التسويق هو علم الماضي والحاضر ولكنه من المؤكد قوة المستقبل.. التسويق ظل معضلة للنماذج السياسية الكلاسيكية، ولذلك كانت تعتمد على القمع وتكميم الأفواه من خلال الأنظمة العسكرية الدكتاتورية الواضحة. الرأسماليون الليبراليون أو ما يمكن أن نسميه الماسونية التي انطلقت من فرنسا كفلسفة ومن بريطانيا كنشاط ومن أمريكا كتاثير ونتيجة، غيرت اللعبة. فالإعلام ليس بالضرورة أن يتم عبر أنظمة عسكرية قمعية، بل من خلال قوة أكبر من السلاح، وهي قوة المال الذي يشتري كل شيء بما في ذلك السلاح. المال الذي من يمتلكه يمتلك الإعلام، ومن ثم التسويق. لذلك فإن تدمير دولة لا يبدأ بتدمير أسلحتها بل بتدمير القوة والقوى الاقتصادية فيها أولاً ثم ضربها بالقوة العسكرية ثانياً. وعندما يبدأ اقتصاد دولة بالانهيار فجأة، فأعلم بأن الحرب ضدها قد بدأت. لقد بدأ تغلغل الراسمال في العالم، تحت سيطرة الرأسمالية الليبرالية، وهكذا يتم التحكم في الانتخابات، والتاثير على الناخبين. كان ترامب الوحيد الذي وضع سيطرة الراسمالية الليبرالية في خطر، لأنه بدوره كان رأسمالياً شعبوياً، لذلك فترامب لم يهدد أحداً بشعبويته، بل على العكس، حقق ترامب نجاحات كبيرة في عهده أكثر من غيره من الرؤساء. لقد وفر مئات الآلاف من فرص العمل، حمى الصناعة الأمريكية من المنافسة الصينية متحدياً منظمة التجارة العالمية، اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ضغط على دول الخليج وحصل منهم على ترليونات الدولارات،.. مع ذلك كانت قدرته على اختراق القبة الحديدية الاعلامية للرأسمالية الليبرالية اكبر خطراً على هذه الاخيرة. فبدأت حرب شيطنته، غير ان ترامب دخل من ثقب آخر وهو وسائل التواصل الاجتماعي التي يتم صناعتها وتلميع شخصيات مؤسسيها من قبل الرأسمالية المسيطرة لتبعد شبهات ارتباطها بأي جهاز استخباراتي، لكن هذه المنصات كشفت نفسها في عدة مناسبات، اهمها حظر حسابات ترامب تحت مزاعم نشره لخطاب الكراهية وتقويض النظام الدموقراطي في أمريكا. وكان تهديده للنظام الدموقراطي صحيحاً وحقيقياً، إذ أنهم ارادوا دموقراطية مسيطر عليها، وعلى وجه خاص إعلامياً، فالدموقراطية إعلام أكثر منها صناديق اقتراع. الدكتاتوريات التقليدية، عانت من حكم الفرد أو مجموعة صغيرة، لذلك احتاجت للقمع المباشر والرأسي، أما الراسمالية الليبرالية فكانت تعمل من خلال أيدولوجيتها ومالها على التغلل الأفقي، وبناء شبكات تمكين في كل قطاعات الدولة، وهذا ما حاولت فعله الحركة الإسلامية العالمية، ولكنها فشلت لأنها تعرضت للاختراق. الدموقراطية الراسمالية مسيطر عليها بشكل لا مركزي راسياً، ولكنها متمركزة أفقياً في خط أوقيانوسيا أوروبا وأمريكا الشمالية. اليوم نشاهد حملات اعلامية شاملة تنفق عليها مليارات الدولارات للتسويق للمثليين، وهكذا سيكون على كل مرشح انتخابي قادم أن يعرض موقفاً ايجابيا من المثليين في الانتخابات القادمة، وإلا تمت إزاحته من المنافسة عبر التهميش الإعلامي الشديد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة