إفريقيا الوسطى هل أعادت حساباتها؟ كتبه د. ياسر محجوب الحسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 05:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-29-2025, 01:40 PM

د. ياسر محجوب الحسين
<aد. ياسر محجوب الحسين
تاريخ التسجيل: 07-28-2018
مجموع المشاركات: 342

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إفريقيا الوسطى هل أعادت حساباتها؟ كتبه د. ياسر محجوب الحسين

    01:40 PM May, 29 2025

    سودانيز اون لاين
    د. ياسر محجوب الحسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    أمواج ناعمة











    تُعد علاقات السودان بدول الجوار الإفريقي من الملفات الحيوية التي تتحرك في مساحات متداخلة من الأمن والسياسة والتاريخ والمصالح الاقتصادية. فعلى الرغم من أن الحدود الجغرافية ترسم المسافات بين الخرطوم وجيرانها، إلا أن التفاعلات السياسية والأمنية لا تعترف بخطوط قلم الاستعمار المرسومة على الخرائط. بل تتجاوز الجغرافيا لتتمدد في عمق التحديات، حيث تتشابك المصالح كما تتشابك جذور شجرة عملاقة في تربة مضطربة.

    في قلب هذا المشهد المتشابك، تطل دولة إفريقيا الوسطى كورقة ظلّلتها الشكوك، وسط تقارير تتحدث جهرا عن تسهيلات لوجستية لمليشيا الدعم السريع عبر حدودها. ورغم أن الخرطوم لم تطلق اتهاماً رسمياً، إلا أن “الصمت أبلغ من الكلام أحياناً كثيرة”، والزيارة الأخيرة التي قام بها مدير جهاز المخابرات في إفريقيا الوسطى إلى السودان، حاملاً رسالة شفوية من رئيسه، ليست مجرد تحرك دبلوماسي ناعم؛ بل هي محاولة لفرز الأوراق في لحظة دقيقة، حيث تتداخل الاعتبارات الأمنية مع حسابات الربح والخسارة في صراع قد يعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.

    السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا مدير المخابرات؟ ببساطة لأن اللقاء لم يكن في صالون السياسة النخبوي، بل في غرفة العمليات الأمنية، حيث تُدار ملفات لا تطيق ضوء الإعلام. إنها زيارة تحمل بين سطورها نُذر تغيير في تموضع بانغي تجاه الصراع في السودان، وربما انكشاف لبعض خفايا الدعم السابق، ومحاولة لالتقاط ما تبقى من فرص التوازن، بعد أن بدأت خسارة مليشيا الدعم السريع تبدو عيانا بيانا.

    السودان، الذي يشتعل داخلياً بنيران الحرب، لا يزال ينسج علاقاته الإفريقية بخيوط حذرة، مستعيضاً عن الضجيج السياسي بدبلوماسية صامتة، تراقب وتتحرك في الخفاء. هذا الحذر ليس تردداً، بل حصافة من يعرف أن الجبهة التي تهدأ اليوم قد تشتعل غداً. ومثلما انزوت تشاد بهدوء عن دائرة الاتهام المباشر في الأزمة السودانية، يبدو أن إفريقيا الوسطى بدأت، على استحياء، تراجع موقعها في خارطة الاصطفاف الإقليمي، مخافة أن تتحول أراضيها إلى مكبٍّ لعناصر عسكرية خاسرة تبحث عن موطئ قدم في أي أرض رخوة.

    وفي هذا السياق، يسطع الاتفاق الأمني المشترك بين السودان وتشاد الموقع في 2010 كأنموذج ناجح من زمن نادر، حيث صمد أمام أعاصير السياسة وحقق استقراراً نادراً على الحدود المشتركة. اتفاق لم يكن حبرًا على ورق، بل تجسيدًا لإرادة سياسية استطاعت كبح جماح التهريب، وتقليص تسرب السلاح، وتثبيت دعائم أمن هش في منطقة مضطربة. تجربة تستحق أن تُستعاد كنموذج عملي لعلاقات السودان مع دول الجوار الأخرى، وعلى رأسها إفريقيا الوسطى.

    غير أن هذه التفاعلات لا يمكن فهمها دون الغوص في جوهر إشكالية السلطة في إفريقيا. إن الرغبة الجامحة للاستحواذ على السلطة – لا إدارتها – جعلت من الانقلابات العسكرية وسيلة مألوفة في القارة لتبادل الحكم، فتحولت صناديق الاقتراع إلى قطع ديكور سياسي، لا يُفتح إلا إذا ضمن الحاكم نتائجها.

    السودان لم يكن استثناءً، بل مرآة مصغرة للقارة الإفريقية. فمنذ استقلاله، تعاقبت عليه الانقلابات كالفصول آخرها محاولة، لمليشيا الدعم السريع للاستيلاء على السلطة في ابريل 2023, وقد أخفقت النخب السودانية المتعاقبة في ترجمة ثرواته الهائلة إلى تنمية مستدامة. البلاد تفيض بالذهب واليورانيوم، تجري فيها المياه، وتخضر أراضيها، لكنها عجزت عن بناء نموذج سياسي يليق بكل هذا العطاء. وكأن لعنة الجغرافيا والتنوع القبلي ظلت تطاردها، فبدلاً من أن يكون التعدد العرقي والثقافي مصدر قوة، أصبح فتيلاً دائمًا للنزاع، بفعل غياب مشروع وطني جامع.

    ما يُقال عن السودان ينسحب على القارة كلها. إفريقيا التي أُغرقت في الاستعمار، لم تنجُ بعده من سوء الإدارة. ثرواتها مدفونة تحت أقدام شعوبها، لكنها تباع في الأسواق العالمية بأسماء شركات عابرة للقارات. التخلف ليس قدراً، بل نتيجة مسارات تاريخية متشابكة، منها ما فُرض عليها قهراً، ومنها ما أنتجته نُخبها الحاكمة بفعل الطمع والانقسام.

    في ضوء هذا كله، فإن ما يجري على حدود السودان الغربية ليس مجرد تفصيل أمني، بل انعكاس لعطب أعمق في بنية الدولة الافريقية، وفي الكيفية التي تدار بها العلاقات بين دول القارة. زيارة مسؤول أمني رفيع من إفريقيا الوسطى، في هذا التوقيت بالذات، ليست لفتة علاقات عامة، بل محاولة لقراءة الاتجاه الصحيح للبوصلة في خضمّ رياح متقلبة. فالتحالفات في إفريقيا لا تُبنى على صداقة دائمة أو عداوة مستحكمة، بل على حسابات دقيقة، يُعاد ترتيبها كلما مالت كفة القوة في هذا الاتجاه أو ذاك. وما يُهمس به في الغرف المغلقة اليوم، قد يتحول غداً إلى عنوان رئيسي على صدر الصفحة الأولى.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de