Post: #1
Title: ما قد لا تعرفه عن السيد الامام ؟ بقلم:ثروت قاسم
Author: ثروت قاسم
Date: 11-30-2020, 00:57 AM
11:57 PM November, 29 2020 سودانيز اون لاين ثروت قاسم- مكتبتى رابط مختصر
[email protected]
https://web.facebook.comhttps://web.facebook.com
صفحة الفيس : الشيخ ابوحراز
مع ابو تمام ؟ يظل الرثاء أصدق الأغراض الشعرية التي تُصوِّر مرارة الفقد، وحسرة الفراق . قال ابو تمام وهو يرثي القائد محمد الطوسي ... وكانه ينعى السيد الامام : كذا فليجل الخطب وليفدح الامر ، فليس لعين لم يفض ماؤها عذر . + أعترف بان الوجع المر قد تملكني ، والحزن العميق قد لفني ، ولم تستطع عيني ان تسكب ماءها ، لكي تريحني ، فقد كان الوجع اكبر من الدموع ، لفقد جلل ومروع ومدمر. إستطرد ابو تمام قائلاً : وَقَد كانَ فَوتُ المَوتِ سَهلاً فَرَدَّهُ ، إِلَيهِ الحِفاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ . + خلق السيد الامام الإحساني الوعر في مخالطة الناس ، كل الناس ؛ وحفظه المُر وتمسكه بإنسانيته الباذخة التي تتجلى في تكريمه ومجالسته للناس ، حتى للغريب المصاب بالكورونا ،كانتا من اسباب اصابته بمرض كوفيد التاسع عشر ، الذي تسبب في وفاته المفجعة . ولكن لكل اجل كتاب . قال ابوتمام بتصرف : كَأَنَّ بَني ( السودان َ) يَومَ وَفاتِهِ ، نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِن بَينِها البَدرُ . مَضى طاهِرَ الأَثوابِ لَم تَبقَ رَوضَةٌ ، غَداةَ ثَوى إِلّا اِشتَهَت أَنَّها قَبرُ . عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ وَقفاً فَإِنَّني ، رَأَيتُ الكَريمَ الحُرَّ لَيسَ لَهُ عُمرُ . + نعم... عليك يا إمام سلام الله وقفاً ، فقد مضيت طاهر الاثواب واللسان واليدين ، وبنو السودان يرون كيف خر من بينهم بدر لامع ونجم ثاقب . ولكن عمرك يا امام ، وانت الكريم الحر ، لا يقاس بسنواتك الزمنية ال 85 سنة ، وانما هو مئات السنوات بعطائك وما تركته للإنسانية من تراث عظيم ، وميراث فخيم . المنظمات والجوائز ؟ رحل السيد الامام وهو رئيساً مُنتخباً للمنتدى العالمي للوسطية، رشحته للمنتدى حيوية فكرية وسطية إستثنائية . كما كان رئيساً منتخباً لمجلس حكماء العرب لفض المنازعات في الخليج . كان السيد الامام عضواً فاعلاً ومجتهداً في عشرات المنظمات الاقليمية والدولية ، نذكر منها مثالاً وليس حصراً : + نادي مدريد للحكماء الديمقراطيين الذي يُعتبر أكبر ملتقى لرؤساء حكومات ديمقراطية سابقين، + المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، + المجلس العربي للمياه، + المؤتمر القومي الإسلامي ببيروت، + المجلس الإسلامي الأوروبي في لندن، + ومجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية. حصد السيد الامام عشرات الجوائز الاقليمية والدولية ، في شتى المعارف والفكر والسياسة والرياضة ، نذكر منها مثالاً وليس حصراً : + في عام 2006 ، اختارته الهند ضمن مائة من اعظم القادة المسلمين في القرن العشرين ، + في عام 2007 ، اختاره مركز تنمية الديمقراطية كرجل الديمقراطية للعام 2007 ، + في عام 2009 ، اصدرت جامعة جورجتاون في الولايات المتحدة الامريكية قائمة احتوت على اعظم 500 قائد اسلامي في التاريخ الاسلامي تصدرها المعصوم ، وكان السيد الامام ضمن هذه القائمة العظيمة ، + في عام 2013 ، منحته الفلبين جائزة قوسي الدولية للسلام ، + في عام 2013 ، فاز السيد الامام بكاس الجمهورية في التنس ، للمرة الخامسة على التوالي . الاقوال المأثورة ؟ ادخل السيد الامام مفردات جديدة في قاموس الحياة السياسية السودانية مثل : + السندكالية او النقابية من Syndicate وترجمتها ( نقابة ) ؛ + والانبغائية ...ما ينبغي ان يكون عليه الحال ؛ + والنرجدية ... من النور جادين الذي بدأ اول إنشقاق في حزب الامة . كما ادخل تعابير مُستجدة سارت بها الركبان مثل : + السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ، + المحاكم الهجين ، + الفشى غبينتو ، هدم بنيتو ؛ + ومشطوها بقمله؛ + لا ديمقراطية لجائع، ولا ديمقراطية لخائف ، ولا ديمقراطية لجاهل ... والجهل لا علاقة له بالمؤهل الدراسى ، فرب أمى لا يقرأ ولا يكتب أكثر وعيا من خريج جامعة، اضله الله على علم . وتزخر عشرات الكتب التي كتبها في شتى المواضيع ، ومئات المقالات والاوراق العلمية والخطب التي حررها بالجديد المثير الخطر . المستودع الوطني ؟ كان السيد ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺴﺘﻮﺩﻋﺎً ﻟﻠﻘﻴﻢ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ الباذخة ، والتراث السوداني الاصيل ، والثقافة السودانية المتجذرة . كان الإمام ﻣﻠﻬﻤﺎً ﻟﻸﻓﻜﺎﺭ، ﻣﻨﺘﺠﺎ ﻟلروئ الاستراتيجية ، ﻣﺒﺪﻋﺎ ﻓﻲ ﺻﻴﺎغة البرامج التفصيلية المكملة للروئ الاستراتيجية ... وآخر هذه الروئ الإستراتيجية العقد الاجتماعي الجديد ، الذي اقترحه للوصول بسلام لنهاية الفترة الانتقالية . كان السيد الامام يجاهد في البحث عن مغانم للوطن الحدادي المدادي ، ويرفض بشدة أي ﻣﻐﺎﻧﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﻭ اسرية او ﺣﺰﺑﻴﺔ. كان همه الاساسي استقرار الوطن وسلامه ، وان تكون مرجعيته المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات امام القانون ، غض النظر عن الإختلافات الدينية ، والاثنية ، والثقافية ، والجندرية ، والمناطقية ، والاجتماعية . كان السيد الامام يؤمن بمنهج ( نحن ) وحصرياً ( نحن ) ، في مدابرة لمفهوم ( نحن ) من جانب ، و( هم ) من الجانب المقابل . كان كبلنج يقول : الناس السمحة مثلنا هم ( نحن ) ، وكل الناس الآخرون هم ( هم ) ... وتتعارك ( نحن ) ضد ( هم ) في الحروب العبثية التي عرفها الانسان منذ ان قتل قابيل اخاه هابيل . كانت رحلة السيد الامام رحلة قاصدة ، وهو يهرول خلف ( الاسماء كلها ) اي الحقيقة ، ويجاهد في الوصول الى الارض التي بارك الله سبحانه وتعالى ما حولها ، ارض الحقيقة وهي تضئ فوق الجبل . الارض التي تجد فيها الانسان حراً ، ومحفوظ الكرامة ، حيث يطعمه الله من جوع ، ويامنه من خوف ، وحيث تجد الانسان قد ملك الدنيا وما عليها لانه نجح في إنفاذ الحديث النبوي : من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها . برحيل جسد السيد الامام ، ولكل أجل كتاب ، يفقد العالم قاطبة ، مفكراً إستثنائياً كان يدعو للوسطية في كل شئ ، ويدعم القضية الفلسطينية النبيلة ، ويدعو للسلام والتاخي بين الشعوب على نهج الآية الكريمة 13 في سورة الحجرات : ... لتعارفوا ... تعلمنا من السيد الامام ان هذه الاية ( لتعارفوا ) تجسد جوهر الاسلام ، لانها تدعو للتعارف والتحابب بين الشعوب المختلفة . وما فرض سبحانه وتعالى الحج إلا لكي يعمل الناس على إنفاذ هذه الآية ، فالحج عرفة كما قال المعصوم ، حيث يجتمع المسلمون من رياح الدنيا الاربعة ليتعارفوا ويتفاكروا في امور دينهم وديناهم ... أو ما هو مفروض في الحج . برحيل جسد السيد الامام ، يفقد السودان ، زعيما و قائدا و إمامًا ، ورائداً لم يكذب اهله . ويفقد السياسي الوحيد الذي كان اسما على مسمى ، فهو الذي كان صادقا مع نفسه ومع شعبه ، كان صادقاً في نضاله ، كان صادقاً في دعوته ، كان صادقاً في ايمانه ... بل كان صادقاً في كل شئ. ولكن رسالة السيد الامام ، وارثه ، وفكره ، ورؤاه ... هذه وتلك سوف تظل حية لا تموت الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
|
|