوة في قفاز مخملي" - نبيذ يُقدَّر في الصالات الأدبية كما يُحتفى به في الفنون الرفيعة.

    قال حافظ الشيرازي - الذي يعرف كيف يُخاطب زمن النبيذ: (إيران، القرن ١٤)
    أدر كاساً وناولها،
    وقل لي أين ساقيها؟
    فإنّي في هواها قد نسيتُ النصحَ والراعيها.
    خمرُ شيرازَ لو تعطى لي ديناراً فديتها،
    بها أحيي سرورَ القلبِ وذكراً لياليها
    وقال أيضا:
    إسقني كأساً، ودعني من حديث الوعظ والقدر،
فليس في الوجود سرٌّ يُفسَّر.
غداً في التراب نصير، فلا تَطُل حُزنك،
واغتنم اليومَ كأساً تسرّ.

    وقد نسب الي لبيكاسو قوله:
    A good wine is like a good painting -layer after layer, it reveals new mysteries.
    "النبيذ الجيد كلوحة فنية جيدة — يكشف طبقاته واحدة تلو الأخرى."
    والنبيذ هنا استعارة للفن ولزمن التذوّق العميق

    قال بودلير:
"كن سكراناً - بالخمر، بالشعر، بالفضيلة... لكن كن سكراناً."

    ولم يقل: "اسحق شراب الآخرين حين لا يعجبك مذاقه، أو حين لا يناسب مقاس أيديولوجيتك الرثة."

    وهكذا، حين تُصادَر المريسة باسم "الوطن"، ويُعلن ـ بكل فجاجة ـ أن شرابه الرسمي سيكون "لبن الإبل" بأمر السلطة القبلية المتخيلة، فالأمر لا صلة له بتطهير الأخلاق كما يُزعم، بل هو تطهيرٌ للثقافة - محوٌ ممنهج لطقوس الآخر، وفرضٌ قسري لذائقة فئوية ضيقة على شعب متعدّد الثقافات، وربما هذا وقت للتعلم!

    والاسم - شيراز - فهو يكشف الحكاية دون حاجة إلى تعليق إضافي:
    أن تحمل قائدة جهلٍ مدجّج بالسلاح ومُشبَع بالهوس الديني اسمَ أرفع نبيذ في العالم، بينما تحطّم جرار البسطاء، هو مشهد يُغني عن مئة دراسة في علاقة الاستبداد بضيق الأفق، والانغلاق، وحمّى التسلّط على الضعفاء - رغم كثافة المساحيق التي تلمع على وجه الرائد.
    فما يُعتَّق في هذا المشهد ليس الأخلاق، بل الجهالة - تُعتَّق في جرار السياسة الرديئة ومنظومات التعليم المتخلف، لا في براميل البلوط الرفيعة الطعم والمعنى!
    وكلّ مرة يُدلق فيها النبيذ الشعبي - المريسة - على التراب، لا يُمحى؛ بل يعود ويتخمَّر في قلوب الناس وفي ذاكرتهم الثقافية.
فـ الحريات تُخمَّر.
والثقافة تُخمَّر.
ووعي الناس — على عكس ما يتوهّم أهل القمع — لا يُسكب على الأرض.

    فها هي "الرائد شيراز" تتقدّم جيشها الصغير لتحطيم جرار المريسة - ذاك الشراب الذي لا يُعدّ في مجتمعات جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق وغيرها من مناطق السودان مجرد مشروب، بل مخزوناً غذائياً طقسياً يُخمَّر بمحبة، ويُقدَّم في سياق العمل الجماعي والنفير، رمزاً عميقاً للتكافل الريفي وذاكرة الحقول.
وكما الشربوت في الشمال: شراب العيد، وشراب الضيافة، وتجسيداً لكرم النوبة.
لكن في هذه "الغزوات الأخلاقية" لا يُفرَّق بين ثقافة البداوة العنيفة وبين تنوّع السودان الثقافي العريق؛ كلّ ما يقع تحت مجهر الهوس الديني في وعي السودان القديم يُمحى بلا فهم.

    أما شيراز - النبيذ لا الرائد - فله شأن آخر؛ نبيذ الحرفة الرفيعة لا يُراق على الأرض ولا يُهدر بحماقة.
يُصنع من عنب داكن يُقطف في نهاية الصيف، ويُخمَّر مع قشوره أياماً طويلة لاستخلاص الألوان والنكهات، ثم يُعتَّق في براميل البلوط أو الفولاذ، انتظاراً لنضجه الكامل.
شيراز زمنٌ للتأمل، نكهةٌ للتفكير، فلسفةٌ تُقدَّم في كأس...
    أما "الرائد شيراز"؟ فهي، بكل أسف، نتاج ثلاثة عقود من هوس الديني الذي لم يُثمر سوى القمع، والسطحية، والنفاق الأخلاقي.
تحمل اسماً عظيماً، وتمارس بأسلوب بائس إعادة تدوير لشرطة "النظام العام"، في نسخة مشوّهة من شرطة البشير والاخوان المسلمين الأولى.
ولو طُبّقت معايير الهوس ذاتها على الأسماء، لوجب عليها أولاً تغيير اسمها؛ فـ"شيراز" في عرفهم اسم فاضح، معجون بالخمر، والشعر، والورد... والجمال،
لكن من قال إن الجهل يُخمَّر؟ إنه يُشرب نيئاً، فجّاً، غبياً - تماماً كالمشهد الذي رأيناه.

    لقد صاغ هوس الجماعات الاسلامية في السودان اجيال لتكون شرطية أخلاق، وجلّادة أخلاق، وحارسة لبقايا شريعة لم تنتج سوى الاستبداد، والجهل، والذوق الرديء. السيدة شيراز التي تحمل اسم النبيذ، ما يبدو أنها قرأت يوماً عن ثقافته، ولا سمعت قصيدةً لحافظ الشيرازي، ولا تأمّلت كيف انتقل نبيذ شيراز من إيران إلى أوروبا ليُعيد صياغة ذائقة الشعوب فترتقي بمعارفها.
ولو عرفت ذلك - حقاً - لخجلت من الإفصاح عن اسمها، لا من ضَبط المريسة.

    المريسة التي تصادرها "الرائد شيراز" ليست "خمرًا هكذا" كما سوقت ثقافة الهوس الديني في السودان لعقود، بل غذاء ثقافي ومشروب عمل جماعي يُخمَّر من الذرة والدخن في دارفور وجبال النوبة، لا في كوالالمبور.
إنه نتاج اقتصاد محلي، لا منتج كمالي. يُحضَّر في مواسم النفير والحصاد، ويُغنَّى له بأهازيج النساء، ويُقدَّم في آنية جماعية لمن يحرثون الأرض لا من يحتكرونها.
شرابٌ فقير في الظاهر، لكنه مشبع بالكرامة، مسكون بالإيقاع الجماعي، نابض بالذاكرة الزراعية.
بسيط؟ نعم، لكنه صادق، عضوي، ريفي الطابع، حضاري المعنى، وانه خيار لمن يحب احتساءه!
    أما أن تتصدّر ضابطة في جيش لسودان حر علماني ديمقراطي مشهداً "للهوس الإسلامي" وهي تدوس جرار المريسة كأنها تغزو أوكار الشيطان، فذلك ذروة الفحش الرمزي الذي سيناهض.
من يحمل سلاحاً على خصره، ويقتحم مجال ثقافة محلية سلميّة، لا يبني "وطناً طاهراً"، بل يمارس تطهيراً ثقافياً من الدرجة الرديئة - شبيه بما فعلته حملات محاكم التفتيش حين صادرت الكتب والموسيقى والأحلام...وهنا- لامجاملة.

    والمفارقة الأكثر بلاغة:
النبيذ الذي يحمل اسمها - شيراز - لا يزال يُعتَّق في براميل البلوط، يُتداول في صالات الفكر، وتُكتب عنه أطروحات في الأدب.
لونٌ عميق، عبير فاكهة داكنة، لمسة توابل، تلميح شوكولاتة، حكمة في زجاجة.
بينما فيديوهات الهوس الديني الهستيرية في السودان، وهي تلوّح بإصبع الاتهام فوق جرار الفقراء، ستتعفّن في أرشيف الإنترنت، محفوظة في زاوية "السلوك القمعي المصوَّر"

    فمنذ فجر الحضارة، لم يكن "الخمر البلدي" مجرد شرابٍ للتسلية، بل بنية رمزية معقّدة ربطت بين الحياة والموت، الفرح والألم، الزمن والديمومة.
في الثقافات الزراعية الكبرى، لم يكن مستغرباً أن نرى آلهةً للخمر - من ديونيسوس الإغريقي إلى أوزيريس - فالتخمير في جوهره تقاطع بين الطبيعة والحرفة، بين الاختبار المادي والتسامي الرمزي.
وهكذا، كانت المريسة السودانية - رغم تواضعها في الشكل - استمراراً لهذا التراث العالمي، تؤدي دوراً غذائياً وطقسياً واجتماعياً في مجتمعاتٍ لم تنفصل عن الأرض.
    ما تجهله الرائد شيراز - وهي تردّد كليشيهات "محاربة الظواهر السالبة" وتربط الوطنية بلبن الإبل - ليس فقط تاريخ النبيذ، بل تاريخ الثقافة نفسه.
الحرية لا تُصادَر بالمداهمات، والهوية لا تُبنى على أنقاض طقوس الهمشين.
فالمريسة، يا سيدتي، ليست التهديد الأكبر في السودان، بل الجهل المقدّس الذي يصادرها باسم "الفضيلة" فحيلك!
    هل تعلمين أن الجهل - بخلاف النبيذ - لا يتخمّر؟
إنه يتعفّن.
هل تعلمين أن شيراز في الأدب والفن يرمز إلى الصبر والبهجة الباطنية، لا إلى التفتيش في الجرار؟
هل خطر لكِ أن اسمك، لو وُزِنَ بمعايير الهوس ذاته، لوجب أن يُصادَر؟
فشيراز اسم مدينة الشعر، والعطر، والنبيذ - لا يليق أن يُعلَّق على بزّةٍ تكرّر أخطاء شرطة النظام العام، في موسمٍ كان يُفترض فيه أن نكسر القالب لا أن نعيد صبّه.

    اخيرا؟
الحرية - كالنبيذ الجيّد - لا تُهرَق على التراب، بل تُخمَّر في العقل الجمعي، وتُعتَّق في الوعي، حتى تغدو نبيذاً فكرياً لا يُهزم، ولا يُمنع، ولا يُصادَر.
    والمريسة؟
ستُخمَّر من جديد - كما خُمّرت كل مرّة في وجه الغزوات الأخلاقية العابرة.
    و"الرائد" شيراز ومن لف لفها؟
لعلّه آن لها أن تفتح معجماً، قبل أن تفتح بلاغ ضبط. أن تقرأ قليلاً في معنى شيراز، اسمها قبل أن تصادر ما لا تفهم
    شيراز النبيذ لا تُشبه شيراز الرائد:
الأولى تُسكب في كؤوس الوعي، تُلهِم القصائد، وتُحضر في طقوس الروح والجَمال،
أما الثانية، فتسكب محتوى الجهل على الأرض، وتُطلق فتاوى هوس ديني فوقيّة ضد طقوس الناس، وضد أبسط حقوقهم في الفرح والعيش، وعليها ولمن لف لفها التوقف عن تدوير هكذا هوس ديني واجرام ثقافي .
    وفي النهاية، كما يقول صُنّاع النبيذ:
"الخمور الرديئة تُشرب سريعاً... أما النبيذ الحقيقي فينتظر."
    نعم، نحن ننتظر، ننتظر انب نبني وطنا نحتفي فيه بثقافات كل مكوناته.
ننتظر أن تفهم "الرائد شيراز" - ومن على شاكلتها - أن الجهل لا يُعتَّق؛ بل كلّما طال به الزمن، تفاقمت رائحته.
وأن الحرية، والمريسة، وشيراز ...........
جميعها - في نهاية المطاف - ستبقى، وستُسكب من جديد في كؤوس هذا البلد العريق، أما الهوس الديني؟
فمصيره معروف:
يُدلق في مزابل التاريخ، لا في قدور الفقراء.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de