Post: #1
Title: دار المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي ، من هم نزلائه الجدد ؟ كتبه كيسر أبكر
Author: كيسر أبكر
Date: 03-29-2024, 07:57 PM
07:57 PM March, 29 2024 سودانيز اون لاين كيسر أبكر-السودان مكتبتى رابط مختصر
دار العطاوة : مؤسس هذا المؤتمر هو الدكتور حسن الترابي ، الذي كان يهدف الى : بلورة السخط في العالم العربي بجمعه تحت شعار واحد و المسلحين الإسلاميين المتشددين و القوميين العرب " . فلبى عتاة البعثيين و الإسلاميين ، النداء تحت خيمة واحدة في سنة 91 في الخرطوم السجَانة . عندما وقعت واقعة المفاصلة إي الطلاق ، سنة 99 في دار الإخوان ، لم تمر وقتا حتى أسَسوا لهم حزبين ، المؤتمر الشعبي و المؤتمر الوطني ، و إنقسموا بينهما على خلفيات ليست إيديولوجية صرفة ، إنما غرائزية شبه عنصرية . حينها قال صديقي الإيفوري ، خريج جامعة أفريقيا العالمية : .. عندما كانت لغتي العربية إبتدائية و ليست جيَدة .. عندها كنت أظن دائما بأن كلمة مؤتمر تعني مؤامرة ، و حتى بعدما فهمت الفرق مازالت إخلط بينهما . و بما أن الأمر هنا ، يتعلق بالحركة الإسلامية و مهارتها في التلاعب و التمويهات المستمرة ، أي إجراء عمليات تجميل صورية لنفسها ، لتتواكب مع أية مرحلة معقدة . فهذة المرة جرَدت الحركة ، كل الحزبين من إية صفة إسلامية ، كما ألفناها دوما . و هذا بالضبط ، مما جعل المتربصون بها يميلون ميلا لتلك الشكوك التامرية . فأما صديقي الإيفوري يمضي مازحا : فعندما سمعت بإسم حزب المؤتمر الشعبي ، قلت في نفسي ، هذة مؤامرة ضد هذا الشعب الطيب ، أما بالنسبة لأغلبية الشعب السوداني ، فإن حزب المؤتمر الوطني ، هو مؤامرة كاملة ، ضد وجود كيان الوطن . اليوم معظم السودانيين يعتقدون بأن المؤتمر الوطني هو الذي مهَد لتجزئة الوطن و بيعه ، بتأسيس ميليشيات أستخدمت لتحقيق هذا الهدف النهائي تحديدا " الإحتلال ". لكن قبل تفشي ظاهرة إحتلال دور و منازل الناس في هذة الحرب ، لقد تم سلفا ، تحويل دار المؤتمر العربي الإسلامي رسميا إلى دار العطاوة ، بمباركة إسلاموية . نحن نعرف العاصمة المثلثة تمتلك أراضي شاسعة ، فلماذا تم إختيارهم فقط ، لدار مسكون بأفكار عقائدية ، أفكار ساهمت بشكل مباشر في إبادة الجزء الأكثر إنتماءا لحضارة السودان العريقة ؟ فقبل هذه الحرب ، كان مجرد الخوض في حقيقة الواقعية السياسية عن فكرة تأسيس دولة العطاوة ، سيجعلك هدفا جهاديَاعند زمرة الإسلاميين و ستتهم مباشرة بالزندقة ، لأنها كانت تتستر عليها . بينما اليوم الأحداث تجري بسرعة في إحتمالية تشظي الوطن الى دويلات مشوهة ، فلم يعد ذلك الإحتمال " ضرب رمل " . و من العجب ، بأن هناك بعض من إسلاميي الحداثة و الإصلاح يبثون حاليَا ، الفزع في نفوس السودانيين بأن دولة العطاوة ، أصبحت على قاب قوسين أو أدنى من إبتلاع دولة السودان . الحرباء الملتحية : هذه الحرب ، لم تفاجأ أحدا بإنفجارها ، إنما ما لم يكن واردا في حسبان الجميع ، هو مستويات العنف التي وجهَتها ميليشيات الجنجويد ضد شعب السودان . بينما تبقى الصدمة العميقة عند الصفوة ، في أن تفقد المنظومة القديمة ، نخبة الجلابة ، زمام الأمور بهذه السرعة و السهولة لصالح المنظومة الجديدة ، النخبة البدوية . و لطالما لهذا الإخفاق تبعات " وجودية " مباشرة لحواضن تلك النخبة بالذات ، فها هي لأول مرة ،لا تتردد بإلقاء تهم عظيمة ، مثل الخيانة العظمى ضد البرهان و أركانه . لأنها ترى في تقييمها لأداء قيادة القوات المسلحة في ميدان القتال " مخيبة للآمال و وصمة عار لا تمحى ". علما بأن ، القوات المسلحة ما فتئت تؤكد لهم ، بإنها متماسكة و تنطلق من مبدأ تطبيق عقيدتها العسكرية و القتالية بفعالية و إحترافية ناجعة . غير أن مناصريها لا يرغبون سماع لغة دواوينية ، إنما نتائج ميدانية مبهرة ، ونظرا للظروف المزرية للسودانيين حاليًا ، فإن عددا من الساخطين يصطفون وراء هؤلاء ، في كل ساعة تمر بلا إنتصار. و الغريب بإن نخبة الإسلاميين بخاصة ، كانت تغض الطرف ، عندما إستمرت القيادة العسكرية في معاملة الجيش بإهمال و مكر خبيث و جعلت من الدعم السريع " الجنجويد " الصبي المدلَل ". و كانت الحركة لا تخجل للدفاع عن ذلك السلوك اللئيم و التميزي ضد الجيش . لذلك هذه الحاضنة النخبوية ، ترى الآن في الجيش بمثابة أفعى عجوز ، يستنجد بحرباء ملتحية ، ليدافع فقط ، عن جحره ، خاصة بعد سقوط العاصمة المثلثة و نيالا و ود مدني ، و التهديد لا يتوقف . أما رأيها في قيادات " قحت " فهي لا تجد لهم سوى مكان واحد تنتظرهم ، مقبرة جماعية ، ودفنهم فيها أحياء . و بالنسبة لمنظومتها الثقافية والسياسية التقليدية وماكينتها الإعلامية ، فبدت لها ، برمتها ، كالعقد المنفرط . و إسترجاع صوت هنا أمدرمان غير كافي بالتأكيد ، لإستعادة التوزان النفسي . المفجع هنا بأن النكبة الحقيقية ، قد وقعت ، و كأنها خطَطت لها أن تقع ، بأيدي حفاري القبور أنفسهم. لكن هناك ثمة حسنة ينبغي علينا الإحتفاء بها ، فلأول مرة أيضا ، رسَى إجماع شبه تام ، بين حواضن النخبتين ، في أن هذة النخبة الإسلاموعروبية ، هي المسؤولة عن هذا الإذلال و الإنهيار الغير مسبوق للدولة السودانية . غير إنه من الصعوبة ، لإي كان أن يزعم بإنه تنبأ ، على نقطة السقوط التي أدت لهذا التفكك المباغت لتلك المنظومة التي لطالما تلَونت دائما مثل الحرباء، لتفلت أمام تحديات مماثلة. لذلك سنستعين بإبن خلدون لضبط نقطة التفكك، هذة . فلقد كرَس أبن خلدون وقتا ثمينا لدراسة سلوك الأعراب ، فهي لا تختلف بأية حال ، عن تصرفات المستعربين في حالة السودان . يقول عن طريقة حكمهم " إن العرب إذا تغَلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب ..". فمنذ خراب مملكة النوبة ذائعة الصيت و خرابها المدوي ، بيد الأعراب لم تقم بعدها في السودان ، أية حضارة إنسانية أو معمارية سوى القتل و الدمار لأكثر من ألف عام . أما عن غاية أهدافهم لبلوغ السلطة ، ينبًه قائلا . " إنهم إذا ملكوا أمة من الأمم جعلوا غاية ملكهم بأخذ ما في الأيدي . " فالثروة الحيوانية و المعدنية التي تهيمن عليها القبائل المستعربة في أفريقيا و في السودان بخاصة ، في غالبها منهوبة بالكامل من القبائل المحلية القديمة . هذة ليست تهم و مزاعم جزافية ، إنما وقائع تاريخية يعترف بها بعض القبائل الرعوية الأفريقية المستعربة ، كلما خلوا بأنفسهم في لحظة صحوة ضمير عابرة . لذلك يأمَن الدكتور النور حمد : لم يكن القادمون الجدد مدفوعين بغير الحصول على السلطة من أجل الإمتلاك و الثراء كعادة الرعاة ، في الغزو و الإستحواذ ، خاصة عندما يجاورون بنية حضارية متقدمة و يلمحون فيها علامات ضعف عسكرية ". نخبة الجلابة المستعربة ، و التي تربعت على عروش السلطة في السودان لقرون ، مستمدة شرعيتها من ثقافة سياسية مجلوبة بالكامل من الخارج ، بدت أبدا و كأنها محصَنة تماما ، من أية مساءلة لشرعيتها السلطوية أو لحقيقة هويتها العروبية المزعومة ، حتى ظهور الجنجويد في الخرطوم . و بما أن المركز المهيمن عالميا مع وكلائها ، في هذة الحالة ، دولة الأمارات المتحدة ، النظام العربي الجديد ، دائما ما يخلقون أقطاب متنافسة بغية التزلف إليهم . فلقد دعموا هذه المرة ، النخبة البدوية ، من مهمشي مشروع العروبة في دول الساحل الأفريقي لتملأ الفراغ . ففي هذة المصارعة الدموية الغبية ، تطمح كلتا النخبتين من الفوز بعرش سلطة السودان ، لكنهما بطبيعة الحال، تبقيا دائما أسيرتا لإيديولوجية عروبية دينية مستوردة ، متأثرتين تماما بأفكار تفوق الهيمنة البيضاء . إنه مسلسل خراب سوبا يعاد إنتاجه بصورة أكثر مأساوية في القرن الحالي . لكن الأدوار البطولية هذة المرة ، يلعبها أشخاص من قبيل ، المك أبوشوتال " الفونج " فلهذا الثائر المثير ، قد يكون له مآربه الشخصية أو التكتيكية ، لكن هذا لا يبرأئه ، بأنه متواطء مع كل الجرائم القذرة التي ترتكبها ميليشيات الجنجويد . أما القائد الميليشياوي محمد حمدان دقلو ، فهو بالرغم من إدعائه بأنه أفريقي أكثر منه عربي ، كلما حلَ بين الأفارقة ، فهو يمثل النااصية الخاطئة لمشروع العطاوة " جهينة " العروبي . د النور حمد في تشخيصه للمخ الرعوي " .. تحالف الفونج ، والعبدلاب لم يكن في حقيقة أمره، سوى تحالف رعوي قح، تأسس لنهب ثروات سوبا، وانتزاع الملك من ملوكها”، وأضاف “ .. على رغم أن الإسلام ، كان حاضراً في ذلك الصراع، الذي انتهى بخراب سوبا، إلا أن حضوره كان حضوراً مساعداً فقط، ولغرض الحشد والتعبئة وإثارة الكراهية، وليس حضوراً قيمياً جوهرياً " . لكن هذة المرة قيادة الجنجويد مأدحلة بالإسلام العروبي ، و بإدارة غير ظاهرة من نخبة عروبية تحت دشداشة إسلاموية ، و لذا خطورتها تكن مضاعفة في تدمير و خراب السودان ، و بخاصة ضد السكان القدماء . المحارب الغامض ، و حسم عروبة السودان : و بما أن هذة النخبة البدوية الناشئة ولدت مباشرة ، من رحم شطحات النظرية الثالثة المنسوبة للقذافي، هي الأخرى تؤمن إيمانا قاطعا بوهم عروبيتها . فهي الآن جنبا على جنب مع مجموعات نخبوية بدوية أخرى في ربوع السودان ، في حالة تهافت عنيف مثير ، لانتزاع الملك عنوة من الحرس القديم لمشروع العروبة في السودان . المحارب الغامض ، الدكتور صلاح بندر ، يعتقد بأن مفكرين سودانيين ، د. بابكر كرار و آخرين صاغوا، بتمويل كامل من القذافي ، الإطار الفكري و الثوري لمشروع جهينة ، أي الجنجويد . لطالما الزعيم القذافي نفسه ، لعب دورا مزدوجا ، تارة لخدمة إستقلالية القارة السمراء و تارة العمل على كبح أي ظاهرة أفريقانية ريادية منافسة له في القارة . و هكذا ، فلقد تم مبكرا غرس حلم" أرض الميعاد " في قلوب و عقول مستعربي صحراء أفريقيا ليهبطوا بلا سلام ، إنما بوحشية و بربرية في السودان ، بمعنى صريح ، إحتلال السودان ، بداءا بإبادة زرقة ، سود ، دارفور . طبعا ، السودان كله أسود ،أفارقة ، بمعايير المركز المهيمن حضاريا . غير أن ، العقلية الإستعمارية ذرعت في عقولنا هذة الفوارق ، أي هناك عرب بيض و أفارقة زرقة ، التي تتلاشى بمجرد الإقتراب من مركز الهيمنة البيضاء ، بحيث تنكشف تلك الكذبة المروّعة ، فتليها سلسلة موجات إحباط من الصدمات العرقية. و النتيجة هي هذا الجنون ، هذا التدمير الذاتي ، سواءا كان ذلك عن طريق الحقد ، و الغضب و الشعور بالدونية أو الشعور بمرض العظمة الزائفة . فالتزلف لأي شئ أبيض ، هو بالنسبة لنا البلسم الشافي . فلقد أصبحت الجلابية البيضاء ، رمزا وطنيا ، و إرتداء أية جلابية غير بيضاء ، هي من التابوهات ، شبه محرم ، ستضعك تلقائيا ، تحت المجهر ، كمشعوذ ، كساحر أو كدرويش خطر، في براءة الأحوال . أما إبتلاءات كريمات التبييض بين النساء و الرجال ، فلا يبقى أمام الإنسان سواء الدعاء . فهذة هي أحدى تبعات تلقين الفكر الإيديولوجي الإمبريالي بين الصفوة لنشره بيننا ، عبر وسائل الدعاية و الإعلام . فالدكتور بابكر كرار إنه مفكر اسلامي عروبي ، يؤمن مطلقا بعروبة السودان "من مؤلفاته " حسم عروبة السودان " . و من سخرية القدر ، إنه من مواليد مدينة ود مدني التي إستباحتها ميليشيات الجنجويد ، حاليا . قد يجادل البعض بأن هذة الحرب لا علاقة لها بتاتا بقصة العروبة و الدين ، إنما الأمر برمته ، صراع سياسي سلطوي بين جيَاع الثروة و النفوذ و العمالة . لكن عندما يدقق المرء في قائمة أسباب هذة الحروبات ، يجد بأن كلمات مثل التهميش و العنصرية ضد أعراب التصحر أو الكراهية على أساس العرق أو اللون أو الجهاد لنشر الإسلام تأتي في المقدمة . إنه صراع الهويات المصطنعة التي تعد من أخطر مخلفات الإستعمار ، ووكلائه . و لهذا السبب تحديدا ، تتولى نخبة الجنجويد ، عملية تصنيف و إصطفاف عروبي جديد و هي من المرات النادرة ، التي فيها تتم مسائلة و تحدي نخبة الجلابة في شرعيتها و هويتها ، بدعم مباشر من بعض الدول العربية ، الفاحشة الثراء . و في هذه العملية التطهيرية ، تحاول النخبة الجنجويدية ، فرز من هو العربي الأصيل في السودان ومن هو المزيف ، و من هو المسلم و من هو الوثني ، إنها حالة مرثية ومسلسلة كوميدية في حد ذاتها . غير أن الصدمة الصاعقة في هذا الأمر ، هي إنها المرة الأولى ربما ، حيث إستيقظ السودانيون جميعا ، على حقيقة أن وطنهم في مهب الريح . و الان فكرة تفتيت السودان ، لم تكن قط من أضغاث أحلام منظري المؤامرات أو من مبشري إقتراب يوم الدينونة ، إنما هي تماما ، لحظة "خراب سوبا ". فنقطة الإنشطار كانت و مازالت هي " تعريب السودان "على مبدأ : و في ذلك فليتهافت المتهافتون. من هم العرَابون ؟ : لكن فصل الخطاب هنا ، إن السودان فعلا على مقصلة الجزار . أما العرَاب الكبير لهذة المأساة السودانية المستمرة ، فهناك ثمة من يؤمن قطعا بأنها ، خلية عروبية إسلاموية في قيادة الحركة الإسلامية ، نفسها . و هم بالأساس نخبة بدوية أتت بالكامل من كل أنحاء الريف السوداني . فهؤلاء لم ينصهروا مع مشروع السودنة التي كانت تتم ببطء تحت نار هادئة ، على العكس ، إنما كان يتم إعدادهم ، تحت نار الإسلاموعروبية المتطرفة ، بعيدا عن مفهوم الدولة الوطنية. أما عندما يتعلق الأمر ، بالجنرال عبد الفتاح برهان ، فهناك ما يعتقد جازما ، بإنه ليس متعاطفا إسلامويا ، فحسب، إنما هو بعثي عروبي حتى النخاع . لطالما علاقة الجنرال بتكوين ميليشيات الجنجويد " الدعم السريع " التي إرتكبت جريمة محرقة دارفور في 2003 ، لا تشوبها شائبة ، لذلك يشهد الجميع، بإنه بلا منازع، من المهندسين الفعليين، لتأسيس هذه الميليشيات التي تمت تمكينها بالإمتيازات المفتوحة من ثروات السودان ، لتصبح أكثر عددا و أعنف قوة تدميرية. فضلا عن هذة الميليشيات ، تعتبر الذراع العسكري و الثقافي لمشروع " دولة العطاوة " ذات النزعة العروبية و الإثنية العابرة للحدود . فلقد سمح لهذا المشروع بأن يتخذ مقر مكتب الترابي في دار المؤتمر العربي الإسلامي في الناصية الجنوبية لجامعة الخرطوم ، قاعدة فكرية لطموحاتها المستقبلية . فلذلك عندما نؤكد بإحتمالات نظرية الاحلال و الإستبدال الجامح ، فإنه ليس كلام نابع من فراغ ، إنما له دعائم مسنودة بالوقائع . غير أنه يبقى ، بأن الرعاة الحقيقيين لمشروع الهدم هذا، كانوا دائما هم الإسلاميون العروبيون ، و زمرة من نخبة الجنجويد ، من أمثال وزير الدفاع السابق برمة ناصر و النائب الإسلاموي للدكتاتور البشير ، السيد حسبو عبدالرحيم . وهذا الأخير ، سخر منه الشيخ موسى هلال ، بأنه أصلا منبت بلا جذر ولا يعرفون له نسبا ، و بأنه عاجلا أم اجلا سيدمر السودان بالمرتزقة . و لكن الموسف حقا ، هناك قلق جدي لظهور بوادر لإنزلاق غرائزي بدائ نحو درك عصبية القبيلة في هذا المنعطف الخطير . بخاصة عندما يصاب بهذة النزعة كوكبة فكرية وطنية كنا نعدهم دائما حصونا لتأسيس الوطنية السودانية الأصيلة ، ركائز الحكمة و الرزانة و الفكر الثاقب و الحصافة . فهذا التدحرج الجارف ، مع هذة العصبية الرجعية قد ينذر للبعض ، بأن أحدا من أبناء دارفور البررة ، سيصبح من الآن فصاعدا ، المنظر الجوهري لهذا لمشروع الجنجويدي ، أعني هنا الدكتور وليد آدم مادبو، الذي نكن له إحتراما جما. فالحديث عن أية خصلة صوفية للسيد محمد حمدان دقلو أو أية مقارنة بالمناضل الأسطوري جيفارا ، هي محض مسخ كامل للحقيقة . وهو أمر ما فتئ يكرره الدكتور مادبو عند تناوله شخصية محمد حمدان دقلو . فلا يمكن لرجل فارس و صوفي تقي و محارب من أجل المستضعفين ومناهض ضد الإمبريالية و الإستعمار و الإضطهاد العرقي ، أن يكون شريكا مباشرا و متورطا في جرائم إبادة ضد شعبه ، تحت أية ذريعة . فأية جدلية إسقاطية مبنية على أسس شبه رغائبية ، سوف لن تهز إية وقائع و حقائق معروفة . فالسيد حميدتي ، يستوفي تماما ، شروط النموذح المثالي لشخصية المرتزقة ، وفقا لكتاب " الأمير " لميكافيلي . و بهذا الصدد ، يقول الصحفي الخليجي أحمد الحامد" فالمرتزقة دائماً بلا أخلاق، بلا فروسية، بلا قناعات وبلا كرامة، يعيشون من دون ولاء ثابت ولا شيء سوى المال " . فأمثال هؤلاء هم من يتآمرون حاليَا ، على تفتيت السودان ثم تعريبه ، لصالح هيمنة مصالح الأقطار العربية و لصالح أيديولوجية التبييض ، الهيمنة البيضاء ، دون مصلحة الوطن . و بلا شك ، فهناك دوافع نفسية شخصية أيضا ، لهذة الحرب بالذات ، لتصفية حسابات أجيال و مرارات تاريخية قديمة بين النخبتين . وهكذا كشفت وقائع جرائم هذه الحرب حقيقتهم مرة واحدة . كغيرها من الحروبات الإستعمارية ، ففي هذه الحرب أيضا ، تظهر إيديولوجيا الإستعمار الإستيطاني في أوضح صورها الكلاسيكية . فتأتي مهمة الغنائم و االسبي و الإغتصابات و التهجير و الإبادات العرقية الممنهجة ، للسكان الأصليين و تدمير المعالم التاريخية و مؤسسات الدولة و المجتمع ، في مرتبة الأولويات القصوى . إنها إيديولوجيا المركز المهيمن لتحقيق هدفه الرئيسي ، الإستعماري بالوكالة " جلب مجموعات عرقية غير أوربية "، لإدارة موارد هذه الدول الغنية بإفقار سكانها الأصليين لصالح المستعمرين . فأما الوعود البراقة التي تحاول قيادة الميليشيات جاهدة ، تقديمها للشعب السوداني ، فتبدو نفخ في أنبوب مثقوب ، لأنها بالذات ، ربيبة الحركة الإسلاموعروبية في السودان . و ليس سرَا أيضا ، بأن تلك النواة من نخبة الإسلاميين العروبيين قد جنَدت ، منذ أمد ، كوادرها في دول الساحل ، للتمهيد لهذة الحروبات الجارية هناك من أجل تنفيذ نموذج الإستيطان الإستعماري و الصهيوني ، كطريقة مثالية لتوطين المستعربين في الشتات الأفريقي من خلال استئصال السكان القدماء في القارة . فمؤامرة فصل الجنوب هي مؤامرة ليست غربية فحسب إنما تبنتها هذه الحركة منذ البداية . كما هي فكرة دولة النهر و البحر، فإن نهر النيل و البحر الأحمر،هما موارد أفريقية سودانية ، فكيف يعقل أن تنهب هذة الثروات ، فقط بسبب أفكار لشذاذ الأفاق ، و من ثلة أخرى تعاني الهذيان ، في هويتها لصالح أمم أخرى ، قبل أمة السودان و أفريقيا ؟ و في ذلك يستخدم أيضا ، الدين كمصوغ شرعي لتأميم الموارد و سوء إستخدامها ، خذ مثلا " الصمغ العربي " بدلا عن الصمغ السوداني أو الأفريقي . فضلا عن إستغلال و مصادرة ثروات أولئك الشعوب المغلوبة ، التي وقعت تحت نفوذه لصالح المستعمر ، مثلا السودان " سلة الغذاء العربي " و هي في أفريقيا الفقيرة ؟ . و هي ما نشهدها الآن في أفعال الحرب التي تقودها النخبة البدوية الجنجويدية ، لتهريب معادن سودانية ثمينة لدولة الإمارات و دول أخرى، بينما شعب السودان يموت جوعا. الهرم الأول : جلال هاشم نحن نعترف بأن السودان تعج بأزمات متفاقمة منها القبلية السلبية و إنتشار الفساد، لكننا نؤمن أيضا بأن أس هذه الأزمات الكارثية ، هي السياسة المستمرة ، لتحويل السودان الى دولة عروبية إسلاأموية حصريَا . و من هنا نرسل تحياتنا الدافئة لصمام أمان حضارة السودان ، الدكتور جلال هاشم . و بسبب هذه الإيديولوجيات المجلوبة ، تدفع أجيال السودان الحالية و المستقبلية ، ثمنا باهظا . بل أصبحت هذة الدولة الغنية ، عالة على المجتمع الدولي ، فيما العملاء و وكلائهم يعيثون فسادا بخيراتها .
|
|