تفويض الجيش .. والنخبة العسكرية كتبه بهاء جميل

تفويض الجيش .. والنخبة العسكرية كتبه بهاء جميل


05-05-2024, 07:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1714935298&rn=0


Post: #1
Title: تفويض الجيش .. والنخبة العسكرية كتبه بهاء جميل
Author: بهاء جميل
Date: 05-05-2024, 07:54 PM

07:54 PM May, 05 2024

سودانيز اون لاين
بهاء جميل-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




والذين يزعمون أنهم نخبة ، وصفوة لا يوجد غيرها ، ويخادعون النّاس منذ أن وجِدت الجامعات في السودان ، ويخدعوا أنفسهم قبل أن يخدعوا الآخرين .
..
الذين يفعلون ذلك من أجل أن يميزوا أنفسهم ، ومن أجل أن يغرسوا في عقول البسطاء أنهم الأجدر بالكراسي ، وبالرئاسة ، وبالقيادة قد نجحوا في ذلك أيّما نجاح ، حتى أصبح من يدافع عنهم - في تعصب تام - وبعقول مغيبة لا تعي ، ولا تدرك ، هم بعض أفراد المجتمع الذي قتلوه ، ويقتلونه ، ويسحقونه كل يوم ، ويحاربونه صباح ، مساء ، مُنذ أن نال السودان استقلاله دون أن يحصل على حريته ، يدافع عنهم مهما كانت درجات غبائهم ، ومهما بلغت سفاهة أفكارهم ، وضحالتها ، ومهما بلغت درجات خيانتهم ، وعمالتهم ، وعدم كفاءتهم ، ومهما فشلوا في ما كلفوا به ، وفيما تحمّلوه من مسئولية مهما قل شانها أو صغر، ومهما كذبوا ، ودلسوا ، وابتعدوا ، وتخلوا عن شعاراتهم التي رفعوها ، ويرفعونها دوما حينما يكونوا ساعين طالبين للسلطة ، وللحكم
وإن كانت الجيوش تُكون كمؤسسات دفاعية شرط تكوينها أن تقوم بمهمتها الاساسية دون غيرها ، ودون أن تتدخل في السياسة ، فلكل قانون في هذا الوجود استثناء ، وحتّى العالم الأول الذي أنشا هذا لا يلتزم به تماما .
..
والحملة المسعورة ، الخبيثة ، الظّالمة ، الحملة التي أُطلقت منذ ذلك الزمان للتنديد بالعسكر ، ولتصويرهم للنّاس على أنهم أغبياء ، وجهلاء ، كان هدفها دائما أن يكون المجال مفتوحا لرابطي الكرافتات – رغم أنهم لا يجيدون حتى ربطها - ليحكموا كما يشاءون ، وكيفما يشاءون ، وليجربوا فينا مستخرجات عقولهم المعطلة ، دون أن ينازعهم في السلطة مُنازع ، فالعسكر الشرفاء ، هم الجهة الوحيدة التي تملك من القوة ما يمكنها من أن تنتزع منهم ما ليس لهم ، هي الجهة الوحيدة القادرة على الدوام ، على رؤية المشهد كله ، وبالتّالي على رؤية الاخطار التي تحدق بالتراب ، وبالمجتمع في أي وقت ، وفي أي زمان ، ولذلك يجب في قابل الايام أن تُملّك - دستورياً - حق التدخل في أي وقت ، متى ما رأت ضرورة ذلك ، وأهميته ، والحاجة اليه يجب ان يسن ذلك في أي تشريع قادم ، فلا شان لنا بقوانين الاخرين لأننا ليسوا تبعا لاحد .

لقد بقت النخبة ، أو ما يسمى بالنخبة السّياسية في السودان جهة دائمة الفشل ، لأنها جهة تفتقر للأمانة ، وللوطنية ، وللمقدرة على إدارة الامور ، ولعجزها عن قراءة الواقع ، والتعامل ، لقد كانت حجر العثرة الضّخم في طريق تقدم السودان، وفي تطوره، ونماؤه ، وازدهاره ، كانت - بعدم كفاءة المنتمين اليها - وبقلة نزاهتهم ، وبالصراعات ( الطاحونية ) التي يبتدعونها ، ويخترعونها ، وبداء الوهم العُضال المصاب به أغلب الذين انتموا اليها ، والى أجسامها ، القيد الذي أقعد السودان ، كانوا السلاح الذي أستخدمه ، ويستخدمه الأعداء - في كل مرة - لكسر أجنحة السودان ، وإعاقته عن التّحليق ، والطّيران ، في سماوات الأمن ، والنماء ، والازدهار، ولولاهم لما حدث الشقاق بين الدعم السريع ، والجيش ، ولما قامت الحرب ، ولحافظ السودان على ابنائه كلهم - جيشا ودعم - ذُخراً ، ورصيداً ثميناً ، ولما خسر أولئك الشباب الاصيلين ، الذين تم خداعهم بأكاذيب التّهميش ، والجلابة والاستحقاق ، والفلول ، وبدولة ستة وخمسين الظالمة ، ولأصبح الجيش بانخراطهم فيه أقوى جيوش أفريقيا كلها لما لمهم من البسالة ، والشجاعة ، والكثير من الصفات الايجابية .

إن التجارب السّابقة ، والتجربة التي مر بها السودان في السنوات القليلة الفائتة ، والتجربة التي تجري الآن قد أبانت للناس ، وكشفت لهم كل شيء إن كان النّاس يُبصرون ، أو يعقلون ، وأكدت لهم - بما لا يدع مجالاً للشّك - أن قيادة الدول تحتاج لأكثر من أربعة سنوات يقضيها صاحب عقل فارغ ، مُستلب فكرياً ، وثقافياً ، بين جدران مبنى يُسمى اصطلاحا بجامعة ، فشتان بين جامعة وجامعة .

وفي التاريخ القديم ، والحديث نجد أن أعظم القادة من بناة الدول ، ومِن صناع الحضارات ، لم يعرفوا أبواب الجامعات ، ولم يحصلوا على درجات البكالوريوس ، والماجستير ، كما أنهم لم يحملوا شهادات الدكتوراه ، أو الاستاذية ، وأنهم لم يهدروا أوقاتهم في تبني نظريات ، وأيدولوجيات تافهة ، مستجلبة ، أو مستوردة من عالم آخر ، ومن تجارب مجتمعات تختلف كلياً عن مجتمعاتهم ، وأن الانسان - المسلم - البعيد عن الله ، قريب من الفشل - مهما كان عدد الشهادات الجامعية التي يحملها - فالبعد عن الله هو أول دليل قاطع على الغباء ، والانحطاط ، وأن علينا - ان أردنا الفلاح - أن نقيس علاقة من سيتولون شئوننا وامورنا، بمؤشر علاقاتهم مع خالقهم ، لأنه لا يمكن لشخص متناقض مع فطرته أن ينجح ؟ حتى وإن بدا لنا في صورة العرّاب أو المنقذ .
فأولئك الذين يَسِمونَ الجيش بالجهل ، ويطالبونه بالعودة الى الثكنات ، ويزرعون في العقول أن العسكري ما هو الا شخص جاهل وغبي ، وغير جدير بالحكم ، ولا بالقيادة ، ولا حق له في ممارسة السياسة يكذبون على الناس ، ويحجبون عنهم الحقيقة عن سبق إصرار وترصد ، وللأسف يصدق النّاس أكاذيبهم تلك ، ويهتفون ورائهم في تبعية ميكانيكية ، لا تحظي باي تدبر أو تفكير، فما مقاييس أولئك (الانبياء الكذبة ) المدّعون للشرف ، وللنزاهة ، والامانة ، والفضيلة ، والأخلاق ، والعلم للشخص النخبوي المثقف والذي يستحق أن يحكم أو أن يقود ؟
..
اليست هي تلك السنوات الأربعة العجاف ، التي يقضي ذلك الشخص أكثر من نصفها تحت ظلال الأشجار ، أوفي الكافيتريات ، رابطاً لوسطه بالأحزمة الجلدية الرخيصة ، من أجل نيل إعجاب الفتيات من الزميلات ؟
اليست هي تلك الأعوام التي يضيع أكثرها في سماع الأغاني ، أو عند بائعات القهوة ، والشاي ، أو في تبادل أدوار العشق ، والغرام ؟
اليست هي تلك الشهادات التي لا علاقة لها لا بالقيادة ، ولا بالإدارة ، ولا بالوفاء ، ولا بالولاء ؟
فما الذي ينقص الجيش ورجاله ؟
ما الذي ينقص العسكر حتى يستحق أولئك العسكر أن يحكموا ؟
ما الذي يوجد عند من عرفتموهم ممن صبوا الزيت على نار الصراع ، وابقوه مشتعلا لخمسين عام فقط من أجل ان يحكمونا ، حتى وان كان الثمن قتلنا ، وتدمير مقدراتنا ووطنا ، ولا يوجد عند من يدافعون عنكم بالمهج الغوالي ؟
ما الذي يوجد عند من سعوا بالفبركة ، وبالأكاذيب لحصارنا لخمسة وعشرون عاما من أجل اسقاط نظام يكرهونه ، غير مبالين بجوع اطفالنا ، ولا بمرض كبارنا وغير مهتمين بتدمير اقتصادنا ؟
ما الذي يوجد عند من أنشأوا المعسكرات مع الاعداء لحربنا ، وحملوا السلاح معهم ، فقتلوا ابناءنا وبناتنا وزعزوا أمننا لعشرات السنين ، وكانوا السبب الأكبر في ان نبقى حتى الان على هذه الحال ؟ ولا يوجد عن الاشاوس من أبناء المؤسسة العسكرية ؟
وهل للمقارنة أصلاً وجه ؟ هل تصح المقارنة أصلاً ؟
الا يحمل ضباط الجيش شهادات أكاديمية ؟ الم يتخرج أكثرهم من ذات الجامعات التي تخرج منها اولئك ( الانبياء الكذبة ) ، وزادوا عليهم بان أضافوا الى علومهم علوماً أخرى ، و بانهم تدربوا ليكونوا شرفاء ، ومخلصين ، ووطنين ، يضحون بمهجهم ورواحهم في سبيل عزة ، و كرامة ، وتقدم سودانهم الحبيب ؟

إن تلك الفكرة الحمقاء ، المتوارثة عن الجنود ( حماة الوطن ، والعرين ) والتي زرعها اولئك الدّجالون لهي فكرة خبيثة ، خاطئة بالكلية ، ففي الجيش السوداني نخبة مثقفة ، أفضل بعشرات المرات من النخبة المدنية التي توجد على ساحة السياسة السودانية ، ولا مبالغة في ذلك ، ولا تجاوز ولكنه اقرار للواقع واعتراف به ؟
فالجيش السوداني يوجد بين ضباطه الاطباء ، والمهندسون ، والإداريون ، وخريجوا الاقتصاد والعلوم والكيمياء، والسياسة ، وعلماء النفس والاجتماع ، فيه الاف ممن تخرجوا من نفس الجامعات التي تخرج منها أولئك ، وممن اضافوا الى علومهم تلك الكثير من العلوم الاخرى ، وفيه اسلحة كاملة متخصصة تخصصا كليا ، كالسلاح الطبي ، وسلاح المهندسين ، وسلاح الاسلحة ، وسلاح الطيران ، وسلاح الاشارة ، وسلاح المدرعات ، الخ .
ان النخبة الموجودة بالجيش تتميز عن نخبة ( الانبياء الكذبة ) بالانضباط ، وبالوفاء ، وبالولاء للوطن وبحبه ، وهي بالإضافة لذلك لا تدخر وسعا في حماية التّراب ، متى ما دعى داعي الفداء ، ولا يركب أفرادها الطائرات ، فِرارا الى دول الغدر ، والخيانة ، والتآمر ، ولا يسارعوا لأرسال أسرهم ، وابناؤهم خلف الحدود ، تاركين بقية ابناء الشعب الضعفاء ، العزل، لمصائرهم المحتومة ، ولكنها تتقدم صفوف شعبها الصابر، تقاتل دونه بصدور مكشوفة ، وبقلوب عامرة بالإيمان ، وبالشجاعة والفداء.
وبغض النظر عن كل شيء فان الحاكم المخلص - حتى وان كان غير متعلما - لهو خير من الحاكم الغادر الخائن حتى وان كان يحمل ارفع الشهادات .
إن السودان الآن يمر بمرحلة ، لا يصلح فيها الا أن يحكم القوي الأمين حتى تستقر الامور، ويحِل الامان ، وتتنزل الطمأنينة ، ولا قوي أمين الان في السودان بطوله الا المؤسسات العسكرية ، وأولها الجيش الذي بذل من التضحيات ، ما يفوق التصور ، من أجل أن يفشل مؤامرات الاعداء التي اعتاد على إفشالها ، ومن اجل أن يسترد ما أُخِذ ، ولذلك على أبناء الشّعب السوداني إن ارادوا للسودان أن يستقر ، ان أرادوا له ان يمضي الى الامام ، أن يقفوا صفاً واحدا خلف جيشهم ، وخلف فترة انتقالية يقودها المجلس العسكري وضباط الجيش الشرفاء العظام متى ما انتهت الحرب ، ثم بعد ذلك ليكن ما يكون ففي ذلك وحده السلامة والنجاة .


# وسلام على شهدائنا الأبرار في الخالدين #
بهاء جميل