المسرحية الهزلية على مسرح السياسة السودانية بقلم:د.زاهد زيد

المسرحية الهزلية على مسرح السياسة السودانية بقلم:د.زاهد زيد


04-14-2021, 08:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1618427999&rn=1


Post: #1
Title: المسرحية الهزلية على مسرح السياسة السودانية بقلم:د.زاهد زيد
Author: زاهد زيد
Date: 04-14-2021, 08:19 PM
Parent: #0

08:19 PM April, 14 2021

سودانيز اون لاين
زاهد زيد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




السودان البلد الذي كان آمنا مطمئنا قبل الانقلابات العسكرية وتوليها السلطة " لفشل المدنيين " كما قالت كل بياناتهم بدءا من الفريق عبود ومرورا بالنميري وانتهاءا بعمر البشير .
الانقلابان الأولان كانا إلى - حد ما - في القائمين على أمرهما شيئا من الوطنية والغيرة على البلد .
واجهت كل هذه الانقلابات تحركات عسكرية مضادة ، ولم تفلح جميعا في اقصاء أي من هذه الحكومات ، راح ضحية هذه الانقلابات عسكريين ومدنيين كثر ، تم إعدامهم بلا رحمة بعد فشل محاولاتهم .
كل هذا ليس موضوعنا ، ولكن موضوعنا عن الافرازات السيئة التي خلفتها الإنقاذ ، فقد خلفت حولها فيروسات قاتلة ، سيعاني منها الوطن لفترة طويلة .
ففي عهدي ( عبود والنميري ) كانت المشكلة الكبرى هي مشكلة الجنوب التي لم يكن للعهدين ذنبا في اشعالها . فقد كانت مشكلة ورثاها من أيام الاستعمار ، وكان الجميع على قناعة بأنها مشكلة في اطار البلد الواحد ، وممكن حلها ، وقد نجح النميري في حلها بالفعل ، وعاد لينقض هذا الحل بنفسه ، لتعود المشكلة من جديد .
أما عهد الانقاذ فهو بكل تأكيد العهد الذي أورث البلد الضياع ، كان إقراره بفصل الجنوب من أكبر الكوارث التي مرت على البلد
أخل نظام الإنقاذ المباد بمبدأ الوطنية ، وخان الأمة ، ولوكان من حكم من قبله يريد فصل الجنوب لتم الفصل وبطريقة ربما أفضل بكثير مما قاموا به من بتر غير حكيم لجزء عزيز من البلد .
كان دافعهم واحد لا ثاني له ، وهو ضمانات قدمها لهم سماسرة السياسة في الغرب لعدم محاكمتهم أو ملاحقتهم قانونيا وبشكل جاد لجرائمهم التي اقترفوها ليس فقط في دارفور ولكن ضد كل معارضيهم .
ولعل هذا يفسر سر التقاعس عن تقديم قادة الابادة الجماعية والتعذيب للعدالة إلى اليوم .
لقد أجرم قادة العصابة الإنقاذية في حق البلد في أكثر من مجال لكن أكبر جرائمهم هي جريمة تسليح القبائل واحياء القبلية في كثير من أرجاء البلاد ، ونتج عن ذلك تكوينهم للمليشيات المعروفة بالجنجويد والتي تحولت فيما بعد لقوات الدعم السريع ، وبذلك مهدوا الطريق ليتسلح خصومهم وهو ما نتج عنه الحركات المسلحة التي تراها الآن .
إذا قوات الدعم السريع هي اليد الباطشة التي كانت تحت إمرة المخلوع البشير ، وهي الأداة التي استغلتها لمحاربة الحركات المسلحة واستقدمتها للخرطوم أيام المظاهرات لحفظ نظامهم .
ولما أدرك آل دقلو أن الانقاذ ذاهبة لا محالة لبسوا ثوب الثورة ، وأظهروا أنفسهم بمظهر الذي أنقذ مصير الثورة أن تسحل على يد جلادي النظام . وعلى هذا الأساس تم قبولهم ولو على مضض في صفوف الثورة .
كان لابد من هذا السرد المبسط لمعرفة المعادلة العبثية في المشهد السياسي الحاضر .
في داخل السلطة الآن أربع تيارات ، كل تيار له مع الآخر حكايات ومواقف متناقضة .
التيار الأول يمثله المجلس العسكري الذي هو أصلا اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ .
والتيار الثاني هو تيار الحكومة المدنية التي يرأسها حمدوك . و كان من المفترض ان يكون هو نتاج ااثورة وقائدها والمنفذ لشعاراتها .
والتيار الثالث هو قوات الدعم السريع ، بما فصلناه عن نشأتها وما ذكرناه في مقال سابق عن تمددها في البلد بلا حدود .
والتيار الرابع هو الحركات المسلحة الدارفورية التي قيل أنها تبلغ عشرات الحركات .
كل هؤلاء في الخرطوم ، التي يعاني أهلها أصلا الأمرين من سوء الخدمات وانعدامها أحيانا بالكامل .
لا أحد يعرف كيف يمكن معالجة هذا المسرح العبثي وعبر أي آلية ، فهناك الوثيقة الدستورية ، وهناك اتفاق جوبا ، وهناك اتفاق البرهان – الحلو .
يغيب عن هذا المشهد عنصران مهمان ، ليسا الآن في الواجهة : الأحزاب السياسية التي كل همها كيكة السلطة .
والعنصر الأهم وهوغائب لحين من الدهر وهو الشعب صانع الثورات ، الذي يبدو الآن عنصرا منسيا تماما .
لا أحد يهتم بتحقيق أقل القليل لهذا الشعب ، الذي لا يفهم ولا يقر بتكوين قوات خارج المنظومة العسكرية .
وهذا الشعب ولو تفهم قيام الحركات المسلحة وأن لهم " قضية " فهو لا يفهم بقاء قوات حميدتي إلى الآن ، ولا يفهم أن تتمدد في البلاد طولا وعرضا ، ولا يفهم استمرارها في حلب خيرات البلاد حتى سم العقارب لم يسلم منهم .
ولا يفهم تسلط المجلس العسكري وتغوله على الجانب المدني ، وسلب سلطاته وهو أصلا لا ينظر إليه الناس إلا كمجلس معوق للديمقراطية و حارس لمكتسبات العهد المباد .
يبدو لي أن هذا المشهد العبثي ليس حقيقيا ، وأن اللاعبين فيه يعلمون أن هذه المسرحية الهزلية ستنتهي ، وأن صاحب المصلحة الحقيقة وهو الشعب ينظر إليهم على اعتبار أنهم مجرد دمي أو عرائس من ورق ، وحتما عندما يعم الضياء سيتبددون وكأنهم لم يوجدوا يوما .
كل ما نراه الآن ليس هو ما خرج الناس من أجله ، ولم يكن الشعب في حاجة ليصوم دهرا ويفطر على " بصلة " .
وحتما سيعود المارد الجبار وستختفي كل فقعات الصابون التي طفت على السطح في غفلة من الزمان .