الفرق بين الحقيقة و الرأي بقلم المهندس أحمد نورين دينق

الفرق بين الحقيقة و الرأي بقلم المهندس أحمد نورين دينق


11-03-2024, 01:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1730638688&rn=0


Post: #1
Title: الفرق بين الحقيقة و الرأي بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 11-03-2024, 01:58 PM

12:58 PM November, 03 2024

سودانيز اون لاين
أحمد نورين دينق-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



هناك العديد من الفروقات بين الحقائق و الآراء ، و من ذلك أن الحقائق تتمتع بثبات نسبي ، فلا تتغير بسرعة ، فكون أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت ؛ هذه حقيقة ، و قد أثبتها العلم ، و كون أن قانون الماء هو : الإنحدار إلى أسفل ، هذه حقيقة ، أثبتتها التجارب .. أما الرأي ، فهو مختلف تماماً عن الحقيقة ، فتعريفه عندي ، من خلال تجاربي في الحياة : أنه ؛ أمر أو شأن يتخذه الفرد أو الجهة المعينة في حال طلب مصلحة أو درء مفسدة .. فإذا حقق هذه المصلحة أو أستطاع درء هذه المفسدة من كل الوجوه ، فهو رأي ممتاز أو جيد جدا ، و إذا ، حقق هذه المصلحة من بعض الوجوه ، فهو : رأي حسن ، و إذا فشل في تحقيق هذه المصلحة من كل الوجوه فهو : رأي فطير . فمعيار قياس جودة الرأي هو : مدى مساهمته في تحقيق المصلحة التي طلب بها .. فنضرب لذلك هذا المثل : هب أن شاباً يدعي "زيد" قد عقد العزم ، في فترة من فترات حياته أن تكون "زبيدة" ، بنت الحي الذي يقطنه و البالغة من العمر عشرين عاما ، هي شريكة حياته المستقبلية المناسبة بدينها و أخلاقها ، و لكن ضيق ذات اليد ، أجبرت زيدا أن يغترب من أجل توفيق أوضاعه المادية ، فصارح محبوبته زبيدة بذلك ، و لكنه خيرها بين الوفاء بالعهد أو القبول بمن يتقدم لها من بعده إذا كان يتفوق عليه في الدين و الخلق ! فالقصد من الزواج هو زرع السعادة ، و لعل من يتفوق على زيد في الدين و الخلق يمكنه ملء فراغ زيد في قلب زبيدة !! سافر زيد و بعد خمس عشرة سنة عاد إلى الحي ، و على حسن حظه ، لم تعثر زبيدة على من يفوقه في الدين و الخلق طوال الفترة الماضية ، فتم زواج زيد و زبيدة ، و لكن ، رغبة كانت كامنة في نفس زيد ، دخلت على المعادلة الزوجية ، فزيد ، كانت من أهدافه من الزواج : تكوين أسرة كبيرة ، و هذا الهدف بلا شك ، يصطدم مع العمر الذي بلغته زوجته زبيدة ، و بالتالي ، فإن الزواج الناجح هذا سيحقق جزء من مصلحته ، أو قد حقق المصلحة من بعض الوجوه ، فرأي الزواج بزبيدة تحول من منظور معيار المصلحة من ممتاز و جيد جداً إلى حسن ، و من أجل ، تحقيق جل المصلحة ، فإن أمام زيد و زبيدة خيار الاتفاق على إتاحة الفرصة أمام زيد في المستقبل القريب أو البعيد حسب الاتفاق على أن يتزوج بأخرى من أجل تحقيق مصلحة زيد من كل الوجوه . فالآراء تقاس صلاحها أو فسادها بقدرتها على تحقيق المصالح أو درء المفاسد ؛ فالرأي القائل بتزويج البنات في سن مبكرة ، يقصد به من يطالبون به أن ذلك يحقق مصلحة بأن تكثر الذرية بالإنجاب المبكر من ناحية ، و يدرء عن البنت مفسدة المعاناة المستقبلية من ظاهرة العنوسة أو فوات فترة الإنجاب على البنت قبل الزواج. و لما كان الرأي محكوم بالزمان و المكان و الظروف المحيطة ، فمن الخطل إجراء محاكمات آنية للكتاب و أهل الفكر على آراء سابقة في قضايا سابقة كانت محكومة بأحوال و ظروف معينة ، و الصحيح أن يحاكموا في ذلك الزمان المعين و ليس بعده .