رحل العقلاء عن الواجهات وتركوا الساحات لأهل المهازل !!
يقال أن من أقوال السيد محمد أحمد المحجوب ذلك البيت من الشعر : ( هذا زمانك يا مهازل فامرحي وقد عد كلب الصيد في الفرسان !! ) ،، وبحق وحقيقة فإن الساحات السودانية في السنتين الأخيرتين تعيش قمة المهازل التي لم تشهدها البلاد من قبل ،، ولا يوجد في تلك الساحات أهل المقام والقيمة والمعيار ،، الكذب قد أصبح مباحاً في ألسنة كبار المسئولين في البلاد قبل أن يكون مباحاَ في ألسنة ( العامة من الناس !! ) ،، وذلك بطريقة مخجلة ومخزية للغاية يندي لها الجبين ،، الكذب وعدم الصدق في الأقوال والأفعال قد أصبحت صفة معهودة في هؤلاء القادة والمسئولين الكبار في البلاد ،، وهو ذلك الكذب والنفاق الذي يفوق نفاق وكذب العامة في أسواق ( الشطاطة ) ،، ومن أغرب ( صور المهازل ) في البلاد أن هؤلاء القادة والمسئولين في هذه الأيام يطلقون تلك التصريحات النارية العلنية جهاراَ ونهاراَ أمام الشعب وأمام الملأ العام ثم بعد أيام قليلة فقط يناقضون تلك التصريحات بتصريحات أخرى مناقضة ومغايرة تماماً !! ,, ويفعلون ذلك دون حياء أو استحياء ،، ولا يملكون مثقال ذرة من تلك المواقف والثوابت التي تؤكد المصداقية إزاء حدث من الأحداث أو إزاء قضية من القضايا !! ،، وتلك المواقف والتصريحات المتناقضة قد كثرت وتفاقمت خلال السنتين الأخيرتين بعد الانتفاضة ،، وهنالك الكثير والكثير من تلك الأمثلة ،، فمثلاً ذلك المسئول الكبير يصرح ويقول : ( مسألة التطبيع مع دولة اليهود هي مسألة يجب أن يقرر فيها الشعب السوداني بعد تحقيق الحكم المدني الدائم في البلاد )،، ثم فجأة نفس المسئول يصرح ويفيد بأن هنالك وفداَ سودانياً في طريقه إلى تل أبيب لإكمال إجراءات التطبيع مع اليهود !!! ،، منتهى التناقض في التصريحات ومنتهى المهزلة في مواقف الرجال !! ،، فذلك المسئول لم يكن شجاعاَ في مواقفه بذلك القدر الذي يجلب له الاحترام والتقدير ،، بل كان متردداَ وجباناَ ،، ولم يجبره أحد ليدلي بذلك التصريح الأول ،، وفي نفس الوقت لم يجبره أحد ليدلي بذلك التصريح الثاني ،، والأمثلة في ذلك الشأن كثيرة وكثيرة ،، ومن الأمثلة أيضاَ تلك التصريحات العديدة المتناقضة حول مسألة ( العلمانية وفصل الدين عن الدولة ) ،، مسئول من المسئولين يصرح ويقول بأن ذلك الأمر في أيدي الشعب السوداني عند إعداد الدستور الدائم للبلاد ،، وبعد أيام قليلة فقط نفس المسئول يصرح ويفيد بأنه قد تم الاتفاق على العلمانية كما تم الاتفاق على فصل الدين عن الدولة ،، منتهى المهازل في التصريحات والقرارات ،، والتجارب مع هؤلاء المسئولين والقادة بعد الانتفاضة الأخيرة قد أثبتت بأنهم يطلقون تلك التصريحات العلنية الداوية في لحظة من اللحظات ،، ثم بعد أيام قليلة فقط يتراجعون ويناقضون تلك التصريحات بتصريحات أخرى مناقضة جملة وتفصيلاَ .
تلك ( المهازل ) في التصريحات والقرارات والمواقف المذبذبة قد أجبرت العقلاء من أبناء السودان أن يهجروا ساحات الأنشطة السياسية كلياَ ،، وأن يتخذوا تلك السلبية المطلقة في المساهمة والمشاركة ،، وقد أخلوا الساحات كلياَ لهؤلاء أهل ( المهازل ) والكذب والنفاق ،، وفي غياب هؤلاء العقلاء من أبناء السودان أصبحت دولة السودان في أيدي الجهلاء بطريقة توجع الأكباد ،، وبالتالي فإن كافة الممارسات بدولة السودان قد أصبحت اليوم هي تلك الممارسات الخائبة التي لا تشرف شعباً من الشعوب فوق وجه الأرض ،، كما أن الحياة بدولة السودان قد أصبحت كالحة وسوداء لا تطاق ,, ولا يوجد في دولة السودان حالياَ ما يستحق الفرحة في لحظة من اللحظات ،، ( لا عريس يستحق التبشيرة ،، ولا عروسة تستحق الزغرودة !!! ) ،، ( لا قائد يستحق الوقوف والتبجيل ،، ولا خطبة تستحق الاستماع والاهتمام ) ،، مجرد فرقعات تملأ الساحات السودانية في الفارغة .
العنوان
الكاتب
Date
رحل العقلاء عن الواجهات وتركوا الساحات لأهل المهازل !! بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة