في صفحة إسرائيل تتحدث بالعربية، وصفحة أفيخاي ادرعي، احتفت إسرائيل بالدول العربية التي عقدت معها إتفاق سلام، ووضعت صور أعلام هذه الدول في منشور واحد. البحرين الامارات المغرب الاردن مصر ..ولكنني لاحظت أن علم السودان ليس من ضمنها. وإسرائيل تعرف كل شيء، تعرف أن الشعوب العربية لن تقبل وضعها مع السودان في موقع واحد، لأنها لا ترى وجود أي رابط عربي معها. وبصراحة لأنهم شعوب عنصرية. وإسرائيل تفهم ذلك، لذلك أفردت للسودان منشور مستقل وعلى استحياء. والآن يتم بالفعل عزل السودان عن محيطه العربي بروية وببطء ولكن بعمق. ولا أعرف إن كان في ذلك خير أم شر، لكنه سيحدث لا محالة، وغالبا ما سيتم خلال عقودٍ قادمات طمس أي ثقافة عروبية للسودان. وسيبدأ هذا عبر السياسات التعليمية الموجهة، والتي غالبا -وخلال سنوات- سيتم تحويلها من اللغة العربية إلى الإنجليزية بالكامل. ورغم أن البعض قد يرى هذا المسار مستحيل لكنه ليس كذلك في الواقع، وخاصة أن السودان تحديداً كان بلد التحولات الثقافية المباغتة، تحول السودان بسرعة من الوثنية إلى المسيحية، وتحول أيضاً فجأة من المسيحية إلى الإسلام، وسيتحول أيضاً فجأة من الإسلام إلى اللا دينية من خلال العلمانية فجأة. ويبدو أن الخطط مرسومة على هذا الأساس. كنت قد قرأت قبل بضع سنوات كتاباً، ذكر فيه المؤلف أن الشايقية كانوا رطانة اي لم يكونوا يتحدثون اللغة العربية، ويبدو أن اغلب الشمال لم تصبح لغته هي العربية إلا قبل خمسمائة سنة فقط، أو حتى أقل من ذلك، ويبدو أن هذا التحول تم فجأة ولسبب مجهول. كما أننا سنلاحظ، أنه حتى في الدول التي سبقتنا إلى الإسلام، بل والتي بسببها قد دخل إلينا الإسلام كمصر والمغرب، لا زالت هذه الدول بها مسيحيون ويهود، خلافا للسودان الشمالي الذي يمتد من جنوب وشمال كردفان وحتى حلفا شمالا والبحر الأحمر شرقاً، رغم أن المسيحية كانت قديمة، لكنها اختفت تماماً ولم يبق من ظل لها سوى في جبال النوبة والجنوبيين قبل الإنفصال، وقليل من المهاجرين الأقباط. ولذلك فالتحول الثقافي قادم لا محالة، وأعتقد أن الحمدوكيين سيضعون حجر الأساس لهذا التحول. أما إن كان في ذلك خير أم شر، فهذا ما لا أعلمه. بالتأكيد ستكون هناك مقاومة لكنها ستظل معزولة وضعيفة، واتوقع أنه وبعد مائة وخمسين عام على الأكثر، لن يكون هناك سوداني واحد يتحدث العربية، ولا سوداني واحد يعرف عن الإسلام شيئاً. فالآن يتم عزل السودان الشمالي عن محيطه الثقافي، وبالتالي تهجينه في مرحلة أولى، ثم تصفيته في مرحلة ثانية ثم استبداله بالكامل في مرحلة ثالثة. ولا اعرف لماذا يهتم الغرب بهذه القضية كل هذا الاهتمام البالغ.وبما أن افريقيا نفسها لا تملك ثقافة موحدة، فسيكون التغيير اللساني هو البديل، مع ملاحظة، أن الإنقطاعات التاريخية تُحدِث انفصالاً نفسياً شاملاً، فاللغة المروية لم تنتهِ إلا منذ عهد قريب، ومع ذلك لا أحد يعرف كيف ولا أحد يعرف أسرار تلك اللغة حتى الآن..واعتقد أننا موعودون بانقطاع تاريخي جديد، عما قريي..وحقاً لا أعرف إن كان في ذلك شر أم خير..
العنوان
الكاتب
Date
العزل من المحيط العربي..إسرائيل تعرف كل شيء بقلم:د.أمل الكردفاني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة