"رغم اختلافي مع الترابي جملة وتفصيلا في ارائه السياسية إلا ان ماذكره هنا حول تفسيره لرمي الجمرات والإمام المنتظر والشيعة والسنة وتأليه الأولياء ومسألة شهادة المرأة وإمامتها وريادتها للمجتمع وحديث الذبابة والأجتهاد وتوقيفه وإعمال الفكر كلها اراء صحيحة وان كل ما هو ثابت لدى المجتمع الإسلامي يحتمل التجديد وإعمال الفكر بل يجب إعادة التفكير فيه وهذه اراء وصور نقلت إلينا عبر احاديث لايستطيع احد ان يجزم بصحتها لأنها نقلت عبر بشر فيهم الصادق وفيهم صاحب الغرض فالترابي الان يقترب في مجمل حديثه من المفكر الإسلامي الشهيد محمود محمد طه الذي تم اعدامه في عهد ولي فيه الترابي القضاء وهذا من سخريات القدر والسياسة في السودان صديق فضل- هولندا"
وفي رأي مخالف تماما يقول آخر: "كما يقال كل شاه معلقة من عرقوبها وكل زول ينوم على الجنبة البتريحو ويتحمل مسؤلية نفسه أنا مؤمن إيمان كامل بعذاب القبر ونعيمه لكن نسأل الله العمل الصالح وحسن الخاتمة... آمين"
لسوء الحظ -أوربما لحسن الحظ- ان الترابي لم يحضر ثورة ديسمبر المجيدة ولكن نحاول هنا ان نخمن - مجرد تخمين- ماذا كان سيكون موقفه من الثورة وهذا طبعا ليس من اعمال الشيطان- نعوذ بالله منه التي تفتحها (لو) فاللولوة هنا تفتح فقط باب النقاش والتفكر في مستقبل الثورة
الحقيقة ان الترابي كانت له آراء جريئة اختلف حولها الناس ولكن الفقهاء التقليديين حاربوها بكل ما اوتوا من قوة بل وشوهوا سمعة الرجل واتهموه بالفسق والزندقة حتي لا يفكر احد فيما قال ولكن والحق يقال ان هناك عامل آخر ضعّف من اراء الترابي ومشروعه في تجديد الدين وهو دخوله معترك السياسة والفشل الذي لحق بتجربة المشروع الحضاري الذي تبنّته الحركة الاسلامية التي كان يتزعمها
ولكن ما يهمنا هو ان مشروع الترابي كان اساسا مشروعا (للتغيير) ولسنا هنا بصدد تمجيد شخص الترابي أو تعظيمه ولا حتي التقليل من شأنه وانما الغرض مناقشة الاراء التجديدية للرجل لانها اقرب الي ما تطرحه الثورة
فالترابي معروف انه غربي الفكر تقريبا يقدس العلم المادي بدليل نقده لحديث الذبابة كذلك يؤمن بالديمقراطية وكره العسكر كرهه للعمي وقد آمن - ولو متأخرا- بالحريات العامة وفي دستور 98 الذي وضعه جعل اساس الحقوق هو المواطنة فالترابي كان اقرب الي العلمانية
اليوم تداعت علي الثورة كل الطوائف الاسلامية واتحدت الفرق المتشاكسة والمتضادة لتعمل نفس ما عملته مع مشروع الترابي للتغيير (التجديد) فقط لانها لا تفكر وانما تؤمن فقط بتقليد الاسلاف (انا وجدنا آباءنا) وحينما وجدت ان النظام الحالي ينأي بنفسه عن تجارة الدين التي كان يمارسها النظام السابق وتبني خط مختلف بعيدا عن الشعارات الدينية ظنوا ان الثورة كأنها كانت علي الدين نفسه وبدأوا في بث الدعايات الخبيثة واستغلوا قلة فقه العوام بالدين وبالمصطلحات السياسية مثل (العلمانية)
ولذلك وجدنا انه من الافضل ان نتناول بشئ من التروّي اراء الترابي التجديدية وبعض ما يتعلق بها من مواقف سياسية خاصة المفاصلة التي حدثت بعد 10 سنوات فقط من عمر الانقاذ ونحن نحتاج لذلك خاصة بعد رحيل الرجل وضعف -او تلاشي-المنظومة السياسية التي كان ينتمي اليها وكذلك فان وجود الرجل علي قيد الحياة- كانت يظهر ادني تثمين لارائه علي انها انجذاب طبيعي بسبب الكارزما التي يتمتع بها او انها مثل ذلك التقديس الذي يجعل التقليديون ينحازون لفكر مجتهد بعينه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة