|
يموت الناس في السودان جوعا, و الموارد يقتلها الضياع بقلم:عبدالعزيز وداعة الله عبدالله
|
04:27 PM November, 15 2020 سودانيز اون لاين عبدالعزيز وداعة الله عبدالله- مكتبتى رابط مختصر
لو أنك سألتَ أصغر طفل عن حجم موارد السودان الطبيعية دعك مِنْ البشرية لَأَجابك بما يُؤيّد المقولة التى يتناقلها حُكَّامنا منذ عشرات السنين و اصبحت مجرد شعارٍ لا يُعْمَل به( السودان سَلَّة غذاء العالَم) و قد اتبعوه بآخَر( نأكل مِنْ ما نزرع و نلبس مِن ما نصنع). و مع ذلك فإنه يتوجب علينا أنْ نسأل ولاة امورنا ذات السؤال عن موارد السودان, إذ انَّ ما يدعونا لِنسألهم هو الاصطفاف الباكر المهين في طوابير الخبز الذي يبدو انه لن يتوقف بمثل ازمة الوقود . و السؤال موجه لكل قادتنا خاصة الذين تولوا قيادة البلاد بعد الثورة العظيمة التى لا اظن انَّ التاريخ سجَّل مثلها و ربما لن يسجل, فهي ثورة اجتمعت فيها كل عناصر المجتمع ضد نظام جائر فاسد دمَّر البلاد و اهلك النسل و الحرث, و حيث لا يمرّ يومٌ إلاَّ و يكشف عن ضحايا بذلوا ارواحهم رخيصة لينعم باقي السودانيين بثمار ثورتهم, و المقبرة الجماعية التى كُشِفَ عنها اخيرا خير شاهد, و فضائح رموز النظام البائد تزكم الانوف. و موارد السودان الهائلة هذه ظننا أنَّ حكومة الكفاءات الانتقالية بقيادة زراعي اقتصادي قادرة- على الاقل - علي تحقيق شعار نأكل مِنْ ما نزرع, لا متسولا للقمح مِن دولٍ فقيرة جدا من حيث الاراضي الخصبة و المياه مقارنة بما عند السودان, و بالتالي لا طوابير للخبز تعطَّل الانتاج, هذا إذا لم نطلب مِنها ان تجعل السودان سلة غذاء العالم و بالطبع مُصَدِّرا للقمح و غيره مِن المحاصيل الزراعية الأخري . و نسأل-بغضب- هل هناك استحالة في ان يجلس رئيس الوزراء حمدوك-الخبير الزراعي الاقتصادي-مع وزراء المالية و الزراعة و الري قبل موسم الشتاء لوضع خطة متقنة تضع في بالها حجم الاراضي الزراعية الخصبة و المياه الوافرة العذبة في مقابل الاحتياج السنوي للسودانيين من القمح؟ و هل يرضيهم أنْ تكون قطعة الخبز التي لا يتجاوز وزنها بضع جرامات سعرها يفوق العشر جنيهات في معظم مناطق البلاد و رطل الحليب ما يقارب المئة جنيه بينما كيلو لحم الضأن تجاوز الألف جنيه؟ فإن كانوا يعلمون فتلك مصيبة و إنْ كانوا يجهلون فالميبة أعظم!! و المحزن انَّ نري عدم اهتمام و لا مبالاة مِن الحكومة بما يجري في الشارع مِن هوان و ذل واقع على شعب عظيم في طوابير للخبز و الوقود, فقِلّة و ندرة مع اسعار خرافية لا يقوي غالبية الشعب على شرائها و ان توفرت له. و كان حمدوك قد قال في ايامه الاولي انه في انتظار برنامج لإدارة البلاد من قوي الحرية و التغيير فهو إذاً اعتراف بأن لا برنامج له , و يسألونك عن الفشل, فإنْ لم يكن هذا هو الفشل بعينه, فماذا يكون الفشل ؟ و ما يحدث مِن عدم اكتراث بهموم الشعب و فشل في تسخير موارد البلاد لخير الشعب و اطعامه لا ينبغي السكوت عليه و لا يمكن ترك مصير شعب عظيم في هذا الهوان, فرخصة قيادة السيارة لا تكون صالحة إلاَّ بصلاح قيادة صاحبها للسيارة فبمجرد الفشل في القيادة بشكل سليم تُنْتَزع منه, و على ذلك ينبغي ان يكون التصدي لقيادة شؤون البشر. و المحزن ايضاً في ما يبدو أنْ لا نيَّة للحكومة الانتقالية برئاسة دكتور حمدوك في تسخير موارد البلاد و جعل الاكتفاء الذاتي هدفاً و مِنْ بَعْد التصدير , فالركض نحو الدول ثقافة و سياسة رسخت في قادة حكومتنا الانتقالية, فذاك البرهان يذهب متخفياً مِن الشعب لمقابلة نتنياهو ملتمساً التطبيع معه, و بغض النظر عن الرأي في التطبيع مع اسرائيل أَم لا, فكان على سعادة الرئيس الانتقالي ان يسأل نفسه و مَن معه, باعتباره ممثلا للسودان: ما الذي يجعله صغيراً أمام اسرائيل التي لا تتجاوز مساحتها مساحة جزء يسير من أي ولاية مِن ولايات السودان و بسكانٍ لا يتعدون الاربع ملايين بكثير؟ و سؤال شبيه نوجهه الى وزير التجارة مدني عباس: كم تبلغ مساحة هولندا التى نستورد منها الالبان و ما حجم ما تمتلكه من ثروة حيوانية مقارنة بحجم الاراضي الزراعية عندنا و ثروتنا الحيوانية؟ و كم تبلغ مساحة الامارات العربية و كم عدد سكانها التى ننتظر منها قمحا؟ و لا نَملّ مِن تكرار ما قاله الرئيس البيلاروسي حينما زار السودان في عهد النظام البائد بعدما قيل له انَّ السودان ينتج كميات ضخمة من الذهب فتساءل عن كيف يكون السودان فقيرا!! لقد دمَّر النظام البائد البلاد و قتَّل و ظلَم و أهان الشعب, و باع أصول البلاد الضخمة فلا يُعْرف الآن عن هيئة السكة الحديد شيئاً بقطاراتها الساحبة التى تبلغ120 قاطرة إضافة لِمثلها قاطرات مناورة و ألفان او اكثر مِن عربات الركاب و النقل اضافة للأصول الأخري, و 15 باخرة كانت تجوب محيطات العالَم, و اسطول جوي و غير ذلك مِنْ ما لا يسمح المجال بذكره, فالنظام البائد دمَّر كل هذا او باعه مِن دون ان يعود للخزينة العامة, فماذا فعلتْ حكومة الثورة تجاه هذا النهب و التدمير الذي يتجاوز آلاف البلايين, و قد صبّتْ كل اهتمامها في محاسبة وداد بابكر و قطع الاراضي؟ و ماذا فعلت للقصاص تجاه مجازر النظام البائد في عهده و للجنته الامنية في عهد الثورة؟ و الواقع المرير يقول أنْ لا شيء مِن ذلك قد حدَثَ, فالكل سليم محتفظا بما نهبه من اموال, بل انَّ المحاكم لرموز النظام البائد اصبحت مسرحاً مكشوفا للتقليل مِن هيبة القضاء و للاستخفاف بالشعب الذي اطاح بنظامهم الظالم. و شعبٌ اطاح بنظام جائر فاسد و قدَّم آلاف الشهداء لهو قادر على انتزاع حقوقه مهما صبَر, و الأمل معقود على اخوتنا في الجبهة الثورة بعودتهم الكريمة لأرض بلادهم و لإعادة عزة و كرامة السودانيين, و العودة بالسودان شامخا عزيزا كما كان, لا فقيرا جائعا يلتمس القمح و الحليب من الخارج , و مستقلا بذاته و رأيه ساعيا لمصلحة مواطنه بعيدا عن سياسة المحاور.
|
|
|
|
|
|