Post: #1
Title: جميلة و مستحيلة...عن إنتخابات جنوب السودان أحدثكم . بقلم : المهندس/ أحمد نورين دينق .
Author: أحمد نورين دينق
Date: 01-21-2024, 02:32 PM
01:32 PM January, 21 2024 سودانيز اون لاين أحمد نورين دينق-السودان مكتبتى رابط مختصر
(البدايات الخاطئة ، تثمر نتائج خطيرة ).. الكاتب ؛ دولة ولدت بمخاض مناضلين ناضلوا بالغالي و النفيس مدة ٢٢ عاما (١٩٨٣_٢٠٠٥) ، بدون أجر معلوم .. كان الأوفق أن تنظر الحكومة الوليدة في موضوع حقوق المناضلين فور نيل الإستقلال ، و لكن المماطلة في إعطاء الحقوق للمناضلين هو ما تسبب في إنتشار جميع أنواع الفساد المالي والاداري و الإجتماعي الذي ترزح فيه مؤسسة الحكومة الآن ، لماذا صمدت دولة الإسلاميين في السودان لمدة عقود ثلاث ؟ لأسباب عديدة ، و لكن أهمها حرص البشير على الاستقواء بثلة من أهل الفكر و العلم في مراكز صنع القرار ، و لذا إستطاع أن يقاوم بهم الفراغ الذي تركه إنسلاخ الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي من حاشيته ، فأهل الفكر هم من يفتحون الأبواب المغلقة في دهاليز السياسة الداخلية والخارجية ، و ما أكثرها ؛ يحمد للمناضلين الراحلين كاربينو كوانين ، و وليم نون ، تنازلهما عن أقدميتهما العسكرية ، للعقيد جون قرنق دي مبيور ، لا لشيء ، سوى إحترامهما لعلمه و فكره ، فهو الأقدر على خدمة إنسان الجنوب في ميادين العمل العام في زمانهما ، فكان تنازلهما أكبر عامل ساهم في قوة الحركة الشعبية في باكورة عهدها ؛ و أما الخلافات التي نشأت بين القادة الثلاث بعد ذلك ، فيعود غالبها إلى بعض السلبيات المصاحبة لشخصية الدكتور جون قرنق ، فالكمال لله وحده ، و المعاملة بالمثل من قبل كاربينو و وليم ، لكن يشهد من عاصر كاربينو و وليم نون أنهم تفانوا في خدمة قضايا التحرير الأساسية . فلو كانت القيادة جادة في مسألة حقوق المناضلين ، لقسمت الميزانية العامة للدولة إلى الآتي : - ثلث لحقوق المناضلين ، و ثلثين لتسيير دولاب الدولة الوليدة ، و تقسم الثلث المخصص لحقوق المناضلين إلى الآتي :- مرتبات : للمناضلين الذين ما زالوا في سن الخدمة + علاوة حقوق تقيم حسب الوضع المعيشي بقية فترة عمله في الخدمة العامة . أما الشهداء و من تجاوزوا سن الخدمة العامة ، فيعطوا حقوق شهرية ثابتة تقيم حسب الوضع المعيشي تستمر إلى أن ترتب الدولة الوليدة أوضاعها للمعاشات . لو كانت الرؤية هكذا ، لما وصلنا الى من نحن فيه الآن من الحيرة السياسية ؛ فقد ظلم المناضلين عندما بدأت الدولة موضوع أجر النضال بمرتب شهري ثابت ، كأنهم بدأوا عملهم معها بعيد الإستقلال ؟! و يرى أغلبهم أن رضاهم بإجراء عملية الانتخابات ، سيعني إتيان الشعب بأشخاص آخرين يستلمون مواقعهم ، و يوقفون مسألة إستيفاء حقوقهم النضالية ؟! وهي مخاوف حقيقية مشروعة من قبل المناضلين ، فكيف السبيل إلى إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف و الأجواء غير السالكة ؟ سؤال ضخم مطروح للشعب الجنوب سوداني .. في الحقيقة:(لا مهرب للبشر من السياسة ، إلا إلى حضنه ، شاء من شاء ، و أبى من أبى ) ؛ لقد حاولت جاهدا فعل ذلك إدبان فترة الدراسة في جامعة الخرطوم ؛ فطوال سنوات الدراسة كنت أتحاشى العمل السياسي ، فتجدني في مكتبات الجامعة في مجمع الوسط ، مع صديقي نصر الدين حسين عبد الباريء طالب كلية القانون في مكتبة المين ، و لكن بعد أن جد الجد ، و رجع المنبر النقابي في العام ٢٠٠٣ ، لم أجد خيارا غير القبول بالدخول في المغامرة السياسية ، لأن الشروط كانت تحتم على ذلك ، فالأمر وجدته ، تحول من مندوب إلى واجب ، فقبلت في العام ٢٠٠٤ نداء الواجب السياسي مرغما ، و الحمد لله فزنا لأول مرة في تأريخ اليمين في كلية العلوم الرياضية التي كانت قبل جيلنا حكرا على اليسار ، و إستمر صديقي نصر الدين موصدا باب السياسة ، و لكن بعد نجاح ثورة ديسمبر ، وجد نفسه مرغما لغوض المعترك السياسي ، فقبل حقيبة وزارة العدل ! فلا مهرب في الحقيقة عن السياسة إلا إليه . فالشعب الجنوب سوداني أمامه حاليا كفتان يجب أن يوازن بينهما :- الكفة الاولى مظالم المناضلين المعلقة ، الكفة الثانية مظالم الشعب المعلقة المتمثلة في ضعف الخدمات تجاهه ، و تأخير حقه في إختيار من يمثله في الحكم .. فلحل هذه المعضلة لموازنة ما في كفتي الميزان ، فيجب أن يكون الدستور القادم لدولة جنوب السودان مرنا بصورة كبيرة في عملية محاسبة المتجاوزين من المناضلين في العمل العام ، و قويا من الناحية الأخرى في الإيفاء بحقوق بقية المناضلين الذين لم يعطوا حقهم بعد من الشهداء و كل من شارك في الحركة منذ العام ١٩٨٣ ، هذه هي أكبر ضمانة يمكن أن يقدمها الشعب للمناضلين مقابل أن يقبلوا بفتح المجال السياسي أمام بقية فئات الشعب الأخرى بغير تحفظ أو خوف ، طالما أن من يأتون ، سيوفون بحقوقهم المهضومة بصورة عادلة .. أن لجنة الانتخابات القومية ، و لجنة الدستور القومي أمامهم مهام جسام ، و لكن لا تصل لدرجة الإستحالة ، مسألة تمويل أنشطة الأحزاب السياسية في البلاد ، من الفشل بمكان رهنها لإشتراكات عناصر الأحزاب السياسية ، لأن الوضع المعيشي لهذه العناصر يتقاصر عن الإيفاء بحقوق من يعولون من أسرهم ، بله عن الحزب الذي ينتمون إليه ، فعلى الأسرة الدولية و الحكومة أن يتفاكروا في سبل دعم أنشطة الأحزاب في البلاد لتمكينها من أداء دورهم ، أما بالنسبة للتحجج ، بالوضع الأمني ، فإن تشكيل الحكومة الحالية ، ضمنت وجود ممثلين لكافة الأحزاب المشاركة في السلطة في كافة مستويات الحكم المختلفة ، فلكل ممثل في كل مستوى ، فيمكن الإستعانة بالتقنيات العلمية الحديثة في إيصال رسائل هرم هذه الأحزاب للقواعد عبر ممثليهم باستخدام محادثات الفيديو كما كان في زمن الكورونا لتجاوز العقبات الأمنية في الولايات المضطربة ، و أخيرا وليس آخرا ، يجب على لجنة الانتخابات تجاوز بعض الخطوات التي تكون حجج واهية مثل مسألة دمج القوات و الترتيبات الأمنية التي تشكل شماعة لتعليق تأجيل الانتخابات عليها في كل مرة ، و يمكن للحكومة المنتخبة إكمالها بعد إجراء الانتخابات . [email protected] .
|
|