Post: #1
Title: قحت الموسعة تقدم والجنجويد حاضنة سياسية أم تحالف موضوعي؟ كتبه د. أحمد عثمان عمر
Author: د.أحمد عثمان عمر
Date: 06-15-2024, 05:19 PM
05:19 PM June, 15 2024 سودانيز اون لاين د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر مكتبتى رابط مختصر
(١) تعاني الساحة السياسية السودانية من مشكلة مستحكمة هي سيولة المصطلح والفشل في ضبطه او حتى تعريفه بصورة عامة . وهذا الأمر ليس صدفة بل وثيق الصلة بطبيعة الصراع السياسي المعقد، وبالسيولة الطبقية مجتمعيا بعد سيطرة الرأسمال الطفيلي غير المنتج للمعرفة، وبالدعاية السياسية الممعنة في التضليل والراغبة في حجب الحقائق وقصف العقول. ومن المصطلحات السياسية التي ينطبق عليها هذا الأمر، مصطلح "الحاضنة السياسية " ، الذي تم تعميمه واستهلاكه بعد ثورة ديسمبر المجيدة ولم يتم تعريفه علميا، بالرغم من غيابه في ساحات الصراع السياسي بالديمقراطيات المستقرة المنتجة للمعرفة السياسية والمعرفة بصفة عامة في كافة العلوم. ولو تأملنا المصطلح في سياق توظيفه سياسياً ، نجد أن سيادته في مرحلة حكومة د. حمدوك (المؤسس) الأولى منطقي ومقبول نسبياً ، بإعتبار أن الحاضنة السياسية هي القوى المسيسة ذات المشروع، التي تتبنى حكومة غير مسيسة ولا تنظيم سياسي لها صاحب مشروع سياسي معلن. وهذا هو حال تلك الحكومة التي اشترط أن تكون حكومة تكنوقراط غير منتمين سياسيا ، وكانت بحاجة إلى حاضنة سياسية تمثلت في "قحت" بوصفها الجسم التحالفي صاحب مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، أو الذي من المفترض أن يكون كذلك. ولهذا كانت تلك الحكومة تنتظر أن تمدها "قحت" بالبرنامج السياسي بوصفها التنظيم الحاكم. وبمجرد صعود أحزاب "قحت" لحكومة (المؤسس) ، لم تعد حاضنة سياسية للحكومة ، لأنها تحولت إلى حكومة بنفسها، ولا يقدح في ذلك أن حكومتي (المؤسس) شبه المدنيتين الاثنتين ، لم يكن لهما من الحكم إلا الاسم ، والعمل كواجهة مدنية للحكومة الفعلية المتمثلة في اللجنة الامنية للإنقاذ ، التي أعطتها الوثيقة الدستورية المعيبة اليد العليا وسلمتها السلطة الفعلية. (٢) بقاء المصطلح في الساحة السياسية بعد ذلك، أملته ضرورة الدعاية السياسية المضللة والراغبة في إنتاج وعي مشوش ، لتمرير الانقلاب العسكري الأخير والبحث له عن شرعية، ولدمغ الخصوم السياسيين بما ليس فيهم . فحكومة الانقلاب المكونة من اللجنة الامنية للإنقاذ بشقيها (جيش مختطف وجنجويد)، لم تكن بحاجة لحاضنة سياسية ، لأنها مجرد ذراع أمني وعسكري للحركة الإسلامية ، قبل إنقسام طرفيها في اطار صراع الرأسمالية الطفيلية الذي تحول لحرب ساخنة، وتوزع الاسلاميين بين أطرافها في امتداد للصراع داخل المؤتمر الوطني في فترة سلطة المخلوع الأخيرة. أما الجنجويد بعد الحرب والانقسام، فهم ليسوا بحاجة إلى حاضنة سياسية، لأنهم فشلوا في تكوين حكومة بالرغم من سيطرتهم على العاصمة وأجزاء كبيرة من البلاد، ولأنهم اعلنوا مشروعا سياسيا متكاملا أسموه رؤية. والتنظيم صاحب المشروع السياسي والعسكري ، لا يحتاج إلى حاضنة سياسية لأنه يملك كافة سمات التنظيم السياسي مهما كان ضعفه. فالتعامل مع مليشيا الجنجويد بإعتبار وضعها التاريخي خاطئ، لأنها تحولت من بندقية للايجار إلى ركن اصيل من أركان الرأسمالية الطفيلية ، ذو مشروع سياسي سلطوي واضح المعالم. لذلك محاولة دمغ "تقدم" (قحت الموسعة) بأنها حاضنة سياسية للجنجويد ، محاولة مغرضة مصيرها الفشل، لا تعدو حالة كونها دعاية مسمومة ومضللة من قبل الحركة الإسلامية. ولكن يبقى السؤال قائماً ، ما هي طبيعة العلاقة بين "تقدم" (قحت الموسعة) والجنجويد ، التي تسمح بتمرير هذه الدعاية التضليلية ؟ (٣) في تقديرنا أن مابين "تقدم" (قحت الموسعة) والجنجويد ، هو تحالف موضوعي . والتحالف الموضوعي هو تحالف قائم على تقاطع المصالح حتى في حال تعارض المشاريع، وهو تحالف غير معلن في كل الاحوال، بل تسعى أطرافه في الغالب إلى نفيه وإنكاره. وأساس هذا التحالف متغير الطبيعة ، هو تصنيف (قحت) تاريخيا للجنجويد كشريك في ثورة ديسمبر المجيدة ، والدخول معهم ضمن اللجنة الامنية للإنقاذ في شراكة قننتها الوثيقة الدستورية المعيبة التي شرعنت الجنجويد دستوريا، والاتفاق الإطاري الذي اعتمد دمج الجنجويد في الجيش المختطف بدلا من حل هذه المليشيا في مفارقة واضحة لشعارات الثورة، وإعلان أديس أبابا الأخير بين الطرفين. واذا قلنا أن التحالف الفعلي والمعلن عبر شراكة الدم التي اسست لها الوثيقة الدستورية المعيبة قد انقضى بإنقلاب أكتوبر ٢٠٢١ م ، فإن بقاؤه كتحالف موضوعي مازال قائماً بكل تأكيد ، يعززه الاتفاق الإطاري واتفاق أديس ابابا. وهذا التحالف الموضوعي يضمنه ويؤكد حدوثه اشتراك الطرفين في الحصول على دعم نفس المحور الاقليمي الذي يكفل نشاطهما، واللقاءات السرية بين اطراف المجتمع الدولي الداعمة ل "تقدم" ( قحت الموسعة ) مع الجنجويد. وهذا التحالف الموضوعي غير المعلن ، جوهره قبول "تقدم" بوجود الجنجويد وشرعنتهم وعدم المطالبة بحلهم ، والقبول بأن تصبح واجهة مدنية لسلطتهم الفعلية بالاشتراك مع الجيش المختطف كما في السابق او منفردين، وقبول الجنجويد بسلطة "تقدم" ( قحت الموسعة) الشكلية التي لا تؤثر من قريب او بعيد على مكتسباتهم. ويدعم ذلك رغبة الطرفين في التخلص من جناح الحركة الاسلامية المسيطر المختطف للجيش، وإنتقال "قحت" و من بعدها "قحت الموسعة" من مواقع الثورة إلى مواقع الاصلاح المستحيل ، والتحالف الفعلي مع انشط قطاعات القوى المضادة للثورة (اللجنة الامنية للإنقاذ)، ومن ثم التحالف الموضوعي مع أحد اطراف هذه اللجنة المعادية لشعبنا. والخلاصة هي أن "تقدم" ( قحت الموسعة)، ليست حاضنة سياسية للجنجويد كما تزعم الحركة الإسلامية والجيش المختطف، بل هي حليف موضوعي للجنجويد، ليس بالضرورة أن يتوافق مشروعها السياسي مع رؤية الجنجويد، ويكفي ان تتقاطع مصالحهما ، لكنها في كل الاحوال لا تمثل الثورة. والمطلوب هو رفض هذا التحالف الموضوعي ومنع تحوله إلى تحالف معلن او شراكة دم في المستقبل . وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!! ١٥/٦/٢٠٢٤
|
|