Post: #1
Title: الحكومة الجديدة .. نغيير اشخاص أم سياسات ؟! بقلم :عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 01-17-2021, 08:08 PM
07:08 PM January, 17 2021 سودانيز اون لاين عبد المنعم عثمان-السودان مكتبتى رابط مختصر
لقد اتضح بمالا يدع مجالا للشك ،ان حكومتنا الانتقالية لم يكن لديها سياسات اوبرامج فى اى مجال . وليس ادل على ذلك من ان المشاكل الموروثة لم تجد حلا حتى اليوم ، بل ازداد بعضهالاتعقيدا , وبرغم ان هذا اصبح معروفا بالتفصيل لكل البشر ، الاأنه ، من باب التذكير نورد نماذج منها :مشكلة المواصلات ، الوقود ، الخبز ، المشكلة الأقتصادية بكل جوانبها من استمرار فى ارتفاع الأسعار وسعر الصرف ..الخ ، وكل ذلك دون ان يبلغنا أحد متى ستنتهى هذه المشكلات ، ذلك لأنه ليس هناك برنامج مذكور يوضح السبيل الى ذلك. وأكثر من ذلك ، عندما يخرج قرار من أحد المصادر الحكومية من الممكن ان يكون سببا فى سقوطها ، لانسمع تفسيرا له ، بل انه قد يخرج أحد أعضاء الحكومة نفسها لينفى علاقة وزارته بذلك القرار ، او أحد قادة الحاضنة لينفى علمهم او مشاركتهم فى اصدار ذلك القرار! وبما ان هذا العهد قد اقترب من النهاية ، ان شاء الله واتفقت الأطراف على تكوين الحكومة الجديدة ، فان ماذكرناه هو مجرد مقدمة للتساؤل الذى طرحناه فى العنوان : هل سيستمر العمل فى الحكومة الجديدة دون برنامج عمل مبني على سياسات محددة ، فننتهى الى تغيير فى الأشخاص كما كان يحدث فى النظام الأنقاذى ؟ للوهلة الأولى ومن خلال تصريحات قادة مجموعات الكفاح المسلح ، يبدو انهم عازمون على ان يكون الوضع مختلفا . ذلك لأن اغلب تصريحاتهم تذهب الى ما ذهبنا اليه من عدم وجود وجهة محددة لدى حكومة الدكتور حمدوك لحل القضايا الواضحة ، والتى كانت جزء من اسباب ذهاب نظام الأنقاذ ، بل وقدمت بعض الحركات وجهات نظر حول الخطوط العريضة لسياساتها فى مجالات معينة ، مثل ماقال به مستشار حركة العدل عن السياسة الخارجية . وبالطبع ليس من الضرورة ان نتفق او نختلف مع وجهة النظر تلك أو غيرها فى مجالات العمل الأخرى ، ولكن المهم ان تكون هناك سياسة مطروحة ، يمكن للشعب ان يقبلها أو يقبل بعضها ويطلب تعديل او الغاء البعض الآخر ، وستكون النتيجة تمرين ديموقراطى مطلوب بعد فترات الدكتاتورية المتطاولة، على أقل تقدير . والحقيقة اننا كنا ننتظر من حكومات مابعد ثورة ديسمبر المتفردة ، ان تشاور الناس فى كل امورهم لتكون تلك المشاورة اساسا لوضع السياسات ، وذلك لضمان قبولها من اهلها وحماسهم فى تنفيذها . غير ان الذى حدث هوخلاف ذلك تماما . فما زالت السياسات ، ان وجدت ، بله القرارات، تتخذ فى سرية تامة ومن غير علم قادة الجماهير ، ناهيك عن قواعدهم . وأظن ان السبب يكمن فى ان وزراء حكومة الدكتور حمدوك قد سمعوا بأقاصيص الثورة ، التى حكت عن كيف كان قادة الحراك يخاطبون جماهير الأعتصام عن ماحدث ويستمعون لأرائهم حول أفضل السبل لما سيكون ، وكيف انهم كانوا يتقاسمون العيش والشراب والأغانى و " عندك خت وماعندك شيل " . ولم يكونوا يطلبون العون من احد الا ان يتبرع به، وقليل من اولئك قد شارك فى هذا . فهل سيسير الوزراء الجدد على نهج الثوار أم .. ؟ ما اعتقده هو ان الوزراء الجدد سيبنون نشاطهم على سياسات تضعها الجهات السياسية التى ينتمون اليها ، ولا أشك فى انهم سيحاولون ايجاد الحلول للمشاكل التى استعصت على من سبقهم ، خصوصا وان الروح قد بلغت الحلقوم لدي الغالبية العظمى من الشعب الصابر ، ولا اظنهم يريدون مزيدا من اختباره . ولابد انهم سيوجهون جل طاقتهم لأنزال بنود سلام جوبا الى ارض الواقع فعلا لاقولا ، خصوصا وقد بدأت بعض مظاهر الفوضى تعود لبعض مناطق دارفور لأسباب يعرفونها اكثر من غيرهم وأظنهم قادرون للتصدى لها أكثر من غيرهم . فالمثل الأخير فى أحداث غرب دارفور ، والذى ارجع البرهان اسبابه لوجود السلاح خارج اطار القانون ممايساهم فى ظهور القتل العشوائى والصراعات القبلية ، يعلم الكل من هى الجهة الرئيسة التى لازالت تمارسه وقد كانت تمارسه فى العهد الأنقاذى ، والتى يستطيع القادمون الجدد التصدى لها حتى من خلال انفاذ بعض بنود اتفاقية جوبا ، ومن اهمها العمل على تكوين جيش واحد يضم كل حركات الكفاح المسلح ويضمن ان لايكون لأحد، فرد كان او مليشيا ، ان يحمل السلاح ويؤدى بعض اعمال تقتصر على مؤسسات الدولة من مثل الأعتقال والتحقيق والقتل باستخدام اجهزة تخصه . لأن ذلك هو السبيل الأوحد للحد من وجود السلاح خارج اطار القانون – قانون الدولة – وايقاف القتل العشوائى والصراعات القبلية . وأخيرا ، ان كان لمثلى من عامة الناس ، ان يلفت نظر القادمين الجدد الى مايجب تفاديه من تجربة الماضى القريب والبعيد ، فأقول التالى : -لابد من تحديد العلاقة بين جهاتكم السياسية ، التى من المفترض ان تضع السياسات وتراقب تنفيذها من قبل مجلس الوزراء التنفيذى ، بشكل محدد لواجبات وحقوق كل طرف تجاه الآخر . ذلك لكيلا يستمر وضع قحت الحاضنة والحكومة ، الذى أدى لعدم وضوح حدود واجبات كل طرف وحقوقه تجاه الاخر والجماهير التى تمثلها الحاضنة . - الشفافية الكاملة مع الجماهير ،التى صبرت برغم التكتم وعدم الوضوح الذى كان ،املا فى ان يلتفت من وضعوا السلطة فى ايديهم على انهم ممثلين لأهداف الثورة ، وخوفا من منح الفرصة المجانية للمتربصين وما اكثرهم ! فبالشفافية يتضح للجماهير مكمن المشكلة لتقديرها والمساعدة فى ايجاد الحلول ولو بالصبر عليها ، طالما يعلمون بحجمها والجهد الحقيقى الذى يبذل لحلها . -العمل بجد فى تكوين المجلس التشريعى وبالصورة التى تمثل جميع شرائح الشعب من الذين يؤيدون والذين يعارضون ، اذ ان الديموقراطية ، التى هى الهدف النهائى الذى تسعى الفترة الأنتقالية بكافة مكوناتها لتحقيقه ، لاتكتمل الا بوجود حكومة قوية ومعارضة قوية . - الأبتعاد عن اساليب الأنقاذ فى التوجه الى من يعتبرونهم اصحاب التاثير على العامة من امثال رؤوس الأدارة الأهلية وشيوخ الطرق الصوفية ..الخ والوصول الى العامة بشكل مباشر ، فهم من جعلوا كل ما يحدث من تغيير ممكنا . وهنا بالأضافة الى ماذكرناه من امثلة تدل على تمسك حكومتنا الأنتقالية بأغلب اساليب الأنقاذ ، احب ان أذكر خبر الأمس من تراجع الدكتور والى شرق دارفور عن الأستقالة بسبب اجتماعه ببعض مسئولى المركز الذين قدموا حلولا ناجزة لما دفعه للاستقالة ! وعلى الرغم من ماقدمه الوالى من سابقة غير مسبوقة بتقديم الأستقالة لالسبب شخصى وانما لعدم استجابة المركز لطلب واحد يخص الأمداد الكهربائى للولاية ، وهو امر يشكر عليه ، الا ان الأستجابة لكل مطالب الولاية من نفس المسئولين ، يؤكد ما ذهبنا اليه من عدم وجود سياسات وبرامج لدى المركز وانه يعمل على طريقة رزق اليوم باليوم . والأمثلة كثيرة . وأخيرا جدا ، دعونا نأمل فى الا يكون خبر الأناضول بتجميد حزب الأمة تفاوضه مع مركزية قحت ، الا يكون سببا فى مزيد من التأخير فى تكوين المجلس الجديد ، وبالتالى تأخير أمل الجماهير فى ان تري سياسات الحكومة الجديدة وليس اشخاصها !
|
|