التعقيدات المتواتِّرة التي تعتري المشهد السياسي السوداني (الحميد منها والخبيث) ، أصبحت تحتاج إلى (إجتهاد) مُضني من متابيعها فهماً وتحليلاً وتفاعُلاً ، مما يؤدي في أحيانٍ كثيرة إلى (صعوبات) في إتخاذ المواقف الصائبة ، والتي من مُنطلق حُسن النوايا يجب أن تكون دائماً في مُناصرة المسار الديموقراطي ودعم مسيرة التحوُّل الإيجابي في السوداني نحو العدالة والحرية والسلام ، ورغم إيماننا القاطع الذي لا يُدانيه شكٌ ولا ريبة بإتساع أُفُق الشارع السوداني وقُدرته العالية على تمييز الحق من الباطل ، فضلاً عن وعيهِ الذي أدهش العالم أجمع وجعل أهم رموزهُ يتغزَّلون في ثورتهِ المجيدة ، إلا أن التواتُّر المُتسارُع الذي بات يحيط بالأحداث والوقائع والتحالُفات العديدة التي تُعبِّر (بعضها) عن أهداف مدسوسة دس السُم في الشهد ، وفي ذات الأوان (تتزيَّن) عناوينها ومُسمياتها بأرتالٍ من المُفردات والجُمل الرنَّانة التي تحتوي الكثير من تطلُّعات وآمال السودانيين وبعضاً من شعارات ثورتهم الباسلة.
لذا على الإعلام النزيه وكذلك التنظيمات السياسية والمجتمعية والمهنية ، التي تضطلع وتؤمن (حقاً) بدعم وتحقيق شعارات الثورة وتيسير السُبل المؤدية إلى الإنتقال الديموقراطي بأقل خسائر مُمكنة وأقل قدرٍ من التنازلات (المُخزية) ، أن تعمل على توسعة مواعينها الإعلامية وتطويرها لصالح التوعية القاعدية و(تبسيط) وقائع المشهد السياسي لعامة الناس حتى لا يُخدعوا ويقعوا في المحظور ، أو يتشابه عليهم البقر فيسئمون المساهمة بفعالية في دعم ودفع عجلة الجهود التي يبذلها المؤمنون الحقيقيون بقضية الإنتقال الديموقراطي على مستوى النافذين السياسيين والتنظيمات والأحزاب والأفراد ولجان المقاومة ومُنظمات المجتمع المدني والمهني ، حتى لا يُزايِّد على نواياهم وبذلهم مُقاومي إرادة الشعب السودان في أوساط الرأي العام ، الذي في ما يبدو عليه الحال لن يكون معصوماً من التشويش والإرتباك المُفضي إلى ضعف التفاعُل السريع والمُثمر مع نداءات الشُرفاء من الحادبين على المصلحة الوطنية والصادقين في قناعاتهم بأن هذا الوطن وهذا الشعب يستحق الإنعتاق والتمتُّع بمُميِّزات المنهج الديموقراطي.
على سبيل المثال وتحت مُسمى (اللجنة الفنية لقوى الحرية والتغيير) الموالية للمكوِّن العسكري والتي يؤمَّها كلٌ من حزب البعث السوداني ، وحركة تحرير السودان (مناوي) ، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ، ومسار الوسط بقيادة التوم هجو ، ومسار وكيان الشمال ، وحركة تمازُج (المُبهمة الهوية) ، ومجموعة أخرى من الأحزاب الوهمية المُفتقرة إلى التاريخ السياسي والقواعد الشعبية ، يتم جهراً المُناداة بأجندات مطلبية تُنافي وتُحارب شعارات الثورة ومبادئها الأساسية ، فضلاً عن رفع راية العداء السافر للإعلان السياسي التاريخي الأخير لقوى الحرية والتغيير والذي تم عبر توافق مجلسها المركزي الذي يضُم تحت لوائه تجمع المهنيين وحزب الأمة وحزب البعث الإشتراكي والمؤتمر السوداني والتجمع الديموقراطي والجبهة الثورية ( مالك - عقار - ياسر عرمان - الهادي إدريس - الطاهر حجر وآخرين) والكثير من التنظيمات والمُنظَّمات الأخرى ، هذا العداء في حقيقية الأمر ليس شكلي بل يُقارع ويُناقض كل المضامين التي تبنَّاها الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير المُستلهم من مباديء وشعارات الثورة ، فما يُسمى باللجنة الفنية السابق ذكرها تُنادي جهراً وخفاءاً بتوسعة مهام المكوِّن العسكري في الحكومة الإنتقالية ، والإقرار بإشراك حزب المؤتمر الشعبي وأحزاب الحوار الوطني في الحكم الإنتقالي ، بالإضافة إلى حل لجنة إزالة التمكين ورفض مبادرة حمدوك الرامية إلى توحيد قوى الثورة ، ما تم شرحهُ سابقاً يجب أن يكون معلوماً للقاصي والداني من أبناء شعبنا حتى لا يختلط الحابل بالنابل ، وذلك لن يتم إلا عبر خطاب إعلامي واسع وفعَّال تتبنَّاه قوى الحرية والتغيير ومنظوماتها الداخلية ، مُستهدفين في المقام الأول أن يكون شُرفاء الثورة ودافعي أثمان تضحياتها ومواجعها (دائماً في الصورة).
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 28/9/2021