لماذا لا يشتهر فلاسفة القانون مثل الأدباء والإجتماعيين

لماذا لا يشتهر فلاسفة القانون مثل الأدباء والإجتماعيين


12-06-2021, 08:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1638817639&rn=1


Post: #1
Title: لماذا لا يشتهر فلاسفة القانون مثل الأدباء والإجتماعيين
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-06-2021, 08:07 PM
Parent: #0

07:07 PM December, 06 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




في الشرق لا يوضع اسم الأم ضمن اسم الابن، إن المرأة تحيا وتموت بدون أن تهتم بأهم ما يعيش الذكور من أجله وهو أن تبقى لهم ذكرى.
تبدو المرأة كالملحد الذي يعيش لحظته فقط لأنه مقتنع بأن الماضي لا يعود والقادم ليس في يده بل في يده هذه اللحظة فقط. لذلك قد يبدو ذلك تفانياً منها أو فلسفة خاصة بها.
هكذا أيضاً هم فلاسفة القانون. فبعد قراءتي للفلسفة العامة، وحتى فلسفة العلم، منذ السفسطائيين وحتى جيجيك، لم أجد اعظم فلسفة من فلسفة القانون، من حيث عمقها والتصاقها بالواقع، بل وباعتبارها التطبيق الأمثل من حيث الفعالية لفلسفات أخرى كفلسفة اللغة، والفلسفة السياسية،..الخ، وخاصة فلسفة أوروبا في القرن الثامن عشر . غير أن مؤلفات فلسفة القانون المتخصصة في القرن العشرين لم تجد أي اهتمام إعلامي، ولا يجد فلاسفة القانون المعاصرين على وجه الخصوص أدنى شهرة رغم مؤلفاتهم العميقة والقيمة إلا قلة لهم ارتباطات بالإجتماعيين مثل الان سوبيو وهو صاحب كتاب جيد، ولكن ليس على مستوى مؤلفات أكثر أهمية.
على المستوى العربي سنجد مؤلفات عظيمة جداً للدكتور سمير تناغو "النظرية العامة للقانون"، ولكن هناك مؤلف لا يقل أهمية عنه رغم صغر حجمه لأستاذي المرحوم يحي الجمل "حصاد القرن العشرين في علم القانون". وهو كتاب يجب أن (يدرسه) -لا أن يقرأه فقط- أي سياسي قبل أي قانوني، حتى نتجنب تقريع آذاننا بغثاء أنصاف السياسيين، أو السياسيين النصابين.
ربما قلة من الناس وأخص المهتمة بالسياسة؛ تهتم بفلسفة القانون، رغم أنهم جميعاً يتحدثون حول الدستور والتشريع والبرلمان، ونتيجة لذلك فهم يشاققون علماء القانون ويصرعونهم بخطابات الجهل الفضفاض. وهذه معضلة. أتذكر أن السيد غندور قال في معرض تعليقه على المحكمة الجنائية الدولية بأنها ليست دولية لأنها تشكلت من قلة من الدول. في الواقع هو طبيب أسنان ولا علاقة له بالقانون الدولي، وكان من المفترض عليه حينما تقلد هذا المنصب أن يطلع على كتاب للقانون الدولي العام حتى لو كان من كتب الشروحات العامة حتى لا يحرجنا أمام العالم. ومثله كثيرون طوال الحقب السابقة، أما حقبة قحط فحدث ولا حرج، فالكل يهرف بما لا يعرف، والجميع يعتبرون القانون مجرد ثقافة عامة، كما قال السيد الصادق المهدي له الرحمة لأحد أصدقائي، وبما أنه ثقافة عامة فقل ما تشاء، كما هو حال السياسة التي هي (علم)، حوَّلها المتناحرون على السلطة والثروة إلى وصفة طعام، يدلي كل من يجلس مع بائعة شاي بدلوه الحاسم فيها. إن التأهيل المعرفي بمبادئ العلوم -بدون حاجة للتعمق- مهم للسياسي، أما فهم العلوم فمهم لمن يتقلد منصباً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بعلم ما، أن يفهم ذلك العلم حتى لو دون حاجة إلى التبحر. ومؤلفات فلاسفة القانون تمزج بين الشروحات العامة والتعمق الموضوعي، بلغة مفهومة، بل أكثر إفهاماً من كتب الفلسفة التي ينال أصحابها شهرة واسعة، ولا اعرف عدد الذين فهموا كتاب الكلمات والأشياء لفوكو، في الواقع أنا نفسي قرأته اكثر من خمس مرات ولم أخرج منه بفائدة تذكر، وكتابه عن المراقبة والمعاقبة مليئي بمعلومات معروفة مسبقاً عند علماء العقاب penologists، مع وجود شذرات لطيفة من التحليلات العميقة، ولكنها غير كافية لتنافس علماء الإجرام والعقاب.
مع ذلك فنادرا ما عرف الناس بعلماء الإجرام والعقاب، إلا حين يرتبطون بعلوم أخرى كعلم الإجتماع، كديفيد هيربرت مثلاً، وغالباً ما ينال علماء النفس الشهرة الكافية حينما يتداخلون مع علم القانون، رغم أن ذات الشهرة لا ينالها الفيلسوف القانوني الذي يرتبط علمه بعلم النفس.
يذكرني هذا بمقولة في التوراة تصف العلاقة بين مصر والسودان، جاء فيها: فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ." (إشعياء 20: 5). إذ كانت مصر دائماً الصوت الأعلى من كوش ولذلك تحصل على الفخر، رغم أن الرجاء متعلق بكوش وهو من المفترض مصدر الفخر لأنه مصدر القوة.
وهكذا هم فلاسفة القانون، لا صوت لهم أمام صوت الآخرين، رغم أن الرجاء معلق بهم حين تبحث الشعوب عن بناء وتنظيم دولها في سنوات الفوضى الصعبة.

عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021

عناوين المواضيع المنبر العامبسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021