نقلت ونشرت مقارنة بين النميري، من الشمالية، وعلى الحاج، من دارفور، كشخصين شاركا في حكم السودان ولكن الإمتعاض لم يكن من المقارنة بينهما بل من إطلاق صفة الغباء على العنصريين .. قلت أن النميري من الشمال وحكم السودان ومات وهو لا يملك غير شبر في قبره وعلى الحاج من دارفور وشارك في حكم الإنقاذ وكان بمثابة الرجل الثالث وبني قصراً عشوائياً وطالته تهم فساد مالي في طريق الإنقاذ الغربي وغيره وبعد كل ذلك أصبح رئيساً لحزب كبير أسسه أهل الشمال والوسط .. ولو كانت تلك المخالفة في البناء قد تمت في ألمانيا أو إنجلترا أو أمريكا أو إسرائيل لتم هدم ذلك القصر وحوكم وإنتهت حياته السياسية للأبد ولكن التسامح السوادني الأصيل حال دون ذلك .. لست عنصرياً وعلى ماذا أتعنصر؟ حقيقة ليس لي ما يجعلني متميزاً عن كل فرد سوداني في هذا البلد .. ولكنني إنفصالي، وهل شرع الله تقسيم الميراث من أجل قطع صلة الأرحام والبغضاء أم بغرض إعطاء كل ذي حق حقه؟ دعونا من العواطف الخاوية والحجج الواهية وإشهار تهمة العنصرية في وجه من يطرح الحلول العلمية الذكية الموضوعية والتي لا بديل لها .. تقرير المصير أو الإنفصال حق إنساني مشروع وديمقراطي وليس له علاقة بالعنصرية والكراهية مطلقاً ولا العواطف ويحب إحترامه .. الإنفصال في حد ذاته قد يكون كارثة ولكن الكارثة الأشد نكاءة منه هي البقاء في تلك الدوامة التي نعيشها والإنحباس في مستنقعات الخلافات والتنازع والكراهية وفقدان الثقة والتمترس القبلي والجهوي والتربص وتعاظم الرغبات الإنتقامية والإدعات الوهمية والتهديد والوعيد والتخوين وغيره ومن ثم حرمان قطاع كبير من المستنيرين والمؤهلين من العطاء لمجتمعاتهم وتعطيل مقدراتهم مقابل ترضيات لمن ليس لهم جدوى مطلقاً
تباً لإتفاقية سلام جوبا وتب وفي الحقيقة هي ليس لها علاقة بالسلام من قريب أو بعيد وهي إتفاقية معيبة وظالمة ويجب نقضها وإلغائها فوراً .. ما هو المعنى الحقيقي للسلام؟ وكيف يكون السلام بدون الثقة؟ ولماذا أصلاً التوقيع على السلام بدون توافر الثقة؟ توافر الثقة يعني تسليم السلاح فوراً للقوات المسلحة وإستيعاب المؤهلين في الجيش والشرطة وتسريح بقية المقاتلين واستيعابهم في العمل المدني التنموي .. حتى لو إفترضنا ضرورة الإحتفظ بالسلاح من أجل توظيف هؤلاء المقاتلين لعمليات حفظ السلام، لماذا التواجد في العاصمة؟ الواجب هو إعادة كل قوات الحركات المسلحة بكامل عدتها وعتادها لمناطق الحروب التي جاؤوا منها والعمل على ترسيخ الصلح المجتمعي والسلام ونزع السلاح وإعادة الإعمار، وبدون ذلك لن يكون هناك سلام حقيقي .. وكذلك الدعم السريع بكامل منظومته وعدته وعتاده يفترض أن يعود فوراً لدارفور لإبداء النوايا الحسنة وتحفيز أهل دارفور للإيمان بالسلام المطلق والغير مشروط وأن ينخرط في العمل على ترسيخ السلام والإعمار وإعادة توطين النازحين والمشردين .. حقيقة ليس هناك حوجة لوجود الدعم السريع في أي مكان في السودان خارج أراضي دارفور .. .. أنادي بحق تقرير المصير والإنفصال لا لأي سبب سوى إنقاذ شعوب سوداننا من تلك الهمجية التي نعيشها .. كيف يعقل أن يكون لنا عشرات القوات المسلحة المستقلة عن سيادة الدولة في جيشها القومي؟ هل نحن في دولة مدنية تشبه بقية دول العالم المتحضر ولها مكانتها في منظومة الأمم التي تعيش فوق هذه الأرض أم أننا في كوكب آخر؟ في كل دول العالم المتحضر هناك الملشيات المدنية التي يصرح لها بحمل السلاح ولكن متى وكيف وما هي كينونتها وماذا تسمى؟ هي تسمى الإحتياطي وهم مدنيين مدربين على القتال تحت إشراف الجيش الوطني للبلد المعني ويعيشون حياتهم الطبيعية كموظفين ومدرسين وعمال وتجار وغيره وليس لهم سلاح في حوزتهم ولا إدارة منفصلة ولا كلية يتخرجون منها، فقط يتم إستنفارهم وإستدعائهم عند الحوجة
نعيش فقراً مدقعاً في ظل ثروات مهولة والأسباب واضحة ومعروفة .. تقسمت يوغسلافيا لسبع دول وإزدهر بعضها إزدهاراً كبيراً وأصبح التنافس السمة الرابطة بينها والساذجون هم الذين يقولون أن الإنفصال هو مخططات ومؤآمرات وأن الدويلات المنفصلة ستصبح لقمة سائغة للطامعين ولكن عليهم أن يتذكروا أن الشعوب التي لا تقبل الإستباحة لن تستباح حتى لو أصبحت دولتها قرية واحدة .. والأشد سذاجة هم الذين يتخوفون من أن تعم الفوضى في الأقاليم المنفصلة كما في حالة الجنوب وبذلك يتوجب على الناس أن تعرف أن الحروب الأهلية التي إندلعت في الجنوب هي ضعف وألم في الجسد الجنوبي وجد طريقه للخروج، وهي أصل في التركيبة النفسية والوجدانية للبعض من تلك الشعوب المتأخرة عن ركب الحضارة الأممية الحالية ولم يكن من الممكن الخلاص من تلك الرغبات الجامحة للحروب إلا بإشباعها وتشبعها وبخروجها لأرض الواقع وحدوثها فعلياً ومعايشة تداعياتها وأخذ العبر من كوارثها ومن ثم الإذعان لضرورة الجنوح للسلم والتعايش الحميد والاتجاه للتحضر والتهذب الإنساني .. في المقال القادم رقم (٨) سؤآل وهو: من هو المسئول عن المخططات الخبيثة بعزل النوابغ من أبناء وبنات دارفور عن مجتمعاتهم؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة